الاستماع العميق|مفتاح مهارات الاستماع من أجل علاقات  إنسانية أعمق

الاستماع العميق|مفتاح مهارات الاستماع من أجل علاقات إنسانية أعمق

3 أبريل , 2021

ترجم بواسطة:

آية حسني

دقق بواسطة:

زينب محمد

خلال فترة الجائحة، ارتفعت معدلات الاكتئاب والقلق والاضطرابات النفسية وتعاطي المخدرات، كما ازدادت معدلات الانتهاك الجسدي والعنف بشكل واضح، فقد شعر الناس بالعزلة وانعدام الأمان على المستوى المالي والنفسي تجاه المستقبل، والقلق حيال فقد أحبائهم. وفي هذه الأجواء أيضًا افتقد الناس كثير من الدعائم التي كان من المفترض أن يستندوا إليها أثناء الأوقات الصعبة؛ مثل التواصل مع الأصدقاء، وودّ العائلة، بسبب التباعد الاجتماعي والحجر المنزلي الذي سببه فيروس كورونا الذي أفقدنا تلك المميزات الثمينة، بيد أننا لم نفقد كل شئ بعد!

فمازال بإمكاننا التواصل من خلال الوسائل الآخرى مثل الهواتف والمكالمات المرئية، ومواقع التواصل الاجتماعي والإيميلات والرسائل النصية .

بالطبع لن تعِّوض وسائل التواصل الاجتماعي والافتراضي التواصل الجسدي الحقيقي، ولكننا جميعًا في حاجة ماسة إلى البقاء متواصلين، لذا اسدِ لنفسك و لعائلتك و أصدقاءك معروفًا وتواصل معهم .

عندما تبدأ بالحديث، وجّه جُل طاقتك إلى الاستماع إليهم، وعندما أقول الاستماع فأنا لا أعني مجرد سماع الكلام من المتكلم و تمريره، بل أقصد الاستماع العميق، والإنصات و الانتباه الكامل للمتحدث. أقصد ذلك النوع من الاستماع الذي يحدث نقلة عميقة في المحادثة، وينقلها من كونها محادثة سطحية إلى كونها محادثة عميقة عن المخاوف والأحزان الخفية داخل الطرف الآخر.

فنحن جميعًا نحب أن ينصت إلينا الآخرين، وأن ينظروا إلينا بعين التعاطف، وبدلًا من أن تنتظر مثل هذا المستوى من المحادثات العميقة فحبذا لو بدأتَ أنتَ به، نعم ابدأ بمنح الآخرين أذنك المصغية، امنحهم تعاطفك وشفقتك وستنبهر بما يمكن أن تفعله مثل هذه الهِبة.

بالنسبة للبعض، قد تبدو فكرة الاستماع العميق مخيفة بعض الشئ، ولكن الأمر ليس كما يبدو!

فالاستماع العميق ليس سهلًا، ولكنه ليس مستحيلًا، يستطيع أي إنسان أن يقوم به فهو الوجه البارز للتعاطف مع الآخرين، ويمكنك أن تدرب نفسك عليه أولًا حتى تتقنه، و إليكَ قائمة بالمهارات التي ستعزز من أداءك لمهمة الاستماع العميق:

الإقرار والموافقة:

لو لم تكن موافقًا مع كل ما يقوله الطرف الآخر في الحديث، حاول أن تبدِ له الاحترام لكلامه من خلال إقرارك، أو موافقتك له أثناء الحديث، انتبه جيدًا لمشاعره أثناء الحوار، وهي نصيحة مهمة من أجل تواصل صحي.

التحقق:

يتم التوصل إلى التحقق عندما يظهر المستمع انتباهًا خاصًا إلى ما يقوله المتكلم، وما يشعر به، وهو ما يتطلّب أذانًا حريصة، وتركيزًا من نوع خاص إلى الكلام الذي يقوله المتحدث، وإلى الطريقة التي يقولها بها.

وعندما لا يشعر المتكلم بأن كلماته تلاقي الانتباه الكافي فإنه سيحس بالنبذ، والإحراج، وفي هذه الحالة سيتجه إلى إعادة الكلام مرة أخرى بشكل مكثف، في محاولة منه لجذب الانتباه العميق للمستمع.

بيان الانعكاس:

و المقصود به تأثير كلام المتكلم على المستمع ومعرفة ما إذا كان متفاعلًا معه أم لا، ويتضح ذلك في أسلوب حديث المستمع، وردة فعله تجاه حديث الآخر، فإن إعادتك لبعض العبارات التي يقولها المتكلم تعد علامة جيدة ومؤشر دالّ على تفاعلك مع حديثه و على جودة الحوار و التواصل بينكما .

و ليس المقصود أن تردد عباراته ترديدًا باردًا، ولكن أن تتفاعل تفاعًلًا شعوريًا واضحًا، فأنت بهذه الطريقة تبعث برسالة للمتحدث مفادها أنكَ تفهم مقصوده العميق وما يرمي إليه .

الاستيضاح:

قد يتخلل الحديث سوء فهم لحديث المتكلم، وهنا يجب أن تبادر ببعض العبارت اللطيفة والمهذبة  التي تطلب من خلالها أن يوضح المتكلم كلامه إليك بشكل أعمق مثل ” هل أفهمكَ جيدًا “، ” هل فاتني شئ ؟”، ” هل أتابعكَ بشكلٍ جيد ” ؟ هذه العبارات مفيدة جدًا في حال شعرتَ بفقدان التواصل بينك و بين المتحدث لإعادة الحوار إلى مساره الصحيح.

التلخيص:

إذا تحدث المتحدث بإسهاب فمن الجيد أن يقوم المستمع بتلخيص ما قاله، لاسيما في آخر الحوار، فإن هذا يساعد المتحدث على معرفة أنك لم تفقد تركيزك العميق معه طيلة الحوار،  وأنك قادر على تلقي وفهم جوهر كلامه.

إبداء الملاحظات:

إبداء الملاحظات أثناء الحديث يسهل الحديث، ويجعله أكثر صدقًا، فمن الممكن أن يكون المتحدث مترددًا حيال فكرة، أو حزينًا أو عصبيًا تجاه أمر خفيّ أو حتى يملؤه الحماس أو الارتباك، فيأتي دور إبداء الملاحظات بما يساعد المتكلم على التحدث بشكل أفضل و أكثر راحه له، فمن أجل ذلك ركز جيدًا مع من تتحدث إليه ، نبرة صوته، ولغة جسده ، فتلك أشياء قادرة على إخبارك الكثير عن نفسية المتكلم، حتى تستطيع أن تساعده على الوصول إلى تعبير أفضل عن ذاته.

الأسئلة المفتوحة:

هى الأسئلة التي تبدأ عادةً ب ” كيف” أو” لماذا” ويمكن صياغتها بطرق عديدة، والغرض منها هو مساعدة المتحدث، على معالجة ما يشعر به وما يفكر به وليس المقصود منها الحصول على إجابات مباشرة بنعم أم لا.

الاطمئنان:

يمكنك أن ترسل رسائل طمأنة للمتلقي لتجعله يشعر بالأمان، أثناء حديثك إليه، وأنك مهتمٌ بما يقوله وتأخذه مأخذ الجد، فإن الناس قد يشكون أحيانًا في صدق المستمع، ويشعرون أنهم في حاجة لحماية أنفسهم من هذا التجاهل ( المحتمل )، فيتجهون إلى الهجوم أو إنهاء الحديث، وهنا يبرز دور الطمأنة التي تعمل على استمرار شعور المتحدث بالأمان طيلة الحديث.

وأخيرًا، فإن الاستماع العميق ليس بالأمر الهيّن، بل إننا لا نبالغ إن قلنا إنه ليس أيضًا بالأمر السهل، ولكنه البديل عن العزلة  والوحدة، والانفصال،  وتسطيح العلاقات الإنسانية، لذلك فأنا أنصحك بالاتكاء على تحمل الانزعاج من ممارسة الاستماع العميق بدلًا من العزلة، فالاستماع العميق في نهاية المطاف لا يولد إلا علاقة مملوءة بالتواصل والرحمة.

المصدر: https://www.psychologytoday.com

ترجمة: آية حسني

مراجعة وتدقيق: زينب محمد


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!