ثلاثة معتقدات بشأن السعادة تجعل الناس غير سعداء

ثلاثة معتقدات بشأن السعادة تجعل الناس غير سعداء

13 يوليو , 2022

ترجم بواسطة:

مي محمد

دقق بواسطة:

منيرة المطيري

بالرغم من أنَّ علم النفس الإيجابي، والذي يركزعلى السعادة والرفاه، يعد تغييرًا مرحَّبًا به أكثر من علم النفس السلبي والذي يعتمد على الأعراض والاضطرابات، فإن هذا التحول الفلسفي له ثمنه. لو أنَّ السعادة أصبحت هدفًا للحياة، وهدفًا في حد ذاتها، وفشلْتَ في تحقيق هذا الهدف، فمعنى ذلك أن هناك خطأ بك. ليس واضحًا كيف وصلت ثورة السعادة إلى هذه النقطة، إذ لابد من وجود سبب في أنَّ الأفراد تتبنى بكل إخلاص شعار “يجب أن أكون سعيدًا أيًا كانت الظروف”. في الحقيقة تقيس الأمم الآن نجاحها في خدمة مواطنيها معتمدة على الاستقصاءات الكليَّة للسعادة، وذلك يثقلها باعتبارها هدفًا للعقل.

وطبقًا لدراسة حديثة أجراها مراد يلدريم من جامعة أغري إبراهيم تشجن، وجامعة جون مالتبي في ليستر عام 2022، فإنَّ السعادة لها جانب وظيفي، وجانب يؤدي إلى الاختلال الوظيفي. فعلى الجانب الإيجابي، يُمكن للسعادة أن تعزز تكيف وظيفي أفضل بالسماح للأشخاص برؤية الجانب الإيجابي للمواقف. من ناحيةٍ أخرى، فإنَّ الجانب المؤدي إلى الاختلال الوظيفي “له تأثيرات ضارة على الرفاه والصحة العقلية”. معظم الأبحاث المتعلقة بالسعادة تركز على الجوانب الوظيفية، ولكن طبقًا ليلدريم ومالتبي، فإن ذلك فشل في توضيح الصورة كاملة، وعندما تخفق فكرة السعادة لدى فرد، فمن الضروري تقديم خدمات تداخلية ووقائية لتعزيز الأداء الإيجابي.

طريق الاعتقاد اللامنطقي للسعادة

تُمثل السعادة عائقًا، وقد أقرَّت الأبحاث الدولية بأن الأفراد يتخذون هذا الاعتقاد اللا منطقي للسعادة وهو أنهم قبل كل شئ يجب أن يكونوا سعداء، وباستخدام المصطلحات الخاصة بالنظرية العاطفية المنطقية لألبرت إليس، عرَّف يلدريم ومالتبي المعتقدات اللامنطقية للسعادة على أنها؛ “يجب عليك” “لابد لك” “لزامًا عليك” أن تكون سعيدًا. عندما يتَّخذ الأفراد هذه المعتقدات، فإنهم يسلكون طريق تَقصِّي كل ما يحدث لهم طبقًا لهذه المصطلحات المطلقة.

تخيَّل نفسك في حدث. وتوقَّعت بلهفة أنه سيحقق سعادتك، ربما خططت أن تذهب وصديقك إلى حفل موسيقي لمطربك المفضل، وطوال شهور وأنت تتخيل كم ستكون منتشيًا، ولكن سرعان ما يتحول هذا التخيل إلى الاعتقاد اللامنطقي بأنك طالما أردت أن تستمتع بشدة بالعرض، فإنه لزامًا عليك أن تستمتع بكل لحظة في الليلة، وبمجرد أن تكون هناك، عندما تبدأ أشياء صغيرة في الحدوث على الوجه الخاطئ: مثل أن  تُصاب قدماك بالأذى، أو تحتاج إلى استخدام المرحاض ولا تستطيع، أو أنَّ الأفراد من حولك مزعجون، ستقول ” لا!” وأنت تبكي من الداخل، “كان من المفترض أن أكون سعيدًا الليلة!”.

وكما ترى فإنَّ اتخاذ هذا الطريق بداية من المشاركة بلهفة إلى الدفع بنفسك للتمسك بمعايير غير واقعية، يمنعك من تحقيق أي متعة يمكن أن تتوفر لديك طالما أنها ليلة أقل من المثالية (على الرغم من أنها لاتزال ممتعة بشدة).

وبالاستشهاد بمجموعة من الدراسات السابقة، افترض يلدريم ومالتبي أنه لو تغيرت هذه المعتقدات اللامنطقية، فإن الأفراد يمكنهم أن يتكيفوا بشكل أفضل مع المواقف مثل الحفل الموسيقي، ولن يتمكنوا من العيش طبقًا لمعايير عليا من المثالية غير الواقعية، ولتسهيل الفكرة البناءة الخاصة بمعتقدات السعادة، وضع المؤلفون مقياسًا بسيطًا له ثلاثة نقاط يمكن أن يُختبر فيما يتعلق بنتائج التكيف المقاسة.

ثلاث طرق لقياس معتقداتك اللامنطقية عن السعادة

الآن، يمكنك بالفعل القدرة على تخيل ما هي الثلاث نقاط التي تساهم في مقياس السعادة اللامنطقية، كما وضعها يلدريم في بحثه في جامعة ليستر. يُمكن أن تُقيِّم نفسك من 1 (لا أوافق بشدة)، إلى 7 (أوافق بشدة) على هذه النقاط:

1- يجب أن أكون سعيدًا دائمًا في كل جوانب حياتي.

2- لزامًا عليَّ أن أكون سعيدًا دائمًا في كل جوانب حياتي.

3- ينبغي عليَّ أن أكون سعيدًا دائمًا في كل جوانب حياتي.

اعتمادًا على عينة عشوائية أونلاين تبلغ 166 من البالغين (متوسط العمر 40 عامًا)، سجَّل المؤلفون أنَّ الأفراد ممن مالوا إلى الموافقة على أحد هذه النقاط، وافقوا أيضًا على الأخرى. إجمالي المشاركين؛ بمتوسط أقل مباشرةً من 13، معظمهم أحرز من 7 إلى 17 نقطة. كما ترى فإنَّ هناك أفراد يتخذون تمامًا طريق الاعتقاد اللامنطقي، وبناءً على أنَّ معتقدات السعادة اللامنطقية تُمثل جزءًا من مجموعة كبيرة من أسلوب الأفراد تجاه المواقف، قارن يلدريم ومالتبي نتائج الاختبار ذي الثلاث نقاط بمقياس يسمى BAS، أو القدرة على تجنب المحفزات الكريهه (الدوافع المنفرة) BAS وهو القدرة أن تتخذ المحفزات المحببة (الدوافع المتبَعة). اعتمادًا على الاتجاه المعروف بنظرية حساسية التعزيز، كانت الفكرة في أنَّ الأفراد ممن لديهم معتقدات السعادة اللامنطقية يكون لديهم دوافع متبَعة أقل، ودوافع إحجام أكثر.

ومع ذلك، افترض المؤلفون بأنَّ الشخصية بمفردها غير كافية لتفسير المشاكل التي يخوضها الأفراد ممن لديهم معتقدات السعادة اللامنطقية، وأضافوا أسلوبًا للتكيف إلى المعادلة، ووضعوا استقصاءًا خاصًا بالمواقف بسؤال المشاركين أن يقيسوا استخدام الأربع استراتيجيات الخاصة بما يلي: التعامل مع الموقف، تجنب الموقف، مجرد المحاولة بأن تشعر بشكل أفضل تجاهه (مُركّزًا على العاطفة)، وإعادة تقييم الموقف.

وذكر المؤلفون بأنَّ وضع الشخصية والتكيف معًا إحصائيًا، أسفر عنه عاملين سائدين؛ العامل الخاص بأسلوب BAS الذي يشمل أسلوب الدوافع الموجَّهة، بالإضافة إلى الثلاث استراتيجيات التكيفية للأسلوب، التكيف الخاص بضبط العاطفة، والتكيف الخاص بإعادة التقييم. وعلى العكس فإنَّ الأفراد ممن لديهم عامل التجنب BIS، كانوا يعملون أكثر طبقًا للدوافع التجنبية، وطبقًا لاستخدام استراتيجيات التكيف المرتكزة على التجنب. بمعنى آخر عندما تهزمك المواقف العصيبة، فإنَّ ذلك  يُمثل مجموع الرغبة في أن تتجنب الشعور الكريه بوجه عام، والميل إلى الهرب من المواقف التي تثقل كاهلك.

وعلى الرغم من أنَّ العامل الخاص بأسلوب BAS حتى الآن بدا له خصائص تكيفية أكثر فيما يتعلق بمعتقدات السعادة، أظهرت النتائج العكس تمامًا إذ أن الأفراد ممن لديهم اعتقاد أكثر بأنهم يجب أن يكونوا سعداء، لديهم حافز لنيل النتائج الإيجابية، وعند تعرضهم للمواقف العصيبة، يحاولون تغيير الطريقة التي يشعرون بها حيال الموقف ليكونوا أكثر سعادة، لذلك استنتج المؤلفون: “تبدو السعادة مؤقتة ومن الصعب إدراكها، وذلك لأنهم سمحوا لمعتقداتهم الخاطئة بأن تؤثر على سعادتهم”.

كيف تحول السعادة اللامنطقية إلي سعادة منطقية؟

كما تُشير نتائج يلدريم ومالتبي، فإنَّ البحث عن السعادة يُمثل في حد ذاته إجراءًا محكومًا عليه بالفشل، فكلما تحاول انتزاع المشاعر الإيجابية من موقف عصيب، تجد نفسك أقل تكيفًا معه عمليًا، وأكثر قدرة على فشل الحصول على أي سعادة منه، وبالعودة إلى مثال الحفل الغنائي المشؤوم، وأنت تحاول أن تجبر نفسك على الشعور الجيد عندما لا تسير الأمور بشكل صحيح، ستصبح طريقتك غير مُجدية. افعل ما تستطيع من أجل إصلاح الموقف (ربما تحاول أن تجد طريقك إلى المرحاض على سبيل المثال)، ولكن لا تدع فكرة أنَّ السعادة تُلون كليًا وبشكل نهائي قدرتك على الاستمتاع بالأمور المتاحة الجيدة.

واستقبال المواقف كما هي بدلًا من الدفع بها لتصبح جيدة، يُمثل المفتاح الذي يجعل السعادة تنبعث من المواقف بدلًا من أن تكون قوة دافعة، وفي المرة التالية عندما تشعر بالإحباط لأنك غير سعيد كما أردت أن تكون، اسأل نفسك لماذا أنت مهتم لهذا الحد، أليس هناك جوانب أخرى من التجارب الحياتية لها أهمية أيضًا؟

لتلخيص ما سبق، فإن أخذ التدابير الخاصة بمعتقدات السعادة اللامنطقية لديك هو الخطوة الأولى للإنجاز، وذلك باستقبال الأشياء المبهجة في الحياة كما هي، وقت أن تأتي، وتقدير قيمتها عندما تأتي.

المصدر: https://www.psychologytoday.com

ترجمة: مي محمد

مراجعة وتدقيق: منيرة المطيري

تويتر: @muneerah2006


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!