عبر الوباء..نتنفس

عبر الوباء..نتنفس

21 أغسطس , 2022

ترجم بواسطة:

أماني نوار

دقق بواسطة:

زينب محمد

هل يمكن أن يساعدنا فن اليقظة الذهنية في محاربة فيروس كورونا المنتشر؟

الإجابة هي نعم، وفيما يلي الطريقة لتحقيق ذلك.

النقاط الرئيسية:

  • مازال فيروس كوفيد، حتى مع متحوره الحالي الأقل فتكًا، مصدرًا للقلق والمعاناة الشديدين.
  • إن التأمل هو أسلوب مريح ومفيد للتعامل مع تقلبات المرض.
  • يعد التركيز على إبقاء الأمر بسيطًا والحصول على بعض الرأفة على الذات من الجوانب الجوهرية لاستخدام مُمارسة التأمل خلال فترة المرض.

إن العام الإضافي الذي قضيته في إعداد هذه المقالات، حول الطرق العملية لاستخدام أساليب اليقظة الذهنية وتدريسها، لا يمكن أن يطلق عليه بالوقت المهدر بتاتًا. حيث ما فتئ الجو يستمد توتره من التوقعات اليومية حول التغييرات السياسية والمناخية في العالم، وخاصةً في ظل انتشار الوباء وموجاته المتتالية من المعاناة والارتياب.

تناولت العديد من منشوراتي في المدونة كيفية استخدام أسلوب التأمل للتسامح والتكيف مع التأثيرات الحادة لعصر الكوفيد على حياتنا وعملنا وعلاقاتنا.

إنه لأمرٌ مضحك بل بالأحرى غريب، كوني لم أعر انتباهًا لمناقشة استخدام أساليب التوعية- بشكل أكثر تحديدًا- لإدارة تجربة الكوفيد والتعامل مع المعاناة والخوف وتداعيات ذلك على المستوى الشخصي للفرد. بالنظر إلى الماضي كانت هذه فرصة مهدرة، ربما كان ذلك بسبب قلة إدراكي لأهمية المسألة. فلو كان بإمكاني تقديم القول المأثور القديم “اكتب عما تعرفه” كحجة غياب واهية لفعلت.

الآن، وبعد التجربة، أدركت أهمية ذلك.

حيث ماراعني إلا الإصابة بهذا الفيروس الشرير، رغم تهربي منه ومن متحوراته المتعددة لأكثر من عامين ورغم قيامي بتدريب المرضى على الرعاية الوقائية الجيدة. في هذا الصدد، أود أن أتوجه بخالص الشكر إلى المسافر الذي جلس بجواري على متن رحلة يونايتد 59.

تحليل إيجابي..وماذا بعد؟

أنا ممتن لتجنب الإصابة بالمتحورات السابقة الأكثر فتكًا. والواقع أن خطر الإصابة بالمتحور أوميكرون BA.5  يعتبر أعلى بكثير من بقية السلالات المعروفة حتى الآن، لكن من الواضح أنه من غير المرجح أن يؤدي إلى دخول المستشفى، ناهيك عن دخول وحدة العناية المركزة واستخدام أجهزة التنفس الاصطناعي. حتى المتمردين على حمالات التلقيح لديهم شريان حياة في بعض العلاجات للحد من الضرر الحاد لهذه العدوى. في المقابل، تتميز متلازمة ما بعد الكوفيد بأعراض تشمل التهاب الحلق وسيلان الأنف والسعال كالذي يحدث عادةً في الشتاء. لذلك أدعوكم من الآن إلى التأقلم مع تداعيات المرض.

وفيما يلي أبرز هذه التداعيات:

  • معاناة جسدية مباشرة: تنجرعن الإصابة بهذه السلالة الجديدة التهابات في الحلق والمفاصل مع آلام جسدية حادة، وشعور مُفَاجِئٌ بالبرد مع ارتعاش مصحوب بارتفاع في درجة الحرارة وتعرق غزير. بالنسبة لي كانت هذه الأعراض عبارة عن أوجاع واهية مقارنةً بما سببته الاستجابة الالتهابية للفيروس من إحياء لآلام إصابات سابقة أذكر منها: أصابع قدمي المكسورة، مشاكل المرارة، معاناتي مع سرطان العظام والعلاج بالأشعة والجراحات.عَانَيْتُ، بعد التعافي من الكوفيد، من إرهاق لا يمكن التنبؤ به، يصاحبه تعب وفتور شديدين.
  • تشوش الذاكرة: لا يفسر الشعور بالإعياء والخمول فِعْلِيًّا المشاكل الغريبة التي يمكن أن تحدث مع الكوفيد كعدم إيجاد الكلمات بسهولة ونسيانها، فحتى أصحاب العقول ذات الذكاء العالي اتجهوا إلى تدوين كل شيء. كما أصبحت الخطوات أثناء العمل مضطربة وغير واضحة.  تُعْرَفُ هذه الظاهرة غالبًا باسم “خسارة الأداء التنفيذي”، والتي تبدو مثل نسيان الممثل جون هام لربطة عنقه في عرض إعلاني لعلامة تجاریة جديدة للسجائر.
  • تبعات غامضة لما سبق: تتميز فترة النقاهة بمشاعر الحنين للماضي القريب. فكثيرًا ما ينتاب المرضى تَوْق مُفَاجِئٌ للوقت الممتع الذي كانوا يُقْضَوْنَه قبيل الإصابة بالعدوى. بالنسبة لي فقد عدت، بعد يومين من انقضاء فترة الحجر الصحي، إلى المشي كي أستعيد نشاط وحيوية جسمي بعد المرض. ومع ذلك فقد استلزم استكمال جلسة العلاج، هذا الصباح، بعض التسجيلات وقيلولة.
  • مستقبل مضطرب: إن الخطر المُحْدِق بالمشاكل المستمرة أو المتكررة، كضعف المناعة وتواتر حالات الالتهاب ونوبات التعب المتكررة والعجز الاستدراكي، يعتبر أمرًا واضحًا ومفهومًا للعيان. إن هذه التداعيات ستتفاقم، في وقت ما قريبًا، لتؤدي إلى فقدان المرضى لفعاليتهم الاجتماعية وإرساء معاناة لا مفر منها.

إن الجسد والعقل وعامل المفاجأة والشك مفاهيم تدعو إلى التَمَعُّن في فَحْوَاهَا، كونها تمثل تدريبًا على حل مثل هذه التصورات. لكن لماذا على الفرد أن يهتم بهذه المدلولات؟ ولماذا ندعو المرضى إلى تجربة فن اليقظة الذهنية طيلة فترة العدوى؟

ليس من المبالغة في شيء، أن ننظر إلى اللحظات الطارئة والمزعجة كأوقات صالحة للاسترخاء وممارسة اليقظة الذهنية غاية تحقيق بعض الأهداف العلاجية والتشخصية والتعليمية. تمنح ممارسة التأمل، في أي وضعية كانت، فرصة للاسترخاء والراحة-سأغدو ممتنًا لو تكرمتم في هذه اللحظة بالبدء بذلك-. يمكن أن يساهم التركيز، في خضم جو من عدم الراحة، في إبعاد الأفكار المرتبطة بالمخاطر والمشاكل وفي منح المتأمل شعورًا مألوفًا بالرضا والهدوء.

كلنا بحاجة إلى إيجاد الصفاء الذهني بعيدًا عن مشاعر القلق والإنزعاج، ولن يتحقق ذلك إلا إذا تأملنا في معاناتنا.

يتدفق شعور القلق وينحسر في بعض الأحيان تمامًا كالمد والجزر. إن التأمل في هذه الحركية يمكن أن يساعدنا في فهم آلامنا، وبذلك نتعلم كيفية شفاءها.

كيفية ممارسة اليقظة الذهنية عندما تكون مصابًا بالكوفيد

اسمحوا لي، قبل البدء بذكر بعض الخيارات، أن أشير إلى أهمية كل من الرعاية الذاتية والرأفة على الذات في نجاح هذا التمرين. فلو شعرت بأن حالتك الصحية متدهورة بحيث لا يمكنك الجلوس براحة، حاول البدء بفترات قصيرة من التدريب إما أثناء الاستلقاء أو المشي البطيء. وإذا شعرت بأنك غير قادر على فعل ذلك، فلا تفعل. لا يمكننا إنكار أن فيروس كورونا لا يزال قائمًا بمتحوراته الجديدة كالأوميكرون، لكن هذا الأمر لا يستوجب منا تعقيد هذه الممارسة.

  • إذا كان بإمكانك التنفس دون صعوبة، حاول أن تركز على الشعور بالاستنشاق والزفير، واجمع بين تفحص الجسم وتمارين التنفس. إذا كان التنفس قصيرًا أو يتخلله السعال، تحقق من مقياس التأكسج النبضي الخاص بك، ماعدا ذلك ركز انتباهك على أجزاء مختلفة من الجسم كنبضات القلب، وكن واعيًا بمختلف أحاسيس الجسم، سواء كان ألمًا أو توترًا أو دفئًا أو استرخاءً.
  • إليك نداء آخر للبقاء مع جسدك كمرساة واعية. كان جلوسي القصير مع “الأفكار والمشاعر في فترة العدوى” اقتراحًا سخيفًا. إذ لا توجد غاية أكثر موثوقية من الرجوع إلى حالتنا المادية. لذلك اجلس وتأمل.
  • تم ضبط النغمة العاطفية بنجاح. حسنًا، لا أعرف ما إذا كان ذلك المسافر هو من نقل لي العدوى، أو ما إذا كان عدم وضعي للكمامة بشكل صحيح قبل أيام قليلة هو السبب. فعلاً، لم أعد أعرف شيئًا. عندما تتغلب علينا المعاناة نلجأ أحيانًا إلى البحث عن الأشرار في المرآة. لكن ما نجهله هو أننا نملك الفرصة لتخفيفها وفهم كيفية تشكلها في كلّ واحد منّا.
  • يرتبط الأمر الأخير-ربما يجب أن يكون الأول- بالتعاطف الذاتي. فلا مزيد من تليين فكرة الشفقة على الذات كقول:”أوه،هذا مؤلم، هذه ليست بحالة أريدها أو أستحقها”. يبقى نجاح جلسة التأمل رهن التخلص من اَللَّفّ والدوران حول أسباب معاناتنا.

والآن سأترككم، فقد حان موعد قيلولتي.

المصدر: https://www.psychologytoday.com

ترجمة : أماني نوار

تويتر: amani_naouar

مراجعة وتدقيق: زينب محمد


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!