الانبعاثات الناجمة عن الزراعة تهدد الصحة والمناخ

الانبعاثات الناجمة عن الزراعة تهدد الصحة والمناخ

1 أغسطس , 2022

ترجم بواسطة:

عبير العبيد

حللت دراسة قام بها علماء بيئة من جامعة رايس، آثار انبعاثات النيتروجين الفعال من الأنشطة الزراعية المستخدمة للأسمدة، وخطورتها على السكان والمناخ. حيث تتفاعل أكاسيد النيتروجين والأمونيا لتشكل تلوثًا في الهواء في شكل مواد جسيمية وغاز الأوزون، ويساهم أكسيد النيتروز في الاحتباس الحراري واستنفاذ طبقة الأوزون الستراتوسفيري.

قد يأتي التلوث الناجم عن الزراعة من البراري، لكن تأثيره الاقتصادي على الإنسان يؤثر في المدن. حيث حددت دراسة قام بها علماء بيئة من كلية جورج آر بروان للهندسة في جامعة رايس، أرقامًا لأضرار أنواع النيتروجين الفعال الذي يصدر من الأراضي الزراعية في أمريكا.

حددت الدراسة التي أجراها البروفسيور المساعد في الهندسة المدنية والبيئية دانيال كوهان، وطالبة الدراسات العليا لينا لو، قيمة رقمية لانبعاثات أكاسيد النتروجين، والأمونيا (غاز النشادر)، وأكسيد النيتروز من التربة الخصبة لمدة ثلاث سنين (عام 2011، و2012، و2017)، ومن ثم قورن تأثيرها على جودة الهواء، والصحة، والمناخ بحسب المناطق. وأظهرت نتائج الدراسة أن مجموع الضرر السنوي من الأمونيا 72 مليون دولار، وهي أكبر بكثير من أكاسيد النيتروجين التي تصل إلى 12 مليون، وأكسيد النيتروز الذي يصل إلى 13 مليون، على الرغم من أن الآثار الإقليمية والموسمية تختلف حسب نوع الانبعاثات.

وتقاس أضرار تلوث الهواء بزيادة عدد الأمراض والوفيات، وبمقياس قيمة الحياة VSL، وبتقدير أضرار التغير المناخي بقيمة نقدية وتشمل الأضرار تهديد المحاصيل، والأملاك، وخدمات النظام الإيكولوجي، وصحة الإنسان. وعلى هذا الأساس، وجد الباحثون أن آثار تلوث الهواء الصحية من الأمونيا وأكاسيد النيتروجين، تلك التي تتفاعل لتُشكل المواد الجسيمية وغاز الأوزون، تفوق بشدة الآثار المناخية من أكسيد النيتروز في كل المناطق وعلى مدار السنوات.

وكانت أعلى الخسائر الاجتماعية في مناطق كاليفورنيا وفلوريدا والغرب الأوسط ذات الكثافة الزراعية، حيث تشكل الأمونيا وأكاسيد النيتروجين تلوثًا في الهواء يهب بعيدًا عن التجمعات السكانية. ولكلا الملوثين، تبلغ الانبعاثات ذروتها في الصيف بعد أن تستعمل الأسمدة. خلصت دراسة مجلة جمعية المجتمع الكيميائي الأمريكي، العلوم البيئية والتكنولوجيا إلى وجوب النظر في تلوث الهواء، والصحة، والمناخ في التقييمات المستقبلية، وحول كيفية تأثير الممارسات الزراعية في انبعاثات النيتروجين المتفاعلة.

قالت لو: “دائمًا ما نتحدث عن أن ثاني أكسيد الكربون والميثان يسهمان في الغازات الدفيئة، لكن أكسيد النيتروز أقوى بثلاثمائة مرة من ثاني أكسيد الكربون بإمكانية تسببه بالاحتباس الحراري”.

وأشارت بأن الاستراتيجيات الزراعية التي تقلل من الغازات الدفيئة تزيد من تلوث الهواء والعكس صحيح.  وقالت أيضًا: “نحتاج أن نعرف أن كانوا يستطيعون خفض كل أنواع النيتروجين الثلاث -أو بعضها- وفي نفس الوقت لا يقللون من إنتاجية المحاصيل”.

يضيف كوهان أن النيتروجين ضروري لنمو المحاصيل، لكن الدراسة أظهرت أهمية السيطرة على الانبعاثات الناجمة عن الزراعة والتي أهملتها بوضوح إدارة جودة الهواء والسياسة المناخية، وإن كانت وكالة حماية البيئة أخذت بعين الاعتبار معايير جودة هواء مشددة ومحاولة إدارة بايدن خفض انبعاثات الغازات الدفيئة.

وقال إن الوكالات الفدرالية تركز على السيطرة على انبعاثات الصناعة ووسائل المواصلات تاركة الزراعة وهي أكبر مصدر لتلوث النيتروجين الضار في الولايات المتحدة، وتتفاقم المشكلة بوجود التغير المناخي وزيادة انتاجية المحاصيل.

يقول كوهان: “بحث فريقنا انبعاثات أكسيد النيتروجين لسنوات وقد بدأنا ندرك أننا لا نستطيع التركيز على ذلك فقط. احتجنا أن ننظر في مجموعة الانبعاثات التي تأتي من التربة، فآثارنا الفضول لتقصي الآثار النسبية لملوثات الهواء المختلفة والغازات الدفيئة المنبعثة من التربة الزراعية. ويقول: “جزء قوي من دوافعنا أننا ندرك أن بعض خيارات الممارسات الزراعية قد تسبب ارتفاع الانبعاثات والبعض قد يؤدي الى انخفاضها”. على سبيل المثال، تغيير التسميد السطحي إلى الحقن العميق للأسمدة قد يقلل الأمونيا، لكنه يزيد من انبعاثات اكسيد النيتروجين. وهذا سيفيد المدن القريبة الحساسة لمستويات المواد الجسيمية، لكنه مؤذٍ للمناطق التي يعتبر فيها الأوزون مصدر قلق كبير. يقول كوهان أنه بتقدير كل الانبعاثات على أساس نقدي فإن أعظم الأثر كان من الأمونيا وأكاسيد النيتروجين التي تشكل المواد الجسيمية الملوثة للهواء والأوزون وتساهم في الاحتباس الحراري. قال كوهان: “نعلم من خلال بحثنا في هذه الملوثات أن الأمونيا خطرة، لكن الرسالة لم تصل إلى المشرعين وصانعي السياسات. إن الأمونيا في الحقيقة أحد المصادر الفعالة للمواد الجسيمية لإنها تجتمع مع ملوثات أخرى فيصبح أثرها مضاعفًا”.

وقال: “هذه رسالة مهمة، نحن في حاجة إلى المزيد من الخطوات للسيطرة على الأمونيا”.

يقول كوهان بأنه إن كان هنالك جانب مشرق فهو أن الملوثات من المصادر الشائعة الأخرى انخفضت لدرجة وصول الآثار الزراعية للتلوث لمرحلة أكثر وضوحًا.

وقال: “من الضروري أن نتخذ إجراءات بحيث يذهب أكثر النيتروجين للمحاصيل، والقليل منه يخرج للهواء والماء”. ويمكن أن يتضمن ذلك إضافة الفحم الحيوي أو غيرها من المحسّنات للتربة، وهذا موضوع تحت الدراسة في جامعة رايس.

وأضاف كوهان: “نحتاج قبل أن نقوم بذلك أن نضع مرجعية للانبعاثات التي تنبعث من التربة. وتطرح هذه الدراسة هذا الموضوع”.

المصدر: https://phys.org

ترجمة: عبير العبيد

تويتر: @Abeer8484

مراجعة وتدقيق: د.فاتن ضاوي المحنّا

تويتر: @F_D_Almutiri


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!