خلايا الجهاز المناعي في المعدة وعلاقتها بالاكتئاب الناجم عن الإجهاد العصبي

خلايا الجهاز المناعي في المعدة وعلاقتها بالاكتئاب الناجم عن الإجهاد العصبي

28 مايو , 2023

ترجم بواسطة:

أسماء يسري

دقق بواسطة:

زينب محمد

أجريت تجارب على الفئران والبشر تعرّف من خلالها فريق بحث -بقيادة باحثين طبيين من جامعة جون هوبكنز- على خلية مناعية خاصة في الأمعاء تؤثر على ميكروبيوم الأمعاء، والتي بدورها قد تؤثر على وظائف في المخ مرتبطة بالاضطرابات النفسية الناجمة عن الضغط العصبي مثل الاكتئاب. يمكن إيجاد وسائل جديدة محتملة لعلاج الاكتئاب باستهداف بعض التغييرات على تلك الخلايا المناعية في الأمعاء باستخدام أدوية أو علاجات أخرى.

نُشرت نتائج الدراسة في العشرين من مارس الماضي في مجلة Nature Immunology.

يقول الدكتور أتسوشي كامييا، مؤلف الدراسة وأستاذ علم النفس والعلوم السلوكية بجامعة جون هوبكنز كلية الطب: “تسلط الدراسة الضوء على الدور غير المعروف مسبقًا لخلايا الأمعاء المناعية جاما دلتا (γδ T cells) في تغيير الاستجابات الفسيولوجية للضغط العصبي، بالإضافة إلى أهمية مستقبل للبروتين يسمى (dectin-1) الموجود على سطح الخلايا المناعية كهدف علاجي محتمل لعلاج السلوكيات الناجمة عن الضغط العصبي”.

يتحد المستقبل (dectin-1) مع بروتينات أو مستضدات معينة؛ ليبعث إشارات لتنشيط الخلايا المناعية بطرق معينة.

يقول الباحثون إن ذلك المستقبل قد يكون معنيّ بتغيير الميكروبيوم والاستجابة الالتهابية المناعية في قولون الفئران، مما يرجح احتمالية تورطه تجاه تأثيرات الضغط العصبي من خلال خلايا (γδ T cells) في الجهاز المناعي للمعدة.

بناءً على الدراسات السابقة التي ترجح أن الاستجابة الالتهابية المناعية في الأمعاء مرتبطة بالاكتئاب؛ صمم كامييا وفريقه تجارب تركز على فهم سلوكيات الضغط العصبي الناجمة عن اختلال الكائنات الدقيقة في الأمعاء، مثل البكتيريا والفيروسات والفطريات (الميكروبيوتا).

التجربة على الفئران

فحص الفريق آثار اختبار الفشل الاجتماعي الناتج عن الإجهاد العصبي المزمن (CSDS) على الكائنات الدقيقة في الأمعاء؛ حيث إن (CDCS) هو اختبار للفئران لدراسة الاضطرابات الناجمة عن الإجهاد العصبي مثل الاكتئاب.

عمل الباحثون في مجموعة من التجارب على خلق بيئة محفزة للإجهاد العصبي، والتي قد تماثل استجابة متشابهة في بيئة الإنسان.

صنف الباحثون الفئران بعد كل تعرض إلى مجموعة مرنة مع الإجهاد العصبي؛ حيث لم يؤثر الإجهاد العصبي على التفاعل الاجتماعي، ومجموعة متأثرة بالإجهاد العصبي؛ حيث عمل الإجهاد العصبي على زيادة الانعزال الاجتماعي.

جُمعت بعد ذلك عينات البراز وخضعت للتحليل الجيني؛ للتعرف على الأنواع المختلفة من البكتيريا في ميكروبيوتا أمعاء الفئران.

أظهرت نتائج التحليل أن الكائنات الدقيقة في الأمعاء كانت أقل تنوعًا في المجموعة التي تأثرت بالإجهاد العصبي عن المجموعة التي لم تتأثر.

أظهرت النتائج أن هناك نوع من البكتيريا بالتحديد يسمى (Lactobacillus johnsonii)، وهو ما يعرف بـالبروبيوتيك أو البكتيريا الجيدة- كان أقل في مجموعة الفئران المتأثرة بالإجهاد العصبي عن المجموعة التي لم تتأثر.

يقول زيولي زو، المؤلف الرئيسي للدراسة والأستاذ المساعد في علم النفس والعلوم السلوكية بجامعة جون هوبكنز كلية الطب: “وجدنا أن الإجهاد العصبي زاد من عدد خلايا (γδ T)؛ مما أدى إلى زيادة الانعزال الاجتماعي”.

واستطرد قائلًا: “ولكن عندما أعطينا الفئران البكتيريا (Lactobacillus johnsonii)، قلّ الانعزال الاجتماعي وعادت خلايا (γδ T) إلى المستويات الطبيعية؛ مما يرجح أن الانعزال الاجتماعي الناجم عن (CDCS) قد يكون نتيجة انخفاض مستويات البكتيريا والتغيريات في خلايا (γδ T).

قد تعود جذور الوسائل الطبيعية المحتملة لمعالجة الاكتئاب إلى الأمعاء؛ ولذلك يحاول الباحثون الكشف عن تأثير مركب يسمى (panchyman) على تغيرات المستقبل (dectin-1) المصاحبة لزيادة خلايا (γδ17) المناعية بعد اختبار (CDCS).

يعد مركب (panchyman) مضادًا طبيعيًا للالتهاب ويُستخدم لعلاج الاكتئاب في الطب الشرقي، ويُستخرج من المشروم البري.

تناول الفئران (panchyman) بتلك التجربة، والذي ظهر تأثيره على الوظائف المناعية في بحث مسبق، ونتج عن بيانات تحليل قياس التدفق الخلوي (تقنية تُستخدم لقياس الخواص الفيزيائية والكيميائية لمجموعة من الخلايا) دليلًا أن (dectin-1) يتحد مع (panchyman)؛ مما يمنع نشاط خلايا (γδ17) المناعية المصاحب لاختبار (CDCS)؛ ومن ثَم تقليل سلوك الانعزال الاجتماعي.

التجربة على البشر

ومن ناحية أخرى، ومن أجل معرفة تأثير تغيرات الميكروبيوتا في الأمعاء على المخ البشري؛ درس الباحثون الكائنات الدقيقة الموجودة في أمعاء الأشخاص الذين يعانون من اضطراب اكتئابي كبير بالمقارنة مع أشخاص لا يعانون منه.

شارك في هذه التجربة 66 شخص في الفترة من يونيو 2017 إلى سبتمبر 2020 -في سن 20 أو أكبر- بمستشفى كاراسوما جامعة شووا، ومستشفى جامعة كيو، ومستشفى كوماجين في طوكيو اليابان.

ومن ضمن المشاركين في التجربة 32 شخص مصاب باضطراب اكتئابي كبير ( 17 امرأة و15 رجلًا)، و34 شخص من الأصحاء (18 امرأة و16 رجلًا) في مجموعة التحكم.

جُمعت عينات البراز من جميع المشاركين، والذين خضعوا لفحوصات شاملة والتي تضمنت اختبارات لمعرفة تاريخ المرض النفسي، واختبارات للكشف عن الاكتئاب والقلق، على أن تكون أي زيادة في مجموع النقاط تعني زيادة في الأعراض الاكتئابية.

أظهر التحليل الجيني لعينات البراز عدم وجود فرق في تنوع بكتيريا الأمعاء بين الأشخاص المصابين بالاضطراب الاكتئابي الكبير وبين مجموعة التحكم.

ولكن تتسبب الكثرة من بكتيريا (Lactobacillus) بنتائج عكسية مع مجموع نقاط القلق والاكتئاب في الأشخاص المصابين بالاضطراب الاكتئابي الكبير؛ مما يفيد أن كلما زادت بكتيريا (Lactobacillus) في الأمعاء، قلت احتمالية القلق والاكتئاب.

نتائج البحث

يقول كامييا: “بالرغم من اختلاف ميكروبيوتا الأمعاء بين الفئران والبشر، تشير نتائج دراستنا إلى احتمالية تأثير كمية بكتيريا (Lactobacillus) في الأمعاء على ردود الفعل تجاه الضغط العصبي، وبداية الاكتئاب والقلق”.

أشار الباحثون إلى حاجتهم إلى المزيد من البحث لفهم كيفية تأثير خلايا (γδ17) المناعية على الوظائف العصبية للمخ، ودور (dectin-1) في الخلايا الأخرى المتعلقة باتصال الأمعاء والمخ تحت ظروف الضغط العصبي.

أوضح كامييا: “أظهرت تلك النتائج المبدأية أن بالإضافة إلى مكملات البروبايوتك، يمكن استهداف أدوية لنفس نوع المستقبلات في الجهاز المناعي للأمعاء؛ مما قد يخلق وسائل جديدة للوقاية والعلاج من الأعراض النفسية التي تنتج عن الضغط العصبي مثل الاكتئاب”.

المصدر: https://medicalxpress.com

ترجمة: أسماء أحمد يسري

تويتر: asmaayo

 مراجعة وتدقيق: زينب محمد


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!