هل هناك شئ أفضل من النوم بعد ظهيرة يوم مُمل مع حيوانك الأليف الهادئ في مكانه بعد أن قرأت نصف كتابك؟

الاستسلام لهذه المُتعة البسيطة كثيرًا يُمكن أن يكون تحذير يستحق الاهتمام، حيث إن هناك دراسة جديدة وضخمة تتضمن القيلولة المُنتظمة والمُتكررة وارتباطها بزيادة خطورة ارتفاع ضغط الدم والسكتة الدماغية. حيث أعلنت دراسة 358451 سجل مجهول الهوية في البنك الحيوي البريطاني الرابط بين القيلولة والأمراض السابقة وتعتقد أنها ليست مُصادفة.

وحيث إنها دراسة ارتباطية، فإن الأرقام لا تعني بالضرورة أن الخطر يكمن في القيلولة نفسها ولكن أنماط النوم السيئة يمكن أن تكون المُشكلة. ولحظات الراحة الوجيزة أثناء النهار ليست كافية لحمايتنا من المخاطر الصحية المُترتبة عليها.

 وقال طبيب التخدير إي وانغ من مستشفى جامعة شيانغيا سنترال ساوث في الصين: “هذه النتائج مثيرة للاهتمام خاصةً أن الملايين من الناس يستمتعون بقيلولة مُنتظمة أو يومية”.

وقد لاحظت الدراسات السابقة احتمالية ارتباط قيلولة النهار وارتفاع ضغط الدم، وبالتالي فإن من مضاعفاتها الرئيسية هي السكتة الدماغية. في الحقيقة، قيلولة يوم واحد تتزامن مع زيادة خطر الإصابة بارتفاع ضغط الدم أو السكتة الدماغية.

وكل من هذه الأمراض تعتبر خَطِرة: فارتفاع ضغط الدم -الذي يُشخَص من خلال استمرار ارتفاع ضغط الدم- سبب رئيسي للوفاة المبكرة، والسكتة الدماغية يُمكن أن تسبب إعاقة طويلة المدى وخطيرة وأيضًا الوفاة.

وللتوسع أكثر في الدراسات السابقة، استغل الباحثون البنك الحيوي لإجراء دراسة تشمل التوزيع العشوائي المندلي وتأثير اختلاف الجينات على النتائج لتحديد السببية وتمَّت الملاحظات على فترات زمنية طويلة.

 ويحتوي بنك المعلومات على بيانات أكثر من 500000 مُقيم في الولايات المتحدة تتراوح أعمارهم بين 40 و69 عامًا في الفترة بين عام 2006 و2010، ويقدمون بانتظام عينات وتحديثات عن صحتهم، كما أجرى بعض المُشاركين في البنك الحيوي استبيانًا حول قيلولة النهار، وأُجرِي هذا الاستبيان أربع مرات بين عامي 2010 و2019.

 استثني الباحثون من بيانات البنك الحيوي أي شخص مصاب بالفعل بارتفاع ضغط الدم أو سكتة دماغية قبل بدء الدراسة. وبهذا تبقي 358451 شخص ساهمت بياناتهم الصحية في الدراسة ضمنهم 50507 حادثة ارتفاع ضغط الدم و4333 حادثة سكتة دماغية.

وكشفت هذه العينة الواسعة عن معلومات رائعة، على سبيل المثال أكثر الذين ينامون قيلولة بانتظام كانوا ذكورًا، ومُدخنين، وذوي مستوى تعليم أقل، ومُستوى دخل أقل، وأيضًا ذُكِر إصابتهم بالأرق والشخير.

كما ارتبط ارتفاع معدل القيلولة إيجابيًا بقابلية الجينات للإصابة بارتفاع ضغط الدم.

وأولئك الذين ينامون قيلولة بانتظام مُعرضون لخطر الإصابة بارتفاع ضغط الدم بنسبة 12% أعلى من أولئك الذين قلما أو لا يحصلون على قيلولة أبدًا، وأعلى في السكتة الدماغية بنسبة 24%. وهذه الخطورة كانت أعلى في المشاركين الأصغر من 60 عامًا، حيث كانت خطورة إصابتهم بارتفاع ضغط الدم 20% مقارنةً بمعدل 10% في الأكبر من 60 عامًا.

كما أن زيادة معدل القيلولة الذي أبلغ عنه تقريبًا ربع المشاركين يدعو للقلق، حيث زاد معدل القيلولة في فئة واحدة في الاستبيان، على سبيل المثال من لا ينامون قيلولة أبدًا إلى أحيانًا، وزاد خطر إصابتهم بارتفاع ضغط الدم بنسبة 40%.

وبدلًا من أن يسبب أحدهما الآخر، فإن كل من القيلولة وارتفاع ضغط الدم يمكن أن يكونوا أعراض لنفس المشكلة الأساسية.

وقال عالم النفس السريري وخبير النوم مايكل غراندنر من جامعة أريزونا، الذي لم يشارك في البحث: “بالرغم من أن نوم القيلولة فقط غير ضار، ولكن كثير من الناس يحصلون على القيلولة لأنهم لا ينامون جيدًا في الليل، وقلة النوم في الليل مرتبطة بضعف الصحة، ونوم القيلولة غير كافٍ للتعويض عن ذلك”.

“وتعكس هذه الدراسة نتائج أُخرى توضح عمومًا أن كثرة نوم القيلولة يزيد من خطورة حدوث مشاكل في صحة القلب ومشاكل صحية أخرى”.

هذا لا يعني وجوب استبعاد أية علاقة سببية، فالعلماء سجلوا سابقًا أنَّ ضغط الدم يُمكن أن يرتفع بعد نوم القيلولة، والذي يمكن أن يؤدي دور في زيادة خطر الإصابة بسكتة دماغية لدى أصحاب القيلولة النهارية، على الرغم من أنه يمكن أن تكون آلية أخرى مسؤولة أيضًا.  على أي حال، هناك ما يبرر إجراء المزيد من الأبحاث.

وكتب الباحثون في ورقتهم البحثية: “الدراسة التي أجريناها والدراسات الإكلينيكية السابقة تقترح وجوب إجراء مزيدٍ من الفحوصات حول الأساس الميكانيكي للعلاقة بين أنماط النوم الطبيعية وتشمل القيلولة النهارية، وأمراض القلب والأوعية الدموية”.

المصدر: https://www.sciencealert.com

ترجمة: سمر يوسف

مراجعة وتدقيق: زينب محمد