الذاكرة وفوائد النسيان

الذاكرة وفوائد النسيان

19 فبراير , 2023

ترجم بواسطة:

شروق علام

دقق بواسطة:

زينب محمد

النسخة الصوتية للمقال

النسيان ليس دائمًا “خللًا” في ذاكرتنا، فقد يكون وسيلة تساعدنا على فهم الحاضر والتخطيط للمستقبل.

النقاط الرئيسية

• نميل للاعتقاد بأن النسيان هو “خلل” في ذاكرتنا.

• رغم ذلك، فإن نسيان تفاصيل ما مضى من أحداث قد يفيد؛ بسماحه لنا أن نخطط لأحداث المستقبل بمرونة وذكاء.

• عندما نريد أن نتذكر التفاصيل، يجب أن نستفيد من مبادئ التعلم الأربعة.

هل تتمنى لو بإمكانك ببساطة أن تتناول حبة، فتملك القوى الخارقة على تذكر كل شيء؟ فبالنظر للتسويق المكثَّف -لِما يسمى- بڤيتامينات، أو أعشاب، أو مكملات، أو مشروبات تقوية الذاكرة الغذائية، قد تفكر أنه إن وُجِدَت هكذا حبة حقًا، فحرِيُّ بك أن تغتنم تلك الفرصة. لكن وبينما نعتقد بأن النسيان هو خلل، ونتصور أن الذاكرة المثالية هي تلك التي تحتفظ بكل التفاصيل، اتضح أن للنسيان فوائد جللة حتى تقوم الذاكرة بعملها.

حتى نفهم لِم نظام الذاكرة الذي ينسى قد يكون أفضل من ذاك الذي يحتفظ بكل شيء، يجب التفكير في ما دور الذاكرة في المقام الأول. قد يكون معروفًا أنك تمتلك ذاكرة حتى تتذكر ما حدث لك في الماضي. ولكن، ما فائدة تذكر لحظة بالماضي في الوقت المناسب؟

ذاكرة للمستقبل

في رواية لويس كارول “عبر المرآة “، دار حديث رائع بين أليس والملكة البيضاء، حيث قالت الملكة: “يا لها من ذاكرة رديئة تلك التي لا تعمل إلا للوراء”. كان ذلك تصريحًا نيرًا كتبه كارول منذ 150 عامًا.

ورغم أننا نميل للاعتقاد أن الذاكرة هي المقدرة على الاحتفاظ بالماضي، ففوائد الذكرة الحقيقية تأتي من سماحها لنا بفهم الحاضر، والتخطيط بذكاء ومرونة للمستقبل.

في كتاب لٍمَ ننسى وكيف نتذكر بشكل أفضل: علم الذاكرة. لا يسع المصابون بفقدان الذاكرة، كحالة هنري الموضحة في الفصل الأول تذكر ما حدث لهم بالأمس، أو العام الماضي فحسب، بل يجدون صعوبة في تصور ما قد يحدث لهم غدًا أو العام القادم. إن لم نمتلك ذكريات عرضية عن أحداث الماضي، حينها لن يكون لدينا ما نستخدمه لتصور سيناريوهات المستقبل المحتملة.

بسبب تشَبُّع عقولنا بالذكريات، يمكننا أن نتصور المستقبل ونخطط له. فمثلًا، إن لم تسافر من مطار معين سابقًا، يمكنك أن تتوقع كم سيستغرقك فحص الأمن والوصول لبوابتك؛ لأنك تتذكر كم استغرقت الإجراءات تقريبًا في كافة المطارات التي قد سافرت منها. ذكرياتك الجوهرية من تلك الأحداث السابقة تمنحك ما تحتاجه من معلومات لاتخاذ قرار سليم.

لنتعمق قليلًا في هذا المثال، ونفكر فيما ما يجب أن تتذكره ليساعدك في اتخاذ قرارات بشأن سيناريو مستقبلي لم تعشه بعد.

ففي أثناء سفرك من المطار، لن يجديك البحث في ذاكرتك عن كل مطار ذهبت إليه سابقًا نفعًا، واسترجاع كل التفاصيل كأرقارم البوابات، أو أوقات الرحلات، أو عدد الأشخاص في نقاط التفتيش، أو لون زِيّ المضيفات. فبدلًا من التعثر في تلك التفاصيل، أنت بحاجة لنظام يُمَكِّنُك من استخلاص مخطط لـــ “مطار عام” بُنِي من خبراتك السابقة، ولكنه لا يشبه أي حدث بعينه قد مررت به من قبل.

يسمح لنا النسيان بتشكيل مخططات مجردة بسهولة أكبر؛ و”رؤية الصورة الأشمل” بسرعة — وبدون جهد أو تفاصيل. فقدان التفاصيل يجعلك تقدر الروابط الداخلية والتشابهات بين الأماكن والأحداث التي مضت: كيف تتشابه نقاط التفتيش في تركزها، وكيفية ترقيم بوابات المغادرة، وخصائص أخرى تتشاركها المطارات. وبينما تضيع تفاصيل الأحداث الدقيقة، تبدأ الأحداث المتشابهة في التجمع بشكل أكبر مع بعضها البعض. لذا، برغم من أن تذكر غالبية ماضيك له بعض الفوائد، فامتلاك ذاكرة لا تعطى الأولوية للنسيان، قد يسبب بعض المآزق.

كيف لا ننسى؟

وبرغم أن النسيان ليس سيئًا على الدوام، إلا أنك، بالطبع، في مرات عدة تكرس جهودًا كبيرة لاستيعاب التفاصيل في ذاكرتك، والإبقاء عليها هناك. فلا أحد منَّا يريد أن ينتهى به الأمر في الموقف المذكور في بداية هذا الفصل — متخبطًا في مخطط؛ لأننا نسينا النقاط الرئيسية التي نعتزم إيصالها. 

 كيف نحمي ذاكرتنا من نسيان محتوىً نريد الاحتفاظ به إذن؟

كرِّس جهدًا يساعدك على تعلم وتذكر مبادئ التعلم الأربعة.

1. ركّــز على المحتوى الذي تريد تذكره

 إذا تشتت انتباهك، فأعِد توجيهه نحو الشئ الذي تريد تذكره، كأن تركز على ما يخبرك به صديقك، وتجاهَل ما دون ذلك، أو كي تبقى منتبهًا في الفصل يمكنك الجلوس مستقيمًا. وأخيرًا تأكد من أنك تنال قسطًا كافيًا من النوم.

2. رتِّــب المادة بطرق تُسَهِّل من تذكرها

• قبل محاولتك أن تحفظ ملاحظاتك، في لحظات، رتبها في أقسام أو مجموعات سهلة التذكر. وقم بالأمر نفسه مع كل مجموعة، حتى ترتبهن أيضًا.

• قَسِّم رقم البطاقة الائتمانية التي تود حفظها إلى سلسلة من تواريخ أو نتائج مباريات كرة السلة، أو أي لعبة أخرى.

• في حال كنت تحاول أن تتذكر أسماء جميع أصدقاء الثانوية القدامى، من أجل حفلة لم الشمل القادمة، حاول أن تتذكرهم بمجموعات أو دوائر اجتماعية مختلفة تعرفها (نادي الغناء، فريق كرة القدم، فصل الرياضيات، إلخ).

3. افــهم ما تريد تَذَكُّره

في حال كنت تذاكر مادة دراسية، تأكد من أن تفهم الأُطُر، والمبادئ، والتفاصيل، التي تحاول أن تتعلمها.

4.  اربــط المعلومات بأشياء تعرفها بالفعل أو مواضيع تهمك

تحاول تذكر عنوان؟ حوِّل الرقم، والشارع، والعنوان إلى ثوابت تعرفها. فمثلًا، “42 شارع مايبل، كوبزتاون Maple Street, Cooperstown

تذكر رقم 42 برقم قميص چاكي روبنسون، وأن (مايبل- Maple) هي شجرة القيقب الكبيرة في الحديقة في الجهة المقابلة من الشارع، وأن (كوبرزتاون-Cooperstown) هي مدينة صناعة البراميل، و(Coopers) هم أشخاص مدربون على صناعة البراميل.

المصدر: https://bigthink.com

ترجمة: شـروق محـمد عـلام

لينكد إن: shrouk-allam

مراجعة وتدقيق: زينب محمد

تعليق صوتي: نورة البقمي


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!