هل سيستخدم فحص الدم للكشف عن الاكتئاب أحادي القطب وثنائي القطب؟

هل سيستخدم فحص الدم للكشف عن الاكتئاب أحادي القطب وثنائي القطب؟

8 يونيو , 2022

ترجم بواسطة:

رانيا أحمد

دقق بواسطة:

زينب محمد

لقد أظهر البحث الجديد الخاص ببدائل الحمض النووي الريبوزي (RNA) أساسًا لمزيد من التطور.

النقاط الرئيسية

  • يوجد عدة أنواع من الاكتئاب، ولكن يكمن الاختلاف الكبير ما بين الاكتئاب أحادي القطب وثنائي القطب.
  • تعتبر دلالات الحمض النووي الريبوزي هدفًا جاذبًا لتطور الفحص التشخيصي.
  • تبشر الأبحاث الخاصة بفحص الدم بالفائدة السريرية التي ستساعد الأطباء في التمييز بين الاكتئاب أحادي القطب والآخر ثنائي القطب.

يعد تشخيص وتقييم الحالة ذو أهمية طبية بالغة لوضع الخطط العلاجية وللحصول على النتائج. من ثم كان الإدراك الحيوي لجميع الحالات المرضية بمنأى عن التشخيص النفسي، ويرجع ذلك على أقل تقدير نتيجة لتعقيدات المخ ونظرًا لما يتطلبه الأمر من الأدوات المعقدة؛ حتى نتمكن من فهم العملية النفسية والعصبية التي تتصل بالعقل والسلوك وعلام تعني من حيث التشخيص والرعاية.

يعتمد التشخيص النفسي على مراجعة التاريخ المرضي بعناية، وكذلك الأعراض الحالية الظاهرة. وتُعرّف الاضطرابات النفسية بمجموعة من الأعراض المحتملة، فقد يحتمل مصادفة جزء من هذه الأعراض في إطار زمني محدد وقد يشترط وجود اعتلال أو معاناة مرتبطة بالحالات وليس من الجيد ربطها بسبب آخر.

ستقدم تلك الفحوصات السريرية المعنية تقدمًا معهودًا بمجال الطب النفسي. حيث تتراوح الفحوصات المرشحة بين الدلالات البيوكيميائية والجينية المختلفة (مثل فحص الدم التقليدي) واستخدام الطب الشخصي لملاحقة التغيرات بالصفات السلوكية للمريض (مثل التغيرات اليومية بالعادات كقضاء معظم الوقت بالمنزل على نحوٍ غير معهود الذي عادةً ما يظهر نتيجة الاكتئاب أوالقلق، أو أن يصبح الشخص المريض أكثر تفاعلاً مع السفر على نحو غير اعتيادي وربما قد يُصاحب بهوس) وقد شرعوا باستخدام التعلم الآلي ليعكس أشكال التصوير الوظيفي والبنيوي للمخ بمختلف  “أنواع” الاكتئاب كذلك  للكشف عن المؤشرات النشطة للنوايا الانتحارية .

المقارنة بين الاكتئاب أحادي القطب وثنائي القطب

يعد الاكتئاب مجالاً حيث يتحدى التشخيص سالبية التأثير العلاجي. حيث يوجد العديد من أنواع الاكتئاب المختلفة، ولكن هناك فارق كبير بين الاكتئاب أحادي القطب والآخر ثنائي القطب. وكما ذكر مؤلفو المجلة الطبية النفسية أن باستخدام دلالات الحمض النووي الريبوزي بالدم  قد يتأخر اكتشاف الاضطراب ثنائي القطب كثيرًا، وربما تشخص حالات المرضى بدايةً كاكتئاب كبير (وهو أحد أنواع الاكتئاب أحادي القطب) ذلك فيما يزيد عن 21% من المرضى.

ويحدث هذا نتيجة لعدة مسببات:  أولاً، قد يحدث تداخلاً تامًا بأعراض الاكتئاب الأولية بين الاضطراب أحادي القطب وثنائي القطب، وثانيًا، عدم معاناة المريض من حالة واضحة من نوبة الهوس (على الأقل أسبوعًا واحدًا من الأعراض الإشكالية الخطيرة مصحوبًا بتزايد بالنشاط)، أو زيادة اضطراب المزاج (التغيرات السلوكية) بخلاف الأعراض الأقل حدة (كحالة الهوس الخفيف) التي لا يمكن التعرف عليها حين الحصول على التاريخ المرضي، نظرًا لكونها تحتاج إلى التدقيق أو لأنها لا تشكّل مشكلة، لكونها جزءًا من مراحل الإحساس بالسعادة.

وهناك بعض الحالات التي لا يبدو عليها أعراض الهوس، ولكن تظهر مقدمات الاكتئاب كبداية فقط دون اكتشاف خطر الإصابة بالاكتئاب ثنائي القطب. ولا يزال هناك حالات مصابة بالاضطراب ثنائي القطب التي تُشخص بشكل أوليّ، لتشابه أعراضها ظاهريًا بما يلي  اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه المعروف بمتلازمة ADHD أو تعاطي المخدرات واضطرابات القلق. بالإضافة أنه ربما يخضع البعض لأكثر من تشخيص وغالبًا ما تتفاقم الأعراض فيما بينها. ونهايةً تعد الإصابة بمرض الاكتئاب أحادي القطب الأكثر شيوعًا، حيث يصيب 10% من الرجال و20% من النساء، في حين أنه لا تتجاوز نسبة الإصابة بالاكتئاب ثنائي القطب 1% من تعداد السكان مما يزيد من احتمالية التشخيص بمرض الاكتئاب أحادي القطب. وترتبط كلتا الحالتين بمشاكل خطيرة، حيث يزداد خطر الانتحار وتزيد أيضًا مخاطر المشاكل الصحية بالمستقبل أو تعاطي المخدرات، أو قد تؤثر سلبًا على الحال والرضا الحياتي بالمجال الشخصي والمهني.

التنوع الخصب للحمض النووي الريبوزي RNA

وحسبما ذكرت سالفيتات والزملاء أنه تعد دلالات (الحمض النووي الريبوزي أو RNA مقارنةً بالحمض النووي الريبوزي منقوص الأكسجين أو DNA) هدفًا جاذبًا لتطور الفحص التشخيصي.  حيث يُنقل الحمض النووي الريبوزي RNA من شفرة الحمض النووي الريبوزي منقوص الأكسجين DNA الجينية فيما تعرف بعملية “النسخ”. ويُعدل الحمض النووي الريبوزي RNA بشتى الطرق للعديد من الأغراض بعد عملية النسخ، ولكن في كثير من الأحيان وليس دائمًا ما يُشفر لصناعة البروتين من خلال الحمض النووي الريبوزي المرسال والمعروف باسم mRNA.

وخروجًا عن الحمض النووي الريبوزي المرسال mRNA، فهناك تعديلات تعرف “بآلية ما فوق الترانسكريبتوم” حيث قد أظهرت العديد من الدراسات مدى ارتباطها بالاكتئاب والاضطرابات الأخرى. ومن خلالها يطرأ عليها بعض التغييرات الكيميائية كعملية المثيلة التي تضاف إلى جزيء الحمض النووي الريبوزي RNA مجموعة ميثيل كوسيلة لإبلاغ الجسم بما عليه القيام به، كذلك الحمض النووي الريبوزي الميكروي microRNAs وهو مجموعة من قطع (RNA) الصغيرة  التي يمكنها تعديل تصنيع البروتين من خلال تفاعله مع الحمض النووي الريبوزي المرسال mRNA الأكثر طولاً وتنقيح (RNA) مع عمل بعض التبديلات بالتتابعات الأساسية للوحدات البنائية بحمض RNA التى تسمى “القواعد” (هناك أربعة منهم- أدنين ويوراسيل وسيتوسين وجوانين).

فتؤثر التغيرات الخاصة بالحمض النووي الريبوزي RNA على تصنيع البروتين كذلك على التراسل الخلوي الذي يتسبب بالنهاية في كيفية عمل خلايا المخ، مثل كيفية عبور أيونات “الكالسيوم” للجدار الخلوي، أو الشلالات الالتهابية أو الوظيفة المناعية أو ثبات هيئة الحمض النووي الريبوزي RNA أو بعث إشارات النواقل العصبية.

فقد بحث الباحثون بهذه الدراسة عن أنواع تنقيح خاصة للحمض النووي الريبوزي لدى المصابين وغير المصابين بالاكتئاب (“عينة الأصحاء”) لإيجاد  سمات وخصائص وراثية غير متعارف عليها مسبقًا لأحدهم أو لآخر. وبالحصول على هذه المتباينات، يمكن استخدامهم لتطوير تطبيق الفحص السريري.

فقد عُيّن أكثر من 400 فرد للاشتراك بهذه الدراسة حيث كان من ضمنهم 267 مصابًا بالاكتئاب ممن يترددون على محيط عيادات طوارئ الطب النفسي الخارجية، و143 من عينة الأصحاء. حيث استخدمت أدوات قياسية لتصنيف أعراض الاكتئاب والهوس إلى جانب التقييم السريري للخبراء. وجمعت عينات الدم وحللت باستخدام التعلم الآلي حتى يمكنها التفريق بين الاكتئاب أحادي القطب وثنائي القطب، ارتكازًا على التصنيف والتقييم السريري بوصفها كأنماط تنقيح RNA.

النتائج

فقد توصلت الأبحاث لعدد كبير من التنقيحات المحتملة بشتى الأنواع التي تقدم أكثر من 70% من البدائل. ثم بدأ الباحثون في إمعان النظر حول اختلافات تنقيحات RNA أو (“تحرير الجينات بانتقائية”) للربط بين الاكتئاب أحادي القطب والآخر ثنائي القطب، مقللين قائمة الدلالات الحيوية المرشحة بكل خطوة تحليلية حتى تبلغ ثمانية أهداف.

وبالعمل في الاتجاه العكسي، فقد فحصت التنقيحات كدلالات تشخيصية مرشحة حتى نتبين كيفية تنبؤها بنوعية الاكتئاب حتى استقرت المجموعة النهائية للأهداف الوراثية الخاصة بالحمض النووي الريبوزي RNA على ستة أهداف، مما يؤدي إلى تحسين التشخيص وجودة حساسيته وخصوصيته التي تبلغ 90.9 و84.6% بالتناوب. تشتهر حساسية الاختبار بقدرة إيجابية الفحص في اكتشاف وجود المرض (الإيجابية الحقيقية) وتعرف الخصوصية بمدى قدرة سالبية الفحص في الكشف عن خلوك من المرض (السالبية الحقيقية).

بخلاف الارتباط الأولي بإنترفيرون الحمض النووي الريبوزي RNA (المرتبط بالوظيفة المناعية)، تتواجد العديد من تنقيحات RNA المتعارف عليها بمناطق غير مترجمة، تاركة المجال للدراسات المستقبلية كي توضح ما إذا كان لهذه الاختلافات تأثيرًا وظيفيًا أو أنها مجرد تنقيحات غير وظيفية، تتواجد فقط لنقل أسباب إحصائية (مثل تواجدها بالقرب من الجين نفسه وتميل إلى أن يعثر عليهما معًا) مع ما يبرز حيويًا من الجينات.

مضاعفات

يستعرض الفحص الجيني العديد من القضايا الأخلاقية متضمنًا القضية الأهم لتحديد ما إذا كانت ستخضع لإجراء الفحص أم لا. فهناك البعض الذين يفضلون عدم الحصول على المعلومات الوراثية حيث قد تغير من إحساسهم تجاه أنفسهم كذلك تجاه المستقبل، في حين أن هناك البعض الآخر يريدون توافر هذه المعلومات العملية. وسيحتمل زيادة اشتراك البعض للخضوع لذلك الفحص حينما يقود إلى النتائج والمحصلات المرجوة إن لم تُصاحب المعرفة بتدخلات فعالة واضحة.

فمن بين كل خمسة مصابين بمرض الاكتئاب أحادي القطب يوجد مصابًا واحدًا قد يسير بإتجاه الإصابة بالاكتئاب ثنائي القطب، فربما يمنع الكشف المبكر والعلاج من المعاناة الشديدة والاعتلال —لذلك يجب إجراء البحث لتحديد ما إذا كانت التدخلات (مثل العلاج، والأدوية والتغيرات السلوكية) تستطيع أن تمنع أو تخفف المرض، أو ما إذا أصبح الرصد عن كثب مناسبًا أكثر. وبالمثل فإنه حينما يبت بقلة احتمالية الإصابة بالاكتئاب ثنائي القطب فسيُسمح بالتشخيص التأكيدي والعلاج من مرض الاكتئاب أحادي القطب.

تبشر هذه الدراسة بالفوائد السريرية جراء فحص الدم الذي سيساعد الأطباء في التمييز بين الاكتئاب أحادي القطب وثنائي القطب وسيوفر للمرضى تشخيصًا دقيقًا مبكرًا وعلاجًا هادفًا. حيث تتطلب الأبحاث الجارية إعادة الإنتاجية وتوسع التحليل المبدئي لهذه الدراسة، حتى نرى قدرتها على إكمال مهامها من أجل تطبيقها على نطاق أوسع. كذلك سيبشر تحليل تنقيح الحمض النووي الريبوزي بالاختبار التشخيصي للحالات الأخرى.

المصدر: https://www.psychologytoday.com

ترجمة: د. رانيا أحمد محمد حافظ

مراجعة وتدقيق: زينب محمد


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!