الإفصاح عن المشاعر بحرية يجعل الفريق أكثر ابتكارًا

الإفصاح عن المشاعر بحرية يجعل الفريق أكثر ابتكارًا

22 ديسمبر , 2021

ترجم بواسطة:

مدى أحمد

دقق بواسطة:

سراء المصري

بقلم: جامعة ميريلاند

إن الشركات دائمًا ما تبحث عن طرق تُمكِّن الفرق من ابتكار وإيجاد إجابات إبداعية للمشكلات. فقد صدر بحث جديد في كلية روبرت هـ. سميث للأعمال في جامعة ميريلاند، وشارك في تأليفه ميونج-جو سيو. ووجدوا أن الطريقة الأنسب لتمكين الابتكار والإبداع هي بتشّجيع الموظفين على الإفصاح عن مشاعرهم -سواء الإيجابية أو السلبية-  لأعضاء فريقهم.

تعاون سيو في هذا البحث مع مايكل ر. بارك، الحاصل على الدكتوراه من كلية سميث في جامعة ميريلاند (يعمل حاليًا في كلية وراتون)، ومع سيركو جين (حاليًا في كلية ميريماك) وشياوران-هو من كلية لندن للاقتصاد. ونُشرت الدراسة من قبل منظمة العلوم الإنسانية، وكانت بعنوان “الفوائد التي ستجنيها عندما يكون ما في قلبك على لسانك”. إذ قرروا دراسة الرابط بين المشاعر والابتكار وكان ذلك بعد زيارة سيو لشركة تقنية عالمية متفرّدة ومتميزة عن منافسيها بالابتكار. 

وذكر سيو: ” عندما كنتُ هناك لاحظت فورًا أن أمر الابتكار برمته يتعلق بالمناخ العاطفي”.

فقد درس سيو على نطاق واسع العواطف التي تتواجد في مكان العمل. ووضّح قائلًا: ” سيكون هناك الكثير من العواقب على المستوى التنظيمي عند جلب عواطفك إلى العمل. وأردف، “ففي هذه الدراسة، صببنا كامل اهتمامنا على مستوى إنتاج الفريق عند إظهارهم مشاعرهم في مكان العمل. وذلك لنرى إذا ما كانت هذه العواطف بالفعل تؤثر على مناخ العمل وتمسّ إبداعهم أم لا – خاصةً إذا كان أعضاء الفريق بالفعل يعبرون عن مشاعرهم بطريقة صادقة، فحينها يمكن التنبؤ بالإبداع الجماعي”.

ويوضح سيو بإن التأثير على محيط العمل ينتج أولًا من قِبل أعضاء الفريق، وذلك من خلال توقعاتهم المشتركة حول العواطف المتوقع والملائم مشاركتها، وعمّا إذا كان إظهار هذه العواطف يكافأ أو يعاقب عليها. هنالك الكثير من التوقعات التي تتشكل بشكل طبيعي في فرقٍ مختلفة، وتعتمد بشكل كلي على مناخ بيئة العمل. لذا حتى إذا كان الفريق متناغم ذلك لا يعني بالضرورة أن الجو سيكون مثالي فيما بينهم، يقول سيو: ” قد يكون مناخ بيئة العمل إيجابي للغاية، لكن إن لم تستهويك الفكرة ستجد نفسك تكتفي بالإيماء والابتسام. أي قد تتمكن من مجاملتهم، ولكن فكرة مخالفة الرأي بحد ذاتها قد تكون غاية في الصعوبة.”

ففي هذه الدراسة، صب سيو ومعاونيه كامل تركيزهم على المصداقية، ” لا يهم ما إذا كانت المشاعر التي يفصحون عنها سلبية أو إيجابية، نحن فقط ركزنا على ما إذا كان أعضاء الفريق بإمكانهم التعبير بصدق عمّا يختلج صدورهم أم لا، وما إذا كان هنالك قمع أو تظاهر في عواطفهم “.

ومن خلال مجالين من مجالات الدراسة، ودراستين مختبريتين، وضّح الباحثون أن المفتاح الأساسي للحصول على فريق يتسم بروح الإبداع والابتكار هو بيئة العمل التي تتحلى بمستوى عالٍ من المصداقية.

وذكر سيو إنه حينما يكون الأشخاص على أتم الاستعداد للانفتاح، سينشئ ذلك مساحةً أكبر للإفصاح عن آرائهم واستكشاف الأفكار.

“إن هذه المساحة العاطفية تُمكِّن الأعضاء من الإسهاب في المعلومات ومشاركتها مع بقية الفريق” وأكمل، “خاصةً في المرحلة المبكرة من العملية الإبداعية، حيث تكون الأفكار نوعًا ما بديهية وفجّة بطبيعتها، وتفتقر إلى كلٍ من المنطق الواضح والصياغة الدقيقة. فعند توليد هذه الأفكار وإيصالها وتقييمها يعتمد الناس على إحساسهم أكثر من التفسيرات المنطقية.  وبالتالي، من خلال تشجيع حرية التعبير واستكشاف ردود أفعالهم الطبيعية، سيتمكن أعضاء الفريق من إنشاء واستخدام معلومات أكثر ثراء لتوليد الأفكار الإبداعية، واستكشافها وتقييمها وتطويرها. ولكن عندما تقتل التعبير العاطفي تمامًا، فأنت بذلك تصعّب على الموظفين استيعابهم لكل المعلومات الأخرى، ونتيجةً لذلك تُقمع جميع عمليات الإبداع ونتائجها”.

أضاف سيو: “وتتساوى العواطف السلبية والإيجابية في أهميتها بالنسبة للعملية الإبداعية للفريق”.

 “وتتناقض هذه الفكرة مع تفكير الكثير من الفرق والقادة، الذين يعتقدون أن المشاعر الإيجابية هي الوحيدة التي يستحق الاعتراف بها، وهذا خاطئ تمامًا، إذ تلعب المشاعر السلبية دورًا مهمًا؛ فهي تساعد الفرق على تقييم الخيارات ومساعدة الآخرون على تنقيب العيوب في أي فكرة مطروحة. ونحن دائمًا ما نرى أن المشاعر الإيجابية والسلبية لا تقل أهمية عن الأخرى”.

والشيء الذي أثار اهتمام سيو ومعاونيه هو أن التأثير أقوى في الفرق متعددة الوظائف، فغالباً ما يملك أعضاء الفريق خلفية معرفية مختلفة عن بعضهم البعض. إضافة إلى الطريقة التي ينظرون بها للعالم والمعايير الثقافية، إذ قد لا يكونون قادرين على التواصل بوضوح فيما بينهم. يقول سيو: ” لذا ومن هذا المنبر، وحتى على الرغم من كل الحواجز الأخرى، قد تسمح العواطف لهم بالتواصل بكفاءة أكبر وبطريقة أكثر فعالية”.

وأضاف أنه ينبغي للمنظمات والمدراء الانتباه لهذه النقطة؛ لأن الهدف غالبًا من تشكيل فريق هو أن يكونوا مبدعين وذوي حلول مبتكرة تحديدًا. والآن مع وجود حرم جامعي لبعض شركات التكنولوجيا الكبرى ومع ظهور العمل عن بعد المرن، أصبحت المؤسسات أكثر استراتيجية حول تطوير بيئات العمل لتحقيق الإنتاجية. وبالنسبة للمنظمات التي ترغب في تعزيز الإبداع والابتكار، يقترح سيو عليهم بأن جزء من الاستراتيجية ينبغي أن يكون معني بتنمية المصداقية في المحيط العاطفي للفِرق.

وكانت النصيحة التي أسداها للمدراء: “أوصيهم بشدة بالإفصاح عن مشاعرهم بحرية وحث الآخرون على فعل المثل؛ لأن الطريقة التي يتصرف بها القادة هي التي تفرض جو العمل. وذلك ينطبق على قادة الفريق والمدراء وحتى لعضو في فريق بلا قيادة، فإذا ما بدر هذا السلوك من أحدهم فبلا شك سيساعد الفريق في إظهار الردود العاطفية ويشجع الآخرون على التنقيب عن المزيد من الأفكار. أي سيحدث تغيير حقيقي في الجو، ناهيك عن النتائج المهمة التي قد يجنيها الفريق لاحقًا”. 

عندما تكون في فريق بإمكانك تشكيل سلوك ما لإحداث تغيير حقيقي في مناخ العمل، يقول سيو: “ولكن ينبغي عليك الإدراك أن التغيير لن يحدث بين عشية وضحاها. فعليك العمل على تقوية علاقاتك مع أعضاء الفريق، ليسُهل عليك تغيير مناخ العمل ليصبح أكثر صحة وإيجابية. قد لا يكون الأمر بتلك السهولة وقد يستغرق وقتًا، ولكن بالتأكيد سيطوّر محيط العمل، وليس بالضرورة أن تكون قائد الفريق لتحدث التغيير”.

وذكر سيو بأن الشيء الأهم من بين كل هذا، هو الحرص على كون جميع أعضاء الفريق على وفاق.

“إن هذا أشبه بالذكاء العاطفي للفريق، فقد يعبرون عن عواطفهم ويقومون بتنظيمها سويًا -وليس شخص واحد يتكفل بذلك- ويمكننا أن نرى أن هذا سيجعل مناخ العمل أكثر صدقًا، مما يجعل الأشخاص أكثر تعاطفًا واستجابةً لمشاعر الفريق، فعندما يحدث هذا سيكون هنالك المزيد من الحافز والإبداع والابتكار”.

المصدر: phys.org

ترجمة: مدى أحمد

مراجعة وتدقيق: سراء المصري


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!