كيف تتوقف عن الإفراط بالتفكير: نصائح واستراتيجيات فعّالة للتغلّب على القلق

كيف تتوقف عن الإفراط بالتفكير: نصائح واستراتيجيات فعّالة للتغلّب على القلق

25 يونيو , 2022

ترجم بواسطة:

فاطمة الربح

دقق بواسطة:

سراء المصري

إليك طرق تمكّنك من جعل القلق المُفرط تحت السيطرة.

مررنا جميعنا بلحظات من القلق سواءً كان ذلك السبب متعلّق بالعمل، الصحة، العائلة، العلاقات، أو أسباب أخرى. ولكن هل هناك نقطة يزيد فيها التفكير والقلق عن الحد الطبيعي له؟

يُعتبر الإفراط بالتفكير عادة غير صحية والتي تسبّب بالعادة المزيد من التوتر عن طريق التركيز على الجانب السلبي والعيش في الماضي والقلق بشأن المستقبل.

عندما تُفرط بالتفكير فإنك تجتّر التفكير في مشكلة معيّنة بدون التوصل إلى حلول منطقية، الأمر يشبه بأن يتواجد في مكان في رأسك شريطُ تالف من الأفكار السلبية يعمل بدون انقطاع.

إذًا كيف يمكنك التوقف عن الإفراط في التفكير؟

إليك عددًا من الاستراتيجيات للتغّلب على الإفراط بالتفكير أوجزتها لنا الطبيبة النفسية ناتاشا ديوك:

لماذا أُفرط في التفكير كثيرًا؟

الإفراط بالتفكير عادةْ رُبما يكون من الصعب التخلص منها.

فهي حلقة شرسة من الأفكار السلبية والتي تتراكم بشكل مستمر، الأمر أشبه بالدوران سقوطًا نحو جحر أرنب. على سبيل المثال، قد تبدأ بالقلق بشأن حدث معين في العمل والذي يؤدي إلى القلق حول المال والذي يؤدي إلى القلق من خسارة وظيفتك.

لكن لماذا نميل إلى المبالغة بالتفكير؟

قد يكون المبالغة بالتفكير واحدًا من أعراض التوتر، القلق أو الاكتئاب.

وعلى الرغم من أن المبالغة بالتفكير لا يعد اضطراب عقلي بحد ذاته، فهو قد يرتبط باضطراب القلق العام (GAD).

يميل المصابون باضطراب القلق العام إلى القلق المُفرط بشأن عدة أمور وقد يخوضون الأعراض التالية:

  • القلق المفرط بشأن العديد من الأمور الغير مترابطة لمدة لا تقل عن 6 أشهر.
  • يواجه المصابون بالقلق صعوبات في التحكم بمخاوفهم.
  • يتداخل القلق مع القابلية للإنتاج.

بالإضافة إلى أن المصاب بالقلق قد يواجه أعراضًا كالأرق، اضطراب عام أو هيجان (صعوبة في الاستقرار)، صعوبات في التركيز، وضعف في النوم.

أنواع أنماط الأفكار الهدّامة

نميل أن نصبح أكثر قلقًا عندما نُفرط بالتفكير. تقول ديوك إن السبب يعود في الغالب إلى ما يعرف بالتشويه المعرفي (cognitive errors). 

والذي يعني بالأساس وجود أخطاء في التفكير المنطقي لدى الإنسان. إليك بعض الأمثلة لتشوهات معرفية مألوفة:

1. التفكير الكوارثي

يحدث التفكير الكارثي عندما تتخيل أسوأ سيناريو كالنتيجة الحتمية لحدثٍ ما تقلق بشأنه.

تقول ديوك: “عندما نجد أنفسنا محاصرين في التفكير المُفرط، فإننا نوجه انتباهنا مباشرة إلى التفكير بأسوأ سيناريو ممكن، بالإضافة إلى أننا نبالغ في احتمالية حصول هذا السيناريو في الواقع”.

2. تفكير “كُل شيء” أو “لا شيء”

يحدث أن تشعر بأنك تعاني في العمل، أو على الجانب الآخر تشعر بأنك أفضل موظف في الشهر. بما معناه “كل شيء أو لا شيء” حيث لا يوجد منطقة رمادية في هذا النوع من التفكير.

تُشير ديوك: “بينما في الواقع معظم الأمور في الحياة تقع في منطقة في المنتصف”.

يُعد العلاج المعرفي السلوكي (CBT)، وهو أحد أنواع العلاجات النفسية المعروفة، فعّالاً للتغلّب على الإفراط بالتفكير بالإضافة إلى التعرّف على أخطاء التشويّه المعرفي.

تقول ديوك: “يساعد العلاج المعرفي السلوكي المرء على تحديد الأخطاء الموجودة في التفكير أولاً، ومن ثمّ إعادة صياغة الأفكار بشكل منطقي ومتوازن أكثر”.

3. التعميم المُفرط

نقصد بالتعميم المفرط هو عندما يمر الشخص بعقبة أو فشل فيميل إلى تعميم ما حدث له على كل المواقف. مما يعني أن نفترض أن الأمور كانت ولا زالت ستميل إلى الجانب السيء.

يميل معظم الأشخاص المصابون بالقلق إلى التفكير المفرط بشأن المستقبل، ولكن قد يجابه الشخص إفراط بالتفكير في بالماضي.

تقول ديوك: “الأشخاص الذين يميلون للتفكير في الماضي هم الأكثر عُرضة للإصابة بالاكتئاب”.

مع العلم بأنه يمكن للشخص الإصابة بالاكتئاب والقلق في نفس الوقت، وهي حالة تُدعى بالاعتلال المشترك (comorbidity) حيث يواجه المصاب مشكلتين نفسيتين في نفس الوقت.

تقول ديوك: “عبر العمل مع معالجين نفسيين مختصين بالعلاج المعرفي السلوكي، يمكن للمريض التخفيف من حدة المزاج الاكتئابي والقلق”.

كيف يُمكنك التوقف عن الإفراط بالتفكير؟

تشارك معنا ديوك بعض الاستراتيجيات والنصائح في كيفية التغلّب على الإفراط بالتفكير:

1. جرّب العلاج بالكلام

حيث تقترح ديوك العلاج المعرفي السلوكي قائلةً: “يساهم العلاج المعرفي السلوكي في تعلّم كيفية تحديد ومن ثم تحدّي وإعادة تشكيل أفكارك السلبية، بالإضافة إلى تعليمك كيفية التأقلم مع حالة القلق والمخاوف التي لديك بطريقة صحيّة”.

2. طبّق “دورة قلق”

اختر وقت مناسب من اليوم، واجعل نفسك تخوض دورة قلق لمدة 30 دقيقة.

“في خلال 30 دقيقة هذه اكتب جميع مخاوفك، وبعدها خذ مراجعة لقائمتك التي كتبتها وحدّد المخاوف أو الأمور التي تقلقك والتي تستطيع حلها، بمعنى حدد الأشياء التي فقط يمكنك التحكّم بها”.

ومن ثم استقطع بعض الوقت لعمل عصف ذهني لإيجاد الحلول. اعمل على ترك الأمور التي لا تمتلك السيطرة عليها (مثل ردة فعل شخص آخر لموقفٍ ما) إلى دورة القلق القادمة.

“في الحقيقة يجب أن تحاول بشدة أن تقلق فقط خلال دورة القلق هذه. سيتطلب الأمر منك بعض الوقت، ولكن في نهاية المطاف الذي سيحدث هو أنّك ستطوّر قابلية أفضل للتحكم في مخاوفك”.

3. أعد التفكير في سيناريو “ماذا لو”

هل تفكر مليًّا في أسئلة من نوع “ماذا لو خسرت وظيفتي؟” أو “ماذا لو مرضت؟”

وعلى الرغم من أن امتلاك هذا النوع من الأفكار يعد أمرًا طبيعيًا جدًا، ولكنه يصبح مشكلة عندما تشحذ تركيزك كله في حدوث أسوأ سيناريو.

جرّب أن تستبدل كل عبارة “ماذا لو” تدور في عقلك إلى عبارة “إذا كان، عندها” حيث تأتي بعبارات من نوع “حينها سأفعل؛ أقول الشيء الفلاني” عندما يحدث “ماذا لو” أو حتى أسوأ سيناريو ممكن. ركّز على امتلاك خطة واضحة وملموسة لاستباق هذا النوع من الأفكار.

4. تحدّى أفكارك السلبية

قد تراودك أفكار أن رئيسك في العمل يكرهك أو أنك لن تصل إلى هدفك الرياضي.

جرّب أن تتحدى هذا النوع من الأفكار وأن تعيد تشكيلها إلى أفكار إيجابية محفّزة، بدلاً من أن تدع أفكارك السلبية تقتحم تفكيرك.

“اسأل نفسك هل هذه الفكرة مفيدة؟ ما هو الدليل بأن فكرتي السلبية صائبة؟ هل هناك احتمالات بديلة؟ الهدف في النهاية أن تحاول امتلاك منظور متوازن للأمور”.

5. اشغل نفسك

“الملهيات الصحية قد تكون مفيدة”.

القيام بأنشطة كالتأمل، والقراءة، وممارسة رياضة المشي قد يساهم في خفض مستويات التوتر.

وتضيف: “من الأفضل أن تكون استباقيًا وأن تُدخل هذا النوع من الأنشطة إلى روتينك اليومي. حيث تساعدك هذه الأنشطة على تقليل مستويات القلق وتقليل احتمالية حدوث الإفراط بالتفكير”.

ولكن إذا كنت بالفعل متوتر بشدة وتعاني بخصوص مسألة إيجاد الراحة في هذه الملهيات سيكون من المفيد أن تشارك أفكارك ومشاعرك مع شخص تثق به.

قاوم الرغبة في كتمان الأمور التي تزعجك. بدلاً من ذلك جرّب التحدّث إلى صديق، فرد من العائلة أو معالج نفسي”.

6. تعوّد على الرفق بنفسك

من المرجّح أنك تعرف إظهار الرفق واللطف إلى أمك أو صديقك، ولكن ماذا عن نفسك؟ كيف يبدو حوارك الداخلي مع نفسك حين تواجه مشكلة أو تحدّي؟

“يتعلق الأمر بقدرتك على إيصال هذا الحب، واللطف والغفران إلى نفسك. عند قيامك بذلك أنت تقوم بتهدئة نظام التهديد الداخلي في جسدك وسيكون لديك عقل أصفى ستتمكن من خلاله حل مشكلاتك”.

متى يجب أن تطلب المساعدة؟

على الرغم من أن الجميع يفرط في التفكير أحيانًا، لكن إذا لم تتمكن من التحكّم بمقدار القلق التي تشعر به وبدأ الموضوع يتدّخل في قابليتك للإنتاج والعمل، سيكون هذا الوقت مناسب لتطلب المساعدة من مختصّ.

قد تجابه أعراضًا جسدية أيضًا مثل الانفعال السريع، الإعياء، صعوبات في التركيز أو مشاكل في الذاكرة والأرق. بالإضافة إلى أن القلق والتوتر المُفرطين قد يؤديان إلى زيادة حدّة المشاكل الهضمية. أيضًا، تسبّب في تراكم التوتر في كتفيك ورقبتك.

تنصح ديوك: “إذا وجدت نفسك بأنك تواجه صعوبات في التحكّم بقلقك، أو تواجه صعوبة في التركيز في العمل، أو صعوبة النوم في الليل، في هذه الحالة أنصحك بشدة أن تطلب المساعدة من مختصّ”.

وتضيف: “واحدة من الأمور التي ستتعلمها في أثناء العلاج النفسي هو تعلم كيفية ألا تصبح أسيرًا لقلقك”.

“عندما تكون في غمرة لحظات القلق فإنك لا تدرك حجم الأمر بالضرورة. بمساعدة العلاج المعرفي السلوكي ستتمكن من معرفة بأن وضعك يتصاعد وبأنك تنخرط في اجترار سلبي للأفكار. ستمارس في العلاج المعرفي السلوكي كتابة أفكارك السلبية، ومن ثم إعادة تأطيرها وتحدّيها. وفي نهاية المطاف سيصبح لديك مجموعة أدوات فعّالة للتأقلم مع الإفراط بالتفكير”.

المصدر: https://health.clevelandclinic.org

ترجمة: فاطمة الربح

مراجعة وتدقيق: سراء المصري


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!