قفاز تحت الماء يضع قدرات الأخطبوط على يد البشر

قفاز تحت الماء يضع قدرات الأخطبوط على يد البشر

14 أغسطس , 2022

ترجم بواسطة:

أسماء فرج

دقق بواسطة:

زينب محمد

قام فريق من الباحثين بقيادة مايكل بارتليت من جامعة فرجينيا للتكنولوجيا بتطوير قفاز مستوحى من الأخطبوط قادر على الإمساك بالأشياء بسهولة وأمان تحت الماء، وجرى اختيار أبحاثهم لغلاف يوليو 13 لمجلة Science Advances.

إن البشر ليسوا مجهزين بشكل طبيعي لنمو في بيئة تحت الماء، فنحن نستخدم خزانات الأكسجين للتنفس، وبدلات الغوص (النيوبرين) لحماية أجسادنا وتدفئتها، ونظارات واقية لرؤية واضحة، وفي مثل هذه البيئة تكون اليد البشرية غير مجهزة بشكل جيد للإمساك بالأشياء، وسيؤكد أي شخص حاول الإمساك بسمكة تتلوى بأنه من الصعب الإمساك بالأشياء الموجودة تحت الماء بأصابعنا المعتادة على الإمساك بالأشياء خارج الماء.

وقال بارتليت، الأستاذ المساعد في قسم الهندسة الميكانيكية: “هنالك أوقات حرجة يصبح فيها الإمساك بالأشياء تحت الماء أمرًا ضروريًا”، وبما أن هناك حلول رائعة يمكننا أن نستلهمها من الطبيعة حولنا، لذا نظر فريقنا إلى العالم الطبيعي بحثًا عن الأفكار، وأصبح الأخطبوط خيارًا واضحًا للإلهام”.

يحتاج العديد من الأشخاص مثل غواصي الإنقاذ وعلماء الآثار ومهندسي الجسور وطواقم الإنقاذ إلى استخدام أياديهم تحت الماء لاستخراج الناس والأشياء، ولكن قدرة الأيدي البشرية ضعيفة عند إمساك الأشياء الزلقة، فتلجأ إلى استخدام قوة قبض أكبر، ما قد يعرقل مهماتهم، فمن المفيد استخدام يد مخصصة للعمل تحت الماء عندما يكون هناك حاجة إلى عمل حساس ودقيق.

تلك هي الملاحق التي سعى بارتليت وزملاؤه الباحثون إلى بنائها، فقد قام فريقه في معمل المواد اللينة والهياكل بتكييف الحلول البيولوجية في تقنيات جديدة مصنوعة من المواد اللينة والروبوتات.

يُستمد الإلهام من قوة الالتصاق

الأخطبوط هو واحد من أكثر الكائنات الفريدة من نوعها على هذا الكوكب، يمتلك ثمانية مجسات طويلة تمكنه من الإمساك بعدد هائل من الأشياء في البيئة المائية وذلك بالاعتماد على دمج عملي وذكي بين أذرع الأخطبوط المبطنة بماصات والجهاز العضلي والعصبي المُتحكِم بها.

تشبه كل ماصّة نهاية المكبّس، مما تساهم في قدرة انتزاع قوية بعد أن تمسك الحافة الخارجية العريضة للماصَة بجسم ما، تتقلص العضلات وترتخي المنطقة المكورة خلف الحافة لتطبيق الضغط وتحريره، وعندما تعمل العديد من الماصات مع بعضها، فإنها تشكل قوة لاصقة يصعب الهروب منها.

وأوضح بارتليت: “عندما ننظر إلى الأخطبوط، نجد أن المادة اللاصقة تبرز وتنشط بسرعة وتُطلق عند الحاجة، كما أن الأخطبوط يتحكم في أكثر من 2000 ماصة عبر أذرعه الثمانية، من خلال معالجة المعلومات الآتية من أجهزة استشعار كيميائية وميكانيكية متنوعة، ويجمع الأخطبوط معًا كلاً من الالتصاق والاستشعار والتحكم في التعامل مع الأشياء تحت الماء”.

تحويل الإلهام إلى واقع

لتصميم قفازهم، ركز الباحثون على إعادة تخيل الماصات: سيقان مطاطية متوافقة مغطاة بأغشية ناعمة ومُفعَّلة، جرى إنشاء التصميم لأداء نفس وظيفة ماصّات الأخطبوط بهدف التقاط الأشياء باستخدام قوة ضغط منخفضة، وهو مثالي للالتصاق بالأسطح المسطحة والمنحنية.

بعد تطوير آليات الالتصاق، احتاج الباحثون إلى طريقة يستشعر بها القفاز الأشياء ليلتصق بها لهذا جرى إحضار الأستاذ المساعد إريك مارفيكا من جامعة نبراسكا – لينكولن، الذي أضاف مجموعة من مستشعرات القرب البصري الصغيرة من نوع ليدار (LIDAR) التي تكتشف مدى قرب الجسم، ثم جرى توصيل الماصات والمستشعرات من خلال متحكم دقيق لإقران استشعار الكائن مع الماصات، وبالتالي محاكاة الجهاز العصبي والعضلي للأخطبوط، كما أن استخدام المستشعرات لإشراك الماصات يجعل النظام قابلاً للتكيف، ففي البيئة الطبيعية يلف الأخطبوط ذراعيه حول الصخور والأسطح، ويلتصق بالأصداف الملساء والبرنقيلات الخشنة.

أراد فريق البحث شيئًا يبدو طبيعيًا بالنسبة للبشر، ويسمح لهم بإمساك الأشياء دون عناء، والتكيف مع الأشكال والأحجام المختلفة كما يفعل الأخطبوط، وكان حلهم عبارة عن قفاز به ماصات اصطناعية وأجهزة استشعار مدمجة بإحكام معًا، وهو تناغم بين الأنظمة القابلة للارتداء التي تلتقط العديد من الأشكال المختلفة تحت الماء، أطلقوا عليه قفاز اوكتا (Octa-glove).

وقال بارتليت: “من خلال دمج المواد اللاصقة والناعمة وسريعة الاستجابة مع الإلكترونيات، سيسمح لنا بالإمساك بالأشياء دون الحاجة إلى الضغط عليها، كما إنه يجعل إمساك الأشياء المبللة أو الموجودة تحت الماء أكثر سهولة وانسيابية، إذ أن تحريك يدك نحو شئ ما للمسه يحفز الأجهزة الإلكترونية في القفاز لتنشيط عملية الالتصاق والتحرير بسرعة دون الحاجة لضغط أي زر”.

ارتداء القفاز

جرب الباحثون أثناء الاختبار عدة أوضاع مختلفة للالتقاط والتعامل مع الأشياء الحساسة وخفيفة الوزن، واستخدموا مستشعرًا واحدًا فوجدوا أن بإمكانهم التقاط وإفلات الأشياء المسطحة والألعاب المعدنية والأسطوانات والجزء المزدوج المنحني من الملعقة وكرة هيدروجيل ملساء، ومن خلال إعادة تكوين شبكة المستشعرات لاستخدام جميع المستشعرات لاكتشاف الأشياء، فقد تمكنوا أيضًا من الإمساك بأجسام أكبر مثل طبق وصندوق ولوحة، لُصقت الأجسام المسطحة والأسطوانية والمحدبة والكروية المكونة من مواد صلبة وناعمة ورفعها، حتى عندما لا يمسك المستخدمون الجسم عن طريق إغلاق أيديهم.

قال باحث في مرحلة ما بعد الدكتوراه رافي توتيكا: “تحاكي هذه القدرات المعالجة المتقدمة، والاستشعار، والتحكم في حيوانات رأسيات الأرجل، وتوفر منصة للجلود اللاصقة الاصطناعية تحت الماء، والتي يمكنها التعامل بشكل موثوق مع الأجسام المتنوعة تحت الماء، وهذه بالتأكيد خطوة في الاتجاه الصحيح، ولكن هناك الكثير لنتعلمه عن الأخطبوط وعن كيفية صنع مواد لاصقة متكاملة قبل أن نصل إلى قدرات الطبيعة الكاملة”. ويطمح الباحثون لاستخدام القفاز في مجال الروبوتات المرنة تحت الماء، وفي مجالات الرعاية الصحية والتقنية وعمليات تصنيع ومعالجة الأشياء الرطبة.

المصدر: https://techxplore.com

ترجمة: أسماء فرج

مراجعة وتدقيق: زينب محمد


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!