الفشل صعب، ولكن التعلم منه أصعب

الفشل صعب، ولكن التعلم منه أصعب

30 أكتوبر , 2022

ترجم بواسطة:

أسماء الحربي

دقق بواسطة:

زينب محمد

نحن نميل إلى إنكار أو تجاهل إخفاقاتنا بدلاً من التعلم منها.

النقاط الرئيسية

  • يميل الفشل إلى إلحاق الأذى بغرورنا وانتهاك معتقداتنا وتوقعاتنا فلذلك؛ كثيرًا ما يُنكر أو يٌرفض أو يُتجاهل.
  • العجز عن التعلم من الفشل يقلل من احتمالات النجاح في المستقبل.
  • التعلم من الفشل لا يحدث من تلقاء نفسه، بل هي مهارة ينبغي تعلمها وممارستها.

غالبًا ما تسمع أن الفشل يوفر فرصة للتعلم، في الواقع من البديهي أن يُفترض حدسًا أن الناس سيستخدمون تجاربهم الفاشلة كوسيلة لإيجاد النجاح، قد يساعدني فهم سبب فشلي في تجنب نفس الأخطاء على الطريق، مما يزيد من احتمالات نجاحي بالمستقبل، ولكن عندما يتعلق الأمر بعلم النفس البشري، غالبًا لا تكون الأمور كما تبدو. فعادةً ما يتحدى السلوك البشري الحدس البسيط، وهذا هو الحال مع التعلم من الفشل.

في ورقة بحثية حديثة (2022)، يجادل الباحثان لورين إسكريس وينكلر (جامعة نورث وسترن) وأيليت فيشباخ (جامعة شيكاغو) بأن معظم الناس يقاومون بشدة التعلم من إخفاقاتهم، وعندما يفعلون ذلك، غالبًا ما يتعلمون الأشياء الخاطئة، يجادل المؤلفون بأن صعوبتنا في التعلم الجيد من الفشل له سببان رئيسيان:

  • الأول: عاطفي، نحن مستثمرون في الشعور بالرضا عن أنفسنا. ويتنافى الفشل مع ذلك الهدف، ولذلك كثيرًا ما يُرفض أو يُتجاهل. ويلاحظ المؤلفون أن: “التفكير في الفشل أمر صعب لأن الفشل تجربة تهديدية في الواقع، فعندما يهدد الفشل إحساس الناس بقيمة الذات يمكنهم التفاعل بطرق تُضعف ليس فقط تعلمهم، ولكن أيضًا صحتهم العقلية والجسدية في محاولة للحفاظ على إحساسهم بالذات.

وعلى الرغم من أن الناس قد يرغبون في التعلم من الفشل، إلا أنهم غالبًا ما يحملون هدفًا منافسًا يرجح بالكفة: أن يشعروا بالرضا عن أنفسهم … الرغبة في رؤية أنفسهم كشخص جيد وكفء هي قوة تحفيزية قوية… عندما ينتصر هذا الهدف، ينفصل الناس عن الفشل”.

  • أما السبب الثاني فهو الإدراك، نحن نميل إلى البحث عن المعلومات التي تتفق مع معتقداتنا وتوقعاتنا ونكره سماع المعلومات التي تتعارض معها. (يُعرف هذا باسم تحيز التأكيد، وهي سمة مركزية في بنياننا المعرفي، وأحد أسباب تدفق المحافظين إلى قناة فوكس بينما يركز التقدميون في قناة MSNBC).

يعتقد معظم الناس أنهم سينجحون عندما يأخذون مشروعًا – لماذا يأخذونه على خلاف ذلك؟ الفشل ينتهك هذا الاعتقاد العزيز، وبالتالي من المرجح أن يتم تجاهله أو رفضه “لا أحد يهدف إلى الفشل، يكاد الناس لا يتوقعون الفشل، وهذا يجعل التعلم من الفشل أمرًا صعبًا من الناحية المعرفية لأن الناس يميلون إلى التغاضي عن معلومات متناقضة أو غير متوقعة “.

وعلاوةً على ذلك، كثيرًا ما نعتبر الفشل معناه أننا نفتقر إلى القدرة أو السيطرة، ويؤدي هذا الاستنتاج إلى الحد من الدافع والالتزام، ومن ثم إلى الحد من احتمالات النجاح في المستقبل.

بالإضافة إلى ذلك، غالبًا ما يكون التعلم من الفشل مهمة معرفية أكثر تطلبًا من التعلم من النجاح، وبالتالي فإنه يفرض ضرائب على نظامنا المعرفي، الذي تطور للحفاظ على الطاقة. “لكي يكون الفشل غنيًا بالمعلومات، يحتاج الناس إلى استنتاج كيف تؤدي الإجابة غير الصحيحة إلى الإجابة الصحيحة، ويتطلب التعلم عن طريق الإقصاء بذل المزيد من الجهد الذهني؛ لأن الناس بؤساء معرفيون، فإنهم يكافحون لرؤية المعلومات في الفشل أكثر من المعلومات في النجاح”.

ويلاحظ المؤلفون أن عزوفنا عن التعلم من الفشل يفرض ثمنًا باهظًا من حيث المعلومات والفرص الضائعة، ويرجع ذلك إلى أن المعلومات المتعلقة بالفشل، إذا ما تمت مواءمتها ومشاركتها بشكل صحيح، يمكن أن توفر إرشادات حاسمة لمحاولاتنا لتحقيق النجاح أولاً، تختلف معلومات الفشل نوعيًا عن معلومات النجاح، وعلى حد تعبير تولستوي (بتهور)، فإن كل النجاحات متشابهة، ولكن كل فشل فريد من نوعه.

جميع الرماة الناجحين ضربوا الهدف، ولكن أحد القناصين الفاشلين ربما يكون قد سدد ضربة يسارًا، بينما سدد الآخر ضربة فوق الهدف، هناك شيء فريد للتعلم من كل منهما؛ علاوةً على ذلك، فإن الفشل يكون مفيدًا بشكل خاص عندما يكون نادرًا، فعندما يكون هدفنا هو تقليل الأخطاء، يكون الخطأ مفيدًا للغاية، قد يستفيد الطبيب الذي يجري نفس الجراحة بنجاح 99 مرة من أصل 100 مرة؛ من دراسة الجراحة الفاشلة أكثر من دراسة الجراحة الناجحة 99 مرة.

أخيرًا، الفشل يخالف التوقعات وعلى هذا النحو، لديه القدرة على تسهيل رؤية مختلفة وجديدة. “عندما يحدث تغيير في المخططات، يندهش الناس، والتجارب المفاجئة (إذا لوحظت) تؤدي إلى التطور المعرفي”. ولذلك ينبغي أن تكون المعلومات عن الفشل غير المتوقع، لأنها أكثر تفصيلاً ودقةً وأكثر فائدة في التنبؤ بالنجاح.

وفي الواقع، تشير الأدلة من أبحاث المؤلفين إلى أنها كذلك وخلصوا إلى: “يجب على الناس الانتباه للصِلات السلبية (مقابل الإيجابية) – أي المعلومات حول الفشل في الحصول على معلومات حول النجاح – عند تحديد الموظف الذي سيتم تعيينه، أو الكتاب الذي يجب قراءته، أو المدرسة التي يجب الالتحاق بها، أو المطعم الذي يجب تناول الطعام فيه”.

لذا حريٌّ بنا أن نميل إلى الفشل وأن نتعلم منه على النحو اللائق. ولكن كيف نفعل ذلك، بالنظر إلى الحواجز العاطفية والمعرفية المتأصلة؟ يقترح المؤلفون عدة استراتيجيات. قد يُتغلب على حواجز الأنا العاطفية إذا أزلنا الأنا من الفشل.

يمكن القيام بذلك من خلال التطلع إلى التعلم من إخفاقات الآخرين (التي لا نشارك فيها عاطفيًا)، أو من خلال ممارسة تقنية الحديث الذاتي البعيد (التي ناقشتها بالتفصيل في منشور سابق). بدلاً من ذلك، قد نعمل على تعزيز غرورنا، حتى يتمكن من تحمل التأثير العاطفي للاعتراف بالفشل والميل إليه.

وإحدى الطرق للقيام بذلك هي تحسين كفاءتنا وخبرتنا. الخبراء أفضل في التعلم من الفشل لأنهم أقل عرضة للتهديد من قبله. إن التركيز على كفاءتنا هو أيضًا طريقة مفيدة لتعزيز شجاعتنا – كما ناقشتها في منشور سابق.

للتغلب على حواجزنا المعرفية، يقترح المؤلفون عدة استراتيجيات، الأول هو تقليل الحمل المعرفي، من الأسهل علينا التفكير في الفشل إذا قام شخص ما بأعباء التحصيل المعرفي، من خلال تسليط الضوء على قيمة المعلومات المتعلقة بالفشل أو تقديم معلومات تصحيحية. قد تساعد إعادة صياغة المشكلة أيضًا في القضاء على نفورنا من التعلم من الفشل، إذا كان هدف التجربة هو التعلم، وليس النجاح، فإن الفشل هو فرصة للتعلم، وبالتالي يتماشى مع الهدف.

إن التجربة الفاشلة تعتبر نجاحًا عندما يكون الهدف هو التعلم. بالإضافة إلى ذلك، أظهرت الأبحاث أن الخسارة في إطار (ستخسر المال إذا ارتكبت خطأ) تقلل من الخوف من التعلم من الفشل، مقارنةً في المكسب بإطار (ستربح المال في حال كانت الإجابة الصحيحة).

تتضمن استراتيجية أخرى التخلص من المهام المتزامنة التي قد تثقل كاهل تركيزنا، فمن الأسهل الانتباه إلى الفشل عندما لا يكون لدينا خمسة أشياء أخرى للقيام بها في نفس الوقت. إن تخصيص المزيد من الوقت والممارسة لمهمة التعلم من الفشل مفيد أيضًا في التغلب على الحواجز، فمن المرجح أن تتعلم عندما يكون لديك الوقت الكافي والتدرب المستمر أثناء التعلم، وهذا لا ينطبق على الفشل وحده، بل هو كذلك بالنسبة لمعظم الأشياء الأخرى.

باختصار، إن التعلم من الفشل أمر مهم، ولكنه لا يحدث من تلقاء نفسه، بالأحرى هي مهارة تحتاج إلى التعلم والممارسة، وذلك يتطلب جهدًا بالغًا، ومع ذلك، فإن تدريب أنفسنا على التغلب على الحواجز العاطفية والمعرفية التي تمنعنا من التفكير بصدق في إخفاقاتنا من المحتم سيحسن فرص نجاحتنا.

المصدر: https://www.psychologytoday.com

ترجمة: أسماء الحربي.

تويتر: Asma22go@

مراجعة وتدقيق: زينب محمد


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!