التفاعلات بين علم الوراثة والبيئة تفسر التباين الملحوظ في الاضطرابات العصبية والنفسية الشائعة

التفاعلات بين علم الوراثة والبيئة تفسر التباين الملحوظ في الاضطرابات العصبية والنفسية الشائعة

12 أكتوبر , 2022

ترجم بواسطة:

منار مهند

دقق بواسطة:

سراء المصري

بَحثت دراسة جديدة في جامعة شيكاغو بيانات أكثر من ٤٠٠,٠٠٠ شخصًا لفهم كيفية تأثير هذين العاملين في الاختلافات التي تظهر في عدد من الاضطرابات العصبية والنفسية بشكل أفضل؛ على أمل تحديد السبل الكفيلة والتي يمكن للأفراد المعرضين للخطر في نهاية المطاف تغيير بيئاتهم لحماية صحتهم العقلية.

نُشر البحث في مجلة Cell Reports Medicine.

في حين أن بعض الأمراض والاضطرابات يمكن أن تُعزى بسهولة إلى طفرات جينية محددة، إلا أن أسباب العديد من الأمراض -وخاصةً الأمراض النفسية والعصبية- أكثر تعقيدًا بكثير، وتتأثر بالعوامل الجينية والبيئية. 

أوضح هانكسين زانج، الحاصل على درجة الدكتوراه والمؤلف الأول للدراسة ومساعد باحث في جامعة شيكاغو: “يتمتع مختبرنا بإمكانية الوصول إلى بيانات ملايين الأشخاص وعلاقاتهم الأسرية، مما يساعدنا على نمذجة العوامل الوراثية المشتركة بين أفراد الأسرة، فضلاً عن العوامل البيئية المشتركة”.

استخدم الباحثون قاعدة بيانات تحتوي على معلومات صحية مما يزيد عن ١٠٠,٠٠٠ عائلة أمريكية لنمذجة تلك العوامل الوراثية، وربطوها مع البيانات البيئية من وكالة حماية البيئة من خلال الرموز البريدية والمقاطعات التي عاش فيها الأفراد والعائلات.

وفقًا لنماذجهم، تُمثل التفاعلات الجينية والبيئية جزءًا صغيرًا فقط من الاختلافات التي لوحِظت في معدلات بعض الاضطرابات النفسية، مثل الاكتئاب وتعاطي المخدرات. ورغم ذلك، أظهرت اضطرابات أخرى أن التفاعلات الجينية والبيئية تمثل نسبة أكبر بكثير، بما في ذلك اضطراب قصور الانتباه/ فرط النشاط (ADHD)، واضطرابات القلق / الرهاب، والصّداع المُتكرر، واضطرابات النوم، واضطراب ما بعد الصدمة (PTSD).

تُبين هذه النتائج أهمية مراعاة ليس فقط الخلفية الجينية للفرد، بل أيضًا تاريخ تعرضهم البيئي.

 قال أندريه رزيتسكي، وهو حاصل على درجة الدكتوراه، أستاذ في الطب وعلم الوراثة البشرية ومؤلِّف بارز في الدراسة: “يمنحنا العثور على التفاعلات البيئية الجينية الأمل في أن نتمكن من العثور على بعض التباين الجيني الذي يتفاعل مع البيئة، بحيث يمكنك على نحو مثالي تغيير بيئتك والتخلص من المرض”.

على سبيل المثال، إذا كان لدى المريض طفرة جينية تُعرضه لخطر متزايد من الإصابة بالصداع النصفي عند تعرضه للمناخات الحارة، فقد يقترح الطبيب عليه التأكد من وجود مكيف للهواء في منزله وتجنب الحرارة.

وعادةً ما تواجه هذه الأنواع من الدراسات تحدي نقص البيانات الكافية، ولاسيما عندما يتعلق الأمر بالبيانات البيئية.  أشار عاطف خان، وهو عالم في جامعة شيكاغو حاصل على درجة الدكتوراه إلى أن: “البيئة ليست واضحة المعالم، إنها جسيمة. من المحتمل أن تقيس مليارات التفاصيل البيئية المختلفة لتحديد ما هو مهم”.

وأشار الباحثون أيضًا إلى أن البيئة يمكن أن تشتمل على أكثر من مجرد الجزيئات التي تقيسها وكالة حماية البيئة في الهواء والماء والتربة. 

قال تشانغ: “في هذه الدراسة، ننظر تحديدًا في البيئات المعيشية والتعرضات البيئية، لكن التجربة الشخصية للفرد هي أيضًا نوع من التعرض، خاصةً عندما تفكر في الأمراض النفسية. فعلى سبيل المثال، سيكون فهم تفاعلات الأطفال في المدرسة أمرًا مهمًا للغاية، ولكن من الصعب جدًا، جمع هذه البيانات على نطاق واسع”.

في الأبحاث المستقبلية، يأمل الفريق في دراسة بعض هذه التفاعلات بشكل مباشر أكثر. أفاد تشانغ قائلاً: “في هذه الدراسة، قمنا فقط بنمذجة تفاعل عام بين الجينات والبيئة، بعد ذلك يمكننا أن نرى ما إذا كان بإمكاننا تحديد أزواجًا معينة من الجينات والعوامل البيئية التي تلعب دورًا في تطور المرض”.

على المدى الطويل، ومع وجود بيانات كافية، يَعتقد الباحثون أنه يمكنهم حتى تطوير خطط نمط الحياة بناءً على التركيب الجيني للفرد. قال رجيتسكي في هذا الصدد: “إذا تمكنا من تحديد قائمة للمتغيرات الجينية التي تتفاعل مع تحفيز بيئي معين، فيمكننا تصميم خططًا بيئية مخصصة للمرضى المعرضين للخطر”.

المصدر:  https://medicalxpress.com

ترجمة: منار مهند

مراجعة وتدقيق: سراء المصري

تويتر: @Sarraa_mm


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!