علماء اللغة الجنائيين يستطيعون رفع دعوى قضائية أو كسرها فمن هم وما هي وظيفتهم؟

علماء اللغة الجنائيين يستطيعون رفع دعوى قضائية أو كسرها فمن هم وما هي وظيفتهم؟

4 مارس , 2021

ترجم بواسطة:

Norah Suhluli

دقق بواسطة:

أفراح السالمي

المصدر: جورجينا هايدون

إذا كنت من محبّي برامج التلفاز الجنائية فإنك على الأرجح قد صادفت قضايا يُستدعى فيها الخبير وغالباً الطبيب النفسي للمساعدة في حل الجريمة باستخدام مهاراتهم في التحليل اللغوي.

ولكن في الواقع وظيفة علماء اللغة الجنائيين – أمثالي- هي تقديم الأدلة إلى المحاكم، هنا في أستراليا وحول العالم.

يستطيع علماء اللغة الجنائيين إبداء الرأي حول المشاكل متعلقة باللغة، بما في ذلك التسجيلات الصوتية غير المنسوبة والاعترافات الكاذبة، ونزاعات العلامات التجارية، ورسائل التهديد. 

ولكن ما الذي نبحث عنه عند القيام بذلك؟

القراءة بين السطور :

علم اللغة هو دراسة اللغة بشكل علمي، لذلك يقوم الخبراء اللغويين بتقديم المشورة بشكل خاص عن كيفية استخدام اللغة، فهو يدرس التالي:

  • التراكيب النحوية: حيث إن التغيرات في أنماط علامات الترقيم بين النصوص يمكن أن تشير إلى كُتاب مختلفين.
  • علم دلالات الألفاظ: التي تكشف عن كيفية صياغة المعنى عند المتحدثين والمستمعين، مثل فهم معنى نص مكتوب.
  • علم الصوتيات وعلم وظائف الأصوات: واللذان يدرسان الأصوات في اللغة، ويمكن من خلالهما التعرف على الفروق غير المباشرة في حركة الصوت عندما يتم تأديته بواسطة متحدثين مختلفين أو بواسطة متحدثين بلغات ولهجات مختلفة.
  • علم اللغة الاجتماعي: الذي يدرس كيفية استخدام اللغة بين المجموعات الاجتماعية على نحو مختلف، فعلى سبيل المثال: يمكننا التمييز حين  يتعذر فهم الانجليزية على شخص لا يتحدثها وليس لديه أي خلفية عنها. وهذا بسبب تنوع لكنات اللغة الإنجليزية  لدى المتحدثون الأصليون للغة.

كل العلوم اللغوية المذكورة أعلاه  لا تقدر بثمن في المحاكم منذ أول قضية تحليل لغوي مشهورة عام ١٩٥٣. رغم ذلك يبدو أن المهمات التي أنجزها العلماء اللغويون بصورة عامة لمراوغة الأعضاء في العلن هي مجال يساء فهمه على نطاق واسع.

إن أكبر مشكلة تواجه علماء اللغة الجنائيين واللغويين بشكل عام تتعلق باللغة، ,كيفية استخدامنا لكلمة “عالم لغوي”.

يعتقد بعض الناس أن ذلك يشير إلى الشخص الذي يتحدث عدة لغات مختلفة، أو على وجه الخصوص الشخص الفصيح في التحدث والكتابة، ومن السهل مزج هذه التأويلات غير المصطلحية مع التخصص الأكاديمي لعلم اللغات،ولكن  دون  التسبب في تعكير صفو اللغويين.

لذلك يبدو أن الجهل المنتشر بأهمية علم اللغة الجنائي أدى إلى حدوث حالات إخفاق فظيعة في تطبيق العدالة في التاريخ الأسترالي.

ففي عام 2018 ألغت محكمة الاستئناف في أستراليا الغربية حكم الإدانة بالقتل غير العمد لـ جين جيبسون وهو من السكان الأصليين حيث كان يعاني من إعاقة معرفية وكانت اللغة الإنجليزية لغة ثالثة بالنسبة له، وقد أجرت الشرطة مقابلة مع جيبسون دون أي مترجم على افتراض أنه لم يكن هناك حاجة إلى أحد لتقييم طلاقته في اللغة الإنجليزية وبسبب هذا الإهمال قضى جيبسون ما يقارب خمس سنوات في السجن لجناية لم يقترفها.

إن الأشخاص الذين يتحدثون الإنجليزية كلغة إضافية لا يعرفون في بعض الأحيان حقوقهم القانونية في مواقف مثل تحقيقات الشرطة.

وفي السابق تم التصرف مع المدعي عليهم أو الشهود كما لو أنهم يفهمون اللغة الإنجليزية القانونية المعقدة لمجرد أنه يمكنهم التحدث حول الطقس أو عن عائلاتهم. مثل هذه المحادثات العفوية ليست اختبارًا كافياً لطلاقة اللغة.

إسهاب الانترنت المظلم  (dark web):

مثال آخر ، الازدياد السريع في الجرائم الرقمية، حيث أصبحت جرائم الإنترنت سهلة بسبب الأسماء المستعارة وثغرات سياسة الخصوصية على منصات وسائل التواصل الاجتماعي.

ويعد التحديد الدقيق للأفراد الذين ينشرون رسائل تهديد أو تشهير أو رسائل مزيفة عبر الإنترنت ذا أهمية رئيسية للمحققين لأنه يمكن أن يساعد في حماية المستهدفين.

 يُجري علماء اللغة الجنائيين إجراءً يعرف باسم “عزو التأليف”، ويعتمد على تجميع النصوص التي أنتجها مؤلف ما بشكل صحيح عن طريق عزل سمات نصية معينة لهذا المؤلف.

وترتبط هذه الميزات عادةً بالتراكيب النحوية وهي متأصلة بعمق في أسلوب التأليف الفردي لكل شخص حيث يصعب التلاعب بها من قبل المحتالين.

إن عزو التأليف يمثل تحديًا، حيث لا توجد “بصمة نصية” أو نمط مميز لاستخدام اللغة يمكن تخصيصه لكل واحد منا. وعلى الرغم من ذلك فإن تحليل البيانات الضخمة باستخدام النظرية اللغوية يقربنا إلى نظام موثوق.

يصف نهج “الأسلوبية ” الذي ظهر في إحدى حلقات القصة الأسترالية الشهر الماضي أنماطاً للغة متشابهة أو مختلفة بين نصين محددين، لكن هذا الأسلوب ليس فيه محاولة حساب مدى شيوع هذه الأنماط في أي نص مؤلف آخر. وهذه الرقابة هي نموذج لغير اللغويين الذين يحاولون إجراء تحليل لغوي، لأنهم غالبًا لا يعرفون ما الذي يشكل سمة مشتركة للغة.

على سبيل المثال إذا كان هناك مستندان يحتويان على الكلمة الانجليزية “cant” “غير قادر” (دون الفاصلة العليا can’t) فقد يرى غير الخبير أن هذا دليل قوي على أسلوب مؤلف شائع.

ولكن وفقًا لعينة البحث بمدونة برمنغهام – وهي عبارة عن مجموعة تتكون من حوالي ٦٣٠ مليون كلمة مأخوذة من المدونات حيث يتم تهجئة هذه الكلمة دون فاصلة عليا في حوالي ٣.٦٪ من الوقت.

التحليل الميسر بالتكنولوجيا:

كثير من الأنظمة مصممة  بالمعرفة اللغوية المتخصصة وقوة معالجة الكمبيوتر لتحديد المؤلف أو التعرف على المتحدث في التسجيل الصوتي، والتقدم في هذا المجال لا يتطلب أي تقنية جديدة بارعة، بل يتطلب مزيدًا من الاستثمار في قدرة أستراليا على البحث اللغوي الجنائي، وسيثبت البحث المتعمق حول تأليف النص والتعرف على الصوت في هذا العالم الرقمي أهمية بالغة لتطبيق العدالة في المستقبل.

من المهم أيضًا أن نزيد من قوة الوعي وحصر التحليل اللغوي بين عامة الناس، وخاصةً بين ضباط القانون والقضاء.

وجلب المزيد من علوم اللغات إلى المدارس مثل شهادة التعليم الفيكتوري الذي يعد نهجًا رائعًا، لإعداد الجيل القادم من هؤلاء الخبراء.

المصدر: https://phys.org

ترجمة: نوره احمد صهلولي

مراجعة: أفراح السالمي

  تويتر: @fara7alsalmi


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!