تحسّن الخلايا التائية القاتلة مع التقدم في العمر

تحسّن الخلايا التائية القاتلة مع التقدم في العمر

25 أكتوبر , 2022

ترجم بواسطة:

سمر يوسف

دقق بواسطة:

زينب محمد

إن جهاز الإنسان المناعي حقًا يدعو إلى العجب، فحتى الآن كان مُعترَف بأن قدرة الخلايا التائية القاتلة على تدمير الخلايا السرطانية والمُمرضات تتدهور مع التقدم في العمر، ولكن اتضح أن العكس هو الصحيح، فكلما تقدمت الخلايا في العمر، زادت قدرتها على المقاومة.  

وهذا الاكتشاف المُثير للدهشة هو نتيجة بحث أجرته عالمة الأدوية الدكتورة أنيت ليس، وعالمة الأحياء الجزيئية دورينا سوفيل في جامعة سارلاند. ويقترح البحث أن الخلايا التائية للمرضى الأكبر في السن يمكن أن تكون ذات قيمة خاصة في العلاج المناعي للسرطان. ونُشِرت نتائج هذه الدراسة التي تساعدنا في فهم كيفية تقدم الجهاز المناعي للإنسان في العمر بطريقة أفضل في Aging cell.

فكلما تقدم الشخص في العمر، تزداد احتمالية إصابته بالسرطان. وتبعًا لمعهد روبرت كوخ الألماني، فإن أكثر من نصف ما يقرب من 500000 شخص تزيد أعمارهم عن 60 عامًا يُشخصون بالسرطان كل عام. وكما أظهر وباء كورونا بوضوح أن العدوى الفيروسية تميل لأن تكون أكثر حِدة في المرضى كبار السن.

وكان يُعتقد أن هذا يُشير إلى أن الجهاز المناعي البشري يصبح أضعف مع التقدم في العمر وأن الشيء نفسه يجب أن ينطبق على الخلايا التائية القاتلة التي تؤدي دورًا حيويًا في القضاء على المُمرضات. فوظيفة الخلايا التائية تَعقُّب وتقتل الخلايا المُصابة بفيروس أو ورم في الجسم. وحتى الآن فإن الرأي العلمي المقبول هو أن وظيفة الخلايا التائية تقل فاعليتها بتقدمها في العمر.

وعلى الرغم من ذلك، اكتشف الباحثون في جامعة سارلاند مؤخرًا أن الخلايا التائية تتحول إلى خلايا قاتلة أساسية مع التقدم في السن. وقالت الدكتورة أنيت ليس، وهي صيدلانية مُؤَهلة تعمل منذ سنوات عديدة في مجموعة بقيادة البروفيسور ماركوس هوث في الحرم الطبي للجامعة في هامبورج: “لقد اكتشفنا نتائج مذهلة وهي أن قدرة الخلايا التائية القاتلة (CD8+) على تدمير الخلايا السرطانية لا تتدهور ولكنها في الحقيقة تتحسن مع التقدم في العمر. وعند مقارنة نفس عدد الخلايا التائية الصغيرة والكبيرة، فإن الخلايا الأكبر هي الأفضل والأكثر فاعلية في القتل”.

يرجع سبب تميز مقاومة الخلايا التائية إلى الأسلحة الفعَّالة التي تمتلكها؛ حيث شرحت طالبة أبحاث الدكتوراه دورينا سوفيل: ” يُعزز إنتاج جزيئات البرفورين والغرانزيم في الخلايا التائية الأكبر. وكما يقترح اسمها، فإن جزيئات البرفورين تخترق الخلايا المُستهدفة وتثقبها فتسبب مسامًا صغيرة في جدار الخلية. وبالتالي فإن الغرانزيم يمكن أن يخترق الخلايا ويبدأ عملية الموت المُبرمج للخلايا”.

بالإضافة إلى أن الخلايا التائية الأكبر ذات الخبرة تمتلك صورة أدق للخلايا التي يجب أن تستهدفها. والخلايا التائية القاتلة (CD8+) تمتلك ذاكرة جيدة للخلايا السابقة التي هاجمتها ودمرتها. وكجزء من جهازنا المناعي التَكيُّفي؛ فإن الخلايا تعيش وتتعلم. وأوضحت الدكتورة دورينا سوفيل: “إن الخلايا التائية قادرة على تكوين خلايا ذاكرة. إذا اتصلت بمُسببات أمراض هي على دراية بها بالفعل، فهم يستجيبون بسرعة وبفاعلية أكثر”.

لم تكن خلايا الذاكرة التائية (CD8+) الأكبر ملائمة للعلاج المناعى لفترة طويلة، ولذلك كان استخدامها محدودًا. ففي مرضى السرطان صغار السن، تُستخرج هذه الخلايا من دم المريض وتُدَرب في طبق بتري على محاربة الخلايا السرطانية ثم يُعاد إدخالها في جسم المريض لمُحاربة السرطان.

وأشارت نتائج مجموعة هامبورج للأبحاث أن هذا النوع من العلاج يمكن أن يكون مفيد جدًا عند مُعالجة مرضى السرطان كبار السن. وقالت أنيت ليس: “على عكس التوقعات، فإن استخدامات الخلايا التائية الأكبر في العلاج المناعي التكيُّفي يبدو واعدًا جدًا، وبالأخص في علاج المرضى كبار السن، وهذا يمكن أن يُحسِّن فعالية العلاج ويطيل عمر المريض”.

ولكن هذا يطرح سؤالًا، إذا كانت الخلايا التائية قوية جدًا هكذا، فلماذا الأشخاص الأكبر سنًا ليسوا محميين بصورة أفضل من الخلايا السرطانية والفيروسات؟ وأوضحت ليس: “جهازنا المناعي مثل باقي الأعضاء في الجسم، هو أيضًا يتقدم في العمر باستمرار، وكلما تقدم في العمر، انخفضت قدرته علي الاستجابة بفاعلية لمُسببات الأمراض الجديدة. وأُشير لعملية الشيخوخة هذه في بحث طبي باسم الشيخوخة المناعية، ولم تُجرى أبحاث كافية لكشف تفاصيلها.

وساهم عمل فريق هامبورج للأبحاث بقطعة أخرى في حل لغز فهم هذه العمليات والتفاعلات المُعقدة للغاية. وقالت دكتور ليس: ” من جهة لدينا العمليات المرتبطة بالعمر والتي تحدث بصورة طبيعية كلما تقدمت الخلايا في العمر، ولكن يجب أن نأخذ في الاعتبار أيضًا التغيرات الوظيفية للخلايا كلما تقدمت بيئة هذه الخلايا في العمر.

ففي حالة الخلايا التائية، تُشير الأدلة إلى أن سبب تدهور الاستجابة المناعية لا يكمُن في الخلايا التائية نفسها ولكن في شيخوخة البيئة المُحيطة”. وكلما نتقدم في العمر فإن عدد خلايا الذاكرة التائية (CD8+) المُتكونة يقل أيضًا، لذلك فإن عدد أقل من الخلايا القاتلة مُتاحة لتجنُّب الهجوم بأي مُسببات أمراض أخري.  

وأوضحت دورينا سوفيل: “يبدو أن نتائجنا تشير إلى أن الخلايا التائية الأكبر والأكثر قوة، ذات القُدرة على القضاء على مُسببات الأمراض أو الخلايا السرطانية بسرعة أكبر، قادرة على التكيُّف على العجز المُرتبط بالتقدم في العمر لدى المرضى المُسنين. ولذلك بالرغم من حقيقة أن عدد الخلايا التائية في العموم أقل في المرضى الأكبر، ولكن هذا الجيش الأصغر من الخلايا التائية الأكبر والأكثر فاعلية يُمكن أن يُحارب السرطان والعدوى الفيروسية بفاعلية. ونُجري الآن مزيدًا من الدراسات لتأكيد هذه النظرية”،. ويمكن أن توفر نتائج باحثي هامبورج الأساس لإجراءات بحثية جديدة في المُستقبل.

وتبحث الدراسة المُقدمة من دورينا سوفيل ودكتورة أنيت ليس بعنوان “سُمِّيِّة خلوية أسرع مع التقدم في العمر: زيادة مُعدلات البرفورين والغرانزيم في الخلايا التائية السامة (CD8+) يعزز القضاء على الخلايا السرطانية” التغيرات المتعلقة بالعمر في قدرة الخلايا التائية القاتلة على تدمير الخلايا السرطانية.

 المصدر: https://medicalxpress.com   

ترجمة: سمر يوسف محمد

مراجعة وتدقيق: زينب محمد


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!