محاربة السرطان بالبكتيريا المغناطيسية

محاربة السرطان بالبكتيريا المغناطيسية

7 يناير , 2023

ترجم بواسطة:

ندى إيهاب

دقق بواسطة:

زينب محمد

يمكن للبكتيريا المغناطيسية (الرمادية) الدخول من خلال المسافات البينية الضيقة لعبور جدار الأوعية الدموية والتسلل إلى الأورام.

يعمل الباحثون على تحديد أفضل طريقة لوصول الأدوية المضادة للسرطان إلى الأورام التي من المفترض أن تعالجها. أحد الخيارات هو استخدام البكتيريا المعدلة كـ “عبّارات” لنقل الأدوية إلى الأورام عبر مجرى الدم. نجح باحثو المعهد الفدرالي للتكنولوجيا بزيورخ في السيطرة على بعض البكتيريا، بحيث يمكنها أن تمر عبر جدار الأوعية الدموية وتتسلل إلى أنسجة الورم.

اختار باحثو المعهد الفدرالي للتكنولوجيا بزيورخ، بقيادة سيمون شورله، أستاذة النظم الطبية الحيوية المستجيبة، تجربة البكتيريا ذات الطبيعة المغناطيسية بسبب جزيئات أكسيد الحديد التي تحتوي عليها. تتفاعل هذه البكتيريا من جنس (Magnetospirillum) مع المجالات المغناطيسية ويمكن التحكم بها بواسطة مغناطيس خارجي.

استغلال الفجوات المؤقتة

أظهرت شورله وزملاؤها الآن في مزارع الخلايا والفئران أن توجيه مجال مغناطيسي دوار على الورم يعزز قدرة البكتيريا على عبور جدار الأوعية الدموية حول النمو السرطاني. يدفع المجال المغناطيسي الدوار البكتيريا للأمام في حركة دائرية عند جدار الأوعية الدموية.

لفهم آلية عبور جدار الوعاء الدموي بشكل أفضل، من الضروري إلقاء نظرة تفصيلية: يتكون جدار الوعاء الدموي من طبقة من الخلايا ويعمل كحاجز بين مجرى الدم وأنسجة الورم، التي تتخللها العديد من الأوعية الدموية الصغيرة. تسمح المسافات الضيقة بين هذه الخلايا لجزيئات معينة بالمرور عبر جدار الوعاء الدموي. تتحكم خلايا جدار الوعاء الدموي في حجم هذه المسافات البينية، ويمكن أن تكون واسعة مؤقتًا بما يكفي للسماح للبكتيريا بالمرور عبر جدار الوعاء الدموي.

دفع قوي واحتمالية أعلى

تمكن باحثو المعهد الفدرالي للتكنولوجيا بزيورخ بمساعدة التجارب والمحاكاة الحاسوبية من إظهار أن دفع البكتيريا باستخدام مجال مغناطيسي دوار فعال لثلاثة أسباب. أولاً، إن الدفع عبر مجال مغناطيسي دوار أقوى بعشر مرات من الدفع عبر مجال مغناطيسي ثابت، هذا الأخير يحدد الاتجاه فقط ويتعين على البكتيريا أن تتحرك بقوتها الذاتية.

السبب الثاني والأكثر أهمية هو أن البكتيريا التي يقودها المجال المغناطيسي الدوار تكون في حركة مستمرة، وهي تنتقل على طول جدار الوعاء الدموي. وهذا يجعلها أكثر عرضة لمواجهة الفجوات التي تفتح لفترة وجيزة بين خلايا جدار الوعاء الدموي مقارنة بأنواع الدفع الأخرى، حيث تكون حركة البكتيريا أقل استكشافية. وثالثًا، على عكس الطرق الأخرى، لا تحتاج البكتيريا إلى التعقب عبر التصوير. فبمجرد وضع المجال المغناطيسي فوق الورم، لا يحتاج إلى إعادة ضبطه.

تراكم “الحمولة” في أنسجة الورم

توضح شورله قائلةً: ” نحن نستفيد أيضًا من الحركة الطبيعية والمستقلة للبكتيريا “. وأضافت: ” بمجرد مرور البكتيريا عبر جدار الوعاء الدموي ووجودها في الورم، يمكنها التنقل بشكل مستقل إلى داخله “. لهذا السبب، يستخدم العلماء الدفع عبر المجال المغناطيسي الخارجي لمدة ساعة واحدة فقط وهي فترة كافية لمرور البكتيريا بكفاءة عبر جدار الوعاء الدموي والوصول إلى الورم.

يمكن لمثل هذه البكتيريا أن تحمل أدوية مضادة للسرطان في المستقبل. حاكى باحثو المعهد الفدرالي للتكنولوجيا بزيورخ هذا التطبيق في دراساتهم الخاصة بزراعة الخلايا عن طريق ربط الجسيمات الشحمية (كرات نانوية من مواد شبيهة بالدهون) بالبكتيريا. وضعوا علامات بصبغة الفلورسنت على هذه الجسيمات الشحمية، مما سمح لهم بالتوضيح في طبق بتري (مخبري) أن البكتيريا قد نقلت بالفعل “حمولتها” داخل الأنسجة السرطانية، حيث تراكمت. ستُملأ الجسيمات الشحمية بدواء في التطبيقات الطبية المستقبلية.

علاج السرطان بالبكتيريا

يعد استخدام البكتيريا كعبّارات للأدوية إحدى طريقتين يمكن للبكتيريا أن تساعد بهما في مكافحة السرطان. يرجع عمر النهج الآخر لأكثر من مائة عام ويشهد حاليًا انتعاشًا: وهو استخدام الميل الطبيعي لأنواع معينة من البكتيريا لإتلاف الخلايا السرطانية. قد ينطوي هذا على عدة آليات. على أي حال، فمن المعروف أن البكتيريا تحفز خلايا معينة في الجهاز المناعي، والتي بدورها تقضي على الورم.

تحقق العديد من المشاريع البحثية حاليًا في فعالية بكتيريا الإشريكية القولونية ضد الأورام. من الممكن اليوم تعديل البكتيريا باستخدام البيولوجيا التركيبية لتحسين تأثيرها العلاجي وتقليل الآثار الجانبية وجعلها أكثر أمانًا.

تحويل البكتيريا غير الممغنطة إلى بكتيريا ممغنطة

حتى الآن لاستخدام الخصائص المتأصلة للبكتيريا دور في علاج السرطان، فإن السؤال عن كيفية وصول هذه البكتيريا إلى الورم بكفاءة لا يزال قائمًا. في حين أنه من الممكن حقن البكتيريا مباشرةً في الأورام القريبة من سطح الجسم، فإن هذا غير ممكن للأورام العميقة داخل الجسم. وهنا يأتي دور التحكم في الروبوتات الدقيقة للأستاذة شورله. حيث صرحت قائلةً: ” نعتقد أنه يمكننا استخدام نهجنا الهندسي لزيادة فعالية علاج السرطان بالبكتيريا”.

الإشريكية القولونية المستخدمة في دراسات السرطان ليست مغناطيسية وبالتالي لا يمكن دفعها والتحكم فيها بواسطة مجال مغناطيسي. بشكل عام، تعد الاستجابة المغناطيسية ظاهرة نادرة جدًا بين بكتيريا (Magnetospirillum) وأحد الأجناس القليلة من البكتيريا التي لها هذه الخاصية.

لذلك، تريد شورله أن تجعل بكتيريا الإشريكية القولونية مغناطيسية أيضًا. قد يتيح هذا يومًا ما إمكانية استخدام مجال مغناطيسي للتحكم في البكتيريا العلاجية المستخدمة سريريًا والتي لا تحتوي على مغناطيسية طبيعية.

المصدر: https://scitechdaily.com

ترجمة: ندى إيهاب أحمد

مراجعة وتدقيق: زينب محمد


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!