crossorigin="anonymous">
19 فبراير , 2023
المُستشفيات لديها بروتوكولات صارمة للنظافة والصرف الصحي لحماية المرضى من البكتيريا التي نادرًا ما تُمرض الأصحاء، ولكن يُمكن أن تكون مُميتة للمرضى المُعرضين للخطر المحجوزين بالفعل في المُستشفي بسبب أمراض خطيرة. يموت ما يقرُب من 100.000 شخص كل عام في مُستشفيات الولايات المتحدة من العدوى التي يُصابون بها بعد دخولهم. ولكن على الرغم من الجهود المُكثفة لمُكافحة العدوى، تستمر سُلالات جديدة من البكتيريا في الظهور، على ما يبدو من العدم، لإصابة الناس في المُستشفيات في جميع أنحاء العالم.
وجد باحثون في كلية الطب جامعة واشنطن في سانت لويس أدلة تُشير إلى مصدر غير متوقع لهذه البكتيريا، ألا وهو المرضى المحجوزين في المستشفى أنفسهم. اكتشف الباحثون أثناء دراسة الفئران أن عدوى المسالك البولية (UTIS) يُمكن أن تنشأ بعد إدخال أنابيب مُعقمة في المسالك البولية تُسمى القسطرة، حتى في حالة عدم اكتشاف بكتيريا في المثانة مُسبقًا.
تُعد هذه الأنابيب شائعة الاستخدام في المُستشفيات لتفريغ المثانة في الأشخاص الذين يخضعون للجراحة. أوضح الباحثون أن إدخال الأنابيب في الفئران نشَّط بكتيريا الراكدة البومانية الخاملة (A. baumannii) المُختبئة في خلايا المثانة البولية، مما أدى إلى تحفيزهم على الظهور والتكاثر والتسبُب في عدوى المسالك البولية.
نُشِرت هذه النتائج في يناير الماضي بدورية science translational medicine، تُشير إلى أن فحص المرضى للبحث عن خزانات مخفية للبكتيريا الخطرة يُمكن أن يُكمل جهود مُكافحة العدوى ويُساعد في منع العدوى المُميتة.
قال المؤلف المُشارك الكبير ماريو فيلدمان، الحاصل على دكتوراه في الطب، وأستاذ علم الأحياء الدقيقة الجزيئية: “يُمكنك تعقيم المُستشفى بالكامل، وسيظل لديك سُلالات جديدة من بكتيريا الراكدة البومانية تظهر ظهورًا غير متوقع. فالنظافة وحدها ليست كافية ولا أحد حقًا يعرف السبب”.
وأضاف: “تُظهر هذه الدراسة أن المرضى قد يحملون البكتيريا بأنفسهم عن غير قصد إلى المُستشفى، وهذا له آثار على مُكافحة العدوى. إذا خضع شخصٌ ما لعملية جراحية لتركيب قسطرة، يُمكنُنا محاولة تحديد إذا كان المريض يحمل بكتيريا لعلاجه قبل الجراحة، للحد من فرص ظهور إحدى هذه العدوى التي تُهدد الحياة تمامًا”.
تُعد بكتيريا الراكدة البومانية تهديدًا خطيرًا للأشخاص بالمُستشفى، إذ يتسبب في حالات كثيرة من عدوى المسالك البولية لدى الخاضعين للقسطرة البولية، والالتهاب الرئوي في الأشخاص المُتصلين بجهاز التنفس الصناعي، وعدوى في مجرى الدم في الخاضعين لقسطرة وريدية مركزية. تشتهر البكتيريا بأنها مقاومة لمجموعة كبيرة من المضادات الحيوية، لذلك يصعُب مُعالجة هذه العدوى، ويُمكن أن تُصبح قاتلة بسهولة.
تعاون فيلدمان مع المؤلف الكبير المُشارك سكوت جيه هولتغرين الحاصل على دكتوراه في الطب، وهيلين إل ستويفر أستاذ علم الأحياء الدقيقة الجزيئي، وخبير عدوى المسالك البولية، لفحص السبب في ظهور عدوى المسالك البولي الناتجة عن بكتيريا الراكدة البومانية بعد خضوع الناس للقسطرة.
تحدث معظم حالات عدوى المسالك البولية في الأصحاء بسبب بكتيريا الإشريكية القولونية (E.coli)؛ حيث أظهرت الأبحاث أنه يُمكنها أن تختبأ في خلايا المثانة لأشهر بعد شفاء عدوى المسالك البولية، ثُم تعاود الظهور لتُسبب عدوى مرة أخرى.
قام فيلدمان وهولتغرين أيضًا مع المؤلفين المُشاركين الأوائل جيني إي هازن، طالبة الدراسات العُليا، وجيزيلا دي فينانزيو الحاصلة على دكتوراه في الطب ومُدربة في علم الأحياء الدقيقة الجزيئي بالتحقق إذا كان بإمكان بكتيريا الراكدة البومانية على الاختباء داخل الخلايا مثل بكتيريا الإشريكية القولونية الذي يُمكنها ذلك. درسوا الفئران المُصابة بعدوى المسالك البولية التي تُسببها بكتيريا الراكدة البومانية. لقد استخدموا فئرانًا ذات جهاز مناعة ضعيف، وذلك لأن الفئران السليمة تُشبه البشر في إمكانية محاربة بكتيريا الراكدة البومانية.
بمُجرد حل العدوى وعدم اكتشاف بكتيريا في بول الفئران لمدة شهرين، أدخل الباحثون القسطرة في المسالك البولية للفئران بتقنية مُعقمة. وفي غضون أربع وعشرين ساعة، أُصيب ما يقرُب من نصف الفئران بعدوى المسالك البولية بسبب نفس سُلالة بكتيريا الراكدة البومانية مثل العدوى الأولية.
أوضح هولتغرين: “إن البكتيريا كانت موجودة طوال الوقت، مختبئة داخل خلايا المثانة حتى إدخال القسطرة”.
وأضاف: “تُسبب القسطرة حدوث التهابات، وتتسبب الالتهابات في تنشيط الخزان وتكاثر العدو”.
أوضح الباحثون أنه نظرًا لأن بكتيريا الراكدة البومانية نادرًا ما تُسبب أعراضًا لدى الأصحاء، فإن كثيرًا من الأشخاص الذين يحملون البكتيريا قد لا يعرفون أبدًا أنهم مُصابون. كجزء من هذه الدراسة بحث الباحثون في المؤلفات العلمية واكتشفوا أن ما يقرب من 2% من الأصحاء يحملون بكتيريا الراكدة البومانية في بولهم.
قال فيلدمان: “لن أحدد نسبة مئوية دقيقة، ولكن أعتقد أنه يُمكنُنا القول بكل يقين أن نسبة من السكان يتجولون مع بكتيريا الراكدة البومانية. فهم يتمتعون بصحة جيدة، لا تُسبب أي مشاكل، ولكن بمجرد دخولهم المُستشفى، فإن الأمر مُختلف. وهذا يغير طريقة تفكيرنا في السيطرة على العدوى.
وأضاف: “يُمكننا البدء بالنظر في كيفية التحقق إذا كان المرضى مُصابين بالفعل ببكتيريا الراكدة قبل أن يتلقوا أنواع مُعينة من الأدوية، كيف نتخلص منها، وإذا كانت البكتيريا الأخرى التي تُسبب تفشي الأمراض المُميتة في المُستشفيات مثل بكتيريا الكليبسيلا، مُختبئة في الجسم بنفس الطريقة. هذا ما نعمل على اكتشافه الآن”.
المصدر: https://medicalxpress.com
ترجمة: زينب يسري
مراجعة وتدقيق: زينب محمد
اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية
اترك تعليقاً