خمس خطوات لوضع حدود صحية وحمايتها

خمس خطوات لوضع حدود صحية وحمايتها

13 يناير , 2023

ترجم بواسطة:

هبة العطار

دقق بواسطة:

بلقيس الصالح

النقاط الرئيسية

  • استمع إلى حدسك، فذلك سيساعدك على معرفة حدودك.
  • استخدم التواصل المباشر والواضح.
  • تجنب الاعتذار المبالغ فيه وكذلك الشرح الطويل.

تذكر أنه عليك الاختيار بين الشعور بتأنيب الضمير ولكن لفترة قصيرة أو أن تبقى مستاءًا لفترة طويلة.

أن يكون لديك حدودًا صحية، فهذا يعني أنك تملك مفتاحًا مهمًا للحفاظ على صحتك العقلية والعاطفية، إلا أنُ الحدود في العلاقات قد تبدو معقدة ويصعب تحديدها في بعض الأحيان، وذلك لأنها غير مرئية ومجردة وقد تتغير مع مرور الوقت.

إذًا، كيف يبدو شكل هذه الحدود؟ والأهم من ذلك كيف يمكننا وضع حدود صحية في حياتنا وكيف نحافظ عليها؟

ماهي الحدود؟

إذا أمعنت النظر بالخطوط التي تمثل الحدود على الخريطة، أو التي تفصل بين ولاية وأخرى، أو السياج غير المرئي الذي يفصل حديقتك عن فناء جارك، فإنك تدرك أنّ الحدود توضح أين تنتهي مساحتك الخاصة وتبدأ مساحة شخص آخر. إذا شعرت بأن أحدهم “تجاوز هذا الخط” فهذا يعني أنه ربما تخطى أحد الحدود، بمعنى آخر، تعمل الحدود كقوانين في العلاقة حيث تحدد ما أنت على استعداد لقبوله وما لن تقدر على تحمله.

الحدود الصحية هي حدود تضعها كحصن يحيط بوقتك وعواطفك، وطاقتك النفسية، ومساحتك المادية وجسدك لحماية نفسك من الشعور بالاستنزاف من الآخرين، فمثلاً، قد يكون أحد الحدود الصحية في العمل هو رفض مشروع  من شأنه أن يتسبب في استمرارك بالعمل لوقت متأخر مما يسبب في دوره خللاً بالتوازن ما بين حياتك العملية واهتمامك بنفسك.

لهذا السبب تعزز الحدود الصحية من صحتك العاطفية والعقلية، كما تساعدك على تجنب الإرهاق والإنهاك والاستياء من المعاملة غير العادلة.

إذًا كيف ستبدو حالتنا إن لم نضع حدودًا صحية في حياتنا؟

ما هي الحدود غير الصحية؟

عندما تكون الحدود غير صحية، فقد تشعر في بعض الأحيان بأن الآخرين يستغلونك أو يستنزفون وقتك. إذا لاحظت أنك تعطي أكثر من طاقتك في علاقاتك، أو تفرط في تكريس وقتك للآخرين ولا تجد وقتًا كافيًا لنفسك، فقد يكون ذلك إشارة على إنك لم تضع حدودًا. وقد تكمن الحدود غير الصحية في صعوبة قول لا للآخرين، أو وضع حاجاتهم ورغباتهم فوق حاجاتك ورغباتك، أو حمل مشاكلهم ومسؤولياتهم على عاتقك أو الشعور بالإرهاق والتعب الشديد من الالتزامات الكثيرة التي لا تطاق.

إذا بدت هذه الأمور مألوفة، فهذا يعني أنه حان الوقت للبدء بوضع حدود صحية في حياتك. قد يكون القيام بذلك تحولاً صعبًا لأنّ وجود حدود غير صحية بالنسبة لكثير من الناس قد يتمثل باعتياد قول نعم دائمًا ويتبع هذه العادة شعورا بالندم والخوف والاستياء.

ما يشجعك على وضع حدود صحية هو تفكيرك بأنه عندما تفعل ذلك فإنك لربما تشعر بالذنب لكن لفترة قصيرة أما في المقابل فأنك إن لم تفعل ذلك، ستشعر بالاستياء الذي سيرافقك لفترة طويلة.

تقول كريستال أندروس موريسيت، مؤلفة كتاب “The Emotional Edge“عندما تشعر بالغضب أو الاستياء أو الإرهاق، انتبه إلى حيث لم تضع حدودًا صحية”.

  كيف نضع الحدود؟

تدرك بوضعك للحدود ما أنت مستعد  لقبوله وما يمكن أن ترفضه. تمكنك الحدود من التحكم بقراراتك ووقتك وعواطفك، بدلاً من أن تكرس للآخرين. فيما يلي بعض الخطوات التي تساعدك على وضع حدود صحية وتحديدها والحفاظ عليها.

1- تعرف على حدودك

قد لا يلحظ بعضنا حتى أنه قد تم تجاوز حدٍ ما أو تم تخطيه إلا بعد أن يصبح ذلك واقعًا. يمكن أن يكون من الصعب بالنسبة لك أن تعرف مكان هذا الحد، لذا فإن الخطوة الأولى لوضع الحدود هي معرفة حدودك. هناك بعض الأسئلة المفيدة وهي: ما هي الأمور التي تشكل عبئًا ثقيلاً بحياتي يصعب تحملها؟  وماهي المواضع في حياتي التي تجعلني أشعر بالاستنزاف من أحدهم؟ ماهي الالتزامات التي أشعر بإني ملزمًا بها رغم أنها ترهقني بشدة؟ ما الذي يسبب لي ضغطًا أو إزعاجًا أو قلقًا ليس من الواجب عليّ تحمله؟

إن الوسيلة لمعرفة حدودك هي التركيز على ردود فعلك الغريزية فيما إذا كان لديك الوقت أو الطاقة للالتزام بشيءٍ ما أو إن كنت بحاجة لقول لا. يمكن أن يساعدك تخصيص وقت تسترجع فيها لحظات من الماضي لم يكن تخلو من الحدود أو عندما تجاوز أحدهم حدًا ما أن تحدد بشكل حدسي أين ستكون حدودك في المرة القادمة.

2- التعبير عن حدودك بوضوح

 بمجرد أن تفهم بعض الحدود الجدية والمحددة التي ترغب في وضعها في حياتك، فإن الخطوة التالية لإنشاء حدود صحية هي التعبير عنها بحزم للآخرين. يجب تجنب الخطأ الشائع الذي نقع فيه وهو افتراض أن الآخرين يعرفون حدودك تلقائيًا. إذا لم تعبر عن حدودك بشكل واضح ومباشر، فكيف سيعرف الآخرون أنهم تجاوزوها؟

إن إدراك احتياجاتك وحدودك بمثابة خطوة رئيسية لامتلاك حدود صحية والحفاظ على مساحتك الشخصية وطاقتك العاطفية. إن لم تكن معتادًا على وجود الحدود واضحة، فقد تشعر بعدم الراحة أو الوقاحة مبدئيًا. لا يكفي التعبير عن هذه الحدود بطريقة واضحة ومباشرة وحازمة، ولكن من الضروري أيضًا إيجاد طريقتك الخاصة في إيصالها، لذا فإن إيجاد طريقة مباشرة ومناسبة لك للتعبير عن حدودك بحزم هو مفتاح القدرة على وضع هذه الحدود والحفاظ عليها.

على سبيل المثال، إذا طلب منك أحد الأصدقاء أو أحد أفراد الأسرة خدمة ما لا تملك الوقت أو الطاقة الكافيين لتنفيذها، فيمكنك رفضها بأدب قائلاً: “وودت لو كان بمقدوري مساعدتك في نهاية هذا الأسبوع، لكن لسوء الحظ لن أتمكن من ذلك”.

قد يكون من الحكمة أن تدع شخصًا ما يعلم منذ البداية ما هو الحد الذي تستطيع الالتزام به عند قيامكم بخطط ما معًا. إن كنت تنوي إجراء مكالمة أو مقابلة أحد الأصدقاء ممن يظنون أن  لديك من الوقت أكثر مما تملك بالفعل، فمن الجيد أن تخبرهم بأقصى وقت يمكنك تخصيصه لهم وقد يكون ذلك بقولك: “إنه من الممتع التحدث معك. سوف أمضي وقتًا جميلاً معك لمدة 20 دقيقة ثم استأذنك للقيام ببعض الأمور”، أو “أنا أتطلع بشوق لحضور حفلتك لكن علي أن أخبرك أنه لا يمكنني البقاء لأكثر من ساعة”. يمكنك بهذه الطريقة إخبارهم بحدودك وما يمكن أن يتوقعوه منك مسبقًا.

3- تدرب على ما تريد قوله

إن تدربك على ما تريد قوله وكيف تقوله سيزيد فرصة نجاحك بوضع حدٍ ما. من المؤكد أننا لن نتمكن من تخمين الطلب الثقيل الذي قد يطلب منا في كل مرة ونوع التجاوز الذي قد نتعرض له وكيف يمكن لنا أن نستجيب له بشكل لائق، لكن يمكنك التفكير بالأشخاص والمواقف التي تمر بها في حياتك والتي غالبًا ما تشعر بالضغط والاستياء بعد قبولها. إن معرفة الطريقة التي تريد بها توصيل احتياجاتك وحدودك مسبقًا (ومرة أخرى، بطريقة لائقة بالنسبة لك) من المرجح أنها ستجعلك قادرًا على قول ما تريده في الوقت المناسب.

إذا كان رفضك يبدو عادة جديدة يصعب بناؤها، فيمكن أن يساعدك في هذا اقتراح خطة بديلة تلتقي فيها متطلباتك ومتطلبات الأشخاص الآخرين على سبيل المثال “لدي الكثير في جدول الأعمال للقيام به في العمل حاليًا، لكن ربما يمكنني المساعدة في المشروع القادم” أو “لسوء الحظ لن أكون قادرًا على مساعدتك على الانتقال في هذا اليوم، يمكنني القدوم يوم السبت ومساعدتك في حزم حقائبك بدلاً من ذلك”. كن حذرًا وتأكد من أن عرضك البديل لايزال ضمن ما تستطيع تقديمه.

قد يفاجئنا أحد بطلبٍ ما أحيانًا، قد لا يكون لديك وقتٍ كاف لتفكر كيف تقول لا إذا كنت معتادًا على قول نعم، لذا قد يفيدك التدرب على قول “سأعطيك ردًا بهذا الشأن لاحقًا”. يمكنك أن تخبره أنه عليك تفقد جدولك أو قائمة أعمالك أو دراسة الموضوع مع شريكك، هذا من شأنه أن يعطيك بعض الوقت لتقرر كيف ترد إذا كنت تشعر بالضغط حينها. ثم يمكنك الرد بقولك لا بطريقة مهذبة عبر البريد الإلكتروني أو الرسائل.

4- تجنب المبالغة في التبرير والاعتذار

 قد يميل بعض الأشخاص للاعتذار بشدة وتقديم شرح طويل حول السبب الذي جعلهم يضعون حدًا ما وذلك بغية أن يكونوا مهذبين في نظر الآخرين وتجنب نعتهم بالوقحين. كن على ثقة بأن قول لا لن يجعل منك شخصًا وقحًا، ولا يجب عليك أن تقدم أي اعتذار أو توضيح حول ذلك.

قم بملاحظة نفسك فيما إذا كنت تميل لممارسة هذه الأنماط. فمن المفيد أن توضح لنفسك ما السبب الذي يجعلك تشعر بالإلحاح للتبرير الطويل أو إعادة الاعتذار لعدة مرات، هل هو شعورك بالذنب أو انعدام شعورك بالاستحقاق هو ما يبقيك عالقًا في هذه المشكلة؟ ماذا يعني لك وضع حدٍ ما؟ إذا كنت تجد نفسك بحاجة للاعتذار مجددًا أو تقديم تبريرات أكثر، فهذا يعني أنه من المهم جدًا أن تتدرب على ما سوف تقوله لوضع حد والحفاظ عليه. وربما تحتاج أن تعيد ذلك لنفسك عدة مرات، حتى لا تشعر بأنك بحاجة للاعتذار أو تبرير حدودك.

5- كن ثابتًا على حدودك

ماذا لو أن أحدهم لم يستجب بشكل إيجابي على إصرارك على الالتزام بحدودك؟ من المهم أن تكون ثابتًا على موقفك ومصرًا على قرارك الأساسي عند وضعك الحدود، وخاصةً في حال كنت تضع حدودًا مع أحدهم لأول مرة، فقد يكون من المفيد الاستعداد لكيفية الرد في حال لم يتقبل الالتزام بهذه الحدود. يمكنك تقدير خيبة أملهم بقولك “أعلم أنه من المحبط لك أنني لن أتمكن من مساعدتك في الانتقال، لكني للأسف لن أتمكن من ذلك”.

يمكنك الثبات على ردك الأول من التعبير عن عدم سماحك بتجاوز هذا الحد وحثهم على التعامل مع حدودك بجدية، فكلما كنت حازمًا أكثر بشأن تلك الحدود، زادت احتمالية احترام الآخرين لها. يمكنك كما ذكرنا سابقًا أن تقدم خطة بديلة أو شيء على غرار “ربما أفعل ذلك في المرة القادمة”.

قد تعرف مسبقًا أولئك الذين لن يتقبلوا رفضك. إذا أخبرت أحد زملاءك في العمل “لا يمكنني تقديم المساعدة لك في مشروعك هذا” فرد بدوره “لكنك مبدع في هذا المجال ولن يأخذ من وقتك الكثير” كيف يمكنك الرد؟ ربما يكون الرد الذي يتوافق مع الحدود هو قولك “شكرًا لعرضك، لكن لن أكون قادرًا على تحملها في ضوء مسؤولياتي الأخرى في الوقت الراهن، لكن ربما أقوم بذلك في المهمة القادمة”.

وتذكر: تدرب ثم تدرب ثم تدرب.

المصدر: https://www.psychologytoday.com

ترجمة: هبة الحمصي العطار

مراجعة وتدقيق: بلقيس الصالح


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!