هل يسوء الطقس بسبب تغير المناخ؟

هل يسوء الطقس بسبب تغير المناخ؟

19 يوليو , 2022

ترجم بواسطة:

ولاء الجشي

دقق بواسطة:

زينب محمد

ربما شهِدَت الديناصورات طقسًا أسوأ مما شهدناه، إلا أنها لم تسببه.

يقول علماء المناخ من منظمة الأمم المتحدة إن ارتفاع درجات الحرارة الكارثي وانهيار النظم المناخية التي نحيا بها إما أن نوقفه الآن أو يفوت الآوان.

إن الصورة التي ترسمها تقارير عن عواصف ثلجية أشبه بالقنابل، وعن جفاف شديد، لهي صورة مخيفة مرعبة لواقع قد نعيشه بسبب تغير المناخ.

لكن، أنحن الآن نشهد تدهورًا في الطقس؟

نعم، نحن كذلك.

قال المؤرخ سبنسر ويرت، مدير مركز تاريخ الفيزياء في المعهد الأمريكي للفيزياء بمدينة كوليج بارك بولاية ماريلاند الأمريكية لدورية live science: “إن الطقس يزداد سوءًا على سكان الولايات المتحدة وعلى العالم”.

المناخ، هو متوسط حالات الطقس على مدى فترة زمنية طويلة، وللأرض تاريخ طويل حافل بتغيرات المناخ الطبيعية. فلربما انتهى العصر الثلاثي (قبل ٢٠١-٢٥٢ مليون سنة) بعاصفة مطيرة استمرت مليون عامًا. أما الكويكب الذي قتل الديناصورات نهاية العصر الطباشيري (أي قبل ٦٦ إلى ١٤٥ مليون سنة) فقد أحال قسمًا من السماء ليلًا دامسًا وشتاءً باردًا لسنينٍ طوال، بعد أن غطت السماء سحب من رماد وجسيمات، ثم بعد ذلك ثارت حرارة الأرض لمئة ألف سنة، بسبب كميات مهولة من غاز ثاني أكسيد الكربون أطلقها الكويكب لما اصطدم بشبه جزيرة يوكاتان. إن اصطدام كويكب مهول بالأرض يُعد حدثًا طبيعيًا، وإن كان للديناصورات حدثًا أليمًا.

لقد اعتاد كوكبنا على تقلبات المناخ الكبيرة، والتي كانت فيما مضى تدمر الأرض تدميرًا، وأما استهلاكنا الكبير للوقود الأحفوري في عصرنا هذا فيؤدي إلى تقلبات سريعة لا يُحمد عقباها.

تكشف السجلات الحديثة عن منحى غير طبيعي في الاحتباس الحراري قد سيطر على مناخ الأرض في العقود الأخيرة.

يبعث الإنسان بحرق الوقود الأحفوري ثاني أكسيد الكربون وغازات الدفيئة الأخرى إلى الغلاف الجوي، مما ينتج عنه ارتفاع درجة الحرارة في العالم.

يذكر ويرت أن البيانات التجريبية ونماذج المناخ تبين كيف سيؤثر الاحتباس الحراري على الطقس: “سيجعل الطقس شديد البرودة، وشديد الحرارة، وسيجعله أشد قساوة واضطرابًا، مما يعني أنه سيصير “أسوأ” من قبل”.

فمثلاً، إذا احتر العالم، ستتبخر من سطح الأراضي الجافة كميات أكبر من المياه، وتهطل فوق الأراضي الرطبة كميات أكبر من الأمطار، فتجف بذلك الأراضي الجافة أكثر، وتزيد الرطِبةُ رطوبةً. إن زيادة الرطوبة في الغلاف الجوي لكوكب يزداد احترارًا يمكن أن تسبب في تساقط ثلج كثير خلال فصل الشتاء.

وأشار ويرت إلى الأعاصير المدارية حول العالم وإلى ما حدث في هذه السنوات من أعاصير عاتية في شمال المحيط الأطلسي بمنطقتي الكاريبي والولايات المتحدة فاتخذها مثلًا يضربه على تدهور الطقس، وأردف قائلاً: “نظنّ أن الأعاصير تزداد سوءًا في كل مكان”.

قد لا نرى زيادة في عددها، ولكن أسوأ الأعاصير تزداد عُتوًّا. أوضح ويرت: “ما كان إعصارًا من الدرجة الثالثة أصبح من الرابعة، وما كان من الرابعة هو الآن من الخامسة”.

ذُكر في تقرير سابق لدورية Live Science أن الدرجة الخامسة فيها أعتى الأعاصير، وتبلغ سرعة الرياح فيها ١٥٦ ميلًا في الساعة (أي ٢٥١ كيلو متر في الساعة) أو أكثر. ولا إعصار من الدرجة السادسة في مقياس (سفير-سيمبسون) لأنه لا يصنف إلا على الرياح، وما تسببه رياح سرعتها ١٥٦ ميلًا في الساعة من ضرر ودمار يشابه ما تسببه رياح سرعتها أكبر. ولكن بعض العلماء يرون أن هذا المقياس يجب أن يُعدّل.

يرى ويرت أن أحداثًا غير معهودة كموجة الحر في اليابان عام ٢٠١٨، التي قتلت أكثر من ألف إنسان، توشك أن تحدث بكثرة. في عام ٢٠١٨، نشرت مجلة Scientific Online Letters on the Atmosphere دراسة أجرى فيها الباحثون محاكاة للمناخ بالحاسوب فوجدوا أن موجة الحرارة لا سبيل لحدوثها إلا بالاحتباس الحراري الذي يسببه الإنسان. وكذلك في عام ٢٠٢٠ نشرت مجلة Nature Communications دراسة مفادها أن موجات الحرارة في أنحاء العالم في زيادة.

وذكرت مجلة Nature أن الاحتباس الحراري يسبب موجات باردة أيضًا، وأن الباحثين في دراسة نشرت عام ٢٠٢١ في مجلة Science قد وجدوا علاقة بين ارتفاع درجة الحرارة في القطب الشمالي واضطراب الرياح الباردة فوقه، وتسمى الدوامة القطبية، وبين فصول الشتاء القارسة في نصف الكرة الشمالي والولايات المتحدة، لكن علماء المناخ لا يزالون يتباحثون في تلك العلاقة.

ومن قبل نشرت Live Science تقريرًا يفيد بإن المناخ المتغير ربما له القدرة على إفساد أنظمة الطقس إفسادًا كبيرًا، إلى أن تتحول الأرض إلى عالم من الفوضى لا سبيل لإصلاحها. ذُكر في دراسة أجريت عام ٢٠٢٢ ونُشرت في قاعدة بيانات ما قبل الطباعة (arXiv) أنّا إن لم نقلل من الانبعاثات، فلن يأمن الإنسان أن تتقلب درجة الحرارة في الأرض تقلبات عشوائية يستحيل التنبؤ بها.

إذن، ما الذي فعلناه لنكافح تغير المناخ ونتقي شر مستقبل يزيد طقسه سوءًا؟ لقد وقّعت أمم العالم على اتفاقية باريس للمناخ في ٢٠١٥، ووافقت على الحد من زيادة درجة الحرارة العالمية إلى ٣.٦ درجة فهرنهايت (درجتين مئويتين) والأفضل حدها إلى ٢.٧ درجة فهرنهايت (١.٥ درجة مئوية). ولكن في ٢٠٢٢، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في قمة الاستدامة الاقتصادية: “إن هدف الدرجة ونصف الدرجة المئوية يصعب الحفاظ عليه، نحن نُساق إلى مصيبة مناخية ما دامت الانبعاثات مستمرة”.

إن على قادة العالم أن يحرصوا على الحد من انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون لتقل في عام ٢٠٢٥، وتصل إلى النصف في ٢٠٣٠، وذلك إن أردنا ألا تتعدى الزيادة في درجة الحرارة العالمية ١.٥ درجة مئوية، وقد ذُكر هذا في تقرير سابق لدورية live science عن أحدث تقرير للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC) والذي يرجح أنه كان آخر تقرير نشرته الهيئة قبل أن ينهار المناخ انهيارًا لا مفر منه.

يقول ويرت: “وكأنما أصبحنا أبطالًا في فيلم خيالٍ علمي من حيث لا ندري؛ لا أحد غيرك يستطيع تخليص المعمورة من كارثة تهدد العالم” ثم أتبع: “إلا أنها ليست خيالًا علميًّا”.

المصدر: https://www.livescience.com

ترجمة: ولاء الجشي

مراجعة وتدقيق: زينب محمد


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!