crossorigin="anonymous">
21 يونيو , 2022
لنستعرض سيناريوهين افتراضيين لإثنين من المراهقين
ساشا شخصية قلقة منذ نعومة أظافرها. طفلة حساسة وخجولة بطبيعتها، لكن لحسن الحظ، أنها تمتلك أقرباء وأصدقاء ومعلمين داعمين ساعدوها للخروج من منطقة الراحة أو (Comfort Zone).
إلا أن قبل بضع سنوات، تحولت حياتها العائلية رأسًا على عقب وأصبحت على شفا الانهيار. نشبت الخلافات بين والديها أثناء عدم وجود الأطفال أو في غرفة مغلقة، لكن كانت هذه مجرد البداية، قبل أن تتطور المشاجرات وتصبح على مرأى ومسمع منهم. وسط هذه الأجواء المشحونة بالتوتر وشخصية ساشا القلقة والحساسة، دفعها ذلك للوم نفسها وتحميلها المسؤولية عن الخلافات بين والديها.
الآن في سن 12 عامًّا، كانت ساشا قد عاشت طفولة مليئة بالخلافات الأسرية على مدى فترة زمنية طويلة وقد أثّر ذلك عليها لدرجة إفقادها تقديرها لذاتها. التحقت ساشا بالمدرسة الإعدادية، حيث التقت بالكثير من الأطفال الجدد إلا أنها واجهت صعوبة في تكوين صداقات بسبب قلقها الدائم تجاه تصرفات الآخرين ونظرتهم وتقديرهم لها، والأهم من كل ذلك، تركيزها في أن تكون صديقة جيدة حتى تدوم الصداقة.
ساشا دائمًا قلقة من أن تكون قد فعلت أو قالت شيئًا يكرهه أصدقائها. من ناحية أخرى، هي شخصية محبوبة للغاية ومرحة جدًّا وعطوفة. ومع ذلك، فهي تتجنب التعامل مع الأطفال الآخرين لاعتقادها بأنهم لا يريدون صداقتها.
تايلر، البالغ من العمر 15 سنة، طالبًا متفوقًا وشغوفًا بكرة القدم. كما أنه يعاني من اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط والحركة أو ما يعرف بمسمى (ADHD). بالرغم من ذلك كان ولا زال أداء تايلر مميّزًا أكاديميًّا، نظرًا لأن الاضطراب لديه نجم عنه حالة من الاندفاع وليس تشتت الانتباه. أما من الناحية الاجتماعية ، فيجد تايلر صعوبة في ضبط نفسه كالإدلاء بتعليقات غير ملائمة والتصرف دون اعتبار للعواقب.
بدت والدة تايلر قلقة بشأن سلوكه الذي قد يؤثر على علاقاته مع الآخرين، فسألته ما إذا كان سلوكه الاندفاعي قد تسبب في أي مشاكل مع أصدقائه. رفض تايلر في البداية الاعتراف بالمشكلة، ولكن كان نمطه السلوكي واضح وظاهر، فغالبًا ما كانت تعليقاته الجارحة تؤدي الى إيذاء المشاعر وحتى إلى الخلافات. هذه الحالة مستمرة على هذا المنوال من سنوات، مما أدت إلى خلافات بينه وبين بعض أصدقائه المقربين. كما أن تدريجيًّا أصبح أصدقائه أقل تسامحًا معه وانتقدوا سلوكه بشكل علني وصريح كما توقفوا عن دعوته لقضاء الوقت معهم.
أخيرًا اعترف تايلر لأمه بحزنه حيال الأذى الذي تسبب به لأصدقائه. خلّف هذا الصراع الشعور بالندم والخجل وفي كثير من الأحيان الشعور بالرفض من قبل بعض الأشخاص المفضلين لديه. كما لاحظت والدته أنه يطلب وقتًا أقل للعب في مباريات كرة القدم وأفاد المعلمون أن تايلر أصبح شخصًا أكثر هدوءً وأنه لم يعد يرغب في التسكع مع أصدقائه، بالرغم من أنه كان طالبًا رياضيًا شغوفًا متميّزًا بشخصيته الاجتماعية المنفتحة.
تقدير الذات هو جوهر كل من قصة ساشا وتايلر، ولمساعدتهم من الضروري أن نفهم بوضوح كيف يؤثر تقدير الذات على عقليتنا وطريقة تفكيرنا. إذ يشمل تقدير الذات قناعات الشخص حول نفسه أي تقييمه لقدراته وقيمته وثقته بنفسه وأمانه النفسي.
يعاني الناس من تدني تقدير الذات بطرق مختلفة. فمثلًا، ليس كل شخص يعاني من هذه الحالة هو ناقدًا مفرطًا لذاته. لكن بغض النظر عن كيفية ظهوره، فإن تدني تقدير الذات أمر شائع جدًّا. حتى أن أكثر الناس نجاحًا بما في ذلك المشاهير والرياضيين، غالبًا ما يعانون بدرجات مختلفة من عدم الثقة بالنفس في مختلف جوانب حياتهم.
سنتابع مع ساشا وتايلر لاحقًا، لكن لنستعرض الآن بعض الأسباب التي تجعل الطفل أو المراهق يعاني من تدني تقدير الذات:
رأينا كيف أن تدني تقدير الذات أضعف قدرة ساشا على تكوين صداقات صحية وجعل تايلر أكثر انطوائية. ما الآثار النفسية والاجتماعية الأخرى التي قد تترتب عليه؟ قد يعاني الشخص ذو التقدير المتدني للذات من:
واحد من أعظم الهدايا التي يمكن أن يعطيها الوالدان لأطفالهم هي مساعدته على تقدير ذاته ومعرفة حجم نفسه وقيمته وإشعاره بأنه طفل محبوب ويتم توطيد هذه الفكرة من خلال استخدام عبارات المديح معه.
من خلال مساعدة شاب مراهق بتقدير نفسه بشكل إيجابي، فأننا ندعم قوته الداخلية وثقته بنفسه ومساعدته أيضًا للتعلم من إخفاقاته. صحيح أنه كلما أسرعنا في تقديم المساعدة كان ذلك أفضل، لكن لم يفت الأوان بعد للبدء في تعزيز تقدير الذات لدى أي شاب مراهق. إذ يمكن للبالغين المعنيين القيام بما يلي:
الخبر السار هو أن هناك العديد من الطرق لمساعدة الشباب في تحسين شعورهم نحو ذاتهم. لنرى كيف سارت الأمور مع ساشا وتايلر.
بالنسبة لساشا تطلب الأمر ثلاث خطوات وبعض الوقت:
تحسن شعور ساشا نحو ذاتها بشكل كبير في غضون بضعة أشهر فقط. كما أصبحت أقل قلقًا عند اختلاطها بأصدقائها وأقل شعورًا بالذنب بشأن وضعها العائلي.
أمّا بالنسبة لتايلر، أدركت والدته أنها يجب أن تتصرف بشأن حالة ابنها، لذلك أجروا عدة مقابلات مع طبيب الأدوية النفسية الخاص به وتوصلوا إلى الخطة التالية:
تحسن سلوك تايلر في التعامل مع الناس وفي علاقاته الشخصية بشكل ملحوظ بعد 6 أشهر من اتباع هذه الخطة، وكذلك تقديره لذاته وكبريائه وثقته بنفسه.
ساشا وتايلر شخصيتان خياليتان، لكن القضايا التي يواجهونها حقيقية بقدر ما هي شائعة. عندما يعاني أي شاب من تدني تقدير الذات، تتاح للبالغين في حياتهم الفرصة لمساعدتهم على تطوير ثقتهم بأنفسهم والمرونة وبالتالي على النجاح في الحياة.
يمكننا إيجاد الأمل في تذكر أن حلول تدني تقدير الذات أكثر تنوعًا من الأسباب، وأن بالمعرفة والحوار والحب نمهد الطريق لعالم أفضل.
المصدر: https://www.psychologytoday.com
ترجمة: فجر غانم
مراجعة وتدقيق: زينب محمد
اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية
اترك تعليقاً