ارتباط انقطاع النفس الانسدادي أثناء النوم بزيادة خطورة الإصابة بالسرطان وجلطات الدم

ارتباط انقطاع النفس الانسدادي أثناء النوم بزيادة خطورة الإصابة بالسرطان وجلطات الدم

25 أكتوبر , 2022

ترجم بواسطة:

فاطمة علي

دقق بواسطة:

أمنية صبري

تزداد خطورة إصابة مرضى انقطاع النفس الانسدادي بالسرطان طبقًا لدراسة كبيرة قُدمت يوم الإثنين في المؤتمر الدولي للجمعية الأوروبية للجهاز التنفسي (ERS) في برشلونة بإسبانيا.

كما أوضحت دراسة أخرى ارتباط انقطاع النفس الانسدادي بتدهور قدرات المعالجة العقلية في كبار السن، خاصةً البالغين الرابعة والسبعين من العمر أو أكثر، كما أظهر الرجال انخفاضًا حادًا في فحوصات إدراكية معينة.

كما وجدت دراسة أخرى أن خطورة تكوين جلطات الدم في الأوردة -وهو مرض مهدد للحياة- تزداد في مرضى انقطاع النفس الانسدادي الأكثر شدة.

انقطاع النفس الانسدادي هو اضطراب نوم شائع حيث يتعرض المرضى لانسداد في مجرى الهواء قد يكون جزئيًا أو كليًا أثناء النوم، كما يتوقفون عن التنفس عدة مرات في الليلة. ويظهر هذا في صورة شخير مرتفع ولُهاث واختناق ونعاس أثناء النهار.

يُعتقد أنه يؤثر على 7-10% على الأقل من البشر. فالأشخاص ذوو الوزن الزائد أو المصابون بالسمنة أو السكري أو المدخنون أو الذين يفرطون في شرب الكحول أكثر عُرضة للإصابة بمرض انقطاع النفس الانسدادي.

يقول الدكتور أندرياس بالم، الباحث ورئيس المستشارين بجامعة أوبسالا في السويد، الذي قدم الدراسة الأولى: “من المعروف بالفعل أن خطورة الإصابة بالسرطان تزداد في مرضى انقطاع النفس الانسدادي، ولكن ليس واضحًا ما إذا كان بسبب المرض نفسه أم بسبب عوامل الخطورة المتعلقة بالسرطان، مثل السمنة وأمراض القلب والأيض وأساليب العيش. تظهر نتائجنا أن نقص الأكسجين بسبب انقطاع النفس الانسدادي يتلازم تلازمًا مستقلاً مع السرطان”.

بحث الدكتور بالم وزملاؤه بيانات من 62,811 مريض قبل بدء علاج انقطاع النفس الانسدادي في السويد بخمس سنوات. تلقى المرضى في الفترة بين يوليو 2010 ومارس 2018 العلاج بجهاز ضغط مجرى الهواء الإيجابي المستمر (CPAP)، الذي يمد الهواء بضغط موجب عبر قناع ليحافظ على مجرى الهواء مفتوحًا أثناء النوم.

ربط الباحثون تلك البيانات بأخرى من السجل السويدي الوطني للسرطان وبيانات اجتماعية اقتصادية من الإحصائيات السويدية.

وضع الباحثون بعين الاعتبار العوامل الأخرى التي قد تؤثر على النتائج، مثل حجم الجسم والمشكلات الصحية الأخرى والحالة الاجتماعية والاقتصادية. وطابقوا 2,093 مريضَ شُخصوا بالسرطان قبل تشخيصهم بمرض انقطاع النفس الانسدادي بخمس سنوات بمجموعة مراقبة مكونة من 2,093 مريضَ بانقطاع النفس الانسدادي غير مشخصين بالسرطان.

كما قاسوا شدة مرض انقطاع النفس الانسدادي بمدرج انقطاع التنفس وضعفه (AHI)، الذي يقيس عدد مرات اضطراب التنفس أثناء النوم، أو مقياس عدم تشبع الأكسجين (ODI)، الذي يقيس عدد المرات التي يقل فيها الأكسجين بمقدار 3% على الأقل لمدة عشر ثوانٍ أو أكثر في الساعة.

وأضاف بالم موضحًا: “وجدنا أن انقطاع النفس الانسدادي في المرضى المصابين بالسرطان يكون أخطر قليلاً، وفقًا لمتوسط قياس مدرج انقطاع التنفس بدرجة 32 مقابل 30 ومقياس عدم تشبع الأكسجين بدرجة 28 مقابل 26.  وبمزيد من التحليل للمجموعات الفرعية، كان مقياس عدم تشبع الأكسجين أعلى في مرضى سرطان الرئة (38 مقابل 27)، وسرطان البروستاتا (28 مقابل 24)، والورم الميلاني الخبيث (32 مقابل 25)”.

وتابع بقوله: “تؤكد النتائج على الحاجة لاعتبار انقطاع التنفس غير المعالَج عاملَ خطورة للإصابة بالسرطان وأن يعي الأطباء احتمال الإصابة به عند علاج مرضى انقطاع النفس الانسدادي، ولكن نتائج دراستنا لا تنصح بفحوصات السرطان الموسعة لكل مرضى انقطاع النفس الانسدادي”.

ألقت الدراسة نظرة على البيانات من جانب واحد، لذا يتعذّر إثبات أن انقطاع النفس الانسدادي يسبب السرطان، بل يلازمه فقط. لم تؤخذ بعض عوامل أساليب العيش المهمة، مثل النشاط الجسدي وتفضيلات الطعام على أساس فردي في الدراسة. كان كلٌ من حجم الدراسة والجودة العالية للبيانات عن تشخيص السرطان وانقطاع النفس الانسدادي نقطتيّ قوة الدراسة.

 يخطط دكتور بالم وزملاؤه مستقبلاً لزيادة أعداد المرضى ومتابعتهم بمرور الوقت لدراسة التأثيرات المحتملة للعلاج بجهاز ضغط مجرى الهواء الإيجابي المستمر (CPAP) على الإصابة السرطان والنجاة منه.

كما أوضح: “الارتباط بين انقطاع النفس الانسدادي والسرطان وطيدٌ بقدر أقل من ارتباطه بأمراض القلب والأوعية الدموية ومقاومة الإنسولين والسكري ومرض الكبد الدهني، وبالتالي نحن بحاجة لمزيد من البحث، ونأمل أن تشجع دراستنا الباحثين الآخرين للعمل على هذا الموضوع الهام”.

وفي عرض تقديمي آخر، أخبر الأستاذ رافاييل هاينزر، مدير مركز بحوث ودراسات النوم بجامعة لوزان في السويد، المجلس أن الدراسة التي أجراها زميله الدكتور نيكولا مارشي أظهرت أن انقطاع النفس الانسدادي ارتبط بتدهور أكبر في قوة المعالجة العقلية في فترة خمس سنوات.

فحص الأستاذ هاينزر والدكتور نيكولا مارشي من مستشفى جامعة لوزان وزملاؤهم مرضى أعمارهم 65 عامًا وأكثر من سكان لوزان، الذين شاركوا في دراسات كولوز/سيكولوز وهيبنولوز (the CoLaus/PsyCoLaus and HypnoLaus studies) (وهي دراسة متابعة فريدة من نوعها في ثروة بيانات الصحة البدنية والعقلية) بين عامي 2003 و2008 وكانوا قيد المتابعة مرة كل خمس سنوات.

خضع 358 مشاركًا عندما انضموا للدراسة لفحص النوم لمعرفة ما إذا كانوا يعانون من انقطاع النفس الانسدادي ودرجة حدته. وأثناء المتابعة الأولى بين عامي 2009 و2013 اختبروا قدراتهم العقلية، كما أجروا تقييمًا إدراكيًا في المتابعة الثانية بعد خمس سنوات.

قاست الفحوصات الإدراكية الوظائف الإدراكية الكلية (مهارات المعرفة والتفكير)، وسرعة المعالجة (الوقت المستغرق في فهم المعلومات والتفاعل معها)، والوظائف التنفيذية (القدرة على ترتيب الأفكار والنشاطات، وتحديد أولوية المهام واتخاذ القرارات)، والذاكرة اللفظية، والإدراك اللغوي البصري للعلاقة المكانية بين الأشياء (الوظيفة البصرية المكانية).

وبالحديث أمام المجلس، يقول الدكتور مارشي: “إن انقطاع النفس الانسدادي -وبالتحديد انخفاض الأكسجين أثناء النوم نتيجة لمرض انقطاع النفس الانسدادي- كان مرتبطًا بتدهور أكبر في الوظائف الإدراكية الكلية وسرعة المعالجة، والوظائف التنفيذية، والذاكرة اللفظية. كما وجدنا أن خطورة التدهور الإدراكي المرتبط بانقطاع التنفس في بعض الفحوصات الإدراكية المحددة يزداد عند الرجال والبالغين 74 عامًا وأكثر”.

فعلى سبيل المثال أظهر اختبار ستروب، الذي يقيس سرعة المعالجة والوظيفة التنفيذية، تدهورًا ملحوظًا لدى الأشخاص في عمر 74 عامًا وأكثر مقارنةً بالمشاركين الأصغر عمرًا، كما أظهر اختبار الطلاقة اللفظية انخفاضًا كبيرًا عند الرجال فقط دون النساء.

وأردف قائلاً: “تبرهن هذا الدراسة أن حدة انقطاع التنفس أثناء النوم وانخفاض مستوى الأكسجين ليلاً تساهم في تردي الوظائف الإدراكية عند كبار السن. كما توضح أن انقطاع التنفس أثناء النوم متعلق بانخفاض وظائف إدراكية معينة، مثل سرعة المعالجة، والوظيفة التنفيذية، والذاكرة اللفظية؛ فمثلاً لم تتأثر وظيفة اللغة والوظيفة البصرية المكانية”.

ينبغي أن ينتبه الأطباء ومرضى انقطاع النفس الانسدادي أنه قد يلعب دورًا في التدهور المعرفي. ولكن لم يُثبت بوضوح حتى الآن أن علاج انقطاع النفس الانسدادي باستخدام جهاز ضغط مجرى الهواء الإيجابي المستمر (CPAP)، يمنع التدهور المعرفي.

كما قال: “تقترح دراستنا أنه ربما ليس كل مرضى انقطاع النفس الانسدادي لديهم نفس خطورة الإصابة بالتدهور المعرفي، وربما هناك مجموعة فرعية من المرضى، خاصةً من يعانون انخفاضًا شديدًا في مستوى الأكسجين ليلاً وكبار السن والرجال أيضًا، قد يكونون أكثر عُرضة للتدهور المعرفي المرتبط بمرض انقطاع النفس الانسدادي”.

يخطط الباحثون لتحليل البيانات عن تأثير انقطاع النفس الانسدادي بعد عشر سنوات لمعرفة الكثير عمن هم أكثر عُرضة للتدهور المعرفي المرتبط به. يقترح دكتور مارشي أن تكون الخطوة التالية لذلك هي إجراء تجربة عشوائية مضبوطة مع هؤلاء المرضى لدراسة تأثير استخدام جهاز ضغط مجرى الهواء الإيجابي المستمر (CPAP) على الإدراك.

تتمثل نقاط قوة الدراسة في متابعة الأفراد خلال فترة خمس سنوات، واستخدام المعيار الأمثل لتقييم مرض انقطاع النفس الانسدادي وهو اختبار النوم، وإجراء عدة اختبارات لتقييم مجموعة من العمليات الإدراكية. ويتمثل قصورها في أن المشاركين كانوا بصحة جيدة نوعًا ما بدون اختلال إدراكي أو مرض عقلي، وأنهم قيّموا المرض في بداية الدراسة فقط.

وأظهرت دراسة ثالثة أجراها الأستاذ فويتش ترزيبيزور من جامعة آنجرز في فرنسا أن مرضى انقطاع النفس الانسدادي الأكثر شدة، وفقًا لقياسات مؤشر توقف النفس أثناء التنفس وعلامات نقص الأكسجين ليلاً، معرضون أكثر للإصابة بالتخثر الوريدي (VTE). فقد أُصيب 104 مريض بالتخثر الوريدي من بين 7355 مريض خضعوا للمتابعة لأكثر من ست سنوات.

أفاد الأستاذ ترزيبيزور قائلاً: “هذه أول دراسة تبحث في الترابط بين انقطاع النفس الانسدادي أثناء النوم والإصابة بالتخثر الوريدي المفاجئ. لقد وجدنا أن من يعانون من انخفاض مستوى الأكسجين بنسبة 90% عن الطبيعي في 6% من الليل، تتضاعف خطورة إصابتهم بالتخثر الوريدي مقارنةً بالمرضى الذين لا يعانون من نقص الأكسجين”.

وأضاف: “نحتاج دراسات أكثر لنرى إذا كان العلاج الكافي لمرض انقطاع النفس الانسدادي، مثل العلاج بجهاز ضغط مجرى الهواء الإيجابي المستمر (CPAP)، بإمكانه تقليل خطورة الإصابة بالتخثر الوريدي في المرضى الذين ينخفض لديهم الأكسجين ليلاً انخفاضًا ملحوظًا”.

كما علّق الأستاذ وينفرد رانديراث، من مستشفى بيثانين في جامعة كولونيا بألمانيا ورئيس مجموعة اختصاصي جمعية الجهاز التنفسي الأوروبية المعنية باضطراب التنفس أثناء النوم قائلاً: “تُظهر تلك الدراسات الثلاثة ارتباطات مقلقة بين انقطاع النفس الانسدادي أثناء النوم وأمراض أخرى هامة تؤثر على الحياة وجودتها، وتشير البيانات إلى ارتباط مرض انقطاع النفس أثناء النوم بالسرطان والتخثر الوريدي والصحة النفسية”.

وأضاف: “وبينما لا يمكنهم إثبات أن مرض انقطاع النفس الانسدادي يسبب أيًا من هذه المشاكل الصحية، ينبغي توعية الناس بتلك الارتباطات وضرورة تغيير أساليب حياتهم لتقليل خطورة الإصابة به، مثل الحفاظ على الوزن الصحي. ولكن إذا كانت الإصابة بانقطاع النفس الانسدادي محتملة، فيجب تأكيد الشخيص وبدء العلاج”.

واختتم آملاً: “نتطلع إلى أبحاث إضافية قد تساعد في توضيح ما إذا كان انقطاع النفس الانسدادي يسبب بعضًا من المشاكل الصحية المذكورة في الدراسة”.

المصدر: https://neurosciencenews.com

ترجمة: فاطمة علي

مراجعة وتدقيق : أمنية صبري


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!