أجهزة مزروعة وقابلة للذوبان تخفف الألم بدون أدوية

أجهزة مزروعة وقابلة للذوبان تخفف الألم بدون أدوية

30 يوليو , 2022

ترجم بواسطة:

أماني علاّم

دقق بواسطة:

زينب محمد

طور فريق من الباحثين بقيادة جامعة نورث وسترن غرسة صغيرة، ولينة، ومرنة تخفف الألم عند الحاجة وبدون استخدام أدوية. قد يوفر الجهاز الأول من نوعه بديلاً -نحتاج إليه بشدة- للمواد الأفيونية والأدوية الأخرى المسببة للإدمان. يعمل الجهاز المتوافق حيويًا والقابل للذوبان في الماء عن طريق الالتفاف برفق حول الأعصاب لتوصيل تبريد موجه ودقيق، يعمل على تخدير الأعصاب وحجب إشارات الألم عن الدماغ. تُمكن المضخة الخارجية المستخدمة من إمكانية تفعيل الجهاز عن بعد، ومن ثم زيادة شدته أو تقليلها. وعندما ينتهي دور الجهاز، فإنه يُمتص بشكل طبيعي في الجسم متجاوزًا بذلك الحاجة إلى الاستخراج الجراحي.

يعتقد الباحثون أن الجهاز لديه القدرة على أن يكون أكثر قيمة لدى المرضى الذين يخضعون لجراحات روتينية أو حتى البتر الذي يحتاج عادةً إلى أدوية ما بعد الجراحة. إذ يستطيع الجراحون زراعة الجهاز أثناء إجراء الجراحة للمساعدة في السيطرة على ألم المريض بعد الجراحة. ستنشر الدراسة في عدد 1 يوليو من مجلة ساينس (Science). يصف البحث تصميم الجهاز ويوضح فاعليته في النموذج الحيواني.

قال جون أ. روجرز ، من جامعة نورث وسترن والذي قاد تطوير الجهاز: “على الرغم من أن المواد الأفيونية فعالة للغاية، إلا إنها تسبب الإدمان المفرط أيضًا. وكمهندسين، تحفزنا فكرة معالجة الألم بدون أدوية باستخدام طرق يمكن تشغيلها وإيقافها على الفور مع سيطرة المستخدم على شدة تخفيف الألم. تستخدم التقنية المذكورة هنا آليات لها بعض أوجه التشابه مع تلك التي تسبب الخدر  في أصابعك عند الشعور بالبرودة. إن غرستنا تسمح بإنتاج هذا التأثير بطريقة مبرمجة، وبشكل مباشر، وفي نفس مكان الأعصاب المستهدفة، حتى تلك الموجودة بعمق داخل الأنسجة الرخوة المحيطة”.

إن روجرز  رائد في مجال الإلكترونيات الحيوية، وهو أستاذ لويس سيمبسون وكمبيرلي كويري لعلوم وهندسة المواد، والهندسة الطبية الحيوية والجراحة العصبية في كلية ماكورميك للهندسة وجامعة نورث وسترن مدرسة فينبرغ للطب. وهو أيضًا المدير المؤسس لمعهد سيمبسون كويري للإلكترونيات الحيوية. جوناثان ريدر، المرشح السابق للدكتوراة في معامل روجرز كما أنه المؤلف الأول للورقة.

آلية عمل الجهاز

على الرغم من أن الجهاز الجديد قد يبدو خيالاً علميًا، إلا أنه يعزز مفهومًا بسيطًا وشائعًا يعرفه الجميع وهو التبخير. إنه مشابه لطريقة تبريد الجسم عند تبخر العرق، حيث يحتوي الجهاز على سائل تبريد يُستحث لكي يتبخر في مكان محدد من العصب الحسي.

قال الدكتور ماثيو ماك إيوان المشارك في كتابة الدراسة من مدرسة الطب جامعة واشنطن في سانت لويس: “عندما يبرد العصب، تصبح الإشارات التي تنتقل من خلاله أبطأ وأبطأ وفي النهاية تتوقف تمامًا. نحن نستهدف الأعصاب الطرفية تحديدًا التي تربط دماغك والحبل الشوكي ببقية جسمك. هذه هي الأعصاب التي ترسل المحفزات الحسية بما في ذلك الألم. بتوصيل تأثير التبريد إلى واحد أو اثنين فقط من الأعصاب المستهدفة، قد نستطيع تعديل إشارات الألم بفاعلية في منطقة واحدة معينة من الجسم”.

وللحث على تأثير التبريد، فإن الجهاز يحتوي على قنوات موائع جزيئية دقيقة (ميكروفلويديك). تحتوي إحدى القنوات على سائل التبريد (بيرفلوروبنتان) الذي اُعتمد سريريًا كعامل تباين للموجات فوق الصوتية ولأجهزة الاستنشاق المضغوطة. وتحتوي الأخرى على نيتروجين جاف وهو غاز خامل. عندما يتدفق السائل والغاز في التجويف المشترك يحدث تفاعل يؤدي إلى تبخر السائل على الفور. في الوقت نفسه، يراقب جهاز استشعار دقيق درجة حرارة العصب للحفاظ عليه من البرودة الزائدة التي قد تسبب تلف الأنسجة.

قال روجرز: “إن التبريد الزائد قد يتلف العصب والأنسجة الهشة من حوله، وبالتالي يجب ضبط درجة حرارة التبريد ومدته بدقة. كما أوضح أنه من خلال مراقبة درجة الحرارة في العصب، يمكن ضبط معدلات التدفق بشكل تلقائي لتحديد نقطة يتوقف عندها الألم بطريقة آمنة وقابلة للانعكاس. ويسعى العمل الجاري إلى تحديد المجموعة الكاملة من مستويات الوقت ودرجة الحرارة التي تبقى دونها العملية انعكاسية تمامًا.

قوة الدقة

على الرغم من أن علاجات التبريد الأخرى وحاصرات الأعصاب فُحصت تجريبيًا، إلا أن جميعها تعاني من قصور تغلب هذا الجهاز الجديد عليها. سابقًا اكتشف الباحثون العلاجات بالتبريد، على سبيل المثال، التي تُحقن بإبرة بدلاً من استهداف أعصاب محددة، ولكن هذه الأساليب غير الدقيقة تبرد مناطق كبيرة من الأنسجة مما قد يؤدي إلى تأثيرات غير مرغوبة مثل تلف الأنسجة والالتهاب.

يبلغ أقصى اتساع لجهاز جامعة نورث وسترن الصغير حوالي 5 ملليمتر. تلتف إحدى النهايتين حول الكُفة التي تلتف بدورها حول عصب منفرد برقة دون الحاجة إلى الخيوط الجراحية. عند استهداف العصب المصاب فقط بدقة، فإن الجهاز يحافظ على المناطق المحيطة من التبريد غير الضروري الذي قد يؤدي إلى آثار جانبية.

قال ماك إيوان: “إنك لا تريد تبريد أعصاب أو أنسجة أخرى ليس لها علاقة بالعصب الذي ينقل المحفز المؤلم عن غير قصد، نحن نريد أن نمنع إشارات الألم وليس الأعصاب التي تتحكم في الوظيفة الحركية وتمكنك من استخدام يديك على سبيل المثال”.

سابقًا، اكتشف الباحثون حاصرات أعصاب تستخدم التحفيز الكهربائي لتسكين المحفز المؤلم وقد كان لهم أيضًا عيوب.

قال ماك إيوان: “لا تستطيع إيقاف العصب بالتحفيز الكهربائي بدون تنشيطه أولاً، مما قد يسبب ألمًا إضافيًا أو تقلصات العضلات وهذا ليس جيدًا من وجهة نظر المريض”.

آلية الزوال

إن هذه التقنية الجديدة هي المثال الثالث على الأجهزة الإلكترونية القابلة للامتصاص من معامل روجرز التي قدمت مبدأ الإلكترونيات العابرة في 2012 ونُشر في مجلة ساينس (Science). وفي عام 2018، أظهر روجرز، وماك إيوان وزملاؤهم أول جهاز إلكتروني قابل للامتصاص في العالم، وهي غرسة قابلة للتحلل تسرع عملية تجديد العصب ونُشر في نيتشر (Nature Medicine). ثم في عام 2021 قدم روجرز وزملائه منظم ضربات القلب العابر ونُشر في نيتشر (Nature Biotechnology).

جميع مكونات الأجهزة متوافقة حيويًا وقابلة للامتصاص بشكل طبيعي في سوائل الجسم الحيوية خلال أيام أو أسابيع بدون الحاجة إلى استخراج جراحي. إن الأجهزة القابلة للامتصاص آمنة تمامًا فهي تشبه الغرز القابلة للامتصاص.

يعد جهاز تبريد العصب المرن واللين بسمك الورقة هو المثالي لعلاج الأعصاب الحساسة بشدة.

قال روجرز: “إذا كنت تفكر في الأنسجة الرخوة، والأعصاب الهشة، وجسم يتحرك باستمرار، فيجب على الجهاز المتصل به أن يكون مرنًا وقادرًا على الانثناء، والالتفاف، والتمدد بشكل سلس وطبيعي. لذلك ستفضل أن يختفي الجهاز بسهولة بعد أن ينتهي دوره لتجنب الإجراءات الدقيقة والمحفوفة بالمخاطر للإزالة الجراحية”.

المصدر: https://medicalxpress.com

المترجمة: أماني علام

لينكد إن: amany-allam-medical-translator

مراجعة وتدقيق: زينب محمد


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!