كيف نستعيد طاقتنا المستهلكة من القلق؟

كيف نستعيد طاقتنا المستهلكة من القلق؟

1 أغسطس , 2022

ترجم بواسطة:

فادية العسيري

دقق بواسطة:

أماني نوار

القلق لا يُعبر عن هويتك، بل هو تجربة من تجاربك.

بدأت الجلسة العلاجية بسؤال العميل أسئلة عادية مفتوحة. كانت إجابة عميلتي مطابقة لما قالته في جلستها الماضية قبل أُسبوعين، بأنه كان أسبوعًا سيئًا مليئًا بالعقبات التي أثارت قلقها وأنهكتها. لقد كانت قادرة بعد بعض التشجيع على ذِكر القليل من الإيجابيات التي واجهتَها، إثبات قيامها بعمل معين، وإثبات إتمامها تمرينين رياضيين. يبدو أن تشخيصها بالحصر النفسي أصبح هويتها بدلًا من أن يكون كإطار لفهم أعراضها وأنماطها السلوكية. اكتسبَ قلقُها كمية هائلة من القوة واستمر بسحبها بعيدًا عن الشخص الذي كانت عليه. كانت قادرة على إخفاء هويتَها وتبرير اختياراتها وسلوكياتها.

قبل جائحة كورونا، كانت تدرس في الكليّة بعيدةً عن منزلها، تتسكع مع أصدقائها، وتكتسب استقلاليتها. كانت قدرتها على التواصل مع الغير تستمر بالتقلص بعد عودتها لمنزلها للعيش مع والديّها. عاداتِها اليومية القديمة في الحرم الجامعي لم تعد على حالها، وأصبحت السمعة التي عمِلت لتكوينها واكتسبتها مجرد ذكرى بعيدة وباردة. أصبح سريرها ملاذها الآمن الذي آواها وأبقاها آمنة من النزاع العائلي الذي وقع في الطابق السفلي من منزلها. مع الأسف، أصبح ملاذها الآمن أسيرها الذي منعها من إنشاء روتين جديد يقاوم القلق وأعراض الاكتئاب التي بدأت في الظهور عليها.

أضحت تستهلك عديدًا من الساعات على مواقع التواصل الاجتماعي مما أدى إلى تكوين مفهومًا خاطئًا في تواصِلها مع الآخرين. أخذَ اهتمامُها ينجذب تجاه منشورات ومقالات تتمحور حول الصحة العقلية والتشخيص الذاتي؛ ولكن معظم هذه المنشورات غذّت قلقها وبثّت في قلبها الخوف بدلًا من شعورها بالراحة تجاهها. بدأت بالتركيز على أي تغييرات تتعلق برؤيتِها، تنفسِها، أو جسدِها. كانت إذا شعرَت بحكّة أو رأت نتوءًا في جسدِها، يُثارُ قلقُها على الفور استجابةً للأفكار التي تُجيحُها وتُنهِكها. أصبح الخروج من المنزل خطرًا في منظورِها، وتناولِها للطعام بمفردها صار ذكرى من الماضي. إنَّ شعورها بالخوف المستمر من التعرض للحساسية المفرطة والإغماء؛ قد أتلّف نشاطاتها اليومية التي كانت تمارسها مسبقًا دون أي تفكير. فلم تتلقَ دعمًا ممن حولِها وكانت صحتها النفسية تميلُ للأسوأ يوميًا.

لقد بدأنا بالتحقق، مما قد أُرغمت عليه من تغيرات وتكيّفات منذ بدء تفشّي فيروس كورونا، وهذه التغيرات الجذرية والعزلة التي أحدثتها؛ أثّرت بشكلٍ كبير على قدرتها على التأقلم على الرغم من معاناتها من القلق منذُ صغرها.

كانت الخطوة التالية إنشاء بُنية للاستفادة من صباحها. فقد كان الهدف من هذه البنية هو إنشاء شكل يتألف من تحمل المسؤولية، الصبر، واستشعار النعم المحيطة بها. كان حماسُها ونشاطها الناجمين عن قراراتها الأولى في بداية اليوم مهمًا جدًا؛ لوجود القوة والثبات في موقفها آملين أن تؤدي قراراتُها الأولى إلى اتخاذ قرارات تبني لها عقلية قوية تساعدها على مكافحة القلق. ساعدها تنفيذ الحدود اللازمة في إدراكها أن هناك سلوكيات معينة تمارسها لتهدئة ذاتها تُفسِد تحسنِها وثقتها في نفسها.

من التغييرات التي ساعدتها في إصلاح عاداتها، هي تغيير موضع هاتفها ووضعه بعيدًا عن منضدة السرير؛ مما ساهم في منعها من استخدام الهاتف فورًا عند استيقاظها والبقاء في السرير. بغض النظر عن موضع نومها، فقد كانت مُلزمة بالمشي بضع خطوات قبل أن تجد هاتفها. ركزتْ هذه الخطوات بشكل رئيسي على تقنيات تساعدها على التركيز الكامل وإنشاء تواصل ذاتي. أصبحت تستقبل يومها بالنظر عن طريق نافذة غرفتها، ثم تبعَ ذلك ذهابها إلى دورة المياه وإكمال ضرورياتها قبل تغيير لباسها. منحتَها إكمال هذه المهام الصغيرة الشعور بالثقة، وأحيَت الإحساس بالعزيمة والفخر الذي كان من الصعب الوصول إليه.

يستمر التزامها بالتغيير بالازدياد كل أسبوع، وبدأت باجتياز تحديات إيجابية في عاداتِها الأسبوعية. تمكنت أيضًا من تحديد محفزات معينة، مثل القيادة أو التواصل مع صديق، وقد جعلت من هذه العقبات جهات محورية لها وكرسّت نفسها وطاقتها للعمل عليها تحديدًا. كل خطوة ومخاطرة اتخذتْها، أكدت قوتها وقدرتها على فعل ذلك. لقد كانت وما زالت قادرة على فعل هذه الخطوات، ولكنها كانت مُعتمة، غير واضحة، ومستهلكة من قِبل القلق. مهما كان حجم الخطوة المُتخذة، فلا بُد من التثبت والتحقق من صحتها. فقد اتخذَت جهودها وأعمالها في الرعاية الذاتية كمصدر للطاقة لإيقاظ وإطلاق العنان لأجزائِها الساكنة التي تُجسِّد قوتها والتي لديها القدرة على مواجهة القلق الذي تعاني منه.

خطوات أساسية لاستعادة طاقتك

– ضعْ حدودًا مع استخدامك لأجهزتك الإلكترونية ودرِّب ذاتك على البقاء واعيًا خاصةً في فترة الصباح وقبل النوم. قد يُثير هذا التدريب قلقُك بدايةً، ولكنه سيشجعك على معالجة أعراضك خلال النهار؛ نظرًا لكون العقل واعيًا وقادرًا على أداء هذه المهام، بدلًا من قمعها.

– حافظ على الأساسيات واظفر بكل جهد عملت به مع اهتمامك بغذائك؛ لأن بعض الاختيارات التي تتخذها قد تؤثر على حالتك المزاجية أو قدرتك على النوم. وخطوتين تساعدك على استعادة حيويتك ومواجهة ما تُعاني منه، عن طريق شرب الكثير من الماء أو التجول يوميًا.

– حدد مهمة أو خطوة إيجابية تُركز عليها في بداية الأسبوع وهي لا تحتاج أن تكون مهمة شاقة، بل بسيطة توقِد جزءًا منك كان من الصعب الوصول إليه. ابدأ بخطوات صغيرة، ثم سيوضح لك السبيل.

– استشِر مختصًّا، وليس أيَّ شخص من مواقع التواصل الاجتماعي. كن واعيًا بالمدة التي تستهلكها على مواقع التواصل الاجتماعي وبتأثيرها عليك. إن التشخيص والأعراض التي تعاني منها هي تجربة شخصية، ولا تعبر عن ماهيتَك. إن طلب المساعدة أيضًا يتطلّب القوة منك، وقد تكونَ فرصة لاكتساب منظور جديد ومختلف.

– تحَدَّ القلق وأعد موازنة قوتك بالخطوات التالية. أولًا، تعرَّف وتحقق من صحة ما تشعُرَ به، ثم قيّم مشاعرك التي تستطيع التحكم بها وحدد خياراتُك المتاحة. بإمكان هذه الأسئلة الأساسية موازنة مشاعرك الانفعالية ومنعك من الانحدار إلى أفكار مقلقَة قد تدور في عقلِك. خطوة أخرى تساعدك على استقبال الأفكار والأحاسيس المختلفة هي الحركة الجسدية أو تغيير المكان الذي تتواجد فيه.

المصدر: https://www.psychologytoday.com

ترجمة: فادية العسيري

تويتر: @Ftranslator_

مراجعة وتدقيق: أماني نوار

تويتر: amani_naouar


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!