لماذا ليست التجربة دائمًا أفضل معلم؟

لماذا ليست التجربة دائمًا أفضل معلم؟

6 سبتمبر , 2022

ترجم بواسطة:

ياسمين العلي

دقق بواسطة:

زينب محمد

يمكن للمعتقدات التي تطورت مع مرور الوقت أن تؤدي إلى حدوث أخطاء في المختبرات الجنائية والميادين الأخرى.

النقاط الرئيسية

  • غالبًا ما يطلق علماء الأدلة الجنائية وعناصر الأمن والأطباء أحكامًا بصرية حول ما إذا كانت نتيجة معينة موجودة.
  • تحدث تأثيرات الشيوع عندما تعلمنا التجربة أن نتيجةً معينة نادرة، مما يجعلنا أكثر ضعفًا في ملاحظة حدوثها.
  • يؤثر الشيوع أيضًا على أحكام الأدلة الجنائية بطرق قد تؤدي إلى إساءة تطبيق العدالة.
  • يمكن للمختبرات الجنائية استخدام اختبار الكفاءة العمياء “لإعادة تدريب” محللي الأدلة الجنائية بشكل دوري وبالتالي التقليل من الأخطاء.

تحتم العديد من الوظائف على الناس إصدار أحكام بصرية مهمة ومتكررة. لنأخذ ضباط أمن المطار كمثال. في أي يوم من الأيام، يقومون بتفتيش الآلاف من الأمتعة من خلال جهاز الأشعة السينية بحثًا عن الأسلحة أو أي مواد خطيرة مهربة – وعلى الرغم من أن أغلب هذه الأمتعة لا تحتوي على أي من هذه الأمور، إلا أن الفشل في ملاحظة وجود سلاحٍ ما أمر قد تكون له عواقب وخيمة.

من المؤكد أن هؤلاء المتدربون المحترفون مجتهدون، كما تشير الأبحاث إلى كونهم ماهرون جدًا في الكشف عن الأسلحة – ضمن الإعدادات الخاضعة للرقابة – ولكن في عام 2017، أجرت وزارة الأمن الداخلي اختبارات سرية، حيث حاول ممثلون التسلل بالأسلحة إلى مطارات العالم الحقيقي. وقد فشل عملاء أمن النقل في كشف هذه الأسلحة في أكثر من 70% في معظم الأحيان. فلماذا قد تحدث هذه الأخطاء ؟

ما هي آثار الشيوع؟

يتحسن الأداء في مهمة ما بشكلٍ عام مع التجربة. ومع ذلك، في علم النفس المعرفي، تُظهر ظاهرة تأثيرات الشيوع أنه يمكن للتجربة أن تأتي بنتائج عكسية وأن تخلق أخطاءً مثل تلك. ففي الجوهر، لو تعلمنا من خلال التجربة أن نتيجة ما نادرة الحدوث، فإننا سنصبح متساهلين في بحثنا عن تلك النتيجة، مما يجعلنا أقل عرضة لملاحظتها عند حدوثها.

فكما يتعلم ضابط أمن مطارنا الافتراضي بمرور الوقت أن الحقائب قلّما تحتوي على الأسلحة، فإنه يقترب من أي حقيبة مع توقع أنها لن تحتوي على أي سلاح، مما يضعف قدرته على اكتشاف السلاح عندما يكون موجودًا بالفعل.

آثار الشيوع في علم الأدلة الجنائية

وجدت أنا وزملائي أن هذه الظاهرة يمكن أن تؤثر على أحكام الأدلة الجنائية. في دراستنا الأولى، شاهد كل مشارك 100 زوج من بصمات الأصابع واحدة تلو الأخرى. وبالنسبة إلى كل زوج، كانوا يقررون ما إذا كانت بصمتي الأصابع قد جاءت من نفس الشخص (أي متطابقة) ثم يتم إعلامهم ما إذا كانت إجاباتهم صحيحة قبل مشاهدة الزوج التالي. ولكن هنا تكمن الحبكة:

بينما رأى بعض المشاركين عددًا متساويًا من الأزواج المتطابقة وغير المتطابقة، رأى أخرون 90 زوجًا متطابقًا بالفعل (و10 أزواج غير متطابقة)، ورأت مجموعة أخرى 10 أزواج متطابقة (و90 زوجًا غير متطابقين). سيتعلم المشاركون في المجموعتين الأخيرتين بمرور الوقت أن الأزواج عادةً ما تتطابق (أو لا تتطابق).

وكما توقعنا، فإن نسبة المطابقة إلى عدم المطابقة بين الأزواج أثرت على أنواع الأخطاء التي ارتكبها المشاركون، حيث أصبح الأشخاص الذين شاهدوا أزواجًا متطابقة في الغالب أكثر عرضة لإساءة الحكم على الأزواج غير المتطابقة بأنها متطابقة – أي الأخطاء التي تورط بالخطأ مشتبهين جنائيين أبرياء – وعلى العكس من ذلك، أصبح الأشخاص الذين شاهدوا أزواجًا غير متطابقة في الغالب أكثر عرضة لإساءة الحكم على الأزواج المتطابقة بأنها غير متطابقة – أي الأخطاء التي قد تسمح للمجرمين بالبقاء أحرارًا ليرتكبوا جرائم أخرى.

ووجدت دراسات أخرى نتائج مشابهة بين الأشخاص الذين يقومون بالفحص بحثًا عن المعرفات الوهمية، وأخصائيو الأشعة في بحثهم عن الأورام السرطانية، وبالتأكيد، ضباط أمن المطار عند فحصهم للأمتعة بحثًا عن الأسلحة. وكان من المرجح في كل حالة ألا تُكتشف المحفزات التي ظهرت بشكل أقل تكرارًا.

هل يمكننا تجنب آثار الشيوع؟

لسوء الحظ، من الصعب أيضًا تصحيح آثار الشيوع. ففي دراستنا الثانية المنشورة، قمنا أولًا باستبدال النتائج المذكورة أعلاه بعينة من متدربي علوم التحليل الجنائي. بالإضافة إلى ذلك، اختبرنا ما إذا كانت مطالبة الأفراد بمقارنة البصمات بطريقة أكثر تنظيمًا ودقة ستخفف من المشكلة، ولكن ذلك لم يحدث فرقًا. وقد جربت الدراسات السابقة مناهج أخرى لتصحيح آثار الشيوع – كإنذار الأشخاص بشكل مسبق حول الأثر لإجبارهم على العمل ببطء أكثر أو إعطائهم الفرصة ليصححوا أجوبتهم – والتي كانت أيضًا غير فعالة.

في حال عدم تمكننا من تصحيح الأثر، فربما يمكننا القيام بتصحيح الشيوع بذاته – أي تجنب الأثر من خلال تغيير عدد المرات التي تحدث فيها النتائج في المقام الأول. يكون هذا مستحيلًا في بعض المجالات؛ فعلى سبيل المثال، لا يمكن للأطباء التحكم في عدد المرات التي تُظهر فيها الأشعة السينية الخاصة بمرضاهم أورامًا سرطانية. ولكن في مجالات أخرى، كاختبارات المطار السرية الموصوفة أعلاه، يمكننا زيادة تواتر نتائج معينة بشكل مصطنع وسري، مثل الأسلحة.

في المختبرات الجنائية، دعت وكالات مثل الأكاديمية الوطنية للعلوم ومجلس مستشاري الرئيس للعلوم والتكنولوجيا بالمثل إلى استخدام اختبار الكفاءة العمياء، حيث يطلب من العلماء بشكل دوري ودون علم منهم القيام باختبار العينات التي لم تأتي بالفعل من مسرح جريمة وإنما هي اختبارات سرية لقدراتهم.

وبينما تستمر العديد من المختبرات في مقاومة اختبار الكفاءة العمياء لأسباب متعددة، نشر آخرون تقارير مباشرة تشير إلى أن هذه الممارسة مجدية وتجنى منها فوائد كبيرة. ويشير بحثنا إلى أنه يمكن لاختبار الكفاءة العمياء أن يحارب الأخطاء الناتجة عن تأثيرات الشيوع؛ على سبيل المثال، إذا حكم الفاحصون في مختبرٍ ما على معظم الأدلة على أنها “متطابقة”، بإمكان المشرفين تقديم المزيد من الأدلة “غير المتطابقة” كاختبار للكفاءة العمياء لموازنة النسبة. وقد وجدت دراسات فحص الأمتعة بالفعل أن تأثيرات الشيوع انخفضت عندما أعيد تدريب المشاركين بشكل دوري – أي أنها أظهرت بشكل أساسي حقائب تحتوي على أسلحة وتعليقات على أدائهم.

يقال أن “التجربة هي أفضل معلم” وعادةً ما يكون ذلك صحيحًا -ولكن تظهر الأبحاث حول تأثير الشيوع كيف أنه يمكن للتجربة أن تكون سلاحًا ذو حدين. ففي مجالات مثل علم الأدلة الجنائية، يمكن حتى للأخطاء النادرة في المهام البصرية أن تكون ذات عواقب وخيمة، رغم ذلك، لدينا أيضًا بعض من التحكم في كيفية تنظيم هذه المهام. وبالتالي، عوضًا عن التعلم من التجربة بحد ذاتها، قد نتمكن من إنشاء معلم أفضل من خلال تحسين نوع التجربة التي يتلقاها المحترفون.

المصدر: https://www.psychologytoday.com

ترجمة: ياسمين العلي

تويتر: @YATransl

لينكد إن: yasmeenal

مراجعة وتدقيق: زينب محمد


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!