آثار الآباء الأنانيين على الأطفال

آثار الآباء الأنانيين على الأطفال

23 يوليو , 2022

ترجم بواسطة:

نسمة حبشي

دقق بواسطة:

رنا الحامد

إن نشأة الأطفال مع آباء مفرطين في حبهم لذواتهم قد يشكل خطرًا على صحتهم العقلية.

النقاط الرئيسية

  • يخلق الآباء المنغمسون في أنفسهم علاقات متبادلة الأدوار مع أطفالهم، وفيها يلبي الطفل احتياجات والده النفسية.
  • ظهور ردود أفعال نفسية عند الأطفال تجاه الآباء الأنانيين، تختلف حسب شخصية كل طفل
  • رضوخ بعض الأطفال لمتطلبات الآباء المنصبة حول ذواتهم، بينما الآخرين في نزاع محتدم معهم.

يعاني العديد من الأطفال من مشاكل عاطفية خطيرة نتيجة للعيش مع والد منغمس في ذاته، حيث يُتجاهل الطفل ويُتعامل معه على أنه امتداد للوالد، مما يعني غالبًا أن احتياجات الطفل المادية والعاطفية ورغباته، ووجهات نظره، لا تُلبّى.

علاقة متبادلة الأدوار

يتمحور كل شيء حول الوالد المنغمس في ذاته. فالعلاقة أحادية الجانب ويوجهها الوالد، ويجند مثيل ذاك الوالد الطفل ليقدم له أو لها العناية والخدمات، مما يخلق علاقة متبادلة الأدوار غير مناسبة لنمو الطفل وتطوره ورفاهيته.

فالآباء المهووسون بأنفسهم لديهم سمات كثيرة في طرق ارتباطهم بأطفالهم، ولخصت تلك الصفات كلا من نينا دبليو براون، وهي حاصلة على درجتي الدكتوراه في التعليم ودبلوم الدراسات العليا في الممارسة القانونية في كتابها “أطفال الذات الممتصة”، وليندساي سي جيبسون الحاصلة على درجة الدكتوراة في علم النفس في كتابها “الأطفال البالغون من الآباء غير الناضجين عاطفيًا. استغلال هؤلاء الآباء للأطفال لضمان أن أضواء الإعجاب تظل مسلطة عليهم، ويفتقرون للتعاطف تجاه احتياجات الطفل العاطفية. وقد يُظهرون غيرة لأي خطوات يتخذها الطفل من أجل تمييز شخصه الذاتي أو شخصها.

الردود العاطفية للأطفال

يتأثر الأطفال بنموهم مع آباء يركزون على أنفسهم. فعندما لا يُعامل الطفل كفرد أو شخص مستقل عن الوالد، سيعاني من عواقب عاطفية ونفسية كبيرة.

كذلك يؤثر تجاهل الشخصية الفردية للطفل على تقديره لذاته  وثقته بنفسه. يؤدي  نقص تقدير الذات بدوره إلى القلق والاكتئاب والأفكار الانتحارية، وتعاطي المخدرات، والسلوكيات الجامحة، بالإضافة إلى شتى أنواع العواقب التي يعانيها الأطفال من نموهم مع آباء أنانيين.

 فهل هناك أنماط واضحة لمعاناتهم؟

 وجدت أنا وهومر بي مارتن، الحاصل على درجة الدكتوراه في الطب، أن استجابة الأطفال للوالدين المنغمسين في أنفسهم تختلف اعتمادًا على طبيعة شخصية الطفل نفسه، وتتحدد طبيعة هذه الشخصية من خلال حالة الطفل العاطفية في الأسرة. واكتشفنا أن طبائع الشخصية تتمحور في نوعين: هما الشخصية القادرة والعاجزة.

آثارهم على الأطفال الأقوياء

يحرص الأطفال الأقوياء بجدية على إرضاء الوالدين الأنانيين، ويأتي لقب القادر من اعتقاد الطفل اللاواعي أنه، أو أنها قوي نفسيًا وقادر على تنفيذ احتياجات الوالد وطلباته، ومهما كانت غير مناسبة، حيث تعوّد هؤلاء الأطفال على أن يكونوا متفهمين عاطفيًا لما يحتاجه الوالد ويريده.

إنها قائمة طويلة ومهام مستحيلة للبالغين فما بالك بطفل صغير، وكأن الطفل ذو الشخصية القادرة مكمل للوالد المعتز بنفسه، حيث يحاول أن يعتني ويلبي احتياجات الوالد ورغباته. ونظرًا لأنهم يسعون بجهد لعمل ما يريده الأب أو لتلبية احتياجات الأم فإنهم يقصرون بسبب كثرة طلبات الآباء الأنانيون وتقلب مزاجهم، كما أنهم مستعدون لتغيير طلباتهم بسهولة، وعندما يفشل الأطفال في إرضاء الآباء الأنانيين فإنهم يشعرون بالذنب ويوبخون أنفسهم، وبالتالي يفقدون تقديرهم لذواتهم وثقتهم بأنفسهم.

فيشعر هؤلاء الأطفال بالقلق والاكتئاب، ويعتقدون أنهم قليلي القيمة لفشلهم في تلبية احتياجات الآباء الأنانيين، مما يعرضهم لخطر الإصابة بالأمراض العاطفية كالاكتئاب، والفشل الدراسي، والأفكار الانتحارية، وتعاطي المخدرات، واضطرابات التغذية.

آثارهم على الأطفال العاجزون

الدور الآخر المتكيف عاطفيًا للأطفال في تلك العائلات هو الدور العاجز، حيث تربى هؤلاء الأطفال بطريقة مختلفة عن أولئك القادرين. وتشير كلمة العجز إلى اعتقادهم غير الواعي، وأفعالهم العاجزة في علاقاتهم. فيتربى هؤلاء العجزة ليصبحوا ممتصين ذاتيًا مثل ذلك الوالد الذي يركز مع نفسه، فهذا الموقف كجراب به حبتين بازلاء، حيث الوالد والطفل متشابهين في الشخصية.

الوالد العاجز والولد العاجز يتنافسان بشدة مع شخص آخر، فيريد كل منهم أن يصبح المسيطر في العلاقة. كل يريد طريقته أو طريقتها التي تسود، فغالبًا ما يتعرض الأطفال العجزة للتنمر من الوالد الأناني عن طريق إهانته ومناداته بأسماء قبيحة.

وقد يكونون المفضلين في أوقات أخرى، حيث يعتبرهم الآباء الأنانيون بمثابة ممتلك خاص بهم، بسبب إبراز سماتهم الذاتية ونظرتهم الأنانية للطفل. فهي مثل النظر في مرآة.

فيتنمر الأطفال العجزة الكبار والمراهقون على الآباء العجزة ويقاومونهم. وذلك قد يخلق نزاعًا لفظيًا وجسديًا، لأن كلاهما يثور لمطالبه لتكون له السيطرة في العلاقة. فقد يهرب المراهقون ذوي الشخصية العاجزة من البيت، أو يؤذون أنفسهم، أو يتعاطون المخدرات، أو يتورطون في مشاكل قانونية. فمن المرجح أن يكونوا متقلبين ظاهريًا في ردود أفعالهم تجاه الوالد الأناني أكثر من الأطفال ذوي الشخصية القادرة الذين يكبحون ردود أفعالهم العاطفية.

 الصعوبات التي تتبع حياة البالغين

لسوء الحظ، لا تتلاشى تأثيرات العيش مع والد مهتم بذاته حتى نهاية الطفولة. فبمجرد أن يدخل الأطفال سن البلوغ يستمرون في توطيد علاقاتهم مع أشخاص أنانيين آخرين، مثلما كانوا معتادين على فعله عاطفيًا وهم أطفال.

واكتشفنا أن الأطفال ذوي الشخصية القادرة غالبًا ما يتزوجون من أزواج مكتفين بأنفسهم، وبالتالي فهم يركزون على إسعاد شريكهم والاعتناء به، فيتجاهلون أنفسهم في العلاقة وغالبًا ما يتصرفون بحذر عاطفي شديد، ويناضلون كي لا يحزنوا أزواجهم.

فقد يكوّن الأطفال العجزة العلاقات شديدة النزاع نفسها مع أشخاص أنانية أخرى، وسيكونون دائمًا في صراع ليحصلوا على غاياتهم من تلك العلاقة وينتابهم انفجارات عاطفية متكررة أو حتى مشاحنات جسدية.

سبيل الخروج

لعل الأشخاص الأنانيين يحتاجون إلى تحسين أنفسهم قبل أن يصبحوا آباء، ويمكنهم فعل ذلك باستخدام رصيد كافٍ من أسلوبهم الخاص في التكييف العاطفي.

ككيف تربيت؟ وهل تدللت وسُمح لك بالحصول على ما تريده؟ هل استجاب أفراد العائلة الآخرون لطلباتك، أو احتياجاتك، أو نوبات غضبك مهما كانت غير منطقية؟ وهل تتوقع من الآخرين أن يلبوا رغباتك وألّا يعارضك أحد؟

إذا كانت إجاباتك لتلك الأسئلة بالإيجاب، فمن المرجح أنك تربيت في الدور العاجز، ومهمتك قبل أن تصبح والدًا هي إلغاء بعض من تكيفك العاطفي. اسعَ للعلاج النفسي واعمل مع مختص، وبذلك تكون مستعدًا لتربي أطفالك تربية صحيحة، ولتستمع لاحتياجاتهم، ووجهات نظرهم، وفرض التوجيه الحكيم والانضباط مهمة لتغيير نفسك، فطفولتهم لن تكون كلها رهنًا عليك.

المصدر: https://www.psychologytoday.com

ترجمة: نسمة حبشي

مراجعة وتدقيق: رنا الحامد


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!