قد تحدد لغتك الأم شكل وصْلاتك الدماغية

قد تحدد لغتك الأم شكل وصْلاتك الدماغية

19 أبريل , 2023

ترجم بواسطة:

شروق علام

دقق بواسطة:

سقاف العيدروس

تعتمد الروابط بين أجزاء الدماغ المختلفة المسؤولة عن معالجة اللغة على لغتك الأصلية.

كشفت دراسة وفحص جديد للمخ أن لغة الشخص الأصلية قد تحدد كيفية بناء المخ للروابط بين مراكز معالجة المعلومات المختلفة. فالاختلافات الملحوظة بين هذه الهياكل الشبكية اللغوية ترتبط بالخصائص اللُّغوية للغات المشاركين الأصلية: الألمانية والعربية.

وقال قائد الدراسة ألفريد أنواندر، الباحث بمعهد ماكس بلانك لعلوم الإدراك البشري والدماغ في ألمانيا لدورية لايف ساينس: ” لذا، فما نجده من اختلافات لا يجب أن يستند إلى الاختلافات العرقية، بل إلى اللغة التي نتحدثها”. وقد نُشر البحث على الإنترنت في فبراير الماضي بدورية NeuroImage.

وأوضح أنواندر أنه رغم أن الشبكة اللُّغوية تنمو لتكُون أحد أقوى شبكات المخ، فإن روابطها تكون ضعيفة عند الولادة. وبينما نتعلم الكلام، تقوى الروابط بين مختلف أجزاء المخ المسؤولة عن مختلف عمليات معالجة اللغة، كتمييز الكلمات صوتيًا، وترجمة معاني الجمل.

قد تكون بعض أنواع معالجة اللغة أصعب في بعض اللغات عن غيرها، مما حث الباحثين لمعرفة كيف تؤثر هذه الاختلافات على تكوين الروابط في الدماغ.

سلطت دراسات سابقة الضوء على أجزاء المخ التي تنشط خلال معالجة اللغة، وتقع أساسًا في النصف المخي الأيسر. إلا أنَّ كلا النصفين يُستَدعيان في المعالجة السمعية، بالإضافة إلى وجود المنطقة التي تقيّم ضغط وتنغيم نطق الكلمات في النصف المخي الأيمن.

وفي ندوة لمناقشة الدراسة، لاحظ باتريك فريدريش الباحث بمعهد  الطب وعلم الأعصاب في مركز البحوث في يوليش، ألمانيا، والذي لم يشارك في الدراسة؛ أن لغة الدماغ مشتركة إلى حدٍ ما، بين المشاركين بمختلف لغاتهم الأم”. ومع ذلك، فقد لاحظ العلماء اختلافات في كيفية معالجة الدماغ للغة الثانية.

وقال فريدريش:”أرى أن هذه الدراسة مهمة للغاية؛ حيث توضح وللمرة الأولى اختلافًا هيكليًا يعتمد على لغتك وخبرتك الأم، لا على اللغات التي قد تتعلمها لاحقًا”.

تضمنت الدراسة 94 مشاركًا، نصفهم ينطق بالألمانية فقط، والنصف الآخر ينطق العربية فقط، وقد استقروا حديثًا في ألمانيا. وبرغم لغاتهم ونشأتهم الثقافية المختلفة، فقد كانوا متشابهين للغاية فيما يخص العوامل الأخرى التي قد تؤثر على وصلات الدماغ، كالعمر والمستوى التعليمي.

أجريت فحوص الدماغ باستخدام “الرنين المغناطيسي”، الذي يتتبع الحركة الاتجاهية لجزيئات الماء لتحديد المحاور التي يمكن أن يتحرك خلالها الماء بسهولة.

وكشفت الفحوص أن ناطقي الألمانية لديهم نشاط ملحوظ في النصف المخي الأيسر، والذي يشترك في معالجة اللغة، مقارنةً بناطقي العربية.

أشار فريدريش إلى أن اللغة الألمانية مُعقدة نحويًا، أي يُستخلص معنى جملها من التركيبة النحوية للكلمات أكثر من ترتيبها، وهكذا، قد تتنافر الكلمات المرتبطة في المعنى إلى طرفي الجملة.

وأضاف: “تقع أجزاء المعالجة النحوية في النصف المخي الأيسر، ولذا فمن المنطقي أن يزداد نشاط تلك المنطقة”.

وعلى صعيدٍ آخر، وصف أنواندر العربية بأنها مُعضلة دَلاليَّة، فبرغم ثبات ترتيب الجملة، لا يزال فهم معاني الكلمات صعبًا. وقد لاحظ الباحثون نشاطًا ملحوظًا بين النصفين الأيمن والأيسر لدى ناطقي العربية يفسر ذلك.

واستطرد: “وقد تؤثر الشبكة اللُّغوية المستمدة من لغة الشخص الأم على قدرات إدراكية أخرى لا تتعلق باللغة. فذاكرة ناطقو الألمانية مثلًا قد تتأثر بضرورة سماع الجمل كاملةً قبل تحليل معناها”.

ووصف ديفيد جرين، أستاذ علم النفس الفخري في كلية لندن الجامعية، الدراسة بأنها “مكتملة تقنيًا” لكنه أوضح للايف ساينس ما يلي: “بعيدًا عن الخصائص اللُّغوية للغةٍ ما، فقد تؤثر الجوانب الثقافية للمتحدث -كإيماءات الناس مثلًا- في شكل وَصْلات الدماغ”.

وقال: “إن الدراسة لم تغطِّ جميع أجزاء المخ التي تشترك في معالجة اللغة، كما أنها لم تشمل مقاييس لنشاط الدماغ  يمكن مقارنتها بين الأفراد. نحن بحاجة لفهم مختلف الطرق التي قد يُحلّ بها الدماغ مهمة معينة، وطبيعة هذا التنوع بين الأفراد”.

ولكن، يرى أنواندر أنه يمكن تنفيذ هذا النوع من الأبحاث، ويتساءل عما إذا أمكن التنبؤ بلغة الفرد الأصلية من خلال فحص الدماغ. فيود هو وزملاؤه توسيع نطاق الدراسة، بحيث تشمل المزيد من اللغات؛ لمعرفة الإجابة.

المصدر: https://www.livescience.com

ترجمة: شروق محمد علام

لينكد إن: shrouk-allam

مراجعة وتدقيق: سقاف العيدروس


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!