25 يونيو , 2022
هل تساءلت يومًا لماذا ينهى أطباء الأطفال عن تقبيل الرضع وحديثي الولادة؟ عليك أن تعرف أنه لا يتمتع الأطفال في بداية أعمارهم بجهاز مناعة قوي ونشط يمكنه أن يصد الهجمات الشرسة من الميكروبات والفيروسات المختلفة التي يمتلئ بها العالم من حولنا، ويعد فيروس الهربس من أكثر الفيروسات انتشارًا بين الأطفال والكبار على حدٍ سواء، فنجد أن 13 % من الأشخاص حول العالم يصابون بالهربس التناسلي بين عمر 15- 49، و67 % تحت سن الخمسين يصابون بالنوع الفموي.
نستعرض عزيزي القارئ في هذا المقال العديد من المعلومات عن فيروس الهربس وأنواعه وطرق مكافحته.
على الرغم من الأعراض الجلدية لفيروس الهربس التي تظهر بجانب الفم والأنف أحيانًا، إلا إنه يعد من الفيروسات التي تصيب الجهاز العصبي، وقد صنفته منظمة الصحة العالمية إلى نوعين، هما:
تمر الإصابة بفيروس الهربس بثلاث مراحل أساسية:
وغالبًا ما تصيب الأطفال في الأسابيع الأولى من أعمارهم وتصاحبهم بقية حياتهم، وتنتقل العدوى عن طريق تعرض الشخص السليم للفيروس في القروح أو لعاب الشخص المصاب، أو ملامسة الأغشية حول الفم والعين.
هي أقرب ما يكون لفترة اختباء الفيروس، عقب الإصابة يكمن الفيروس في الخلايا العصبية داخل العمود الفقري لفترة غير محددة، ويظل في حالة من السبات ويكون غير نشط ولا يسبب أي أعراض حتى يتعرض الشخص مستقبلًا إلى بعض المثيرات التي قد تؤدي إلى ضعف جهاز المناعة وبداية ظهور الأعراض، نذكر منها:
أو ما يعرف بالعدوى المتكررة، والتي غالبًا ما تكون غير بالغة الخطورة وأقل في الشدة من الإصابة الأولى، فيمكن لجهاز المناعة التغلب عليها في فترة قصيرة قد تصل إلى بضعة أسابيع دون اللجوء لتناول أي أدوية خاصة.
قد يعاني بعض الأفراد من تكرار ظهور الأعراض لديهم عدة مرات سنويًا، بينما قد تظهر على الآخرين مرة واحدة فقط طوال سنوات حياتهم.
يعد العرض الرئيسي للإصابة بفيروس الهربس بنوعيه الفموي والتناسلي، هو ظهور تجمعات من بثور صغيرة وتقرحات مؤلمة حول الفم أو في الأعضاء التناسلية، حيث يخترق الفيروس الجلد والأغشية المخاطية محدثًا شعورًا بالوخز أو الحكة في المنطقة المصابة.
تظهر البثور بعد فترة تتراوح من أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع من التعرض للفيروس، ويصاحبها بعض الأعراض الأخرى، مثل:
قد تمر الإصابة بفيروس الهربس بدون أعراض أو مضاعفات خطيرة، وفي حالات الإصابة المتكررة تكون الأعراض أقل في الحدة ويمكن التعافي منها بشكل أسرع.
لا تؤثر الإصابة بالهربس على فرصة حدوث حمل مطلقًا، وتجتاز السيدات الحوامل فترة الحمل بشكل طبيعي تمامًا إذا أُصبن بالفيروس أثناء الثُلث الأول أو الثاني من حملهن، ولا يتسبب في أي مضاعفات خطيرة للأم أو للجنين، ولا يتسبب في حدوث إجهاض.
تكمن خطورة الإصابة بالهربس في الثُلث الأخير من الحمل إلى احتمالية انتقاله إلى الطفل أثناء الولادة الطبيعية، خاصًة في حالة العدوى الأولية التي لم تتجاوز ستة أسابيع والتي تكون أكثر قوة من العدوى المتكررة؛ مما يستلزم تناول العقاقير المضادة للفيروسات تحت إشراف الطبيب المختص عقب تقييمه للحالة.
يقدم اختصاصيو الرعاية الطبية النصائح والاحتياطات اللازمة للحفاظ على صحة الأم والجنين أثناء فترة الحمل، نذكر منها:
تحدث الإصابة في حديثي الولادة نتيجة إصابة الأم بالهربس التناسلي HSV-2 خلال الثُلث الأخير من الحمل، وينتقل إليهم أثناء الولادة الطبيعية.
وتعد حالات الهربس الوليدي نادرة الحدوث لا تتجاوز 10 حالات من بين 100000 حالة في العالم، ولكنه قد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة، مثل الفشل الدماغي وقد يؤدي إلى الوفاة؛ لذا يُنصح بتجنب الولادة الطبيعية في حالة العدوى الأولية بالهربس التناسلي للأم ويفضل إجراء ولادة قيصرية ووضع الطفل تحت الملاحظة الطبية.
يصعب تشخيص الهربس الوليدي بدون ظهور أعراض، ولكن في حالة وجود تهيج بجسم الرضيع أو صعوبة في الرضاعة، يصاحبها ارتفاع في درجة الحرارة يجب التوجه فورًا إلى الطبيب المختص لفحص الطفل ويمكن تشخيص الإصابة من خلال بضعة فحوصات مثل:
إذا تبيّن إصابة الرضيع بالفيروس فيجب أن يخضع للحقن الوريدي بالعقاقير المضادة للفيروسات، وأن يبقى تحت الملاحظة لتجنب حدوث مضاعفات خطيرة.
تناول العقاقير المضادة للفيروسات أو استخدام الكريمات الموضعية من الطرق التي قد تساعد على تخفيف شدة الإصابة أو الحد من عدد مرات العدوى المتكررة، ولكن لا تشفي تمامًا من المرض الذي يبقى داخل الخلايا العصبية طوال العمر.
يمكن استخدام بعض العلاجات المنزلية البسيطة، مثل جل الألوفيرا أو زيت شجرة الشاي لتهدئة البثور وتقليل الشعور بالحكة والالتهاب، ولكن تبقى طرق الوقاية واتباع بعض الإرشادات الصحية البسيطة طرقًا فعالة للحد من الإصابة بالفيروسات المختلفة، ومنها:
يمرض الأطفال كثيرًا في سنوات عمرهم الأولى، تلك حقيقة لا يمكن تجاهلها ولكن علينا مساعدة أجسامهم في تكوين جهاز مناعة يساعدهم على الحصول على صحة جيدة قدر الإمكان، وممارسة حياتهم بشكل صحي، نقدم بعض النصائح التي قد تساعد في هذا الأمر:
الخضروات والفواكه الطازجة التي تحتوي على الكاروتينات، مثل الجزر والبطاطا الحلوة والفلفل والفراولة، أو ما يعرف بالأطعمة المعززة للمناعة، التي تزيد من إنتاج الجسم لكريات الدم البيضاء والانترفيرون الذي يقاوم الإصابة بالفيروسات والأمراض المختلفة.
يحتاج الأطفال في السن الدراسي إلى ما يقرب من 10-13 ساعة من النوم الجيد، وأغلبهم في فترة الليل، مما يعزز جهاز المناعة لديهم وينشط الخلايا المقاتلة التي تهاجم الفيروسات المختلفة.
تساهم الرضاعة الطبيعية في اكتساب مناعة من خلال انتقال الأجسام المضادة في لبن الأم إلى رضيعها وخصوصًا ما يعرف باللبأ، السائل الأصفر الخفيف الذي يُفرز عقب الولادة مباشرةً ويحتوى على كنز من الأجسام المضادة.
ممارسة رياضات، مثل ركوب الدراجات أو السباحة أو الجري، تنشط جهاز المناعة وتزيد من قدرة الجسم على مقاومة الأمراض المختلفة، وترفع استعداد جهاز المناعة بالخلايا المناعية القاتلة للفيروسات والأمراض.
ختامًا، واحدة من أهم النصائح والتعليمات التي يحرص مقدمي الرعاية الصحية على التأكيد عليها للأمهات والآباء الجدد، الحرص على عدم تقبيل الرضيع من فمه أو بالقرب منه؛ لتجنب إصابته بالهربس التي قد تنتقل إلى الطفل في أيام عمره الأولى، والكثيرون لا يعلمون إنها إصابة تصاحبه طوال العمر وقد ينتج عنها مضاعفات للأطفال في بداية حياتهم.
المصادر:
بقلم: د. مروة مصطفى
مراجعة وتدقيق: زينب محمد
اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية
اترك تعليقاً