الطريق الأمثل للسعادة الحقيقية

الطريق الأمثل للسعادة الحقيقية

20 ديسمبر , 2022

ترجم بواسطة:

زينب عبد الله

دقق بواسطة:

زينب محمد

لا بد أنك قرأت أن السعادة قرار ذاتي نابع من القلب، وأن الطريق إلى السعادة هو تقدير ما تملك، وغيرها من العبارات المألوفة التي بالطبع لم تُفدك!

بينما تتزاحم هذه الأفكار في عقلك دعنا نأخذ نفسًا عميقًا ونعترف لأنفسنا:

نحن بحاجة لشيء يُشعرنا بالسعادة!

السعادة بمفهومها العام هي الحالة العقلية التي تتمثل بالمشاعر الإيجابية أو الممتعة، وتشمل العديد من الأشكال انطلاقًا من الرضا ووصولًا للفرح الشديد، وهذه الحالة العقلية تنعكس بشكل مثير على الصحة الجسدية، تشير الدراسات والأبحاث المستمرة أن الشعور بالإيجابية يفيد صحة القلب، وجهاز المناعة، وضغط الدم.

تحقيق السعادة مرتبط دائمًا بما حولنا، وظروف الحياة، والعلاقات الاجتماعيةو، الإنجازات، والمال، والأهداف الشخصية، وحتى أبسط الأمور المحيطة بنا يمكنها التأثير على مشاعرنا، وكان للتطور التكنولوجي الذي أحدث ثورة في العالم أكبر الأثر في ذلك، فهل تجعلنا التكنولوجيا نشعر بالسعادة؟

التكنولوجيا في مواجهة السعادة

 أُجريت دراسة خلال فترة 2019-2021، قبل وأثناء جائحة كورونا، لتوضيح العلاقة بين التقنيات الرقمية والسعادة في أوروبا، أشارت الدراسة أن لهذه التقنيات أثر كبير على سعادة الإنسان وخاصةً كبار السن، نظرًا لفرصة مشاركتهم التواصل مع الآخرين.

وبلغت هذه العلاقة ذروتها في جائحة كورونا عندما انتقلت الحياة الاجتماعية والمهنية عبر الإنترنت، مما دفع أصحاب السلطات للاهتمام بالتقنيات الرقمية وتخصيص ميزانيات متزايدة لهذا النشاط، وقد بدأ الناس فعلًا يشعرون بسعادة أكبر مع التكنولوجيا، ولكن مع مرور الوقت أدركوا أنها ليست مفيدة لرفاهيتهم ولم تحقق معنى السعادة الحقيقي.

في جانب آخر دعنا نتحدث عن استخدام الهواتف الذكية في غرفة النوم -وهو ما يفعله معظمنا- حيث أحدثت هذه الهواتف انقلابًا ضخمًا في طريقة تفاعل الناس مع العالم المادي وعالم الانترنت، وترتب على ذلك العديد من السلبيات مثل الإدمان والتوتر، والإيجابيات مثل التواصل والمشاركة.

وحسب دراسة أجريت عام 2018 لمعرفة تأثير استخدام الهواتف الذكية على السعادة، امتنع المشاركون عن استخدام هواتفهم في غرفة النوم لمدة أسبوع، وأثبتت الدراسة زيادة في مقياس السعادة لدى المشاركين وإن كانت التأثيرات النسبية ضئيلة، ولكن مما لفت الأنظار هو تفكير المشاركين للاستمرار في هذه العملية مما يثبت استفادتهم بشكل أكبر لا يمكن قياسه.

المال يجلب السعادة!

دعني أُخالف كل ما قمت بقراءته طوال حياتك وأُخبرك بحقيقة أن المال فعلًا يجلب السعادة! فهو سبب من مسببات الرفاهية والمتعة في العيش، وربما توارد لذهنك فكرة أن تكون مُحبطًا على جزر المالديف أفضل من أن تكون محبطًا بين جدران غرفتك!

المشكلة الرئيسية التي دفعت الناس لقول إن المال لا يشتري السعادة هو إهمالهم لجوانب الحياة الأخرى، وهو قائم على التوقع المفرط! للأسف نحن دائما ًما نتوقع الشعور بالسعادة عندما نربطها بأمر محدد، مثل الشريك المثالي أو المال والثروة! بناء هذه الآمال على قاعدة مهترئة من التوقعات الزائفة تؤدي بنا إلى الإحباط! حيث لا يمكن للمال أن يُغير من علاقاتنا الاجتماعية، أو تفكيرنا الباطني مثلًا! وجوانب السعادة تختلف من شخص لآخر، وتتعدد، لكنك وبطبيعة الأمر الوحيد المسيطر عليها!

أين أجد سعادتي؟

علك لاحظت أن الشعور الغالب على الأطفال هو السعادة، وربما تمنيت في بعض الأوقات أن تعود طفلًا بلا مسؤوليات! لكن صدّقني أن هذا ليس السبب، فبكل بساطة الأطفال يعرفون ما يجعلهم سعداء!

الشعور بالسعادة هو عملية مستمرة، لن تتم بحصولك على شيء ما وحسب، لأن الإنسان أكثر الكائنات قابلية للتكيف مع الظروف المحيطة، وبمجرد الاعتياد على إنجاز ما ستعود لمستوى السعادة الأساسي،  لذلك يجب عليك أن تعرف ما الذي يجعلك سعيدًا وتستمر في فعله.

وكما ذكرت سابقًا، أنت الوحيد المسيطر في هذه الحلقة، ففي أثناء سعيك باتجاه السعادة يجب عليك أن تضع أهدافًا واضحة وتسعى لتحقيقها، علاقاتٍ قيمة مع أشخاص يُخرجون أفضل ما لديك، وأثناء ذلك تمسك بالقيم التي تُعبّر عنك، وتجعل منك فردًا متميزًا عن الآخرين، حتى تصبح الشخص الذي يستمتع بالملذات الصغيرة المهملة، ككوب شاي دافئ في الشتاء، أو صوت العصافير المرافق لشروق الشمس.

مقياس السعادة

على امتداد العصور حاول الناس قياس السعادة، وباعتبارها الهدف الذي تسعى إليه البشرية، فتم ربطها برفاهية الفرد ومدى رضاه عن جودة الحياة، ووضعت العديد من المقاييس للسعادة مثل: مقياس السعادة الذاتية، وجدول التأثير الإيجابي والسلبي، والرضا بمقياس الحياة، وغيرها الكثير، لكن جميعها تعتمد على طريقة طرح الأسئلة الاستقصائية، فهل يوجد أسلوب جديد لتقيس سعادتك؟

تم طرح نهج جديد عام 2021 حيث يتم تتبع السعادة والتوتر من خلال التغيرات في إشارات الجسم باستخدام ساعة ذكية تعمل بنظام الأندرويد، حيث يتم التنبؤ بالمشاعر الفردية بناءً على البيانات التي يجمعها المستشعر الموجود في هذه الساعة، مثل التسارع، نبضات القلب، والنشاط.

تم تجربة هذا المقياس الجديد على 22 موظف لمدة 3 أشهر، حيث تم تقسيم المشاركين لمجموعتين، مجموعة تجريبية تتلقى ردود فعل مستمرة حول مزاجهم ونشاطاتهم اليومية، ومجموعة أخرى لا تتلقى أي ملاحظات.

لاحظ المشاركون أن قياساتهم غيرت من سلوكياتهم، حيث إن المجموعة التجريبية كانت أكثر سعادة بنسبة 16%، وأكثر نشاط بنسبة 26% من المجموعة الأخرى.

السعادة اختيار

تمنح القيم الدينية الإنسان شعورًا بالالتزام، ويشمل ذلك المجتمع والعائلة وحتى النفس، مما يخلق الفرح والمعنى، لأن الفرد بحاجة علاقة ثقة واحدة لا شكّ فيها لتجعله يطمئن، والإيمان شمل كل ذلك.

في هذا العصر يتربع القلق عائقًا ضخمًا في وجه السعادة، يقلق الإنسان حسرةً على ماضيه الذي لا يستطيع تغييره، ويقلق خوفًا من مستقبله الذي يجهله، ويقلق حيرةً في أمر حاضره، وقد يظن أن مسببات الحياة المتعارف عليها كالمال والعمل والرفاهية هي المنقذ، ربما ينجح ذلك لبعض الوقت، ولكنه سينتهي باعتيادك عليه كما ذكرنا سابقًا، لذلك دعني أُعيدك للوصفة السرية التي مُنحت إلينا ولكننا غفلنا عنها، ألا وهي الإيمان الخالص.

ثقة المرء بوجود إله عادل، يعرف مالا يعرفه عن الجميع، ويرى ما يبذله من مجهود ظاهر وخفيّ، وأنه سيجازيه على ذلك عاجلًا كان أم آجلًا تدفعه للتقدم، وتغلق كل أبواب الشكوك التي تشغله، وتصرف عنه شتات العقل والتفكير.

هناك حقيقة لا غنى عنها وهي أن الإنسان بفطرته الطبيعية يجب أن يمتلك من يعود إليه في كل حالاته، وقد يخجل أن يعود لرفيقه أو شريك حياته إذا ما أخطأ، ولكنه يعود لربه في كل أمر، لأنه يثق به، ثقة خالصة تجيب كل أسئلته عن الوجود والمعنى، مما يشعره بالسكينة والسعادة.

إذن، السعادة قرار، وتقدير لما تملك، وإيمان خالص، وسعي مستمر، ومعرفة ذاتك قبل الجميع.

المصادر

بقلم: زينب عبد الله

لينكد إن: zeinababdullah

مراجعة وتدقيق: زينب محمد


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!