العلاقة بين تناول اللحوم الحمراء وميكروبيوم الأمعاء وأمراض القلب لدى كبار السن

العلاقة بين تناول اللحوم الحمراء وميكروبيوم الأمعاء وأمراض القلب لدى كبار السن

14 سبتمبر , 2022

ترجم بواسطة:

أسماء فتحي

دقق بواسطة:

ريما الحربي

هل تناول المزيد من اللحوم (وخاصةً اللحوم الحمراء واللحوم المصنعة) يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية؟ وإن كان كذلك، فلماذا؟

على الرغم من الدراسات المكثفة، إلا أن النقاش ما زال محتدًا حول تأثير الأطعمة ذات المصدر الحيواني على أمراض القلب والأوعية الدموية وتصلب الشرايين، ولا تزال الآثار المحتملة  للبروتينات الحيوانية غير واضحة.

يُعد فهم تأثيرات استهلاك اللحوم أمرًا مهمًا على نحوٍ خاص لدى كبار السن، لأنهم الأكثر عُرضة للإصابة بأمراض القلب، ومع ذلك يُمكنهم الاستفادة من تناول البروتين لتعويض ما فقدوه من قوة وكتلة العضلات نظرًا لتقدم السن.

على مر السنين، حقق العلماء في العلاقة بين أمراض القلب والدهون المشبعة والكوليسترول الغذائي والصوديوم والنيتريت وحتى الطهي بدرجة حرارة عالية، لكن الأدلة التي تدعم العديد من هذه الآليات لم تكن قوية. تشير الأدلة الحديثة إلى أن الجناة الأساسيين قد يشملون المستقلبات المتخصصة التي تنشئها بكتيريا الأمعاء لدينا عندما نأكل اللحوم.

دراسة جديدة بقيادة باحثين في كلية فريدمان لعلوم وسياسات التغذية في جامعة تافتس ومعهد كليفلاند كلينك ليرنر للأبحاث، تحدد مخاطر أمراض القلب والأوعية الدموية وتصلب الشرايين المرتبطة بتناول اللحوم، وتحدد المسارات البيولوجية الأساسية التي قد تساعد في تفسير هذا الخطر.

تُظهر الدراسة التي أجريت على ما يقرب من 4000 رجل وامرأة في الولايات المتحدة  فوق سن 65 عامًا أن ارتفاع استهلاك اللحوم مرتبط بارتفاع مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية وتصلب الشرايين بنسبة 22% وأن حوالي 10% من هذا الخطر المرتفع يُفسر بزيادة مستويات ثلاثة مستقلبات تنتجها بكتيريا الأمعاء من العناصر الغذائية الوفيرة في اللحوم. عُثر على الخطر الأعلى مرتبطًا بمستقلبات بكتيريا الأمعاء للحوم الحمراء دون الدواجن أو البيض أو الأسماك.

وكانت الدراسة التي نُشرت في مجلة Arteriosclerosis, Thrombosis, and Vascular Biology (ATVB) في الأول من أغسطس، هي الأولى من نوعها في تحقيق علاقة الترابط بين الأغذية الحيوانية وخطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية وتصلب الشرايين، والتوسط في هذا الخطر عن طريق المركبات الناتجة من ميكروبيوم الأمعاء وكذلك عن طريق مسارات مسببات مخاطر أمراض القلب والأوعية الدموية وتصلب الشرايين التقليدية مثل كوليسترول الدم وضغط الدم وسكر الدم.

لسنواتٍ عديدة، اعتمد البحث على بيانات من دراسة صحة القلب والأوعية الدموية (CHS) التابعة للمعاهد الوطنية للصحة (NIH)، وهي دراسة قائمة على الملاحظة طويلة المدى لعوامل الخطر لأمراض القلب والأوعية الدموية لدى الأمريكيين الذين تبلغ أعمارهم 65 عامًا أو أكبر. قيست العديد من المؤشرات الحيوية للدم عند خط الأساس ومرة أخرى أثناء المتابعة، بما في ذلك مستويات ميكروبيوم الأمعاء المتولد عن ثلاثي ميثيل أمين N-أكسيد (TMAO) واثنان من وسائطه الرئيسية، جاما بوتيروبيتين وكروتونوبيتين، المشتقة من الكارنتين، الوفيرة في اللحوم الحمراء.

أبرز النتائج

  •  في هذه المجموعة المجتمعية من كبار السن من الرجال والنساء في الولايات المتحدة، ارتبطت كميات أكبر من اللحوم الحمراء غير المصنعة، وإجمالي اللحوم (المصنعة وغير المصنعة)، وإجمالي الأطعمة حيوانية المصدر بشكل مستقبلي بارتفاع معدل الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية وتصلب الشرايين خلال متوسط متابعة 12.5 سنة.
  • كان هناك ارتباط جزئي بين مستويات ثلاثي ميثيل أمين N-أكسيد وجاما بوتيروبيتين وكروتونوبيتين في البلازما، وبين أمراض القلب والأوعية الدموية وتصلب الشرايين (8-11% من الخطر الزائد).
  • أيضًا تم التوسط  جزئيًا في ارتفاع خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية وتصلب الشرايين المرتبط بتناول اللحوم من خلال مستويات الجلوكوز والأنسولين في الدم، وبالنسبة للحوم المصنعة، عن طريق الالتهاب المنهجي، ولكن ليس عن طريق ضغط الدم أو مستويات الكوليسترول في الدم.
  • لا توجد علاقة بين تناول الأسماك والدواجن والبيض بالإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية وتصلب الشرايين.

قال المؤلف المشارك الأول في الصحيفة “منغ وانغ”، زميل ما بعد الدكتوراه في مدرسة فريدمان: “إن هذه النتائج تساعد في الإجابة على الأسئلة طويلة المدى حول الآليات التي تربط اللحوم بخطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية. يبدو أن التفاعلات بين اللحوم الحمراء وميكروبيوم الأمعاء والمستقلبات النشطة بيولوجيًا التي تولدها هي مسار مهم للمخاطر، مما يخلق هدفًا جديدًا للتدخلات المحتملة للحد من أمراض القلب”.

توبع 3931 موضوعًا للدراسة بمتوسط 12.5 عامًا، وكان متوسط أعمارهم عند خط الأساس 73 عامًا. عُدلت الدراسة وفقًا لعوامل الخطر التي وُضعت لها، مثل العمر والجنس والعرق/الأصل والتعليم والتدخين والنشاط البدني والعادات الغذائية الأخرى والعديد من عوامل الخطر الإضافية.

“ومن المثير للاهتمام، أننا حددنا ثلاثة مسارات رئيسية تساعد في تفسير الروابط بين اللحوم الحمراء واللحوم المُصنعة، وأمراض القلب والأوعية الدموية – المستقلبات المرتبطة بالميكروبيوم مثل ثلاثي ميثيل أمين N-أكسيد ومستويات الجلوكوز في الدم والالتهاب العام – وبدا كل منها أكثر أهمية من المسارات المتعلقة بكوليسترول الدم أو ضغط الدم”.

قال المؤلف المشارك، داريوش موش: “يشير هذا إلى أنه عند اختيار الأطعمة حيوانية المصدر، فليس مهمًا التركيز على الاختلافات في إجمالي الدهون أو الدهون المشبعة أو الكوليسترول، والأهم من ذلك فهم الآثار الصحية للمكونات الأخرى في هذه الأطعمة بشكل أفضل، مثل الكارنيتين وحديد الهيم”.

من خلال الاستفادة من البيانات السريرية والغذائية المكثفة بين مجتمع كبير من كبار السن، قال المؤلف المشارك ستانلي إل هازن، رئيس قسم أمراض القلب الوقائية وإعادة التأهيل في كليفلاند كلينك: “تحتاج الدراسة أيضًا للجهود الغذائية كوسيلة لتقليل هذا الخطر، لأن التدخلات الغذائية يمكن أن تقلل بشكل كبير من ثلاثي ميثيل أمين N-أكسيد”.

هناك حاجة إلى مزيد من الدراسة لتحديد ما إذا كانت النتائج قابلة للتعميم عبر الأعمار والجنسيات. لاحظ المؤلفون أيضًا أنه بينما قيست المؤشرات الحيوية للميكروبيوم مباشرةً في الدم، أُبلغ عن العادات الغذائية للمشاركين في الدراسة ذاتيًا، ونتائج الدراسة قائمة على الملاحظة ولا يمكن إثبات السبب والنتيجة.

وقال أحمد حسن، المسؤول الطبي ومدير البرنامج في فرع أمراض القلب والشريان التاجي في المعهد الوطني للقلب والرئة والدم، وهو جزء من المعاهد الوطنية للصحة، والذي لم يكن جزءًا من الدراسة، “في حين أن هناك حاجة إلى مزيد من الدراسات، فإن التقارير الحالية توفر هدفًا جديدًا محتملاً للوقاية من أمراض القلب أو علاجها في مجموعة فرعية من الأشخاص الذين يستهلكون كميات زائدة من اللحوم الحمراء”.

في الوقت الراهن، يتم تشجيع المستهلكين على اتباع التوصيات الحالية لنمط حياة صحي للقلب، بما في ذلك تكييف نظام غذائي صحي غني بالخضروات والفواكه والحبوب الكاملة وغيرها من الأطعمة الصحية للقلب.

وأضاف أن التغييرات الأخرى في نمط الحياة الصحي للقلب تشمل أيضًا تحقيق وزن صحي، وتقليل التوتر، وتنظيم ضغط الدم، وممارسة المزيد من التمارين الرياضية، والحصول على قسط كافٍ من النوم، والإقلاع عن التدخين.

كلما زادت مستويات ثلاثي ميثيل أمين N-أكسيد، زاد معدل خطر الوفاة.

تعد دراسة بيولوجيا الأوعية الدموية وتصلب الشرايين والتخثر جزءًا من التعاون المستمر بين العلماء في مدرسة فريدمان وعيادة كليفلاند للكشف عن الدور الذي يلعبه ميكروبيوم الأمعاء في صحة الإنسان، وخاصةً صحة القلب والأوعية الدموية.

وفي صحيفة JAMA Network Open، أفاد العديد من الباحثين أنفسهم أن ثلاثي ميثيل أمين N-أكسيد والمستقلبات ذات الصلة لدى كبار السن ترتبط على نحو إيجابي بزيادة خطر الوفاة سواء كانت الوفيات مرتبطة بأمراض القلب والأوعية الدموية أو مرض آخر. كان المشاركون الذين لديهم أعلى مستويات  من ثلاثي ميثيل أمين N-أكسيد(TMAO) في البلازما ومؤشراتها الحيوية أكثر عرضة للوفاة بنسبة 20 إلى 30% مقارنةً بأولئك الذين لديهم أدنى المستويات.

شملت هذه الدراسة أكثر من 5000 مشارك من دراسة صحة القلب والأوعية الدموية. كانت النتائج ملحوظة بسبب قلة الدراسات حول ثلاثي ميثيل أمين N-أكسيد (TMAO) وخطر الوفاة في عموم السكان؛ بحثت الأبحاث السابقة عادةً في المرضى السريريين الذين يعانون من حالات أساسية مثل مرض السكري وأمراض الكلى وأمراض القلب. في حين أن عوامل الخطر المحددة مثيرة للقلق، فإن الخبر السار هو أن مستويات ثلاثي ميثيل أمين N-أكسيد (TMAO) قابلة للتعديل. وقالت المؤلفة الأولى المشاركة في الصحيفة (أماندا فريتس) من قسم علم الأوبئة بجامعة واشنطن: “الآن بعد أن عرفنا المزيد عن شدة المخاطر المرتبطة بثلاثي ميثيل أمين N-أكسيد (TMAO)، يمكننا استكشاف مناهج فعالة لتغيير هذه المستويات في الجسم».

تدعم كل من صحيفتي ATVB وJAMA Network Open دراسة أهمية الميكروبيوم والمستقلبات المحددة لصحة الإنسان، حيث تربط صحيفة ATVB على وجه التحديد ميكروبيوم الأمعاء بتناول اللحوم، وتأثيراتها على صحة القلب.

المصدر: https://medicalxpress.com

ترجمة: أسماء فتحي

مراجعة وتدقيق: ريما الحربي

تويتر: @_reemaharbi


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!