كثرة استخدام الأجهزة الإلكترونية لتهدئة الأطفال قد تتسبب بأضرار عكسية

كثرة استخدام الأجهزة الإلكترونية لتهدئة الأطفال قد تتسبب بأضرار عكسية

5 يناير , 2023

ترجم بواسطة:

سارة آل صقر

دقق بواسطة:

زينب محمد

إنه مشهد يواجهه العديد من الآباء — بينما يحاولون إعداد طعام العشاء، أو إجراء مكالمة هاتفية أو إنجاز أمر ما، يعاني طفلهم من نوبة غضب.

وقد يبدو في بعض الأحيان أن الاستعانة بجهاز رقمي وتسليمه لطفل في سن الروضة حلًا سريعًا. ولكن تشير نتائج جديدة إلى أن هذه الاستراتيجية المهدئة يمكن ربطها بتحديات سلوكية أسوأ في المستقبل.

فوفقًا لدراسة أجرتها جامعة ميشيغان ميديسن والتي نشرت في مجلة جاما بيدياتريكس JAMA Pediatrics، إن الاستخدام المتكرر للأجهزة مثل الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية لتهدئة الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 3-5 سنوات مرتبط بالاضطراب العاطفي المتزايد لدى الأطفال، وخاصةً عند الأولاد.

وصرحت المؤلفة الرئيسية جيني راديسكي، الحاصلة على الدكتوراه في الطب، وطبيبة الأطفال المتخصصة في السلوك والنمو في مستشفى سي أس مُتْ للأطفال بجامعة ميشيغان: “في حين أن استخدام الأجهزة المحمولة لتهدئة طفل صغير قد يبدو بمثابة أداة مؤقتة غير ضارة لتقليل التوتر في المنزل، إلا أن قد تكون هناك آثار طويلة المدى إذا أصبحت استراتيجية تهدئة معتادة”.

وأضافت: “قد تحل الأجهزة، خاصةً في مرحلة الطفولة المبكرة، محل الإمكانيات لتطوير أساليب مستقلة وبديلة للتنظيم الذاتي”.

وشملت الدراسة 422 أبًا وأمًا و422 طفلاً تتراوح أعمارهم بين 3-5 سنوات وقد شاركوا بين أغسطس 2018 ويناير 2020، قبل ظهور جائحة كوفيد-19. وعلى مدى ستة أشهر، حلل الباحثون استجابات الوالدين ومقدمي الرعاية حول عدد المرات التي استخدموا فيها الأجهزة كطريقة لتهدئة أطفالهم وعلاقتها بأعراض التفاعل العاطفي أو خلل التنظيم العاطفي.

ويمكن أن تشمل أعراض زيادة خلل التنظيم العاطفي التغيرات السريعة بين الحزن والفرح، والتغير المفاجئ في المزاج أو المشاعر، وزيادة الاندفاع.

وتشير النتائج إلى أن العلاقة بين استخدام الأجهزة الالكترونية كوسيلة مهدئة والعواقب العاطفية كانت مرتفعة بوجه خاص بين الأولاد الصغار والأطفال الذين قد يعانون بالفعل من فرط الحركة والاندفاعية والمزاج القوي، مما يجعلهم أكثر عرضة للاستجابة بشكل واضح لمشاعر مثل الغضب والإحباط والحزن.

وأضافت راديسكي: “تشير النتائج التي توصلنا إليها إلى أن استخدام الأجهزة كوسيلة لتهدئة الأطفال ذوي الحركة المفرطة قد يكون صعبًا خاصة لأولئك الذين يعانون بالفعل من مهارات التكيف العاطفي”.

ولاحظت الباحثة أن فترة النمو هي الفترة بين ما قبل المدرسة والروضة حيث يكون فيها الأطفال أكثر عرضة لإظهار سلوكيات صعبة، مثل نوبات الغضب والجموح والمشاعر العاطفية الجياشة. وهذا يجعل استخدام الأجهزة كاستراتيجية أُبُوة مغرية أكثر.

وتقول راديسكي: “قد يشعر مقدمو الرعاية بالراحة الفورية عند استخدام الأجهزة؛ حيث إنها تقلل من سلوكيات الأطفال السلبية والصعبة بسرعة وفعالية”. وهذا سيُشعر كل من الآباء والأطفال بالرضا ويمكن أن يحفزهم للحفاظ على هذه الحلقة”.

وأضافت: “تزداد عادة استخدام الأجهزة للتعامل مع السلوك الصعب بمرور الوقت إذ أن متطلبات إعلام الأطفال تزداد أيضًا. فكلما زاد استخدام الأجهزة الإلكترونية، قلت فرص تدريب الأطفال – وأولياء أمورهم – في تطوير واستخدام أساليب واستراتيجيات تأقلم وتكيف بديلة”.

يمكن أن تساعد طرق التهدئة البديلة في بناء مهارات تنظيم العواطف

وتعترف راديسكي، وهي أم لطفلين، بأن هناك أوقات قد يستخدم فيها الآباء الأجهزة عن قصد لإلهاء أطفالهم مثل السفر أو القيام بعدة مهام في العمل. في حين أن استخدام الأجهزة من حين لآخر لشغل الأطفال أمر متوقع وواقعي، فمن المهم ألا تصبح أسلوب تهدئة أساسي أو اعتيادي.

وتعتقد أيضًا أنه يجب على أطباء الأطفال أن يبدأوا بمحادثات فعالة مع الآباء ومقدمي الرعاية حول استخدام الأجهزة مع الأطفال الصغار واقتراح أساليب بديلة للتحكم في المشاعر.

ومن بين الحلول التي أوصت بها راديسكي عندما يميل الآباء إلى اللجوء إلى الأجهزة هي كالتالي:

  • التقنيات الحسية: يتمتع الأطفال الصغار بخصائصهم الفريدة فيما يتعلق بأنواع المدخلات الحسية التي تهدئهم. وقد يشمل ذلك التأرجح، أو العناق، أو الضغط، أو القفز على الترامبولين أو عصر المعجون في أيديهم أو الاستماع إلى الموسيقى أو النظر إلى كتاب أو علبة لامعة. فإذا رأيت طفلك أصبح قلقًا ومضطربًا، فوجه هذه الطاقة إلى حركة جسدية أو أساليب حسية.
  • حدد تلك المشاعر وماذا يجب فعله حيالها: عندما يسمي الآباء ما يعتقدون أن طفلهم يشعر به، فإنهما لا يساعدان الطفل على ربط اللغة بالحالات العاطفية فحسب، بل يُظهران أيضًا للطفل بأنه مفهوم. فكما اعتاد السيد روجرز أن يقول، كلما كان الآباء أكثر هدوء، زادت قدرتهم على توضيح لأطفالهم بأن العواطف يمكن “ملاحظتها والتحكم فيها”.
  • استخدام مناطق الألوان: يواجه الأطفال صعوبة في التفكير في المفاهيم المجردة والمعقدة مثل المشاعر. لذلك عند استخدام أسلوب مناطق الألوان (الأزرق يمثل الملل، والأخضر يمثل الهدوء، والأصفر يرمز للقلق / مضطرب، والأحمر للانفعال) يسهل على الأطفال فهمها ويمكن تحويلها إلى دليل مرئي يحفظ ويعلق على الثلاجة وكذلك يساعد الأطفال على رسم صورة ذهنية لما يشعر به دماغهم وجسدهم. ويمكن للوالدين استخدام مناطق الألوان هذه لمساعدة أطفالهم في اللحظات الصعبة (“أنت مذبذب في المنطقة الصفراء – ما الذي يمكنك فعله للعودة إلى منطقة اللون الأخضر؟”)
  • تقديم سلوكيات بديلة: يمكن أن يظهر الأطفال بعض السلوكيات السلبية جدًا عندما يكونون منزعجين، ومن الطبيعي أن يرغب الوالدين في إيقاف هذا السلوك. ولكن هذه السلوكيات تعبر عن مشاعرهم – لذلك فقد يحتاج الأطفال إلى تعلم سلوكًا أكثر أمانًا أو استراتيجية حل المشكلات للقيام به بدلاً من ذلك. وقد يتضمن ذلك تعليم استراتيجيات حسية (“الضرب يؤذي الناس، لذلك بإمكانك ضرب هذه الوسادة بدلاً من ذلك”) أو تواصل أوضح (“إذا كنت تريد لفت انتباهي، فقط اضغط على ذراعي وقل “عفوًا يا أمي”).

ويمكن للوالدين أيضًا منع حدوث نوبات الغضب المتعلقة بالتكنولوجيا من خلال إعداد قواعد واضحة بشأن متى وأين يمكن استخدام الأجهزة الذكية، وكذلك استخدام التطبيقات أو خدمات الفيديو التي تحتوي على نقاط توقف واضحة بدلًا من التشغيل التلقائي أو السماح للطفل بالاستمرار في التمرير.

ووفقًا لراديسكي عندما يكون الأطفال هادئين، يمكن لمقدمي الرعاية تعليمهم مهارات التأقلم العاطفي. فعلى سبيل المثال، يمكنهم التحدث معهم حول ما تشعر به دميتهم المفضلة وكيف يتعاملون مع مشاعرهم الجياشة وكيف يهدئون أنفسهم. يستخدم في هذا النوع من الحوار المرح لغة الأطفال ويتوافق معهم.

وأضافت: “تساعد كل هذه الحلول الأطفال على فهم أنفسهم فهمًا أفضل، ويشعرون بأنهم أكثر قدرة على التعامل مع مشاعرهم”. وكذلك يتطلب الأمر ممارسة من جانب مقدمي الرعاية، الذين يجب عليهم أيضًا أن يحاولوا الحفاظ على الهدوء وعدم المبالغة في الاستجابة لمشاعر الطفل، ولكن يساعد ذلك في تنمية مهارات تنظيم العواطف التي ستستمر مدى الحياة.

و”على النقيض من ذلك، فإن استخدام المشتتات، مثل جهاز المحمول، لا يُعلم أي مهارة – بل إنه يصرف انتباه الطفل عما يشعر به. إن الأطفال الذين لا يطورون هذه المهارات في مرحلة الطفولة المبكرة هم أكثر عرضة للمعاناة في وقت لاحق في الحياة مثل الإجهاد في المدرسة أو مع أقرانهم في الفصل”.

المصدر: https://www.sciencedaily.com

ترجمة: سارة آل صقر

مراجعة وتدقيق: زينب محمد


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!