crossorigin="anonymous">
23 يناير , 2023
قام فريق متكامل بقيادة باحثين من معهد جريت أورموند لصحة الطفل بلندن بالتعاون مع فريق باحثين من معهد ويس للهندسة البيولوجية بجامعة هارفارد وشركة تصنيع الأدوات الطبية (Biomedical BOA) بكامبريدج، بإعادة هندسة عملية التعرف علي مسببات الأمراض الميكروبية من عينات دم الأطفال المصابين بمرض تسمم الدم مستخدمين تقنية التعرف على مسببات الأمراض واسعة النطاق التابعة لمعهد ويس.
حيث يتيح لنا ذلك التحديد الدقيق لمسبب المرض بسرعة وحساسية غير مسبوقة، ويحسن نتائج العلاج السريري للأطفال والمرضي الكبار المصابين بعدوي مجري الدم والتسمم بصورة ملحوظة، ونُشرت نتائج هذه الدراسة في دورية plos one.
تعمل مسببات الأمراض الميكروبية المختلفة مع عدوى مجرى الدم والتسمم على زيادة سرعة تعفن الدم، والتي تهدد حياة المرضى وذلك بسبب تضاعف أعدادها وتوقف وظائف أعضاء الجسم. حيث رُصدت 48.9 مليون حالة مرضية و11 مليون حالة وفاة في عام 2017 على مستوى العالم. والأهم من ذلك أن ما يقرب من نصف عدد حالات تسمم الدم على مستوى العالم كانت من الأطفال (حوالي 20 مليون منهم 2.9 مليون وفيات جميعهم تحت سن الخمس سنوات).
لذلك كان لابد من سرعة التعرف على السلالات الفطرية والبكتيرية المسببة لعدوى مجرى الدم حتى نمنع تطورها وتسببها في تعفن الدم بالكامل. عندها فقط يمكن استخدام المضادات البكتيرية أو المضادات الفطرية المصنوعة خصيصًا للقضاء على مسببات تلك الأمراض في الوقت المناسب، مقارنةً بالطرق المعتادة الطويلة والشاقة المستخدمة في المعامل السريرية للتعرف على سلالات مسببات تلك الأمراض، فمثلاً تستغرق طريقة مزرعة الدم ذات الخطوتين من يوم لثلاثة أيام حتى تكتمل.
كما قال د. نيجل كلاين، أستاذ الأمراض المعدية والمناعة بمستشفي جريت أورموند ستريت والباحث الرئيسي للدراسة: “إن فرص بقاء مرضي تعفن الدم تتلاشى بصورة مأساوية بسبب طول المدة اللازمة للتعرف على مسبب المرض وإعطائه العلاج المناسب المضاد للميكروبات. فنحن في مستشفى أورموند نعمل على توضيح أهمية كلٍ من التشخيص السريع وحقيقة أنه باستخدام الأساليب المبتكرة نستطيع التعرف على الكائن المسبب للمرض في وقت يتراوح بين 40 دقيقة إلى 6 ساعات”.
يتطور مرض تعفن الدم في الأطفال والرضع أسرع مقارنةً بالمرضى البالغين، لذلك ظهرت الحاجة الحقيقية لطرق التشخيص التي تساعد على الكشف المبكر عن المرض فلابد أن يكون التشخيص دقيقًا نظرًا لانخفاض كمية الدم لدى الأطفال الرضع مما يجعل سحب العينات أمرًا صعبًا.
وبدأ كبار المؤلفين الدكتور كلاين ودكتور إلاين كوتمان جرين استشاري وعالم إكلينيكي وطبيب انتقال العدوي بمستشفى جريت أورموند ستريت في عام 2020، بالاجتماع مع كلٍ من قائد الفريق العالم مايكل سوبر والدكتور والمدير المؤسس دونالد أنجبر الطبيب بمعهد ويس التابع لجامعة هارفارد، لحل هذه المشكلة.
حيث صرح د. سوبر: “استنادًا إلى نجاحنا السابق في عزل مسببات الأمراض من المفاصل وكذلك الأبقار والدم البشري باستخدام تقنية (FcMBL) بكفاءة عالية، افترضنا أن بناء مسبب للمرض وسيط بواسطة تقنية (FcMBL) في بروتوكول مزرعة الدم السريرية المعدلة يمكنه تقليص الوقت وتقليل حجم عينات المريض المطلوبة لتحقيق نفس النتائج التي تستغرق وقتًا طويلاً في بروتوكولات مزارع الدم”.
ففي عملية تحديد العوامل الممرضة المتبعة حاليًا في البيئات السريرية، تتم إضافة عينات الدم أولاً إلى الزجاجات التي تحتوي على أوساط سائلة، يتم فيها إنماء الميكروبات المعدية، في حال تواجدت بكثافة معينة.
بعد ذلك، تُزرع هذه الميكروبات على أوساط صلبة كمستعمرات معزولة يمكن التعرف على خلاياها المكونة لها بطريقة تحليلية حساسة للغاية، ولكنها سريعة وغير مكلفة نسبيًا تُعرف باسم مالدي توف (MALDI-TOF). وأضاف سوبر أن عزل الميكروبات المعدية مباشرةً والتي نمت على مزارع الدم السائل باستخدام تقنية (FcMBL)، يجعلها متاحة للتحليل المباشر باستخدام (MALDI-TOF) أكثر من أي وقت سابق”.
تعتبر تقنية (FcMBL) المكون الرئيسي لتكنولوجيا التعرف على الكائنات الممرضة واسعة المدى. وهي تتكون عن بروتين المناعة البشرية المعدل وراثيًا يسمى الليكتين المرتبط بالمانوز (MBL) والذي يندمج مع جزئ (Fc) في الأجسام المضادة لإنتاج بروتين (FcMBL).
وفي المركب المتكون يمكن للجزئ (MBL) المكون للمركب (FcMBL) التعرف على أكثر من 100 نوع من الفصائل الميكروبية المختلفة بكفاءة عالية، بما في ذلك تقريبًا جميع مسببات الأمراض البكتيرية والفطرية التي تسبب التعفن. كما يمكن استخدام جزئ (Fc) من مركب (FcMBL) لجذبه إلى قطع خرز المغناطيس في جهاز التحليل، مما يسمح بسحب مسببات الأمراض التي تم التعرف عليها بسرعة من عينات المريض ومزارع الدم السائل.
وفي المراحل الأولى من المشروع، قدم فريق ويس إلى فريق جريت أورموند ستريت الخرز المنقى المصحوب بمركب (FcMBL). والذي يستطيع الوصول إلى عينات الدم من الأطفال المرضى في المستشفى.
وفي مراحل لاحقة، قامت شركة (BOA Biomedical) المختصة بالبحث عن مرض تعفن الدم والأمراض المعدية، والتي شارك في تأسيسها سوبر وانجبر، بتسويق تقنية (FcMBL) الخاصة بمعهد ويس وتوفير كاشف (FcMBL) والخبراء اللازمين للمشروع. وفي الوقت ذاته طورت (BOA Biomedical) قدرات التصنيع لتقنية (FcMBL) وفقًا لمعايير منظمة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) ووكالات الصحة الفيدرالية الأخرى لإنتاج المنتجات العلاجية والتشخيصية.
هذا وقد صرّح الدكتور مايك مكوردي، كبير المسؤولين الطبيين في (BOA Biomedical) قائلاً: “يعتبر تسمم الدم القاتل الرئيسي في المستشفيات، وبدء العلاج بالمضادات الحيوية الصحيحة بسرعة هو ما ينقذ الأرواح. وباستخدام العمل الذي تم تطويره في معهد ويس، تساعد تقنية (FcMBL) الخاصة بشركة (BOA Biomedical) على تحديد مسببات الأمراض المسببة له بسرعة وبدقة. مما يبشر بعصر جديد من العلاج المضاد للميكروبات الموجه لمساعدة المرضى على المستوى الفردي، والحد من مشكلة مقاومة مضادات الميكروبات القاتلة على المستوى المجتمعي”.
استُخدم معيار الذهب ذى الخطوتين في مزرعة الدم مع تقنية (MALDI-TOF MS) لتحديد الكائن الممرض، كما أضاف الفريق أيضًا مجموعة أدوات (Sepsityper) الخاصة بشركة (Burker) كمقارنة، وهي أدوات مستخدمة في التعرف على مسببات الأمراض أيضًا.
طُرحت مجموعة (Sepsityper) في السوق عام 2021 حيث تزيل بشكل أساسي الخطوة الثانية لاستزراع الميكروب والتي تستغرق وقتًا طويلاً عن طريق تحلل الخلايا الميكروبية من المزرعة السائلة وتدوير الشظايا في جهاز طرد مركزي قبل تحليلها بواسطة تحليل الطيف الكتلي (MALDI-TOF). ورُغم كفاءتها في تسريع عملية التشخيص الشاملة ألا أنها تنتج معدلات كشف ميكروبية أقل من تلك الناتجة من طريقة المزرعة التقليدية، مما يعني أنها قد تفشل في تحديد مسبب للعدوى في معظم عينات الدم.
قال كلوتمان جرين: “لقد أتاح نهجنا الجديد (FcMBL) الفرصة لتحديد الكائنات المسببة للأمراض واستخدام العلاج قبل 24 إلى 48 ساعة أسرع مما يتيحه لنا استخدام تقنية المزرعة التقليدية أو القياسية. كما مكننا أيضًا استخدام هذه الطريقة في التعرف على مسببات الأمراض، مما جعل الزراعة الميكروبية لاستكشاف حساسيات المضادات الحيوية أكثر ملاءمة لاحتياجات المريض”.
كما أضاف: “إن هذه الطريقة ليست مرتبطة بمنصة أو مصنّع معين، وبالتالي نرى إنها إمكانية مؤكدة لتصبح خطوة معالجة قياسية جديدة للكشف عن مسببات الأمراض السريرية”.
وذكرت المؤلفة الأولى كيري كايت، التي قامت بالدراسات العليا مع كلاين وكلوتمان جرين: “إن طريقة (FcMBL) قد تعرفت على 94.1٪ من الفصائل الميكروبية التي وجدت في تحليل مزرعة الدم السريرية لعدد 68 عينة من الأطفال المرضى”.
وأضافت: “لقد أصبحنا قادرين على تحديد الفصائل المعدية بصورة أكبر في مزارع الدم السائل الموجبة باستخدام طريقة (FcMBL) فضلاً عن طريقة (MBT Sepsityper) بنتائج (25 من 25 مقابل 17 من 25 على التوالي)، كما كان هذا الاتجاه أكثر وضوحًا في حالة الممرض الفطري المشترك المبيضات (الكانديدا) (24 من 24 مقابل 9 من 24) على التوالي، حيث تمثل فصائل فطر الكانديدا (المبيضات) حوالي 5٪ من جميع حالات التعفن الشديد وهي رابع أكثر مسببات الأمراض شيوعًا المعزولة من مجرى دم المرضى في الولايات المتحدة”.
وليست العدوى بفطر الكانديدا (المبيضات) والفطريات الأخرى هو ما يتطلب علاجات محددة مضادة للفطريات، فالتمييز بين أنواع مختلفة من الفطريات المسببة للأمراض يساعد على توجيه العلاج المناسب المضاد للميكروبات على وجه التحديد. ففي وحدات العناية المركزة لحديثي الولادة نجد أن العدوى بفطر الكانديدا (المبيضات) سببًا رئيسيًا للمرض والوفيات تصل إلى 40٪ من الرضع، وغالبًا ما تسبب إعاقات النمو العصبي في أولئك الذين يبقون على قيد الحياة.
وقال إنجبر: “نأمل في تغيير التوقعات المتشائمة للمرضى من جميع الأعمار، من خلال التكيف المستمر لتقنية التعرف على مسببات الأمراض القوية (FcMBL) مع الاحتياجات التشخيصية غير المجابة والملحة، مثل التشخيص السريع لتسمم الدم لدى الأطفال. فهدفنا الأسمى هو أن نكون قادرين على تحديد مسببات الأمراض بدقة وبسرعة أكبر ومباشرةً من خلال عينات صغيرة من الدم دون الحاجة إلى أي مزارع ميكروبية إضافية”.
المصدر: https://www.sciencedaily.com
ترجمة: رنا قزامل
مراجعة وتدقيق: د. فاتن ضاوي المحنّا
تويتر: @F_D_Almutiri
اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية
اترك تعليقاً