crossorigin="anonymous">
15 يوليو , 2023
في عالمنا الحديث، يواجه كثير من الناس مشاكل صحية مزمنة بسبب التغذية السيئة ونمط الحياة غير الصحي، وتعد الالتهابات إحدى هذه المشاكل الصحية المزمنة، ومن هنا يأتي دور النظام الغذائي المضاد للالتهاب، إذ يعد هذا النظام الغذائي نظامًا صحيًا متوازنًا يساعد على على تحسين الصحة العامة والحفاظ على وزن صحي ويحد من الالتهابات التي يمكن أن تؤدي إلى تطور العديد من الأمراض المزمنة، مثل: السكري والتهاب المفاصل وأمراض القلب والأوعية الدموية.
ولكن، ما هو بالضبط النظام الغذائي المضاد للالتهاب؟ وكيف يمكن لهذا النظام الغذائي أن يحد من الالتهابات؟ وكيف يمكن تطبيقه؟ سوف نجيب عن هذه الأسئلة في هذا المقال.
الالتهاب هوآلية دفاع مناعية لحماية الجسم أثناء تعرضه لأي إصابة أو جسم غريب مثل: الجراثيم والمواد الكيمياوية، ويحدث خلال هذه العملية زيادة في إنتاج كريات الدم البيضاء والخلايا المناعية ومواد تسمى السيتوكينات التي تساهم في القضاء على المرض.
تتضمن أعراض الالتهاب الحاد (قصير المدى)، الاحمرار، والألم، والحرارة، والتورم، وقد يكون الالتهاب مزمنًا طويل الأمد ويحدث داخل الجسم بدون أعراض ملحوظة، لكنه يسبب ضررًا للحمض النووي وخلايا وأنسجة الجسم مما يؤدي إلى أمراض خطيرة، مثل: أمراض القلب والسرطان والسكري والربو وأمراض الكبد الدهنية ومرض الزهايمر.
كما يمكن أن يحدث الالتهاب المزمن أيضًا في حالة السمنة المفرطة وعند التعرض للضغوط النفسية.
وفي هذه الحالات يكون اتباع نظام غذائي مضاد للالتهاب أمرًا ضروريًا؛ لتقليل حدوث الالتهابات المزمنة بالجسم.
يتم تشخيص حالات الالتهاب بفحص مستوى بعض المركبات في الدم، ومن بينها البروتين التفاعلي سي (CRP)، والهوموسيستين، وانترلوكين 6.
إن وجود بعض المركبات في الأغذية يجعل الجسم يتفاعل كما لو كانت العدوى موجودة، مما يسبب التهابًا غير مرغوب فيه.
يسبب النظام الغذائي الذي يتضمن كميات كبيرة من الطعام زيادة حجم الخلايا الدهنية والتي بدورها تساهم في حدوث نوع من الالتهاب المزمن يُعرف ب “الالتهاب الأيضي” ويرتبط بالاضطرابات الأيضية مثل السمنة، والنوع الثاني من مرض السكري، وترتبط زيادة الدهون بدورها بارتفاع الإجهاد التأكسدي، والجزيئات المسؤولة عن الالتهاب (السيتوكينات).
كذلك يساهم عدم تنظيم وقت تناول الوجبات أيضًا في زيادة الالتهاب؛ لأنه يسبب تغييرًا في عملية الأيض ويحفز الالتهاب الأيضي.
ولحسن الحظ يمكن أن يؤدي إجراء بعض التعديلات الغذائية إلى تغيير نمط الحياة الذي يزيد من خطر حدوث الالتهابات المزمنة إلى نمط آخر يقلل من حدوثها بأقل قدر ممكن.
يقول أحد أساتذة التغذية في جامعة هارفارد: “إن أقوى طرق مقاومة الإلتهابات لا تأتي من الصيدلية، ولكنها تكمن في طعامك”، فقد أظهرت عديد من الدراسات الحديثة أن مكونات الأغذية تحتوي على كثير من مضادات الالتهاب الطبيعية، التي تساعد في الحفاظ على الجسم، وتقلل إصابته بالعديد من الأمراض والالتهابات.
يجب أن يتضمن النظام الغذائي المضاد للالتهابات توازنًا صحيًا للبروتينات والكربوهيدرات والدهون في كل وجبة، وأن يلبي حاجة الجسم من الفيتامينات والمعادن والألياف والماء.
يهدف النظام الغذائي المضاد للالتهاب إلى إيقاف استهلاك الأغذية المسببة للالتهابات واستبدالها بأغذية ذات قيمة غذائية وتحتوي على نسبة عالية من المركبات المضادة للالتهاب وهي:
يضم النظام الغذائي المضاد للالتهابات مجموعة متنوعة من الأغذية، وتشمل الآتي:
تتميز الخضروات بوجود مركبات كيميائية نباتية (Phytochemicals) ومضادات الأكسدة، وللحصول على هذه الفوائد يفضل تناول الخضار بمختلف أنواعها، مثل: البصل والثوم والجزر والبروكلى والخس والسبانخ والكرنب والخرشوف يوميًا بالاضافة الى انواع وتضمينها في كل وجبة طعام.
تحتوي الفواكه على مضادات الأكسدة، مثل: الفلافونويدات التي تكافح الجذور الحرة المسببة للالتهاب، بالإضافة إلى الفيتامينات والألياف.
توجد خيارات كثيرة ومتنوعة من الفواكه، مثل: الأناناس والخوخ والجريب فروت والعنب والبرتقال والرمان والكمثرى والعنب والتفاح ويعد التوت بجميع أنواعه من أكثر الفواكه التي تحارب الالتهاب وتعزز المناعة؛ بسبب احتوائه على مركب الانثوسيانين المضاد للأكسدة.
تحتوي الأسماك الدهنية على نسبة عالية من أحماض الأوميغا 3 الدهنية المضادة للالتهاب، إذ يقلل من تركيز البروتين التفاعلي (C-reactive protein) والإنترلوكين 6 (interleukin-6)، وهما بروتينات التهابية موجودة في الجسم.
وللحصول على هذه الفائدة، يُنصح بتناول ما لا يقل عن 140 غرامًا من الأسماك، مثل السلمون، التونة، أو السردين، مرتين على الأقل في الأسبوع.
تحتوي الحبوب الكاملة، مثل: الأرز البني والشوفان والخبز الأسمر على الألياف والعديد من الفيتامينات والمعادن ومن الجدير بالذكر أن هذه الحبوب تُهضم ببطء مما يمنع ارتفاع سكر الدم المفاجئ الذي يعد أحد أسباب الالتهابات.
تعد المكسرات مصدرًا آخر للدهون الصحية المفيدة مثل الأوميغا 3، بالإضافة إلى البروتينات والألياف التي تعزز المناعة وتساعد على محاربة الالتهابات.
يُنصح بتناول حوالي 40 غرامًا أو ملء اليد من المكسرات يوميًا، مثل الجوز والصنوبر والفستق الحلبي واللوز والبندق، للحصول على فوائدها الصحية.
يمكن للزيوت الصحية مثل: زيت الزيتون وزيت الكانولا وزيت الأفوكادو التقليل من الالتهابات، إذ يحتوي زيت الزيتون البكر على مستوى عالي من مادة الـ أوليوكانتال (Oleocanthal) والتي قد يكون لها خصائص مماثلة لمضادات الالتهاب غير الستيروئيدية.
تعد البقوليات مثل العدس والفاصوليا بأنواعها مصدرًا غنيًا بمضادات الأكسدة والمركبات التي تقضي على الالتهابات، كما تتميز بمحتواها العالي من البروتينات والألياف وحمض الفوليك والمعادن، مثل الزنك والحديد والبوتاسيوم؛ لذا يفضل تناول على الأقل كوب واحد من البقوليات مرتين في الأسبوع.
تعد الشوكولاتة الداكنة التي تحتوي 70% كاكاو من المصادر الغنية بمركبات الفلافونات التي تمتلك خواص مضادة للالتهاب، ويفضل تناولها بكميات قليلة عدة مرات في الأسبوع.
تحتوي التوابل والأعشاب، مثل: الكركم والزنجبيل والثوم والزعتر والقرفة على مضادات الأكسدة والمركبات المضادة للالتهابات.
يحتوي الشاي وخاصةً الشاي الأخضر على نوع من الفلافونويدات يعرف ب الكاتشين (catechin)، الذي يقلل معدل حدوث الالتهابات، وللحصول على هذه الفائدة يجب اختيار أنواع الشاي ذات الجودة العالية، وتعلم الطريقة الصحيحة لتحضيرها ويمكن تناول من كوبين الى اربعة أكواب يوميًا.
تتضمن مجموعة من المنتجات الغذائية التي تحتوي على كميات عالية من الدهون المشبعة والسكريات المضافة، والتي يمكن أن تؤدي إلى زيادة مستويات السكر في الدم وارتفاع الكوليسترول وبالتالي التهابات الجسم، وتشمل هذه الأطعمة:
توجد عدة أنواع من الأنظمة الغذائية المضادة للالتهاب، ومن أشهرها:
وقد أظهرت الدراسات أن هذا النظام الغذائي يقلل من مستويات الالتهاب في جدران الأوعية الدموية ويحافظ على مرونتها وسلامتها، حيث يخفض مؤشرات الالتهاب، مثل: البروتين سي التفاعلي (CRP) والمركب الالتهابي انترلوكين IL-6.
يتضمن هذا النظام تقليل تناول الكربوهيدرات البسيطة، مثل: السكر ومنتجات الحبوب المكررة، وزيادة تناول البروتين والدهون الصحية مثل زيت الزيتون والأفوكادو والمكسرات.
يساعد النظام الغذائي المضاد للالتهاب على تخفيف حدة أعراض الأمراض المزمنة وتخفيف الألم وتحسين نوعية الحياة للمرضى؛ لأنه يوفر الراحة للأعصاب والعضلات في مختلف أعضاء الجسم ويمكن أن يخفف التعب وآلام العضلات وتورم المفاصل وحكة الجلد وتقلب المزاج.
كذلك يدعم النظام الغذائي المضاد للالتهاب صحة الأمعاء، إذ يوجد 70 – 80% من الخلايا المناعة في القناة الهضمية؛ لذلك فإن تحسين صحة الأمعاء يعد أمرًا أساسيًا للقضاء على الالتهابات المزمنة وتقوية المناعة العامة.
يعتبر النظام الغذائي المضاد للالتهاب علاجًا تكميليًا لعديد من الأمراض التي تتفاقم حدتها مع الالتهاب المزمن، وتتضمن حالات الالتهاب الآتية:
كذلك يحد النظام الغذائي الغني بمضادات الأكسدة من مخاطر السرطان.
ختامًا، نذكر أن الأنظمة الغذائية المضادة للالتهابات قد تساهم في الحد من الالتهاب وتحسين الأعراض، لكنها ليست علاجًا سحريًا للأمراض المزمنة و أمراض المناعة الذاتية، وإن اتباع نظام غذائي مضاد للالتهابات يكون لدعم العلاج الطبي المناسب، وليس بديلًا عنه، ويجب على أي شخص يعاني من مرض التهابي مزمن استشارة أخصائي الرعاية الصحية لمعرفة أفضل الخيارات الغذائية له.
المصادر:
بقلم: د. نور هشام الأطرقجي
مراجعة وتدقيق: زينب محمد
اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية
اترك تعليقاً