كيف يخزن الدماغ ذاكرة الخوف البعيدة؟

كيف يخزن الدماغ ذاكرة الخوف البعيدة؟

19 يناير , 2023

ترجم بواسطة:

منة إدريسي

دقق بواسطة:

زينب محمد

ذاكرة الخوف البعيدة هي ذكرى الأحداث الصادمة التي حدثت في الماضي البعيد -من بضعة أشهر إلى عقود. كشفت دراسة على الفئران في جامعة كاليفورنيا، ريفرسايد، نُشرت في مجلة Nature Neuroscience،عن الآليات الأساسية التي يعمل بها الدماغ على تعزيز ذكريات الخوف البعيدة.

توضح الدراسة أن ذكريات الخوف البعيدة التي تشكلت في الماضي البعيد يتم تخزينها بشكل دائم في اتصالات بين الخلايا العصبية المسؤولة عن الذاكرة في قشرة الفص الجبهي، أو (PFC).

قال جون هيونغ تشو، الأستاذ المساعد في علم الأحياء الجزيئي والخلوي وبيولوجيا الأنظمة، الذي قاد الدراسة: “إن دوائر ذاكرة الفص الجبهي هي التي يتم تعزيزها تدريجيًا بعد الأحداث الصادمة، ويلعب هذا التعزيز دورًا حاسمًا في كيفية نضوج ذكريات الخوف إلى الأشكال المستقرة في القشرة الدماغية للتخزين الدائم”، وأضاف: “باستخدام آلية مماثلة، يمكن أيضًا تخزين الذكريات البعيدة الأخرى الخالية من الخوف بشكل دائم في (PFC)”.

يستخدم الدماغ آليات متميزة لتخزين ذكريات الخوف الحديثة مقابل ذكريات الخوف البعيدة. حيث أشارت الدراسات السابقة أن التكوين الأوليّ لذاكرة الخوف يشمل الحُصين، وينضج تدريجيًا بمرور الوقت ويصبح أقل اعتمادًا على الحُصين. رغم أن الكثير من الأبحاث تشرح بالتفصيل الآن كيف يتم تخزين ذاكرة الخوف الحديثة، ولكن كيفية قيام الدماغ بتوحيد ذكريات الخوف البعيدة ليست مفهومة جيدًا.

ركز الباحثون على (PFC) وهو جزء من القشرة الدماغية المتورط في تقوية الذاكرة البعيدة في دراسات سابقة، حيث صرح تشو: “وجدنا مجموعة صغيرة من ألياف  العصب أو ما يسمى بالخلايا العصبية داخل (PFC) تسمى الخلايا العصبية للذاكرة كانت نشطة أثناء الحدث الصادم الأول وتم تنشيطها أثناء استدعاء ذاكرة الخوف البعيدة، وعندما قمنا بكبح خلايا الذاكرة العصبية بشكل انتقائي في (PFC)، لم يتمكن الفئران من استعادة ذاكرة الخوف البعيدة عدا الحديثة، مما يشير إلى الدور الحاسم للخلايا العصبية بذاكرة (PFC) في استدعاء ذكريات الخوف البعيدة”.

خلال التجارب المعملية، تلقت الفئران حافزًا مكروهًا في بيئة تسمى السياق. لقد تعلموا ربط الحافز المكروه بالموقف. عندما تعرضت الفئران لنفس الموقف بعد شهر، تجمدت كاستجابة لذلك، مما يشير إلى أنها يمكن أن تتذكر ذكريات الخوف البعيدة.

أظهر الباحثون أن الروابط (المشابك) بين الخلايا العصبية في الذاكرة في (PFC)، والتي تسمى دوائر ذاكرة الفص الجبهي، تم تعزيزها تدريجيًا مع مرور الوقت بعد تعلم الخوف، وقد ساعد هذا التعزيز لمنطقة (PFC) على تخزين ذكريات الخوف البعيدة بشكل دائم.

ولإخماد ذاكرة الخوف البعيدة في ذاكرة الفئران، عرّض الباحثون الفئران مرارًا وتكرارًا لنفس السياق التنبئي للخوف ولكن دون التحفيز المكروه. وكانت النتيجة انخفاض الاستجابة للخوف. قال تشو: “من المثير للاهتمام، أن انقراض ذاكرة الخوف البعيدة أضعف دوائر ذاكرة الفص الجبهي التي تم تقويتها سابقًا لتخزين نفس الذاكرة. علاوةً على ذلك، فإن الأنواع الأخرى من العلاج التي منعت تقوية دوائر ذاكرة (PFC) منعت أيضًا استدعاء ذاكرة الخوف البعيدة”.

فأوضح تشو أن خلل التنظيم في تقوية ذاكرة الخوف يمكن أن يؤدي إلى خوف مزمن غير قابل للتكيف في اضطراب ما بعد الصدمة، والذي يؤثر على حوالي 6٪ من السكان في مرحلةٍ ما من حياتهم.

 وقال: “بالنظر إلى أن مرضى اضطراب ما بعد الصدمة يعانون ذكريات الخوف التي تشكلت في الماضي البعيد، فإن دراستنا تعد خطوة مهمة من أجل تطوير استراتيجيات علاجية لكبح الخوف المزمن لدى مرضى اضطراب ما بعد الصدمة”.

 يخطط فريق تشو لإضعاف دوائر ذاكرة الفص الجبهي بشكل انتقائي وفحص ما إذا كان هذا العلاج يمنع استدعاء ذكريات الخوف البعيدة.

وختم تشو مصرحًا: “نتوقع أن تساهم النتائج في تطوير تدخل أكثر فاعلية في اضطراب ما بعد الصدمة وغيره من الاضطرابات المرتبطة بالخوف”.

المصدر: https://medicalxpress.com

ترجمة: منة إدريسي

لينكد إن: mina-idris

مراجعة وتدقيق: زينب محمد


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!