تجنيد عالمك الخارجي من أجل التغيير الإيجابي في حياتك

تجنيد عالمك الخارجي من أجل التغيير الإيجابي في حياتك

2 نوفمبر , 2022

ترجم بواسطة:

مي محمد

القرار وحده لا يكفي لتغيير حياتك إلى الأفضل.

إن أي فرد لم يحاول أن يصنع تغييرًا فارقًا في حياته (بمعنى آخر على الأغلب كل فرد) يعلم صعوبة ذلك الأمر، إن الطرق القديمة للتفكير والشعور والسلوك بغض النظر عن أنها غير صحية، أو أنها تجعلنا غير سعداء، تُرسخ في نفسيتنا أن التغيير الإيجابي يبدو مستحيلًا، ولكنه ليس كذلك.

إن الخطأ الذي يقع فيه العديد من الأفراد أنهم يميلون إلى التركيز عما بداخلهم للبحث عن طرق التغيير، ولكننا وجدنا أنه قد تقرر إحداث تغييرًا في حياتك وأنت تمتلك العوامل الداخلية لذلك مثل (الموقف الإيجابي، والتركيز، والمرونة في مواجهة النكسات)، ولكن في الحقيقة لا تستطيع فعل ذلك، إما لأن عالمك الخارجي لا يشجعك على التغيير، أو أنه يُضعف بقوة هذه الجهود.

نعم إن المساندة الداخلية لابد وأن تتواجد من أجل التغيير، لأن الرغبة في التغيير تبدأ من الداخل، ولكن بدون الدعم الخارجي سيكون التغيير بالفعل مستحيلًا. هذه التأثيرات الخارجية تشمل كيفية تأسيس حياتك اليومية، والأفراد التي تحيط نفسك بهم، والرسائل التي تستقبلها من ثقافتنا الشعبية.

حياتك

يوجد ثلاثة مشاعر من المنظور التطوري، لا يحب الأفراد أن يعيشوها وهي: الجهل بالأشياء، وعدم القدرة على التنبؤ، وعدم القدرة على التحكم بالأمور، تلك المشاعر لا يصاحبها الشعور بالراحة، ولكن كانت تضمن البقاء للإنسان البدائي، فعندما كنا نشعر بها كانت تشير أن الموت سيتبعها، فكنا نبذل قصارى جهدنا لنحافظ على الألفة، والقدرة على التنبؤ، والتحكم بأمور حياتنا.

لذلك حتى لو كان التغيير إيجابيًا، يُمكنه أن ينتج هذه المشاعر المؤكد أنها غير مريحة، وذلك يُعد سببًا في أن الأفراد يفضلون أن يكونون تعساء عن أن يخاطروا لتغيير حياتهم. ربما يكونون حقًا غير سعداء، ولكن تعاستهم تُصبح مألوفة، ومتوقعة، وبطريقة غريبة يُمكنهم التحكم بها (وذلك لأنهم يمارسون تعاستهم بطرق خاصة جدًا)، ولكنهم إن حاولوا التغيير فإنهم يخلقون أرضًا من المؤكد أنها غير مألوفة، وغير متوقعة، ولا يمكن التحكم بها، ولا يوجد ما هو أكثر ألفة وتوقعًا وخضوعًا للتحكم من حياة صنعتها لنفسك (حتى وإن لم تجعلك سعيدًا).

إن الروتين والعادات ونماذج وإيقاعات الحياة متمثلة فيما تأكل، وعدد ساعات نومك، والأنشطة التي تشارك فيها، والطرق التي تسلكها من وإلى أماكن متعددة، تمثل هيكلًا يدعم طريقة تفكيرك، ومشاعرك، وكيف تتصرف، وردة فعلك تجاه العالم، وكيف تتفاعل وتستجيب للمحيطين بك، لذلك إن أردتَ أن تغير بعضًا من جوانب حياتك، ستحتاج إلى تغيير الهياكل التي تدعمك.

تستطيع أن تبدأ بمعرفة الهياكل في حياتك الحالية التي تدعمك بصرف النظر عن الجوانب غير الصحية في حياتك التي تريد تغييرها، وبالفهم الواضح للتغيرات التي تريد أن تصنعها، يمكنك أن تتعرف على هياكل جديدة لتحل محل القديمة، على سبيل المثال: لو أردت أن تأكل أكلًا صحيًا أكثر، يمكنك أن تغير الطريقة التي تعمل بها بأن تتجاوز المرور بالمقهى، وتناول المعجنات الشهية. إذا أردت أن تمارس الرياضة بانتظام، بدلًا من الذهاب إلى المنزل مباشرة، ووجود خطة للذهاب إلى الصالة الرياضية بعد ذلك، يجب أن تجهز حقيبتك الرياضية في الليلة السابقة، وتُحضرها معك إلى العمل، ثم تذهب مباشرةً إلى الصالة الرياضية بعد العمل.

الأفراد المحيطون بك

إن الأفراد الذين تقضي وقتك معهم يُمكن أن يكون لهم تأثيرًا إيجابيًا أو سلبيًا على قدرتك على تعزيز التغيير في حياتك. أولًا نحن نُحيط أنفسنا بالأفراد الداعمين لنا في حياتنا اليومية، بصرف النظر فيما لو كانت عادتنا غير صحية. فلو أنك اقترحت إما الامتناع أو ممارسة بعض التمارين، فقد يجعلونك تود على الأقل أن تغلق الموضوع، وعند تفاقم الوضع، سيسخرون منك ويجعلوك تشعر بالخجل. من المستحيل أن تشرع في التغيير والمجتمع من حولك يدفعك أن تبقى كما أنت، وذلك لسببين اجتماعيين: (أنهم يحبونك ويريدون أن تستمر معهم في فعل الأشياء)، ومن أجل الدفاع عن الأنا البشرية (فعندما تشير إلى أنك تعيش حياة غير سوية، فإنك تقصد ضمنيًا أنهم كذلك).

هذه الضغوطات تكون بالغة مع أفراد الأسرة الواحدة، دائمًا ما يكون هناك تاريخًا طويلًا من الحياة غير الصحية في العائلة. إن عائلتك هي السبب فيما أنت عليه الآن، ومن المحتمل أن تشعر بأنك ملزم بعدم إغراق سفينة عائلتك لأنك تحبهم، وأن تغييراتك الإيجابية ربما تكون مصدرًا لعدم الراحة والتنازع.

وقد تكون صعبة ومحزنة، لو أنك حقًا أردت أن تحدث تغييرات إيجابية، فربما تحتاج إلى تغيير الأفراد في حياتك، وربما تحتاج أن تبعد نفسك عن أفراد العائلة غير الأسوياء، وأن تجد أصدقاءً جدد. إن إبعاد نفسك عن الأفراد الذين تهتم لأمرهم، ويهتمون لأمرك، بالطبع ليس طريقًا يجب أن تسلكه إذا كان من الممكن تجنبه، ولكن إذا كنت حقًا ملتزمًا بتغيير حياتك إلى الأفضل، ربما يكون ذلك خيارًا من الممكن أن تتخذه.

ولكن قبل أن تحذف قائمة معارفك الحالية، وأن ترفض كل فرد في حياتك (لاشك أنها خطوة من المؤلم ومن المزعج حقًا أن تأخذها)، يجب أولًا أن تحاول أن تُدرجهم في هذا التغيير بحياتك، وربما يكون أيضًا لديهم رغبة في تغيير حياتهم، ولكنهم لا يستطيعون فعل ذلك على طريقتهم، أو ربما يدركون وضعك غير الصحي الحالي، ويهتمون لأمرك بشدة، لدرجة أنهم يرغبون في وضع احتياجاتك مقدمة على احتياجاتهم، ودعم جهودك.

من السهل دائمًا معرفة هؤلاء الأفراد المساعدين لك في حياتك غير الصحية، ويجب أيضًا أن تبحث عن هؤلاء ممن يثبتون لك ذلك، ومن يتجاهلون ذلك، أو يرفضون مساعدتك عندما تحتاجهم. إن إزالة الحواجز الاجتماعية يُمثل الخطوة الأولى المهمة في صناعة التغييرات الإيجابية في الحياة، وذلك لأنه يزيل بعضًا من الخلاف الذي يُبطئ أو يمنع جهودك.

الخطوة التالية أن تملأ حياتك الاجتماعية بالأفراد ممن يدعمون بشدة جهودك من أجل حياة صحية، أو حتى يخوضون نفس الرحلة لمشاركتك في الطريق إلى الصحة والسعادة. إن مجموعات الدعم التي تخاطب تحديات الحياة الخاصة تمثل طريقًا رائعًا لخلق التأثيرات الإيجابية في عالمك الاجتماعي، خصوصًا أن أعضاءها يعرفون جيدًا ما تمر به، ويستطيعون أن يقدموا لك الدعم العملي والعاطفي. إن نوادي التمارين والرياضة، ومجموعات القراء، والمنظمات الأخرى التي تعزز جهودك، ليست تجعل التغيير أسهل فحسب لأنك تشعر بالدعم وتشاركك العديد من الأدوات الهادفة، بل أيضًا تُقدمك للأفراد ممن لهم نفس طريقة التفكير، ويُمكنك أن تُكوِّن معهم أصدقاءً جددًا، وأن تخلق فرصًا اجتماعية جديدة وإيجابية.

ثقافتك

نحن إلى حدٍ كبير نتاج الثقافة التي عشناها، تتأثر بشدة طريقة تفكيرنا، وما نشعر به، وسلوكنا بالرسائل التي نستقبلها من دوائر الثقافة التي ننغمس فيها، وتحيط بنا. عندما يفكر معظمنا في هذه التأثيرات، فإننا نميل إلى التركيز على القوى الأكثر قربًا مثل: العائلة، والأصدقاء، وزملاء العمل، والمجتمع، ولكن الثقافة الشائعة على نطاق أوسع مؤثرة بشكل متساو علينا، وخاصةً مع كثرة استخدام الانترنت والاتصال على مدار 24 ساعة طوال الأسبوع، وعدد الرسائل غير المحدود التي نستقبلها يوميًا، ومن المحزن أن كثيرًا من الرسائل التي نستقبلها من ثقافتنا الشائعة من وسائل التواصل الاجتماعي مثل الفيسبوك، وتويتر، وسناب شات، والتيك توك يمكن أن تكون غير صحية، ومن المؤكد سامة.

البرنامج الإضافي أننا نميل إلى الانجذاب إلى الرسائل التي تؤيد معتقداتنا الموجودة مسبقًا، وهذا يعني أنك من المحتمل أن تستقبل رسائل من خلال وسائل التواصل الاجتماعي تشجعك بدلًا من أن تصرفك عما أنت عليه الآن وحياتك غير الصحية. فإذا كنت تتأثر باستمرار بالرسائل التي تخبرك أنه لا بأس بالوضع غير الصحي الذي أنت عليه الآن، فمن الصعب جدًا أن تقاوم هذه الرسائل، وأن تحدث التغييرات التي تريدها.

لكي تحدث التغييرات الإيجابية في نفسك، وفي حياتك، فأنت بحاجة إلى حذف الرسائل التي تملكها، وإلى أن تبدأ في استقبال الرسائل التي تدعم وتبعث على هذه التغييرات الإيجابية. يمكنك أن تحذف التطبيقات، وأن تلغى الاشتراك أو تنسحب من الجروبات، والمدونات الإلكترونية، ونشرات الأخبار، ومحادثات الإنترنت أو غيرها التي تغذي هذا الوضع غير الصحي، ويمكنك بعد ذلك أن تبحث عن وتشترك في تطبيقات أخرى تمدك برسائل داعمة تحفز التغييرات الإيجابية.

وعندما تربط القرار الداخلي لتغيير حياتك بالعالم الخارجي الذي يدعم جهودك، فإن هذه القوة الدافعة ستمكنك من مقاومة قوة العادات القديمة غير الصحية، كما تمكنك من تغيير حياتك إلى الأفضل والأصلح.

المصدر: https://www.psychologytoday.com

ترجمة: مي محمد كمال

مراجعة وتدقيق: د. فاتن ضاوي المحنّا

تويتر: @F_D_Almutiri


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!