تُعد أمراض القلب والأوعية الدموية السبب الأول للوفاة حول العالم، وجزء منها ينتج عن خلل بنيوي متعلق بالعمر.

 نشر فريق من المتخصصين في الهندسة الحيوية بمعمل البروفيسور “آدم إنجلر” في جامعة كاليفورنيا سان دييغو ورقة بحثية في دورية Nature Aging بديسمبر الماضي ساعدت في تطوير فهمنا حول شيخوخة القلب، وألقت الضوء على إحدى الطرق المحتملة لإبطاء هذه العملية.

استخدمت الدكتورة “ناتالي كريكلاند” وهي بروفيسور في معامل إنجلر والمؤلف الأول لهذه الورقة ذبابَ الفاكهة لتبين أن “لامين ج” (Lamin C) -وهو البروتين المسؤول عن الحفاظ على صلابة بنية أنوية خلايا القلب- يقل كلما تقدم الذباب في العمر.

 أظهرت الدراسة أن نقص اللّامين مسؤول عن إعادة التشكيل البنيوي المرتبط بالعمر في قلوب الذباب، وقد يكون هدف محتمل أن نبطّئ أو حتى نعكس عملية الشيخوخة القلبية عند الإنسان.

تقول كريكلاند: “يبدو لنا من عملنا أن إعادة التكشيل الذرّي المرتبط بالعمر يلعب دورًا محوريًا في آلية عمل القلب، من المحتمل أن التشكيل النووي يعطينا دلالةً على صحة الخلايا والأنسجة والذي يمكننا استهدافه لعلاجات محتملة”.

استخدمت كريكلاند مع مجموعة باحثين بمعمل إنجلر، ومعاونيهم بمعهد سانفورد بورنهام بريبيس للاسكتشاف الطبي، والمعهد الوطني للشيخوخة في المعاهد الوطنية للصحة ذبابة الفاكهة سوداء البطن (Drosophila Melanogaster) في هذه الدراسة لأربعة أسباب:

1. تُقدَّر دورة حياة ذبابة الفاكهة بمعدل (6-8) أسابيع ما يجعلها عملية للدراسات المتعلّقة بالعمر.
2. يتشارك ذباب الفاكهة مع البشر في 82% من بروتينات القلب.
3. يمكن إجراء الدراسة على المئات والآلاف منها.
4. يمتلك ذباب الفاكهة مادة وراثية بسيطة يمكن تقليدها.

تجعل هذه الخصائص من ذباب الفاكهة نموذجًا سريع وسهل نسبيًا لتحديد طرق المحافظة على القلب لمصلحة البحث البشري.

 قامت كريكلاند مع أحد طلّاب السنة الرابعة بالهندسة البيولوجية يدعى “سكوت سكالاك” وهو مؤلف مساعد لهذه الورقة باستخدام تقنية التسليخ المجهري على قلب الذباب، وحُفظت بعد ذلك القلوب بتقنية التألق المناعي والفحص المجهري متحد البؤر.

تقول كريكلاند: “لاحظت بهذه الطريقة أن الأنوية كانت تنكمش وتصبح أكثر استدارة في الذباب الأكبر سنًا”.

ثم قام الفريق بتحديد كمية هذا التغيير عن طريق تجزئة وقياس الصلابة النووية باستخدام الفحص المجهري بالقوة الذرية.

 حينها اكتشفوا أن أنوية خلايا العضلات القلبية تتصلّب عند الشيخوخة؛ ثم وجد الباحثون أن التمثيل الجيني للّامينات النووية يقل كلما تقدم الذباب بالعمر بعد إجراء تحليل جيني.

أكّد الفريق أن هذه النتائج تنطبق أيضًا على الفئران والرئيسيات، وهذا بفضل المعاونين من المعهد الوطني للشيخوخة.

 هذا يلقي الضوء على الدور الذي قد تلعبه اللّامينات في شيخوخة قلب الإنسان أيضًا، والذي قد يحمل قيمة علاجية ضخمة، حيث إن استهداف المسارات المحفّزة للّامينات قد يساعد في تفادي التغيرات القلبية الميكانيكية المرتبطة بالشيخوخة.

كتب الباحثون في هذه الدراسة: “وجدنا أن هناك دورًا لعوامل النسخ القلبية في تنظيم انقباضية القلب لدى البالغين، وأن الحفاظ على بروتين لامين ج (Lamin C)، وتمثيل عوامل النسخ القلبية يحد من إمكانية الفشل القلبي المتعلّق بالشيخوخة… تنحصر نتائجنا في الرئيسيات -غير البشر- والفئران، وتوضّح أن إعادة التشكيل الخلوي يمثل آلية كبرى تشارك في الاعتلال القلبي”.

ستوضح لنا الأبحاث مستقبلًا سبب فقدان اللّامينات بمرور العمر، وكيف أن الحفاظ على تمثيل جين قلبيّ معين يمكن أن يطوّر من كفاءة القلب ومدة حياته.

شكّلت هذه التجربة بالنسبة لسالاك دافعًا قويًا لحسم قراره بالتقدم لبرنامج الدكتوراه في الهندسة الحيوية. تعلّم فيها مدى أهمية التخطيط والتواصل بالنسبة لعملية البحث، كما أكسبته مهارات متنوعة في علم الأحياء الجزيئية.

أوضح سكالاك: “في الأسبابيع والشهور القليلة الأولى لانضمامي لهذا المعمل وهذا المشروع تضمّن مساعدتي لدكتور كريكلاند حيث تعلّمت وفي نفس الوقت طوّرت من مهاراتي الجديدة، تضمّنت هذه المهارات تربية ذبابة الفاكهة سوداء البطن، وتقنية التألّق المناعي، والتشريح الدقيق لذبابة الفاكهة، وكذلك الفحص المجهري متعدد البؤر؛ وبمرور الوقت طوّرت من مهاراتي الجديدة وخاصةً تشريح ذبابة الفاكهة؛ والذي مكنني من القيام بتجارب جديدة بمفردي. خلق لي هذا فرصة للقيام بالتجارب المطلوبة لمراجعة الورقة في بداية 2022”.

المصدر: medicalxpress.com

ترجمة: محمود خلف

مراجعة وتدقيق: زينب محمد