أسباب وأعراض وعلاج الأورثوريكسيا

أسباب وأعراض وعلاج الأورثوريكسيا

14 أبريل , 2021

ترجم بواسطة:

أسماء حمادة

دقق بواسطة:

زينب محمد

عندما يصبح “الأكل النظيف” خطيرًا.

الأورثوريكسيا هى اضطراب في الأكل يسمى بهوس “نقاوة” الطعام. وقد يقتصر الأشخاص المصابون بالأورثوريكسيا على تناول الأطعمة العضوية أو غير المصنعة فقط أو تجنب مجموعات غذائية كاملة في نظامهم الغذائي أو قصر أنفسهم على تناول الأطعمة النيئة فقط. 

وتتجاوز هذه الحالة الاهتمام العام بالحفاظ على نظام غذائي صحي. فإلتزام الأشخاص المصابين بالأورثوريكسيا بنظام غذائي مثالي يستهلك قدرًا كبيرًا من وقتهم وطاقتهم ويتعارض مع عملهم ودراستهم وعلاقاتهم، بل وربما يؤدي في بعض الأحيان إلى سوء التغذية.

وتقول جينيفر ميلز -طبيبة نفسية سريرية بجامعة يورك في تورنتو- أن هناك خلاف حول إذا ما كانت الأورثوريكسيا هى التشخيص الصحيح. إن هذه الحالة ليست مدرجة في الطبعة الحالية للدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية   (DSM-5) أو الدليل التشخيصي الرسمي لرابطة علم النفس الأمريكية -والذي حُدث آخر مرة في عام 2013- أو تتضمن معايير لمختلف الحالات النفسية.  وأضافت:” إن بعض الخبراء يقولون أن الأورثوريكسيا تقع ضمن تشخيصات الصحة العقلية الأخرى، بينما يقول البعض الآخر إن التسليم بهذه الحالة يجعل عادات الأكل الصحية تبدو وكأنها غير عادية أو غير صحية.  ولكن في السنوات الأخيرة تلقت هذه الحالة قدر متزايد من الاهتمام من قبل الباحثين والأطباء.

وقالت ميلز: “هناك إجماع على أن[الأورثوريكسيا] تنحرف عن ما نعتبره غذاء طبيعي أو صحي، وبالفعل قد أبرزت الأبحاث كيف أن الأشخاص الذين لديهم هذا النمط الغذائي يمكن أن يعانوا كثيرًا”.

أعراض الإصابة بالأورثوريكسيا

يقول توماس دان، الطبيب النفسي في جامعة كولورادو الشمالية، إن الأورثوريكسيا تختلف عن الإنشغال الصحي بالنظام الغذائي في أنها هاجس يدمر رفاهية الشخص الذي يعاني من هذه الحالة. وأضاف:” إن أعراض الإصابة بالأورثوريكسيا قد تكون أعراض نفسية بطبيعتها، وقد تظهر في نهاية المطاف على أنها نقص غذائي من الممكن أن يسبب مجموعة من المشاكل الصحية”. 

ووفقًا للجمعية الوطنية للاضطرابات الغذائية، فإن الأشخاص المصابون بالأورثوريكسيا ربما يلزمون أنفسهم بفحص قوائم المكونات و ملصقات التغذية، ويقضون العديد من الساعات كل يوم في تخطيط وجبة الطعام، ويستبعدون عددًا متزايدًا من المجموعات الغذائية من نظامهم الغذائي على سبيل المثال (جميع الأغذية التى تحتوي على الكربوهيدرات أو الألبان أو السكر). هذا الهاجس يمكن أن يقودهم إلى القلق ويجعل من الصعب ممارسة النشاطات الاجتماعية، سواء كان بسبب قلقهم حول مراعاة القيود الغذائية أو بسبب طبيعية الأورثوريكسيا التي تستغرق وقتًا طويلاً.

ووفقاً لمقال نشر في عام 2015 في مجلة (Neuropsychiatric Disease and Treatment)، فإن الأشخاص المصابون بالأورثوريكسيا ربما يعانون من القلق الاجتماعي والعزلة لأن نظامهم الغذائي الحاد يجعل التواصل مع الآخرين في المناسبات الاجتماعية التى يقدم فيها الغذاء أمرًا صعبًا. حيث إن هذا النوع من المناسبات الاجتماعية ربما يسبب اضطراب عندما لا يتم تقديم الأطعمة “المسموح بها” للفرد. وقد يسببب التهاون أو كسر القواعد الغذائية، التي يفرضها الشخص المصاب بالأورثوريكسيا على نفسه، قلقًا شديدًا أو شعورًا بالذنب، مما قد يجعل الشخص يتجنب التجمعات الاجتماعية تمامًا.

وذكرت ميلز: “يمكن أن تؤدي الأورثوريكسيا في أشكالها المتطرفة إلى تناول الفرد لحفنة فقط من الأطعمة التي يشعر بالراحة في تناولها، ويمكن أن يفتقر هذا النظام الغذائي إلى المواد الغذائية الرئيسية مثل (الدهون أو الكربوهيدرات) أو العناصر الغذائية الصغرى مثل  (الحديد والزنك). ووفقاً لمقالة نشرت في (Neuropsychiatric Disease and Treatment) فإن في الحالات القصوى، يمكن أن يؤدي سوء التغذية إلى نفس العواقب التي تهدد الحياة في فقدان الشهية العصابي مثل: فقر الدم، وهشاشة العظام، واختلالات الهرمونات، وبطئ معدل ضربات القلب بشكل غير طبيعي. 

الأسباب المؤدية للإصابة بالأورثوريكسيا

ذكر دان:” رغم أن القيود الغذائية ليست ظاهرة جديدة، إلا أن الأورثوريكسيا هى إلى حد كبير نتاج الاتجاهات الثقافية الحديثة.  وأضاف : “نحن على علم بظاهرة القيود الغذائية منذ فترة طويلة، ولكن تغيرت الأسباب التي تقيد الناس”.

وذكر أيضاً أن زيادة التركيز الثقافي على الصحة والرعاية قد يسهم في تفشي الأورثوريكسيا. وهناك بعض الأدلة على أن الأشخاص الذين يعملون بوظائف تهتم بالتغذية  والصحة مثل (اختصاصي التغذية) أو من يمتهنون مجال الترفيه مثل (الممثلين) هم أكثر عرضة للإصابة بالأورثوريكسيا عن عامة الناس، وذلك بسب تركيز المهن على النظام الغذائي أو الضغط من أجل أن يصبحوا نماذج لسلوكيات الأكل الصحي للآخرين. 

وتساهم أيضاً وسائل التواصل الاجتماعي في هذا الاضطراب.  فهناك دراسة أجريت عام 2017 نشرت في جريدة (Eating and Weight Disorders)  اكتشفت ارتفاع معدل انتشار أعراض الأورثوريكسيا بين مجتمع “الأكل الصحي” على انستغرام -وهم مجموعة من أخصائيو الصحة وغير المهنيين والمؤثرين الذين ينشرون مقالات عن نظامهم الغذائي. وكلما زاد استخدام الفرد لهذا التطبيق ، زادت أعراض الأورثوريكسيا لديهم.

ومن الشائع أن الأفراد المصاببين بالأورثوريكسيا يعانون من اضطرابات نفسية أخرى. حيث وفقاً لتقرير نُشر عام 2019 في جريدة Appetite فإن القلق الزائد أو الاكتئاب هو عامل مهم وخطر لهذه الحالة.  وأشارت الدراسة الأسترالية التى نشرت عام 2017 في جريدة  Eating and Weight Disorders، الى أن التاريخ السابق لظاهرة اضطراب الغذاء هو مؤشر قوي على تطور الأورثوريكسيا -أقوى حتى من الكمالية وصورة الجسم. 

ما مدى شيوع الأورثوريكسيا؟

أوضح دان أنه لم يتم التوصل بعد إلى مدى شيوع الأورثوريكسيا، ولكن تشير الدراسات إلى أنها لا تميز على أساس العمر أو النوع -لذلك فهى موزعة على الفئات العمرية وشائعة على قدم المساواة بين الرجال والنساء. 

وأضاف:” إن مشكلة محاولة قياس الانتشار هى أن بعض عمليات التقييم الأكثر شيوعاً للأورثوريكسيا تتجه فقط إلى قياس مدى اهتمام المشاركين بالأكل الصحي، ولكن ليس إذا ما كانت تغذيتهم في الواقع تعوق قدرتهم على العمل.  وهذا يمكن أن يؤدي إلى أعداد غير متسقة أو عالية جدًا. 

هذه الدراسات تأتي مع مجموعة كبيرة من الأعداد والتي تتراوح بين 6.9% من عامة السكان في إيطاليا، و 86% بين ممارسي اليوغا الأشنتانغا في إسبانيا. إن الدراسة التي أجريت عام  2016، ونشرت أيضاً في مجلة Eating and Weight Disorders، نظرت فيما إذا كان النظام الغذائي يؤثر بالفعل على الصحة البدنية ونوعية حياة المشاركين من عامة السكان. وبناءً على هذه المعايير الأكثر صرامة، قدر محررو الدراسة أن أقل من 1% من المشاركين يعانون من الأوثوريكسيا.

مدى تشابه الأورثوريكسيا مع الحالات الأخرى

أوضحت ميلز  إن أعراض الإصابة بالأورثوريكسيا قد تكون مشابهة لحالة أخرى من حالات الاضطراب في الأكل تسمى فقدان الشهية (القهم العصبي). حيث وفقاً لمقالة نشرت في  2015  في جريدة (Neuropsychiatric Disease and  Treatment)  فإن المصابين بالأورثوريكسيا وفقدان الشهية كلاهما يضعون تحكمات صارمة على نظامهم الغذائي، والانحراف عن قواعدهم الغذائية يعد دليلاً على ضعف الإرادة.  ويمكن أن تؤدي الأورثوريكسيا إلى فقدان الوزن الشديد وسوء التغذية مثل فقدان الشهية العصابي. 

وذكرت أيضاً: “إنه بالرغم من ذلك التشابه، فإن هذان الاضطرابان يختلفان في نقطة هامة: حيث إن المصابين بفقدان الشهية العصابي عادةً ما يكونوا غير راضيين عن أجسادهم، على عكس المصابين بالأورثوريكسيا فإن إصابتهم بها لا تعني بالضرورة عدم الرضا عن أجسادهم. ففي العديد من الحالات، يكونون راضيين تماماً عن الطريقة التي تبدو بها أجسادهم. 

وأضافت ميلز: إنه وفقاً للجمعية الوطنية لاضطرابات الأكل، فإن هناك أيضاً تشابه كبير في الأعراض بين الأورثوريكسيا واضطراب الوسواس القهري (OCD) -اضطراب يقوم فيه الشخص بتكرار روتين معين أو لديه أفكار متكررة غير مرغوب فيها. فعلى سبيل المثال، المصاب بالوسواس القهري قد يخشى الجراثيم وينظف بشكل مهووس لتجنب التلوث. كذلك الأورثوريكسيا تتضمن سلوكيات قهرية لمحاولة جعل الطعام “نظيفاً” بقدر المستطاع. وأوضحت: “إنها طريقة التفكير الوسواسية حول العواقب المخيفة لسلوك الشخص”. 

علاج الأورثوريكسيا

قالت ميلز:” هناك خلاف حول طريقة علاج الأورثوريكسيا. لذلك، يُحدد العلاج حسب طبيعة الحالة”. وأضافت: “في بعض الحالات، من الأفضل معالجتها بنفس طريقة علاج اضطراب الأكل”.  وقد ينطوي هذا النهج على العلاج السلوكي المعرفي ، الذي يساعد المريض على تحديد واستبدال الأفكار والمعتقدات المشوهة أو المضرة بشأن الغذاء . وإذا كان المريض يعاني من النحافة أو سوء التغذية فقد يتضمن العلاج استعادة الوزن والنظام الغذائي الصحي. 

وأضافت أيضاً:” إنه في بعض الحالات الأخرى من الأفضل أن تعالج الأورثوريكسيا على طريقة علاج الاضطراب القهري الوسواسي. ففي هذه الطريقة، يتعرض المرضى تدريجياً للأطعمة والحالات التي يخشونها، بينما يساعدهم فريق العلاج على التحكم في قلقهم بطريقة صحية “. 

إن الطريقة المثلى لعلاج الأورثوريكسيا تكمن في تحديد أهداف الحياة بعد التعافي. فكما قالت ميلز: “يجب أن تكون طريقة العلاج تعاونية، ويجب أن يتم تخصيصها حسب ما يريد الشخص أن يقوم به، كأن يقوم بما يمنعه منه قلقه في الوقت الحالي -سواء كان ذلك هو الاستمتاع بكعكة عيد الميلاد في حفلة صديق، أو الخروج لتناول الطعام في مطعم أو المشي للحصول على الآيس كريم في ليلة صيفية “.

المصدر: https://www.livescience.com

ترجمة: أسماء حمادة عثمان

تويتر: @Asmaa04854196

مراجعة وتدقيق: زينب محمد


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!