crossorigin="anonymous">
24 يناير , 2023
لقد حير الماء العلماء لعقود، فعلى مدى ما يقارب الثلاثون سنة، افترضوا أن عند تبريده في درجة حرارة منخفضة جدًّا مثل 100C- ينفصل الماء إلى مرحلتين سائلتين بكثافات مختلفة. كالزيت والماء، لا تمتزج هذه المراحل وقد تساعد في تفسير بعض تغيرات الماء الغريبة مثل كيف يصبح أقل كثافة حين يبرد.
يكاد يكون من المستحيل دراسة هذه الظاهرة في المختبر، لأن الماء يتبلور إلى جليد بسرعة كبيرة في درجات الحرارة المنخفضة. والآن يستخدم بحث جديد من معهد جورجيا للتكنولوجيا نماذج التعلم الآلي لفهم حالات تغير الماء، مما يفتح المزيد من السبل لفهم نظري أفضل لمختلف المواد.
وجد الباحثون باستخدام هذه التقنية أدلة حسابية قوية تدعم تحول حالة الماء من سائل إلى سائل آخر يمكن تطبيقه على الأنظمة العالمية التي تستخدم الماء في الصناعة.
صرح توماس غارتنر، الأستاذ المساعد في كلية الهندسة الكيميائية والجزيئية الحيوية في معهد جورجيا للتكنولوجيا: ” نحن نقوم بذلك من خلال حسابات مفصلة جدًّا لكيمياء الكم والتي تحاول أن تكون أقرب ما يمكن إلى الفيزياء البحتة والكيمياء الفيزيائية للماء، وهذه هي المرة الأولى التي يتمكن فيها أي شخص من دراسة هذا الانتقال بهذا المستوى من الدقة”.
ونُشر البحث بعنوان “المرحلة الانتقالية بين السوائل في الماء من المبادئ الأولى” في دورية Physical Review Letters مع مؤلفين مشاركين من جامعة برينستون.
لفهم أدق لكيفية تفاعل الماء أجرى الباحثون عمليات محاكاة جزيئية باستخدام حواسيب فائقة والتي قارنها غارتنر بالمجهر الافتراضي.
وصرح غارتنر: “إذا كان لديك مجهر لا حدود لقوته، فيمكنك التكبير وصولًا إلى مستوى الجزيئات الفردية ومشاهدتها تتحرك وتتفاعل في الوقت الفعلي، وهذا ما نفعله من خلال إنشاء فيلم حسابي تقريبي”.
حلل الباحثون كيفية تحرك الجزيئات وتمييز التركيبة السائلة عند درجات حرارة وضغوط مختلفة للماء ومحاكاة فصل الطور بين السوائل عالية ومنخفضة الكثافة، إضافةً إلى جمع بيانات شاملة وإجراء بعض عمليات المحاكاة لمدة تصل إلى عام واستمروا في ضبط خوارزمياتهم للحصول على نتائج أكثر دقة.
حتى قبل عقد من الزمان، لم يكن من الممكن إجراء مثل هذه المحاكاة الطويلة والمفصلة، لكن التعلم الآلي اليوم قدم لنا طريقًا مختصرًا. فاستخدم الباحثون خوارزمية التعلم الآلي التي تحسب الطاقة لكيفية تفاعل جزيئات الماء مع بعضها البعض.
كان إجراء هذا النموذج للحساب أسرع بكثير من التقنيات التقليدية، مما أتاح للمحاكاة تقدمًا كبيرًا.
إن التعلم الآلي ليس مثاليًّا، لذلك أدت عمليات المحاكاة الطويلة هذه إلى تحسين دقة التنبؤات. فكان الباحثون حريصين على اختبار تنبؤاتهم بأنواع مختلفة من خوارزميات المحاكاة.
صرح غارتنر: “من تحديات هذا العمل قلة البيانات التي يمكننا المقارنة بها لكونها مشكلة يكاد يكون من المستحيل دراستها تجريبيًا”.
وأضاف: “إننا بالفعل نتجاوز الحدود هنا، وهذا سبب آخر يجعل من المهم جدًّا أن نحاول القيام بذلك باستخدام تقنيات حسابية مختلفة”.
كانت بعض الظروف التي اختبرها الباحثون متطرفة لدرجة أنها قد لا توجد على الأرض مباشرةً، ولكن يُحتمل وجودها في بيئات مائية مختلفة للنظام الشمسي، من محيطات أوروبا إلى الماء في مركز المذنبات. ومع ذلك، يمكن لهذه النتائج أن تساعد الباحثين في تفسير الكيمياء الفيزيائية الغريبة والمعقدة للماء والتنبؤ بها والتوعية باستخدام الماء في العمليات الصناعية، وتطوير نماذج مناخية أفضل، والمزيد.
وفقًا لغارتنر، فإن العمل أكثر قابلية للتعميم.
يُعتبر الماء مجال بحث متعمق، ولكن يمكن توسيع هذه المنهجية لتشمل مواد أخرى يصعب محاكاتها مثل البوليمرات، أو الظواهر المعقدة مثل التفاعلات الكيميائية.
أوضح غارتنر: “الماء أساس الحياة والصناعة، لذا فإن السؤال المحدد حول ما إذا كان الماء يمكن أن يخضع لهذه المرحلة الانتقالية كان مشكلة طويلة الأمد وإذ تمكنا من الوصول لإجابة سيكون أمرًا عظيمًا، إنما في الوقت الراهن لدينا هذه التقنية الحسابية الجديدة القوية للغاية، ولكن لا نعرف حتى الآن ما هي الحدود للمضي قدمًا في المجال”.
المصدر: ScienceDaily
ترجمة: رهام الجهني
مراجعة وتدقيق: زينب محمد
اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية
اترك تعليقاً