أداة جديدة تكشف ما يحدث في الدماغ عندما نتعلم

أداة جديدة تكشف ما يحدث في الدماغ عندما نتعلم

26 نوفمبر , 2022

ترجم بواسطة:

منار بكر

دقق بواسطة:

أماني نوار

طور العلماء في معهد سكريبس للأبحاث أداة جديدة؛ لرصد مرونة الدماغ، أي الطريقة التي يعاد تشكيل أدمغتنا بها وتكيفها جسديًا عندما نتعلم ونجرب الأشياء، كمشاهدة فيلم أو تعلم أغنية أو لغة جديدة. ونَهجُهم هو قياس البروتينات التي تنتجها أنواع فردية من خلايا الدماغ، وهذا النهج لديه القدرة على الإجابة عن الأسئلة حول كيفية عمل الدماغ، وإلقاء الضوء أيضًا على العديد من أمراض الدماغ التي تؤدي إلى انحراف في مرونة الدماغ.

وكشفت التجارب في عديد من المختبرات بالفعل كيف يحفز نشاط الدماغ التغيرات في التعبير الجيني في الخلايا العصبية، وهي الخطوة المبكرة في مرونة الدماغ. وتركز تجارب الفريق المذكورة في مجلة علم الأعصاب في سبتمبر الماضي على الخطوة الأساسية التالية في مرونة الدماغ، وهي ترجمة الشفرة الجينية إلى بروتينات.

وتقول هوليس كلاين أستاذة هان، الحاصلة على درجة الدكتوراه ورئيسة قسم علم الأعصاب في معهد أبحاث سكريبس، وكبيرة الباحثين في العمل الجديد: “ما زلنا لا نفهم جميع الآليات الكامنة وراء كيفية تغير الخلايا في دماغنا استجابةً للتجارب، ولكن هذا النهج يمنحنا نافذة جديدة في العملية”.

عندما تتعلم شيئًا جديدًا فإنه يحدث شيئين: أولا، تقوم الخلايا العصبية على الفور بتمرير إشارات كهربائية على طول مسارات جديدة في دماغك، ثم بمرور الوقت يؤدي هذا إلى تغييرات في البنية الفيزيائية للخلايا ووصلاتها في الدماغ. ولكن لطالما تساءل العلماء عما يحدث بين هاتين الخطوتين. كيف يؤدي هذا النشاط الكهربائي في الخلايا العصبية في نهاية المطاف إلى إقناع الدماغ للتغير بطرق أكثر استدامة؟ وكيف ولماذا تنخفض هذه المرونة مع تقدم العمر، والإصابة ببعض الأمراض؟

وقد درس الباحثون سابقًا كيفية تشغيل الجينات في الخلايا العصبية وإيقافها استجابةً لنشاط الدماغ، على أمل الحصول عن معلومات حول المرونة. ومع ظهور تقنيات التسلسل الجيني عالية الإنتاجية؛ أصبح تتبع الجينات بهذه الطريقة أمرًا سهلًا نسبيًا. ولكن معظم هذه الجينات تكوّد البروتينات -وهي وحدات العمل الحقيقة للخلايا- والتي يصعب قياس مستوياتها. ولكن أرادت كلاين بالتعاون الوثيق مع بروفسير معهد سكريبس د. جون بيتس الثالث، والبروفيسور المساعد د. أنطون ماكسيموف أن ينظرا مباشرةً إلى كيفية تغير البروتينات في الدماغ.

تقول كلاين: “أردنا القفز إلى النهاية العميقة للمسبح ومعرفة ما هي البروتينات المهمة للمرونة الدماغ”.

وقد صمم الفريق نظامًا يمكن من خلاله إدخال حمض أميني مميز بعلامات- إحدى اللبنات الأساسية للبروتينات- في نوع واحد من الخلايا العصبية في كل مرة، وعندما تنتج الخلية بروتينات جديدة؛ فإنها ستدمج هذا الحمض الأميني (azidonorleucine) في هياكلها. وعن طريق تتبع البروتينات التي تحتوي على (azidonorleucine) بمرور الوقت يمكن للباحثين مراقبة البروتينات المصنوعة حديثًا وتمييزها عن البروتينات الموجودة سابقًا.

واستخدمت مجموعة كلاين حمض (azidonorleucine) لتتبع البروتينات التي صُنعت بعد أن شهدت الفئران ارتفاعًا كبيرًا وواسع النطاق في نشاط الدماغ، والذي يحاكي ما يحدث على نطاق أصغر عندما نواجه العالم من حولنا. وقد ركز الفريق على الخلايا العصبية الجلوتاماتيكية القشرية، والتي تعد فئة رئيسية من خلايا الدماغ المسؤولة عن معالجة المعلومات الحسية.

وبعد زيادة النشاط العصبي اكتشف الباحثون تغير مستويات 300 بروتين مختلف في الخلايا العصبية. في حين زاد ثلثي البروتينات أثناء ارتفاع نشاط الدماغ، انخفض تركيب الثلث المتبقي. وعن طريق تحليل ما يسمى (ببروتينات المرونة المرشحة) تمكنت كلاين وزملاؤها من اكتساب نظرة عامة حول كيفية تأثيرها على المرونة.

فعلى سبيل المثال: ترتبط عديد من البروتينات ببنية الخلايا العصبية وشكلها، وكذلك كيفية تواصلها مع الخلايا الأخرى. واقترحت هذه البروتينات طرقًا يمكن من خلالها لنشاط الدماغ أن يبدأ فورًا بالتأثير في الروابط بين الخلايا.

وبالإضافة إلى ذلك ارتبط عدد من البروتينات بكيفية تعبئة الحمض النووي داخل الخلايا. وقد يؤدي تغيير تعبئة الحمض النووي إلى تغيير الجينات التي يمكن للخلية الوصول إليها واستخدامها على مدار فترة زمنية طويلة. ويشير هذا إلى طرق يمكن أن تؤدي إلى ارتفاع قصير جدًا في نشاط الدماغ مما يؤدي إلى إعادة تشكيل أكثر استدامة داخل الدماغ.

وتقول كلاين: “هذه آلية واضحة يمكن من خلالها للتغيير في نشاط الدماغ أن يؤدي إلى موجات من التعبير الجيني لعدة أيام”.

ويأمل الباحثون في استخدام هذه الطريقة لاكتشاف ودراسة بروتينات مرونة مرشحة إضافية، على سبيل المثال: تلك التي يمكن أن تتغير في أنواع مختلفة من خلايا الدماغ بعد تعرض الحيوانات لمحفزات بصرية جديدة. وأشارت كلاين أن أداتهم يمكن أن تقدم معلومات عن أمراض الدماغ والشيخوخة، عن طريق مقارنات عن كيفية تأثير نشاط الدماغ على إنتاج البروتين في أدمغة الشباب مقابل الأدمغة الكبيرة، والأدمغة الصحية مقابل المريضة.

المصدر: https://medicalxpress.com

ترجمته: منار بكر عبد الفتاح محمد

مراجعة وتدقيق: أماني نوار


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!