كيف للتطوّر أن يرتقي بالعلم

كيف للتطوّر أن يرتقي بالعلم

25 أبريل , 2021

ترجم بواسطة:

لمياء محمد

دقق بواسطة:

Hussam

أفضل طريقة يلتمسها المجتمع حتى يفهم العالم هى العلم، مع أن علماء كُثر غير راضين عن الطريقة التي يعمل بها العلم، وثمة مخاوف متزايدة من وجود خلل في الممارسات العلمية الحالية.

‎الكثير من الأنظمة والاجراءات التي كان القصد منها تعزيز البحث المبتكر لم تكن سِوى سوابق تاريخية مع قليلٍ من الافتراض بأنها تشجع الاكتشافات البارعة والمعوّل عليها، والأسوأ من هذا قد تؤثر تأثيراً جانبياً معاكساً يضر بالعلم والعلماء، وأجدى الأمثلة المعروفة هو التفضيل العام للنتائج الإيجابية على النتائج السلبية والذي يسبب تحيزاً في النشر، ويعطي انطباعاً خاطئاً بوجود مؤثرات معينة، بينما في الواقع وببساطة لا يُكشف عن الأدلة المعارضة أو المتعارضة والمختلفة.

‎طوّر الباحثان توماس مورغان ومينهوا يان من جامعة ولاية أريزونا مع خريج الجامعة ليونيد تيوكين والذي يعمل الآن في جامعة ايندهوفن للتقنية في هولندا، نموذجاً جديداً نُشر هذا الأسبوع في مجلة طبيعة السلوك البشري، (Nature Human Behaviour) لفهم التحديات التي تواجه العمليات العلمية فهماً دقيقاً وكيف نجعلها أفضل، وركزوا على قاعدة أولية وهي ميل العالِم الأول لتوثيق اكتشافاً كوفئ بصورة غير متكافئة بالمكانة والجوائز وفرص العمل، بينما يحظى أصحاب المركز الثاني اعترافاً أقل.

‎النصيب كله من حظ الفائز

‎موضوع الأسبقية أقضت مضجع العلماء خوفاً من اعتبار عملهم قديماً فلا يرقى لمستوى المجلات العلمية المؤثرة ؛وذلك لأن مجموعة مختلفة تعمل على نفس الموضوع نشرت بحثها أولاً! وقضية الأسبقية (قاعدة الأولوية) موجودة منذ قرون، ففي القرن السابع عشر تفاوض كلاً من إسحاق نيوتن وغوتفريد لايبنتس حول من اخترع حساب التفاضل والتكامل، وفي القرن التاسع عشر سارع تشارلز داروين إلى نشر كتاب (أصل الأنواع)، ليسبق راسل والاس. وقال تيوخن: “مكافأة الأولية أمر مفهوم وله بعض المميزات إلا أن له ثمناً، وقد يغري العلماء للتضحية بجودة أبحاثهم واختصار الطريق اختصاراً يُخل بالجودة”.

‎وقال مورغان، باحث ينتسب إلى معهد أصول الانسان Institute of Human Origins وأستاذ مشارك في كلية التطور البشري والتغيير الاجتماعي School of Human Evolution and Social Change: “الفكرة في أن تكون المنافسة مشجعة للعلماء ليعملوا بجدٍ وعلى نحو كفوء، ومثل هذه الاكتشافات تُنجز بسرعة، ولكن إذا عمل الجميع بجد وتطمح أنت بالأولوية لتكون ناجحاً، فثمة اغراءات لاختصار الطريق لمضاعفة فرصك ولو على حساب العلم”.

‎وهذا إلى حدٍ ما السبب الذي يجعل الناشرون الأكاديميون مثل المكتبة العامة للعلوم  PLOSو eLife يوفّرون الآن”حماية الأسبقية” الذي يسمح للناشرين بنشر اكتشافات متطابقة لاكتشافات أخرى سبق نشرها في إطار زمني معين، تكمن المشكلة في أن العلم والناشرون ليس لديهم حالياً فكرة جيدة عما إذا كانت تلك الإصلاحات منطقية.

‎نمذجة قاعدة الأولوية:

‎لمعرفة مدى تأثير تفضيل الأسبقية على العلم وما إذا كان للإصلاحات الجديدة أي حلول للعوائق أو العيوب المحتملة، طورت لجنة العمل ” نموذج المحاكاة التطوري القائم على الوحدة ” ويحاكي هذا النموذج الحاسوبي كيفية تحقيق العلماء في المسائل البحثية أو التخلي عنها، اعتماداً على نتائجهم الخاصة وسلوك العلماء المنافسين لهم.

‎وقال مورغان: “فائدة المحاكاة التطورية: أننا لسنا بحاجة إلى تحديد كيف يتصرف العلماء مسبقاً، فكل ما نحتاجه تهيئة عالم يكافأ فيه الانجاز والنجاح، ونترك المجال للنخبة ليكتشفوا أنواع السلوك المفضلة، ويمكننا بعد ذلك أن نغير ونبدّل من فكرة ما يعنيه النجاح فعلاً، فمثلاً: مدى أهمية الأولوية والأسبقية، ونرى تأثير الاختيار على سلوك العلماء في الاستجابة، ونقيس الفائدة التي تعود على المجتمع بطرح أسئلة مثل: هل العلماء كُفء؟ هل نتائجهم دقيقة؟ وغيرها”.

‎ليس ثمّة حلاً سحرياً:

‎عزز الباحثون مسألة الآثار الضارة لثقافة المكافآت المبالغ فيها لمن يفوز بالأسبقية، كما أنها تحفّز العلماء على إجراء دراسات “سريعة ورديئة” حتى يحظون بلقب أول ناشر، وهذا يقلل من جودة العمل ويضر بمصداقية العلم. ويشير النموذج إلى فائدة “حماية الأسبقية” التي قدمتها PLOS و eLife.

‎وقال تيوكين: “حماية الأسبقية، يقلل من الرغبة في الإسراع في إنجاز البحوث ويعطي الباحثون وقتاً طويلاً لجمع بيانات أكثر ومع هذا، فإنه ليس الدواء الشافي”.

‎وقانون “حماية الأسبقية” يحفّز العلماء على الاستمرار في خط البحث حتى بعد نشر العديد من النتائج حول نفس الموضوع الذي يعمل فيه العالم، وهذا يقلل من العدد الإجمالي لأسئلة البحث التي يعالجها المجتمع العلمي.

‎مزيّة\جدوى عدم الكفاءة

‎رغم فائدة إصلاحات حماية الأسبقية، إلا أنها لا تكفي لضمان بحثٍ أو مؤلفاتٍ منشورة ذات جودة وموثوقة، ويبين النموذج أنه حتى مع هذا القانون سيميل العلماء إلى إجراء العديد من الدراسات الصغيرة، إذا كانت الدراسات الجديدة رخيصة وسهلة الإعداد وكانت المكافآت على النتائج السلبية عالية. وعليه فإن الإجراءات التي تجبر العلماء على تكثيف الجهود في كل دراسة والاستثمار فيها مثل مطالبتهم بالتسجيل المسبق لدراساتهم أو انتقاد خططهم البحثية قبل البدء في جمع البيانات، قد يُثمر فيهم.

‎وقال تيوكين:”تعلمنا أن عدم كفاءة العلوم ليس دائماً مذموماً، فإن عدم الكفاءة يجبر الباحثين على مضاعفة التفكير قبل البدء في دراسة جديدة”.

‎وثمّة خياراً آخر قد يكون مجدياً، وهو توسيع نطاق جمع البيانات توسيعاً واضحاً ودقيقاً، بحيث يقل الباعث في الاهتمام بالبيانات وتكثيف الجهود عليها، حتى يتنبه المجلات والمراجعون ويكونوا أكثر يقظة عند البحث عن دراسات ضعيفة ذات أحجام صغيرة.

‎نظرية: “البحث في البحث ذاته” أو “علم العلم”

‎هذا المشروع هو مثالاً على هذه النظرية، بمعنى استخدام المنهج العلمي لدراسة العلم نفسه.

‎وقال يان وهو طالب في مدرسة التطور البشري والتغيير الاجتماعي:” مسرورٌ لأني شاركت في هذا المشروع، استخدمت فيه مهاراتي في النمذجة ليس فقط لإجراء اكتشافات علمية محددة، ولكن للتنبيه أكثر على كيفية تصميم الاجراء العلمي نفسه لزيادة جودة البحث ومصداقيته، ويفيد المجتمع العلمي بأسره وتعم الفائدة على المجتمع بأسره”.

‎المصدر: https://phys.org

‎ترجمة: لمياء محمد

‎تويتر: @Lamtranslator

مراجعة : حسام سيف

تويتر:@aljeathin1


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!