كيف تتحكم في إدمان النجاح؟

كيف تتحكم في إدمان النجاح؟

9 مايو , 2023

دقق بواسطة:

زينب محمد

أخبار لمدمني النجاح سارّة وغير سارّة.

هل أنت مدمن نجاح؟

أجب عن السؤال التالي: إذا أُجبرت على الاختيار بين السعادة والتميز، فأيهما ستختار؟ “التميز” إذا كان هذا اختيارك فهو خليط ما بين الثروة والإنجاز للمهمات أو أن تكون محط إعجاب الناس. ووفقًا لما يراه الأستاذ بكلية إدارة الأعمال بجامعة هارفارد والرئيس التنفيذي السابق آرثر بروكس بدراسة أجريت عام ٢٠٢٢، فإن إدمان النجاح بهذه الصورة يمثل حلقة سلبية مفرغة. وعليه فإنهم يعتقدون أن عليهم البقاء على نفس الوتيرة حفاظًا على الإنتاجية الفلكية لديهم حيث تفسح المكافآت الإيجابية التي يحصلون عليها في بداية إنتاجيتهم مجالًا للخوف من الفشل. وسرعانٍ ما يؤثر هذا الإدمان سلبًا على علاقات الفرد وأنشطته الخارجية، ومع مرور الوقت يصبح الإدمان وحده محور اهتمامه مما يعزز الحلقة المذكورة آنفًا.

الأخبار غير السارّة

وفقًا لبروكس، سوف تواجه انتكاسة نجاحك في وقت أقرب بكثير مما تتصور. نشر تشارلز داروين وهو في الخمسين من عمره إنجازه الأعظم في أصل الأنواع؛ حيث إنه الأكثر مبيعًا في شرح نظرية التطور. والذي بفضله جعل من داروين أشهر من نارٍ على علم وغيّر مجرى العلم إلى الأبد. لكنه لم يحقق أي اكتشاف ساحق بعده. وحسب المعايير العالمية، كان داروين شخصًا ناجحًا. أما بالنسبة لمعايير داروين شخصيًا، فقد عدّ نفسه فاشلًا وعاش بعدها لمدة ٢٣ سنة تعيسًا.

ينص بروكس في كتابه الصادر عام ٢٠٢٢ بعنوان “من قوة إلى قوة”، إن الانتكاس الإبداعي يبدأ بين أواخر الثلاثينيات وأوائل الخمسينيات. يصل المهنيون الماليون ذروة إبداعهم بين عمر ٣٦ و٤٠. وذروة إبداع الأطباء تكون في الثلاثينيات من عمرهم. أما بالنسبة للانتكاسة فهي تبدأ بين أواخر الثلاثينيات وأوائل الخمسينيات وذلك عند معظم العلماء. وبغض النظر عن مدى جهودك، ستدرك بحلول منتصف الأربعينيات من عمرك أن من يصغرك سنًا من المهنيين متفوقون عليك. وذلك على صعيد الإبداع والإنجاز وهو ما يُشعِر مدمني النجاح بأنهم في طريقهم نحو الفشل.

الأخبار السارّة

“الذي أوصلك إلى ضفة لن يوصلك إلى الأخرى” هذه أحد الأقوال المبتذلة الشائعة بين مدربي التنمية البشرية. سر نجاحك المستقبلي ينطوي في المقدرة على تنازلك عن مستوى نجاحاتك الماضية. بعبارة أخرى، التخلي عن النجاح هو نجاح بحد ذاته. ويستشهد بروكس على ذلك بكتاب ريموند كاتيل الكلاسيكي الصادر عام ١٩٨٧ بعنوان “الذكاء: هيكله ونموه ووظيفته”؛ حيث اقترح نوعين للذكاء: النوع الأول هو الذكاء السائل الذي يظهر في القدرة على التفكير بمرونة وحل المشاكل بطريقة جديدة. وذكر أن هذا النوع من الذكاء يصل إلى أعلى مستوياته مبكرًا لدى البالغين ويتضاءل مع مرور الوقت، ويرجع سر نجاح مدمني النجاح إلى ثلاثة عوامل: الذكاء السائل، والجهد الحثيث، والحظ.

ومع انخفاض الذكاء السائل، لن تتمكن بقية العوامل من تحقيق شيء آخر بنفس المستوى. على عكس ذلك يقول كاتيل إن ذكائك المتبلور يرتفع، ويُعرف بأنه القدرة على التطبيق التراكمي لمعرفة ما. وفقًا لبروكس، في شبابك تتمتع بالذكاء دون الخبرة؛ وتزيد خبراتك مع تقدم العمر مما يجعلك أكثر حكمة. تكون قدرتك على توليد الكثير من الأفكار الجديدة والمبتكرة في أوج قوتها خلال فترة شبابك؛ أما تقديرك لمآلات أفكارك تصبح أفضل مع كبر سنك. إن “العلاج” لمدمني النجاح يكمن في تقبل انخفاض الذكاء السائل الذي يوجب ضرورة احتضان ذكائك المتبلور.

استراتيجيات العمل المحددة

يستشهد بروكس بالأبحاث التي تبين أنه لدى أساتذة الجامعات الأقدم تقييمات أعلى من أعضاء هيئة التدريس الأصغر سنًا في القسم ذاته. لا يقتصر التدريس على الفصول الدراسية فحسب، بل يقوم العديد من روّاد الأعمال بالانتقال من ريادة الأعمال إلى التدريب أو استشارات الأعمال أو المجالس الإدارية. وقد يصبح هذا عنفوان المدّعي في نهاية المطاف ليصبح معلمًا حكيمًا لشركاء قانونيين جدد. الطريق الذي يجب أن نسلكه هو تقبل فكرة الانتقال من الشخص الأكثر إبداعًا في مجالٍ ما إلى الشخص الأكثر دعمًا.

ختامًا، في بداية هذا المقال طُرح عليك سؤال يجبرك على الاختيار ما بين السعادة والتميز. بالنسبة لمدمني النجاح، فإن إشباع رغباتهم للنجاح صعبة المنال. في كبرك لن تحقق نفس النجاح الذي حققته في ماضيك. هذه الخسارة أمر لابد منه، ورغم حتميتها فإنه لا يزال بوسعك اختيار السعادة بدلًا من التميز. وباختيارك السعادة فإنك تتقبل التخلي عن مستوى نجاحاتك السابقة في سبيل احتضان ذكائك المتبلور واستثماره.

المصدر: https://www.psychologytoday.com

ترجمة: فاطمة محمد الجيزاني

مراجعة وتدقيق: زينب محمد


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!