crossorigin="anonymous">
10 فبراير , 2023
اكتساب عادات جديدة قد لا يكون بهذه البساطة، فجميعنا يريد إجراء تغييرات دائمة على سلوكياته اليومية من وقت لآخر- مثل ممارسة المزيد من التمارين الرياضية أو التقليل من تصفح مواقع التواصل الاجتماعي قبل النهوض من السرير. ولكن كم من الوقت نحتاج لبناء عادة جديدة؟
الإجابة الشائعة هي ٢١ يومًا – وهو رقم ينسب إلى الدكتور ماكسويل مالتيز، جراح التجميل ومؤلف كتاب “علم التحكم النفسي”. حيث ذكر مالتيز في كتابه أن مرضاه بحاجة إلى ٢١ يومًا على الأقل لتغيير الصورة الذهنية لمظهرهم.
ومنذ ذلك الحين، طبق العديد من الأشخاص الإطار الزمني “٢١ يومًا” على جميع العادات. ولكن ليست كل السلوكيات متشابهة فقد يحتاج البعض إلى أكثر من ثلاثة أسابيع حتى تصبح العادة تلقائية.
وذكر مارك فارماير لموقع لايف ساينس، المعالج النفسي ومؤسس مركز برايتون آند هوف للعلاج النفسي في إنجلترا: “من السهل معرفة سبب جاذبية هذا الرقم. إنه أمر ملموس ويجعل بناء عادة جديدة يبدو قابلاً للتحقيق. ولكنها في الحقيقة أكثر تعقيدًا وفي المتوسط تستغرق وقتًا أطول بكثير”.
هل هناك إطار زمني محدد إذن يتطلبه تكوين عادة جديدة؟ للإجابة على هذا السؤال، سنتعمق في علم تكوين العادات.
وفقًا لمقال نُشر عام ٢٠١٩ في موسوعة أكسفورد للأبحاث، فإن العادة هي سلوك تلقائي.
ومن الممكن اكتساب العادات وتركها عمدًا أو بغير عمد دون أن نعي ذلك.
قال الدكتور موريس دافي، مدرب تطوير طرق التفكير وأستاذ زائر في مجال الابتكار وريادة الأعمال بجامعة سندرلاند، إنجلترا، لموقع لايف ساينس أن العادات تلعب دورًا رئيسيًا في تحديد أفعالنا.
وأضاف أن العادات هي القرارات الصغيرة التي تتخذها والأفعال التي تقوم بها كل يوم. حياتك اليوم هي في الأساس مجموع هذه العادات.
لكن هذه العادات ليست دائمًا قرارات واعية. فالعادة تختلف عن الروتين.
وفقًا لدافي: “فإن العادة هي سلوك يقام به بقليل من التفكير أو بدون تفكير. ويتضمن الروتين سلسلة من السلوكيات [التي تُجرى] عمدًا مرارًا وتكرارًا. على عكس العادات، فإن الروتين غير مريح ويتطلب جهدًا كبيرًا للتغيير. من ناحية أخرى، فإن العادات متأصلة في حياتنا اليومية ومن الغريب عدم ممارستها”.
ليست كل العادات مفيدة أو عملية فبعضها قد يكون ضارًا.
ويرجع هذا بسبب أن تكوين العادة لا يحدث في قشرة الفص الجبهي-الجزء المسؤول عن اتخاذ القرار في الدماغ. تشير مقالة نُشرت عام ٢٠٠٦ في دورية نيتشر نيروساينس Nature Reviews Neuroscience إلى أن القدرة على تطوير العادات والحفاظ عليها قد تكون متجذرة في العقد القاعدية. وهي مجموعات من الخلايا العصبية تقع في عمق الدماغ تحت المادة البيضاء، وأساسية للتطور العاطفي والتعرف على الأنماط وحل المشكلات والتعلم. وقد يفسر هذا سبب حدوث بعض السلوكيات دون أي عملية لاتخاذ القرار ولماذا قد ترتبط بعض السلوكيات بالحالات العاطفية مثل التوتر أو الحزن.
التكرار أمر بالغ الأهمية لتكوين العادات. ذكرت أليسا روبرتس، باحثة اضطرابات الأكل في جامعة مينيسوتا، لموقع لايف ساينس: “تتشكل العادات من خلال عملية تعرف باسم التعود. ويحدث التعود عندما يتكرر السلوك مرات كافية، ثم يتكيف الدماغ مع الروتين بجعل الإستجابة تلقائية”.
يُستخدم غالبًا مفهوم “حلقة العادة” الذي ذكره الصحفي تشارلز دوهيج في كتابه “قوة العادة” شرحًا لعلم تكوين العادات. ووفقًا للنظرية، توجد ثلاث مراحل لجعل السلوك يحدث بتلقائية: الإشارة أو (المحفز) والروتين أو (السلوك) والمكافأة.
على سبيل المثال، قد تكون استجابة البعض لموقف عصيب (الإشارة) إلى الإفراط في تناول الطعام (الروتين) وهو نشاط يجلب بعض الراحة المؤقتة (المكافأة). وإذا تكرر السلوك كثيرًا يبدأ الدماغ باعتبار الإشارة فرصةً للمكافئة. ويستمر الزناد بطلب القيام بهذا الفعل للحصول على المتعة.
قد تعتمد مدة اكتساب العادة على ماهية كلٍ من الإشارة والروتين المقصود. وفقًا لدراسة نُشرت عام ٢٠٠٩ في المجلة الأوروبية لعلم النفس الاجتماعي European Journal of Social Psychology فقد يستغرق بناء عادة ما بين ١٨ إلى ٢٥٤ يومًا. ووجد الباحثون أن متوسط الوقت اللازم لجعل العادة تحدث تلقائيًا هو ٦٦ يومًا. وأشاروا إلى أن الأفعال المختلفة تتطلب مستويات عدة من الجهد أيضًا. مثال على ذلك الأشخاص الذين طُلب منهم بناء عادة شرب الماء في وجبة الإفطار نجحوا في ذلك على عكس المشاركين الذين طُلب منهم القيام بتمارين ضغط البطن ٥٠ مرة كل يوم.
قد يكون الحفاظ على عادةٍ ما على المدى الطويل أمرًا صعبًا. فوفقًا لمراجعة نُشرت في دورية علم النفس الصحي Health Psychology Review عام ٢٠١٦، فإن العديد من العوامل المختلفة تلعب دورًا في تحقيق تغييرات دائمة في السلوك. وتشمل هذه العوامل الدوافع الشخصية والموارد المادية وقدرة الفرد على تنظيم سلوكه ذاتيًا ومجموعة من المؤثرات البيئية والاجتماعية. وقد يكون للعوامل البيوليجية تأثيرٌ أيضًا.
وذكر روبرتس: “يمكن للوراثة أن تلعب دورًا، لأن بعض الناس مُهيئون وراثيًا لتشكيل عادات أسرع من غيرهم وذلك بسبب جينات مستقبلات الدوبامين لديهم”. كما ذُكر في مراجعة نشرت عام ٢٠٠٧ في مجلة علم الأعصاب The Journal of Neuroscienc فإن الدوبامين هو جزيء يرسل إشارات للدماغ وله دور أساسي في المراحل الأولى من التعلم. فكلما زاد نشاط الدوبامين، زادت عملية التعود.
أشارت مراجعة نُشرت عام ٢٠١٦ في دورية علم النفس الصحي Health Psychology إلى أن الكفاءة الذاتية قد تكون أيضًا مفتاح لتطوير العادات والحفاظ عليها. وتُعرف الكفاءة الذاتية بأنها إيمان الشخص بقدراته في إنجاز المهام أو تحقيق أهدافه. ببساطة، ستنخفض نسبة حفاظ الشخص على عادته إذا كان مقتنعًا بعدم استطاعته في الحفاظ على سلوكيات جديدة.
وفقًا لمراجعة أُخرى نُشرت عام ٢٠١٦ في دورية التثقيف والسلوك الصحي Health Education & Behaviorفقد ارتبطت الكفاءة الذاتية العالية بتحسين النتائج في العديد من التدخلات الصحية المختلفة. لذا يميل المشاركون الذين أظهروا هذه السمة إلى أن يكونوا أكثر نجاحًا في الإقلاع عن التدخين وفقدان الوزن وتقليل استهلاك الكحول وزيادة النشاط البدني.
أشار فارماير إلى أهمية جعل الهدف جذابًا. وأضاف أيضًا: “إذا كانت عملية بناء عادتك لا تتضمن سوى التضحية بالنفس بدون مكافأة، فمن غير المرجح أن تتمسك بأهدافك”.
ونصح بتسهيل العملية قدر الإمكان. فعلى سبيل المثال، إذا كان الهدف هو الذهاب إلى صالة الألعاب الرياضية ثلاث مرات في الأسبوع، فلابد من الشخص اختيار صالة الألعاب الرياضية في موقع مناسب.
وبالإمكان جعل عملية تكوين العادات مرضية أكثر. وفقًا لفارمير: “ربما تحقق الرضا من خلال الاحتفال بإنجازاتك أثناء فترة اكتسابك لبعض العادات الجديدة ومكافأة نفسك بهدية مرتبطة بها”.
المصدر: https://www.livescience.com
ترجمة: باسمة الشافي
مراجعة وتدقيق: زينب محمد
اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية
اترك تعليقاً