بقلم جيف جرابماير، جامعة أوهايو

 عادةً ما ينتهي المطاف بالعمال كبار السن بالتقاعد بيد أن دراسة جديدة تشير إلى كيفية وإمكانية إقناع المشغِّلين لبعضهم للبقاء بضعة سنوات إضافية.

ويقوم ذلك على إتاحة بيئة عمل خاصة تنضوي تحت لواء الاستقلالية والمشاركة في اتخاذ القرارات، وتبادل المعلومات، وتوفير دورات تدريبية، وتعويضات جيدة، وامتيازات أخرى.

 أثبتت دراسة دامت تسع سنوات لأكثر من 750 ألف موظف فيديرالي تعدى سنهم الخمسين والذين ينعمون ببيئة عمل ممتازة من الأرجح أن يؤخروا التقاعد إذا كانوا لا يحملون شهادات جامعية ولم يشغلوا وظيفة مدير.

 يقول كايفينج جيانغ، المؤلف الرئيسي للدراسة والأستاذ المشارك في الإدارة والموارد البشرية في الجامعة الحكومية جامعة فيشر للأعمال بأوياهو: “تُبيّن الدراسة أن المرء كلما تقدّم في السّن بات ميّالاً للإستقلاليّة والتحكّم في وظيفته؛ إذ يود أن يحظى بالاحترام والاهتمام كي يدلو بدلوه”.

“عادةً ما تجذب هذه الوظائف انتباه الأشخاص الأقل تعليماً وعديمي الخبرة في مجال الإدارة، لأن رغبتهم في الحفاظ على مناصب ذات جودة عالية تكون ملحّة أكثر من رغبات غيرهم”.

 نُشرت هذه النتائج مؤخراً على الإنترنت على صحيفة برسونال سيكولوجي وخلصت إلى أن احتمال تفكير العمال كبار السن في التقاعد -ولا سيما المتمتعين بوظائف ذات جودة عالية- لم يكن مطروحاً كثيراً خاصةً بعد الركود الاقتصادي سنة 2008.

 ويقول جيانغ، وهو عضو هيئة تدريس أساسي في معهد تحليلات البيانات المترجمة بولاية أوهايو: “يعدّ هذا دليلاً للمشغلين الذين باتوا يتخبطون في حيرة بحثاً عن عاملين أو حفاظاً عليهم بعد جائحة كورونا”.

 وأردف: “بدا الموظفون كبار السّن توّاقون لمواصلة العمل إبّان الركود الاقتصادي خاصةً الذين ينعمون بوظيفة عالية الجودة وقد يعود ذلك إلى مواجهة ضغوطات مادية أشدّ وطأة من المعتاد وإلى توجسهم من مسألة التقاعد”.

استقى الباحثون البيانات من 754,856 موظفاً من العقد الخامس فما فوق من 360 مؤسسة حكومية تابعة للولايات المتحدة ومشاركة في الدراسة الاستقصائية للموظف الحكومي من سنة 2006 إلى سنة 2015.

 صنّف الموظفون أرباب عملهم حسب “ممارسات العمل التي تحظى بمشاركة مهمة” مثل توفير الاستقلالية، والدورات التدريبية، وغيرها من الإمكانيات التي تنمّ عن وظائف عالية الجودة وكان هذا التصنيف مصحوباً بإجابات عن الأسئلة الديمغرافية.

 كما أفصحوا عمّا إذا كانوا يعزمون على التقاعد في غضون سنة واحدة، أو بين سنة وثلاث سنوات، أو بين ثلاث وخمس سنوات، أو ليس في غضون خمس سنوات.

 أثبتت النتائج التي خلصنا إليها أن المشغّلين الأقل تعليماً والذين لم يسبق وأن شغلوا منصب مدير كانوا على الأرجح متمسكين بالوظائف عالية الجودة ويرغبون في تأجيل التقاعد.

  قال جيانغ: “لا تجد هذه الفئة في التقاعد المبكر مزايا كبيرة أو سبيلاً لاغتنام الفرص ويتعارض ذلك مع الفئة المتعلّمة والتي شغلت مناصباً إدارية”.

 ومثيل ذلك الرجال كبار السن مقارنة بالنّساء وأولئك الذين تتراوح أعمارهم بين 50 و59 مقارنةً بأولئك الذين تجاوزوا ما يزيد عن العقد السادس.

 وأردف: “لو كانت الوظيفة عالية الجودة لتعلقت هممهم بها وأبدى الجميع استعداده لمزاولة العمل ولو لبضعة أعوام في حين يمسي التقاعد مناص أصحاب الوظائف متدنية الأجر إذ يعجّلون في التقاعد من وظيفتهم الأولى حالمين بالوظيفة النّاقلة العبّارة التي تقلهم وتعبر بهم ومن ثمة ترسي أيان يحط رحالهم للتقاعد”.

 تكمن نقاط قوة هذه الدراسة في إلمامها بالخصائص الوظيفية والخصائص الفردية على حدٍ سواء ودورهما في عزوم العامل على اتخاذ قرار التقاعد أو العدول عنه في حين أن أغلب الدراسات ما فتئت تهتم بالخصائص الفردية وتستشرف توافقها مع موعد تقاعد الموظف وتمتاز هذه الدراسة أيضاً بالتمحيص والتدقيق إذ تفحص نوايا التقاعد عبر الزمن ومن ضمنها فترة ما قبل الركود الاقتصادي وفترة ما بعد الركود الاقتصادي لتخلص إلى أن الوظائف عالية الجودة أمست بفضل فترة الركود الاقتصادي المبتغى الأفضل لبعض العمال كبار السن.

إن هذه النتيجة مهمة جداً لأن المنظمات باتت في حاجة إلى الموظفين والاحتفاظ بهم، والحال أن خناق جائحة كورونا لم يعد ضيقاً كما كان.

 قال جيانغ: “قد يتوجب على المنظمات في فترة ما بعد جائحة كورونا الاستثمار أكثر فأكثر في ممارسات العمل الأكثر مشاركة الكفيلة بالحفاظ على العمال الأكبر سناً”.

المصدر: https://phys.org

ترجمة: إكرام الدعاسي

تويتر: @IkramDaassi                                                        

مراجعة وتدقيق: سراء المصري