كيف أصبح تشكّل بصمات الأصابع أمرًا غامضًا حتى يومنا هذا؟

كيف أصبح تشكّل بصمات الأصابع أمرًا غامضًا حتى يومنا هذا؟

7 مارس , 2023

ترجم بواسطة:

في جمعة

دقق بواسطة:

زينب محمد

ساهمت النظرية التي روج لها عالم الرياضيات آلان تورينغ في الخمسينات في فهم هذه العملية.

يمكن إلى حدٍ ما توضيح نظام تشكل ثلاثة من أكثر أنماط بصمات الأصابع شيوعًا مثل: القوسية، والدائرية، والعقدية من خلال النظرية التي روج لها عالم الرياضيات البريطاني آلان تورينغ.

تمكن العلماء أخيرًا من معرفة كيف تتشكل البصمات القوسية، والدائرية، والعقدية في أطراف أصابعك.

تمتد النتوءات التي تحدد بصمة الإصبع على شكل موجات أثناء تواجد الجنين في الرحم، وانطلاقًا من ثلاث مناطق مختلفة لكل أصبع في اليد. يظهر الجلد البارز على شكل نمط مخطط بسبب التفاعلات بين ثلاث جزئيات تتبع ما يعرف باسم نمط تورينغ. وفي التاسع من فبراير، ذكر باحثون في دورية Cell العلمية سُبل انتشار تلك النتوءات من مواقعها واندماجها للوصول لنمط البصمات النهائي.

تعتبر بصمة الأصبع هوية تميز كل فرد وتبقى مع صاحبها إلى ما لا نهاية، واستُخدمت لتحديد هوية الأفراد منذ القرن التاسع عشر، وطُرحت العديد من النظريات لتفسير كيف تتخذ بصمة الإصبع هيئتها، بالإضافة إلى تجاعيد الجلد العشوائية والإشارات الجزيئية، وفيما لو أن نمط النتوءات قد تتبع تكوينات الأوعية الدموية.

علِم العلماء أن النتوءات التي تتسم بها بصمات الأصابع تبدأ بالتشكل كزوائد داخل الجلد كالتجاعيد وفي غضون الأسابيع التي تليها، تبدأ الخلايا المُتكاثرة تحت الجلد بالظهور نحو الأعلى، مُحدثةً شريحة سميكة من الجلد.

باعتبار أنّ تبرعم نتوءات بصمة الإصبع وتزايد بصيلات الشعر تتسم بنفس التركيبة المنخفضة ففي دراسة حديثة، قام الباحثون بمقارنة الخلايا من موقعين فوجد الفريق بأن كلا الموقعين يتشاركان في بعض جزيئات الإشارة: وهي جزيئات بمثابة مرسال يحمل المعلومات بين الخلايا من بينهم ثلاثة يعرفون باسم بروتين (WNT) والبروتين المكون لشكل العظام (BMP) وجين (EDAR)، وأظهرت العديد من التجارب أن بروتين (WNT) يعطي الأمر للخلايا بأن تتكاثر وتشكل نتوءات على الجلد وأن تنتج جين (EDAR) وهو ما يؤدي بدوره إلى تعزيز فعالية بروتين (WNT)، أما البروتين المكون لشكل العظام (BMP) فيقوم بتعطيل تلك العمليات.

 أجرى الفريق تعديلات في مستويات الجزيئات في الفئران، لمعرفة كيفية تفاعل جزيئات الإشارة وتشكلها في أنماط مختلفة. ورُغم أن الفئران ليس لديها بصمات أصابع، إلا أن أقدامها لها حواف مخططة على الجلد شبيهة لبصمات البشر. يقول دينيس هيدون، عالم مختص بعلم الأحياء النمائي في جامعة إدنبرة: “نستطيع معرفة كيفية تحول النمط عندما نُقلب الجزيئات لأعلى وأسفل”.

ينتج عن زيادة جين (EDAR) نتوءات أكثر تباعدًا وسمكًا، ولكن يؤدي انخفاضها إلى إنتاج بقع بدلًا من خطوط، بينما يحدث العكس مع البروتين المكون لشكل العظام (BMP) بما أنه يعوق إنتاج جين (EDAR).

أوضح هيدون أن ذلك التحول بين الخطوط والبقع كانت بصمة تغيير شهدتها الأنظمة التي تتبع نظرية التفاعل والانتشار لتورينج. تصف هذه النظرية الرياضية كيف تتفاعل المواد الكيميائية وتتسع رقعتها، لتخلق أنماطًا تُكتشف في الطبيعة. ورُغم أنها اُختبرت، فلم تبين إلا سوى بعض الأنماط.

أظهرت التجارب على الفئران أنها كانت صغيرة جدًا إلى حد يصعب أن تنتج التشكيلات المفصلة الموجودة في بصمات أصابع البشر، لذلك استعان الباحثون بنماذج الحاسوب لمحاكاة نمط تورينج، إذ يبدأ بالشروع من مواقع النتوءات الثلاثة المعروفة سابقًا على الإصبع وهي، منتصف باطن الإصبع وتحت الظفر وعلى ثنية المفصل القريبة من الإصبع.

إن تغيير التوقيت النسبي والموقع وزاوية نقطة تلك المنطلقات، قد يُمكّن الفريق من خلق كل أنماط البصمات الثلاث الأكثر شيوعًا، القوسية والدائرية والعقدية وحتى الأكثر ندرة. على سبيل المثال، تتشكل الأنماط القوسية عندما تنمو نتوءات باطن الإصبع بشكل بطيء، مما تتيح للنتوءات المنبعثة من الثنيات وتحت الظفر بأن تشغل مساحات أكبر.

ذكرت سارة ميلار، عالمة الأحياء النمائي والخلايا الجذعية ومديرة معهد عائلة الخلايا الجذعية السوداء في كلية أيكان للطب في جبل سيناء في مدينة نيويورك واصفةً دقة الدراسة: “إنها أجريت بصورة سليمة تمامًا”.

وأضافت قائلةً: “إن ضوابط المنافسة بين الجزيئات هي من تحدد تقسيمات بصيلات الشعر أيضًا”. ورُغم أن ميلار لم تشارك في العمل، إلا أنها ذكرت بأن الدراسة الحديثة أظهرت أن تشكيل بصمات الأصابع تتبع محاور أساسية تتوافق مع كل الأنواع الأخرى من الأنماط التي نراها في الجلد.

لاحظت ميلار أن الأشخاص الذين يعانون من طفرات جينية والتي تؤثر على بروتين (WNT) و(EDAR)، يعانون كذلك من تشوهات جلدية. وأضافت: “الفكرة القائلة بأنه من الممكن أن تكون الجزيئات مرتبطة بموضوع تشكيل البصمات ما هي إلا فكرة متداولة”.

على العموم، ذكر هيدون بأن الفريق يهدف لدعم تشكيل بنية الجلد، تمامًا مثل الغدد العرقية عندما لا تتطور كما يجب في الرحم وربما حتى بعد الولادة.

وتابع: “ومن منظور أوسع، ما نود فعله هو أن نفهم كيف يستوي الجلد”.

المصدر : https://www.sciencenews.org

ترجمة: فيّ جمعة

مراجعة وتدقيق: زينب محمد


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!