crossorigin="anonymous">
23 مايو , 2022
قد يفاجئك معرفة أن الأكبر سنًا عادة ما يكونوا أكثر سعادة وتنظيمًا وتفائلًا. ولكن لماذا الخبراء قدموا العديد من التفسيرات حول تقدم السن؟ ومعظمها ينطوي على إدراكنا أنه لم يعد لدينا الكثير من الوقت، مما يحفزنا لإنقاذ ما يمكن إنقاذه. وهذا التغير في المنظور يجعلنا نبحث أكثر عن الإيجابيات، ونركز على كل ما هو ذات مغزى عاطفي، ونهتم أكثر بعلاقاتنا.
ولكن ما هو أكثر دهشةً (،) وغير معروف على نطاق واسع هو: أن قياس العمر الطبيعي يرتبط بالتغيرات في وظائف الدماغ، وقد يُفسر أيضًا نضوجنا مع تقدم العمر لأسباب عدة منها: أحاسيس الجسم الأكثر صمتًا، واللوزة الدماغية الأقل تفاعلًا، وزيادة التحكم القشري في الدماغ، والمزيد من التفكير الترابطي، والهرمونات المتضائلة.
تتدفق الإشارات العصبية باستمرار من أعضائنا الرئيسية، ويستجيب الدماغ لها من خلال عملية تسمى الحس الداخلي الحشوي، مما يحافظ على التوازن الفيسيولوجي لدينا، ويُبقينا على وجه الحياة. وهذه العملية الإعجازية تزيد من وعينا، وإدراكنا العاطفي، وإحساسنا بالذات.
وأظهرت الأبحاث العلمية الحديثة في مجال الأعصاب أن الحس الداخلي ينخفض مع تقدم العمر، مما يعني أن أجسامنا تكون أقل استثارةً وتفاعلاً مع مختلف الأحاسيس الداخلية، ولأن مشاعرنا خُلقت من أحاسيس أجسادنا الداخلية، لذا تكون غير مستقرة ومتذبذبة. فعلى سبيل المثال: قد مرت عقود منذ أن عانيت من نبض القلب المتسارع، وتعرق راحة اليد الذي لطالما أحرجني كثيرًا أثناء الاختبارات النهائية بالجامعة.
أظهرالبحث الأخير في المسح الدماغي سببًا رئيسيًا يجعل كبار السن أكثر إيجابية في نظرتهم للأمور، وهو انخفاض في نشاط اللوزة الدماغية، وهذا الجزء من الجهاز الحوفي الدماغي مسؤول عن الردود العاطفية، وخاصةً على المحفزات السلبية. فكلما تقدمنا في العمر، تكون مشاعرنا السلبية أقل، ولاسيما الغضب، مما يعزز إحساسنا بالرفاه. فتنشيط اللوزة الدماغية للمحفزات الإيجابية يبقى كما هو مع تقدم العمر.
ولكن يوجد رأي آخر لبحث علمي في مجال الأعصاب يتعارض مع ذلك، حيث يُفسر أن كبار السن يميلون إلى أن يكونوا أكثر إيجابية بسبب أنهم قادرون على السيطرة المعرفية العالية على مشاعرهم، فيقللون التركيز على اهتماماتهم بتوجيهها إلى الأهداف الأكثر إيجابية أو حتى الذكريات.
ومن ناحية أخرى، يبدو أننا قادرون على ترك أدمغتنا تتخطى الأمور كلما تقدم بنا العمر. وكذلك لدينا قدرة متزايدة على إقامة صلات جديدة بين الأفكار من مختلف الأجزاء، والمستويات في أدمغتنا. وأظهرت الدراسات تحسنًا في التعرف على الأنماط ، والتفكير خارج الصندوق مع تقدم العمر. والحقيقة أننا من السهل تشتيتنا مع تقدم العمر، فمن الممكن أن تتيح لنا حلول جديدة في المواقف غير الاعتيادية. وهذه القدرة الترابطية المبتكرة الجديدة تزيد من الرفاه في حياتنا.
تتغير أجسام كبار السن، بعدة طرق مختلفة، ولكن لا نلاحظ بأن أجسامنا بدت وكأنها ” أهدى من الداخل”، كما أن تأثير الأحداث يكون أقل دراماتيكية داخل بحر خيالتنا بدون التقلبات الهرمونية المصاحبة للعمر الأصغر سنًا. ونتيجة لذلك أعتقد أننا أصبحنا أكثر استشعارًا، وشعورًا بأجسادنا على نحوٍ أعمق وأكثر هدوءًا. ويمكن للتقدم في العمر أن يتيح لنا قدرة تحويلية جديدة للعيش بشكل حقيقي داخل أجسامنا والشعور بالتجسد أكثر. وفي الواقع أعتقد أن بعض الناس لا يمكن أن يتجسدوا إلا في سن أكبر.
قد تكون جميع التفسيرات الخمسة صحيحة وتعمل جنبًا إلى جنب وهي: أن مزيج من الوعي التفاعلي المنخفض، واللوزة الدماغية الأقل تفاعلًا، قد تُزيد من تحكم الدماغ في المحفزات السلبية مما يؤدي إلى تحسين التفكير خارج الصندوق، ونفاد هرموناتنا يسمح لنا بالحصول على حياة عاطفية أكثر إيجابية وتنظيمًا. بالإضافة إلى أن أجسامنا أصبحت أهدى، وأكثر انفتاحًا للخبرات الناشئة من داخلنا، وحتى مع كون تلك التجارب في مصدرها أقل حدة. وبالرغم من أن إشاراتنا الداخلية أصبحت أضعف، إلا أن تصورنا وتفسيرنا لها أصبح أكثر تعقيدًا بعد سنوات عديدة من تجربة إمكانيات مختلفة وتعلم ما يصلح وما لا يصلح.
وهذه التغيرات الفسيولوجية والإدراكية المرتبطة بالعمر إلى جانب التغيرات النفسية في المنظور الزمني، تسمح لنا بتجربة أجسامنا على نحو أكثر عمقًا ومتعة وهدوءًا، وهذاحقيقي. فالأجسام الأكبر سنًا قد تكون أفضل من الأصغر سنًا في عدة أمور ملحوظة.
المصدر: https://www.psychologytoday.com
ترجمة: رانيا سعداوي علي
مراجعة وتدقيق: رنا الحامد
اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية
اترك تعليقاً