crossorigin="anonymous">
3 أغسطس , 2022
تعلمك الحياة باستمرار أن تكون أكثر ذكاءً و حكمة. فجميع العقبات التي تواجهها في حياتك اليومية تمكنك من فهم التصرفات التي من الممكن أن تؤدي إلى السرور والأخرى التي قد تؤدي إلى الألم. على سبيل المثال إذا رأيت دائرة حمراء متوهجة على الموقد وتجرأت على لمسها، فإنك ستواجه ألمًا مفاجئًا، وسترفع يدك بسرعة.
فكلما تقدمت بالعمر واجهت شتى الظروف، ومع مختلف العواقب تعلمت أكثر عن نفسك وعن العالم من حولك. فتبدو لنا معظم هذه الدروس بديهية ويمكن إيصالها بسهولة مثل “لا تلمس الموقد المشتعل”، أو “من الأفضل أن تلتزم بالموعد النهائي” . وإذا نسيت أيًا منهم سترسل لك الحياة، بدون شك، تذكيرًا آخر.
ومع ذلك تبقى بعض الدروس غير واضحة بغض النظر عن عدد مرات تعلمها. فعندما يتعلق الأمر بالتعامل مع الأفكار المؤلمة والمشاعر الصعبة فإننا غالبًا ما نلجأ إلى استراتيجيات غير مفيدة، رغم درايتنا بتلك المسألة. فبدلاً من القيام بما قد يساعدنا، نستسلم لطرق تسحبنا إلى عمق معاناتنا.
تتمثل الحقيقة الجوهرية، التي نعرفها بالفعل، في البقاء أكثر انفتاحًا وتفاعلاً، وذلك لضمان طريق نحو حياة جديرة بالعيش. بالفعل نحن نعلم ذلك: فتجاربنا أوضحت لنا، مرارًا و تكرارًا، أنه بإمكاننا التعامل مع صراعاتنا بكفاءة في صورة تبنينا لهذا المبدأ. فبدلاً من الانفتاح، حين تصبح الأمور صعبة، نلجأ غالبًا إلى الإنغلاق على أنفسنا، عوضًا عن الاتصال بوعي مع ماهو موجود هنا والآن. فننجرف إلى التأمل بالماضي أو القلق بشأن المستقبل، وذلك عوضًا عن الانخراط في حياة قائمة على القيم. لننسحب مجازيًا ونسحب الأغطية فوق رؤوسنا.
يبدو الأمر كما لو أننا ننسى أهم دروس الحياة عند أمس الحاجة إليها، ليس لأن هذه المعرفة بعيدة المنال بل بسبب محاولتنا للوصول إليها بطريقة خاطئة. فبدلاً من التعامل مع حياتنا كمشكلة نفسية علينا بالعودة إلى أجسادنا والتواصل مع حدسنا والحكمة المتجسدة فيه.
طلبنا من بعض الأشخاص في دراسة حديثة أن يظهروا بأجسادهم، كيف يبدون عند التعامل مع مشاكلهم النفسية في أسوء وأفضل حالاتهم . أظهرت النتائج أن أكثر من ٩٠% من الأشخاص قد أظهروا مواقف أكثر انفتاحًا ووعيًا ونشاطًا عندما كانت حالاتهم النفسية جيدة، والعكس في أسوأ حالاتهم. حتى المراقبين غير المدربين تمكنوا من ملاحظة نفس الصفات عند النظر في صور هؤلاء الأشخاص في وضعياتهم المختلفة.
إن معرفة كيفية التعامل مع المشاكل النفسية الصعبة يبقى رهن معرفتنا بذاتنا. إذ نجدها داخلنا ويمكننا ملاحظتها داخل أجسادنا وأجساد الآخرين. إنها مبدأ إدراك الأفكار والمشاعر والأحاسيس الأخرى التي تختلجنا، إنها أيضًا مبدأ انفتاح على كل ما يظهر في هذه اللحظة، سواءً كان ممتعًا أم مزعجًا (إنه أمر غير بديهي لكنه صحيح)، كما أنها مبدأ مشاركة فعالة مع التركيز على ما يهم بخطوات صغيرة وثابتة في هذا الاتجاه.
هل نبتعد عن العلاج والنجاح فقط عندما نبرر أو نحل المشكلة أو نحكم على الصعب منها؟ إذا كنا بالفعل لدينا هذه المعرفة فنحن بحاجة إلى التمهل، والاستشعار بفعالية. فوصف هذه المعرفة باستخدام مفردات يعتبر صعب، لأنها ليست عملية شفهية إنما تجريبية.
أتوقع أن العلاجات القائمة على الأدلة والتي غالبًا ما كانت تركز بشكل كبير على المحتوى المعرفي الحرفي ستجد طريقة للتعاون بشكل أكبر مع طرق التدخل الموجهة جسديًا. فسترشدنا خبراتنا إذا منحناها فرصة لذلك. وإذا أردنا الشفاء جميعًا، وإحراز التقدم في ثقافتنا تحديدًا في مجال الصحة النفسية، فنحن بحاجة إلى النظر للحكمة الموجودة بالفعل داخل أجسادنا والشعور بها.
المصدر: https://www.psychologytoday.com
ترجمة: شهد شعوان
تويتر: @Shahadshibanii
مراجعة وتدقيق: أماني نوار
تويتر: amani_naouar
اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية
اترك تعليقاً