عدم النوم والأنانية: تجعلنا قلة النوم أقل كرمًا

عدم النوم والأنانية: تجعلنا قلة النوم أقل كرمًا

5 سبتمبر , 2022

ترجم بواسطة:

آية أبو زيد

دقق بواسطة:

أماني نوار

قام علماء جامعة بيركلي بدراسة جديدة تظهر التأثير المثير لنقص النوم الذي يؤدي إلى نقص الرغبة في مساعدة الآخرين، نتيجة لانهيار نشاط شبكات الدماغ الاجتماعية الرئيسية. عمل على الدراسة: إتي بن سايمون، وماثيو ووكر، من جامعة بيركلي.

مساعدة الناس لبعضهم البعض هي إحدى أساسيات المجتمع المتحضر. لكن الدراسة الجديدة لعلماء جامعة كاليفورنيا في بيركلي تظهر أن نقص النوم يمحو هذه السمة الإنسانية الأساسية مما يأتي بعواقب فعلية.

يرتبط نقص النوم بزيادة خطر أمراض القلب والأوعية الدموية، والاكتئاب، والسكر، وارتفاع ضغط الدم، وخطر الموت بشكل عام. بالإضافة إلى ذلك، فإن هذه الاكتشافات الجديدة تظهر أن نقص النوم يضعف أيضًا من وعينا الاجتماعي الأساسي ويجعلنا نفقد رغبتنا واستعدادنا لمساعدة الآخرين.

أظهر العلماء في جزء من الدراسة نسبة الأعمال الخيرية في الأسبوع التالي لبداية التوقيت الصيفي، ووجدوا أن سكان معظم الولايات التي تطبق التوقيت الصيفي وتفقد ساعة من يومها قد انخفضت أعمالهم الخيرية بنسبة 10%، على عكس الولايات الأخرى التي لا تغير ساعتها أو عندما تعود الولايات للتوقيت الطبيعي في الخريف.

قاد الدراسة العالمة الباحثة في جامعة بيركلي إتي بن سايمون وماثيو ووكر (أستاذ علم النفس في جامعة بيركلي)، وتضاف هذه الدراسة إلى مجموعة من الدلائل التي تشير إلى أن نقص النوم لا يضر فقط بالحالة النفسية والجسدية للفرد لكنه أيضًا يؤثر على الروابط بين الأفراد وحتى على مشاعر الإيثار في الأمة أجمع.

قال ووكر: “اكتشفنا خلال العشرين سنة الماضية رابطًا عميقًا بين صحة نومنا والصحة العقلية، في الواقع لم نتمكن من إيجاد حالة نفسية واحدة خطيرة يكون فيها النوم طبيعيًا، لكن هذه الدراسة الجديدة توضح أن نقص النوم لا يدمر فقط صحة الفرد بل ويفكك العلاقات الاجتماعية بين الأفراد بالإضافة إلى تفكيك النسيج المجتمعي نفسه، حيث يعتمد نشاطنا كفصائل اجتماعية -ونحن بالفعل كذلك- بشكل جذري على كمية نومنا”.

قالت بن سايمون: “بدأنا نشهد الكثير من الدراسات بما فيهم تلك الدراسة التي تظهر أن نقص النوم لا يؤثر فقط على الفرد بل ويصل إلى المحيطين بنا، إذا لم تحصل على القدر الكافي من النوم فهذا لا يؤثر فقط على سلامتك لكنه يضر بسلامة دائرتك الاجتماعية كاملةً بما فيهم الغرباء”.

يضعف الأرق نظرية الشبكة العقلية

يصف التقرير الجديد ثلاث دراسات منفصلة تقيّم تأثير نقص النوم على قبول الأشخاص لمساعدة الآخرين. في الدراسة الأولى، وضع العلماء 24 متطوعًا بصحة جيدة على جهاز التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI) لفحص أدمغتهم بعد ثماني ساعات من النوم وبعد ليلة بدون نوم. وجدوا أن المناطق في الدماغ التي تُكون نظرية الشبكة العقلية – والمسؤولة عن تعاطف الأشخاص ومحاولة فهمهم لما يريده الآخرون ويحتاجوه- أصبحت أقل نشاطًا بعد تلك الليلة التي لم يناموا فيها.

قالت بن سايمون: “عندما نفكر في الآخرين تتدخل هذه الشبكة وتساعدنا على فهم احتياجات الآخرين: ما الذي يفكرون فيه؟ هل يتألمون؟ هل يحتاجون للمساعدة؟، لكن هذه الشبكة ضعفت بشكل واضح عندما حُرم الأفراد من النوم، كما لو أن هذه الأجزاء من الدماغ تفشل في الاستجابة عندما نحاول التفاعل مع الآخرين بعد عدم الحصول على النوم الكافي”.

في الدراسة الثانية، تتبعوا أكثر من مائة فرد عبر الإنترنت لمدة ثلاث أو أربع ليال. خلال هذا الوقت قاس العلماء جودة نومهم (مدة النوم، وعدد مرات الاستيقاظ) ثم قيّموا رغبتهم في مساعدة الآخرين مثل فتح باب المصعد لشخص آخر، أو التطوع أو مساعدة شخص غريب مصاب في الشارع.

قالت سايمون: “وجدنا هنا أن ضعف جودة نوم شخص من ليلة إلى التالية يُظهر نقصًا ملحوظًا في الرغبة في مساعدة الآخرين في اليوم اللاحق لتلك الليلة حتى اليوم التالي، أولئك الذين لم يناموا جيدًا في الليلة السابقة ذُكر أنهم كانوا أقل رغبةً وحرصًا على مساعدة الآخرين في اليوم التالي”.

يتضمن الجزء الثالث في الدراسة معالجة قاعدة بيانات لثلاثة ملايين تبرع خيري في الولايات المتحدة بين عامي 2001 و2016. هل تغير عدد التبرعات بعد الانتقال إلى التوقيت الصيفي والفقد المرجح لساعة من النوم؟ فكانت المفاجأة اكتشافهم انخفاضًا بنسبة 10% من التبرعات. ولم يُلاحظ مثل هذا الانخفاض في منح الهدايا الودية في المناطق التي لم يتغير توقيتها.

قال ووكر: “حتى مع انخفاض بسيط في كمية النوم – وهو في هذه الحالة فقد ساعة نوم واحدة فقط مرتبطة بالتوقيت الصيفي- فإنه يؤثر على عطاء الناس بشكل حقيقي وملحوظ للغاية، وبالتالي على القيام بواجبنا كمجتمع متصل ببعضه، عندما يفقد الناس ساعة واحدة من النوم ينتج عنها ضربة مؤثرة بوضوح على التعاطف الإنساني الفطري والحافز لمساعدة المحتاجين”.

أظهرت دراسة سابقة لووكر وبن سايمون أن الحرمان من النوم يجبر الناس على أن يتراجعوا اجتماعيًا ويصبحوا أكثر عزلة، كما يزيد نقص النوم أيضًا من شعورهم بالوحدة، ويحدث الأسوأ عندما يبدأ هؤلاء الأفراد المحرومون من النوم في التفاعل مع الآخرين فينشرون وحدتهم للآخرين كالفيروس، طبقًا لما قاله ووكر.

وقال: “بالنظر إلى الصورة كاملةً بدأنا نجد أن نقص النوم ينتج عنه انطوائية بالكامل، مما يؤدي إلى عواقب عدة على كيفية حياتنا معًا كفصيل اجتماعي. يجعل نقص النوم الناس أقل تعاطفًا وكرمًا وأكثر انسحابًا من المجتمع، وهو أمر معدي، فالإحساس بالوحدة يصيب بالعدوى”.

وأضاف ووكر: “تؤثر كمية وجودة النوم على المجتمع بالكامل، بسبب ضعف السلوك الاجتماعي، وإدراك هذا يوفر لنا رؤية لشؤون الحالة المجتمعية في الوقت الحاضر”.

تعرض هذه النتائج تصورًا جديدًا لتطوير هذه الجوانب المحددة في مجتمعنا.

قالت بن سايمون: “سيكون تحسين النوم بدلاً من الخجل من الحصول على نوم كافٍ مساعدًا بشدة في تشكيل الروابط الاجتماعية التي نواجهها كل يوم”.

“اتضح أن النوم عامل مساعد هائل لأجل السلوك الإنساني الاجتماعي، والتواصل، والتعاطف، والعطف، والكرم. وفي مثل هذه الأوقات الخلافية إذا كانت هناك حاجة لعامل اجتماعي وقوي مساعد لإظهار النسخة الأفضل منا في المجتمع فيبدو أنه سيكون النوم” طبقًا لما قاله ووكر، وهو مؤلف الكتاب العالمي الأفضل مبيعًا “لماذا ننام” (why we sleep)، وأضاف: “قد يكون النوم هو المكون الرائع الذي يتيح تألق المساعدة بين البشر”.

أوضحت بن سايمون: “النوم ضروري لكل الجوانب الجسدية، والعقلية، والعاطفية في حياتنا، عند التقليل من قيمة النوم في المجتمع لا نجد فقط أطباءً وممرضين وطلابًا محرومين من النوم، لكننا أيضًا نعاني من التعاملات الخالية من العطف والتعاطف في الحياة اليومية”.

يفيد أكثر من نصف الأشخاص في الدول النامية بعدم حصولهم على النوم الكافي خلال أسبوع العمل.

وأضافت بن سايمون: “حان الوقت أن يهجر المجتمع فكرة أن النوم غير ضروري ومضيعة للوقت، وأن نبدأ بالحصول على النوم الكافي دون الشعور بالخجل، إنه أفضل صورة للعطف يمكننا منحها لأنفسنا والآخرين من حولنا”.

المصدر: https://medicalxpress.com

ترجمة: آية أبوزيد

تويتر: Ayaabuzaid

مراجعة وتدقيق: أماني نوار

تويتر: amani_naouar


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!