لا تجعل المثالية عدوًّا للإنتاجية

لا تجعل المثالية عدوًّا للإنتاجية

26 مايو , 2020

ترجم بواسطة:

نور الجشي

دقق بواسطة:

Hussam

ليست الإنتاجية في كمية المهام التي تنجزها بل في نوعيتها. وهنالك ثلاثة جوانب من المثالية تعيق قدرتك على إعطاء الأولوية للمهام الأكثر أهمية.

١- التردد في تهميش أي قرار

قيل في القرارات غير المهمة: قرر بسرعة، أو دع أحداً آخر يقرر.

ولكن منشدي الكمال يجدون صعوبة في تهميش أي قرار. هم يرغبون بأن يكونون مسؤولين عن كل شيء. لماذا؟ لأن النقص يزعجهم أكثر مما يزعج غيرهم. قد يشعرون بإحباط كبير إن رأوا خطأ ما، أو استفزازٍ مزعجٍ لا يمكنهم تجاهله، ولا يرغبون بالمجازفة بذلك.

أحيانا ما يكون منشدي الكمال متعودين على إدارة التفاصيل، حتى أنه لا يخطر ببالهم أن قرارًا ما غيرُ مهم، عقلهم لا يستطيع ذلك. هم عفويا، وبحسب عادتهم يظنون كلَّ شيءٍ جديرا بإعطائه كل طاقتهم.

الحل: في حياتنا المعاصرة، قد يكون الإرهاق الناتج عن اتخاذ القرارات شديدا. يمكن لمنشد الكمال أن يتعلم حب التخلي عن اتخاذ بعض القرارات إن انتبه إلى الراحة التي تأتي بعد إزاحة هذا العبء عنه. حاول استخدام “الاستدلالات” لاتخاذ القرار بسرعة، أو وكل المهمة أحدًا وتوقع أن تحصل بذلك على قرارات جيدة بسرعة أكبر، ولكن لا تتوقع أن تكون مثالية. على سبيل المثال، إحدى استدلالاتي هي كالتالي: إذا فكرت ثلاث مرات بفعل شيء فسأفعله حالا دون تأخير. إن أردتَ مصفوفة مفيدة في اتخاذ القرارات، انظر إلى هذه التغريدة.

 

٢- الشعور بأن من واجبك الأخلاقي تقديم المزيد

هناك عدة صور للاعتقاد بالحاجة إلى تجاوز التوقعات.

لنفترض أن شخصاً ما قدم لك ١٠٠٠ دولار مقابل خدمة ما، إن كنتَ من منشدي الكمال فقد لا يبدو لك كافيا عمل ما يكافئ هذا السعر، بل قد تشعر بحاجة ملحة في تقديم ما يقدمه الآخرون ب١٥٠٠ دولار مقابل ذلك، لأنك ترغب بالتفوق.

طريقتك في التفكير هي “إن لم أَزِد فأنا أُنقِص”.

أو أنك إن رأيت أن أربعا وعشرين ساعة نطاقٌ زمني مقبول للرد على رسالة زميل، فقد ترسم حدودك الخاصة وتقلصها إلى ٦ ساعات. لأنك تظن أن ما يعتبر مناسبا عموما لا ينطبق عليك، وأن معيارك لابد له أن يكون مختلفا.

أحيانا يأتي المنطق هذا  من منطلق الاحتياط المفرط، كأن تعتقد أنك إن قدمت قيمة إضافية أو قيمة مضاعفة لكل شيء تقدمه ، فلن تقع في النقص أبداً. وقد يكون القلق، أو نقص الثقة بالنفس أو متلازمة المحتال محفزات لهذا الشعور أيضاً. فتظن على سبيل المثال أن الطريقة الوحيدة لتجنب تخييب ظن الناس أو استياءهم منك هي بأن تفوق توقعاتهم. منشدي الكمال يرون الفشل في تقديم الزيادة كارثة. مثل أن العميل لن يرغب بالعمل معهم إن استغرقوا يوماً في الرد عليه حتى لو لم تكن الحاجة إلى ذلك ملحة وكانوا راضيين عن كل شيء آخر.

الحل: جهز خطة للعودة إلى المسار الصحيح عند ملاحظة مثل هذه الأفكار. اعرف ما قد يكلفه سعيك الدائم للأداء المتفوق. ماهي الأشياء التي لا تملك الوقت ولا الطاقة ولا التركيز ولا الإرادة لفعلها؟ على سبيل المثال صحتك، وأهدافك الكبيرة، وعائلتك. إن رأيت الخسارةَ كبيرةً، فحاول أن تضع لنفسك قاعدة لمرات الزيادة. مثلا، تستطيع أن تتخذ قرارا بأنك ستستجيب لرغبتك في ثلاث مرات من أصل عشر، وفي السبع الباقية تتجاهلها.

قد تساعدك العادات  أيضاً. مثلاً، إن أرسل لي صحفي أكثر من ستة أسئلة من أجل كتابة مقال، فسأجيب عادة على ستة أسئلة بالتفصيل، والأخرى أجيب عليها باختصار أو أتجاهلها. (على الأرجح أن إجاباتي ستكون أفضل بهذه الطريقة، لأني سأركز على النواحي التي في جعبتي لها كلام مثير للاهتمام) 

٣- الانزعاج بشدة إن لم تلتزم بالعادات الحميدة التزاماً تاماً

عندما يشرع منشد الكمال في اكتساب عادة ما، فغالباً ما يقع ضمن إحدى ثلاثة أقسام: من يحمل نفسه فوق طاقته، وخططه مرهقة للغاية لا يمكنه إدارتها، أو من يتجنب البدء بعادة جديدة قبل أن يتأكد ١٠٠٪ أنه سيلتزم بها يوميا، وهذا ما يؤدي إلى التسويف. أو من يمارس فقط العادات التي باستطاعته عملها دائما.

المرونة سمة الصحة النفسية. أنت بحاجة إلى القدرة على التغيب عن الصالة الرياضية عندما تكون مريضا أو حتى عندما تصل لتوك من رحلة متأخرة، حتى لو كسر هذا سلسلة الانتظام. وكذلك يجب أن تكون قادرا على العدول عن عادة كانت يوما مهمة لإنتاجيتك وتطوير مهاراتك ولكنها لم تعد تناسبك. ربما عزمت على أن تنشر منشورات ٣ مرات في الأسبوع عندما كنت مبتدئاً في التدوين، ولكنك الآن منهك من ذلك. أو كنت مستثمراً جديدا في العقارات وتحضر الاجتماعات الشهرية دائماً، ولكنك الآن لا تستفيد منها كثيراً.

تبدو السلوكيات الانضباطية (عادات أو أنماط سلوك متجذِّرة) كالسلوكيات الاقل انضباطية (الاستراحة) أحياناً. ولكنَّ تحولَ الانضباط الذاتي العادي إلى إلزامي قد يعيق منشد الكمال.

الحل: ضع لنفسك طريقة تتأكد بها أن التزامك بعادة ما ليس بسبب الهوس بالانضباط الذاتي. إن لم تتغيب عن تمرين ما خلال سنتين (أو أي عادة أخرى) فر بما مرت أيام خلال هاتين السنتين لم يكن التمرين فيها الاستغلالَ الأمثل لوقتك. راجع باستمرار ما تكلفه عاداتك من فرص ضائعة، لتتأكد من أنها الاستخدام الأمثل لطاقتك الذهنية والجسدية في الوقت الحالي.

نَشد الكمال غالباً ما يكون سببه السعي نحو التميز، لكنه قد يصبح سلوكاً تدميرياً يؤدي إلى تصرفات سيئة مثل الاستمرار بعادات لم تعد لها فائدة، وتقديم زيادةٍ وأنت غير ملزم بها، والتفكير الزائد في كل قرار اتخذته.

ترجمة: نور الجشي

مراجعة: حسام سيف

تويتر: @alsaifhussam

المصدر: https://hbr.org


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!