دراسة عميقة في البحر الأدرياتيكي تكشف كيف تؤثر الأنشطة الصناعية على الحياة البحرية

دراسة عميقة في البحر الأدرياتيكي تكشف كيف تؤثر الأنشطة الصناعية على الحياة البحرية

7 أبريل , 2025

ترجم بواسطة:

رزان محمود بخش

دقق بواسطة:

زينب محمد

وفقًا لأبحاث علم الحفريات الجديدة، كان بحر الأدرياتيكي يتمتع بنظام بيئي نابض بالحياة وصحي حتى منتصف القرن العشرين قبل أن تنهار الأمور فجأة.

البحر الأدرياتيكي هو جسم مائي يفصل بين إيطاليا ودول البلقان مثل كرواتيا والبوسنة والهرسك وألبانيا، وهو موطن لآلاف الكائنات البحرية المختلفة، بما في ذلك العديد من الأنواع التي لا توجد في أي مكان آخر. 

أظهر التحليل المنشور في مجلة Proceedings of the Royal Society B أن الاتجاه في البحر الأدرياتيكي في القرن التاسع عشر والعقود الأولى من القرن العشرين كان إيجابيًا للحياة البحرية، فعلى سبيل المثال، كانت أعداد القواقع المفترسة وطرائدها مثل المحار في تزايد ثم انخفضت أعدادها انخفاضًا مفاجئًا في منتصف القرن العشرين، وفي بعض الحالات اختفت مجموعات كاملة، ولكن كانت هذه الظروف مناسبة لنوع واحد معين من المحار: محار الكوربولا الشائع (Varicorbula gibba). 

هذا النوع يمكنه إبطاء عملية الأيض عندما تصبح الظروف صعبة، ويظهر بوفرة في السجل الأحفوري كلما أصبحت البيئة صعبة للغاية على الأنواع الأخرى للبقاء على قيد الحياة. 

يقول المؤلف الرئيسي مارتن زوتشين أستاذ علم الحفريات في جامعة فيينا في النمسا: “أصبح هذا النوع أكثر شيوعًا وينمو إلى أحجام أكبر مما كان عليه في الماضي نتيجةً لقلة عدد المفترسات وانخفاض المنافسة من الأنواع الأخرى”، وهذا الاكتشاف يضيف إلى الأدلة المتزايدة على أن النشاط البشري قد أدى إلى زعزعة خطيرة في استقرار النظام البيئي البحري في البحر الأدرياتيكي. 

يضيف زوتشين: “من خلال أبحاثنا في شمال بحر الأدرياتيكي يمكننا القول إن تركيبة الكائنات الحية في هذه البيئات أصبحت أبسط بكثير مما كانت عليه سابقًا، ففي العديد من الأماكن اليوم نفتقر إلى المفترسات والكائنات التي تعيش على سطح الرواسب، بينما أصبحت الأنواع الأخرى مثل الكائنات التي تتغذى على الرواسب والحيوانات التي تعيش داخل الرواسب أكثر وفرة”.

نظر فريق البحث إلى ما هو أبعد من انخفاض أعداد الكائنات الحية وأنواعها، فقد درسوا أيضًا التفاعلات بين الكائنات. 

معظم أنواع الحفريات لا تتيح هذا النوع من التحليل ويعود ذلك إلى أن علامات العض والتلف الجسدي الأخرى التي تشير إلى تفاعلات المفترس والفريسة نادرًا ما تُحفظ في السجل الأحفوري، لكن اللافقاريات البحرية تشكل استثناءً بفضل أصدافها الخارجية الصلبة. 

تقوم الحيوانات المفترسة مثل الحلزونات بالتغذي على الكائنات البحرية القاعية ذات الأصداف عن طريق ثقب أصدافها للوصول إلى أجزائها الداخلية اللينة، بينما طورت حلزونات أخرى والديدان والأخطبوطات القدرة على طحن الأصداف وتفتيتها.

فحص الباحثون الاتجاهات التاريخية للنظام البيئي عن طريق أخذ عينات من الصخور في شمال غرب البحر الأدرياتيكي قرب مصب نهر بو في إيطاليا وفي شمال شرق خليج ترييستي.


تعكس الثقوب المحفورة في الأصداف أكثر أشكال التفاعل بين المفترس والفريسة وضوحًا واكتمالًا التي عُثر عليها في السجل الأحفوري. صورة نت متحف فلوريدا من تصوير كريستين غريس.

بحث العلماء عن الأصداف المثقوبة لتحديد مدى تفاعل المفترس والفريسة على مر الزمن، وأظهرت عينات الحفر وجود وفرة كبيرة في المفترسات والفرائس حتى منتصف القرن التاسع عشر حيث ارتفعت ارتفاعًا ملحوظًا في تلك الفترة، وهي الفترة التي تزامنت مع بدايات التصنيع في إيطاليا.

وأوضح زوتشين:”الزيادة المعتدلة في مدخلات العناصر الغذائية مفيدة للنظام البيئي”، ولكن سرعان ما أصبح هذا عبئًا على البيئة وأدى إلى تعزيز نمو الطحالب. عندما تموت الطحالب فإنها تغرق إلى قاع البحر وتتحلل من البكتيريا التي تستهلك جزءًا كبيرًا من الأكسجين في البحر.

وأضاف زوتشين: “ببساطة أصبح الوضع أكثر من قدرة النظام على التحمل فانهار كليًا”.

ربما ازدهرت المحارات الشائعة من نوع كوربوليد في هذه الظروف بينما واجهت الأنواع الأخرى صعوبة، “إنها أقل تأثرًا بانخفاض مستويات الأكسجين مقارنة ببعض منافسيها ويمكنها التكاثر بسرعة”، كما يقول المؤلف المشارك ميشال كواليفسكي من متحف فلوريدا للتاريخ الطبيعي في الولايات المتحدة.

تُبذل جهود للحد من التلوث القادم عبر الأنهار في إيطاليا، حتى أن عينة نهر بو تظهر زيادة طفيفة مؤخرًا في ثقوب الأصداف مما يشير إلى تحسن طفيف. ولكن وكما يقول زوشين، فإن الحفاظ على البيئة سيصبح أكثر صعوبة كلما تأخر تنفيذه، “تدهور البيئة مكلف للغاية ولا يمكنك حتى تحديد قيمته، لأن شيئًا قد فُقد وكان له تأثيرًا هائلًا على جودة الحياة لا يمكن تقديره بالمال”.


المصدر: https://cosmosmagazine.com

ترجمة: رزان محمود بخش

مراجعة وتدقيق: زينب محمد


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!