هل تعافيت من كوفيد 19؟ لا زال أمامك تحدي آخر  مرتبط بالصحة العقلية

هل تعافيت من كوفيد 19؟ لا زال أمامك تحدي آخر مرتبط بالصحة العقلية

6 مايو , 2022

ترجم بواسطة:

ميار متولي

بينما تمتد جائحة كوفيد 19 لعامها الثالث، أصبح عدد لا يحصى من الأشخاص، يعاني من درجات متفاوتة من الريبة والعزلة وصعوبات الصحة العقلية. ووفقًا لباحثين في مدرسة الطب بجامعة واشنطن ونظام الرعاية الصحية لشئون المحاربين القدامى في سانت لويس، فإن المتعافين من كوفيد 19 معرضون لمعدلات أعلى من مشاكل الصحة العقلية. وتشمل تلك الاضطرابات، الشعور بالقلق والاكتئاب وحتى التفكير في الانتحار، بل واضطراب تعاطي المواد الأفيونية والعقاقير غير المشروعة والكحول، وذلك بجانب اضطرابات في النوم والإدراك.

وفي سياقٍ أشمل، أُجريت دراسة شاملة حول نواتج الصحة العقلية على مصابين بسارس-كوف- 2 (SARS-CoV-2) حيث وجد الباحثون أن تلك الاضطرابات تنشأ خلال العام الأول من التعافي من الفيروس لكلا الذين أصيبوا بعدوى خفيفة أو حادة.

ما مدى تأثر الصحة العقلية بفيروس كورونا؟

وبشكل عام، وجدت الدراسة أن الأشخاص الذين أصيبوا بـكوفيد 19  أكثر عُرضة بنسبة 60 ٪ للمعاناة من مشاكل الصحة العقلية من أولئك الذين لم يصابوا بالعدوى، مما دفع بالازدياد في استخدام الأدوية الموصوفة لعلاج هذه المشاكل وزيادة مخاطر اضطرابات تعاطي المخدرات، بما في ذلك المواد الأفيونية وغير الأفيونية مثل الكحول والعقاقير غير المشروعة.

وقال زياد العلي، كبير الباحثين في علم الأوبئة بجامعة واشنطن: “نعلم من الدراسات السابقة والتجارب الشخصية، أن التحديات الهائلة للوباء خلال العامين الماضيين، ارتبطت بتأثير عميق على صحتنا العقلية جميعًا، مضيفًا: “لكن رغم معاناتنا جميعًا أثناء الوباء، إلا أن الأشخاص الذين أصيبوا بـ كوفيد 19، أسوأ حالًا من الناحية العقلية، فنحن بحاجة إلى الاعتراف بتلك الحقيقة ومعالجة تلك الظروف الآن قبل أن تنفجر لتصبح أزمة ضخمة في الصحة العقلية”.

وأصيب أكثر من 403 مليون شخص على مستوى العالم و77 مليونًا في الولايات المتحدة بالفيروس منذ بدء الوباء.

هل إحصائيات مرضى اضطرابات الصحة العقلية الناتجة عن كوفيد 19 الرسمية دقيقة؟

قال العلي في إشارة إلى بيانات من الدراسة: “لوضع هذا في منصوبه الصحيح، من المحتمل أن عدوى كوفيد 19 قد تسببت في أكثر من 14.8 مليون حالة جديدة من اضطرابات الصحة العقلية بجميع أنحاء العالم و2.8 مليون في الولايات المتحدة.  حساباتنا لا تأخذ في الحسبان العدد الهائل من الأشخاص، على الأرجح بالملايين، الذين يعانون في صمت بسبب وصمة عار الصحة العقلية أو نقص الموارد أو الدعم. وعلاوةً على ذلك، نتوقع أن تتفاقم المشكلة لأن الحالات تتزايد مع الوقت وبوضوح، مما يجعل نطاق أزمة الصحة العقلية مُقلق ومخيف ومحزن.

وأضاف العلي، الذي يعالج المرضى في نظام الرعاية الصحية لشئون المحاربين القدامى في سانت لويس: “كان هدفنا تقديم تحليل شامل من شأنه أن يساعد في تعزيز فهمنا للمخاطر طويلة المدى لاضطرابات الصحة العقلية لدى الأشخاص المصابين بكوفيد 19 وتوجيه رعايتهم الصحية بعد الإصابة”. نظام الرعاية الصحية في فيرجينيا سانت لويس. إلى الآن، قُيدت الدراسات حول كوفيد 19 والصحة العقلية بحد أقصى ستة أشهر من بيانات المتابعة وباختيار محدود لنتائج الصحة العقلية فعلى سبيل المثال: فحص الاكتئاب والقلق، ولكن ليس اضطرابات تعاطي العقاقير”.

وقام الباحثون بتحليل السجلات الطبية التي لم يتم التعرف عليها في قاعدة بيانات تحتفظ بها وزارة شؤون المحاربين القدامى الأمريكية، وهي أكبر نظام متكامل لتقديم الرعاية الصحية في البلاد. وأنشأ الباحثون مجموعة بيانات خاضعة للرقابة تضمنت معلومات صحية عن 153.848 بالغًا ثُبتت إصابتهم بـكوفيد 19 خلال الفترة من بين 1 مارس 2020 وحتى 15 يناير 2021، وأُولئك الذي نجوا من أول 30 يومًا من المرض. حيث أخذ اللقاح عدد قليل من الأشخاص في الدراسة قبل الإصابة بكوفيد 19، حيث لم تكن اللقاحات متاحة على نطاق واسع في وقت التسجيل.

نتائج الدراسة

اُستخدمت نماذج إحصائية لمقارنة نواتج الصحة العقلية في مجموعة بيانات كوفيد 19 مع مجموعتين أُخريين من الأشخاص غير المصابين بالفيروس. وكانت على النحو التالي:  مجموعة مراقبة تضم أكثر من 5.6 مليون مريض لم يصابوا بكوفيد 19 في نفس الإطار الزمني، ومجموعة مراقبة تضم أكثر من 5.8 مليون شخص كانوا مرضى من مارس 2018 وحتى يناير 2019- قبل وقت طويل من بدء الوباء.

وغالبية المشاركين في الدراسة كانوا من كبار السن الذكور البيض. ومع ذلك، وبسبب حجمها الكبير، شملت الدراسة أكثر من 1.3 مليون أنثى وأكثر من 2.1 مليون مشارك أسود وأعداد كبيرة من الناس من مختلف الأعمار.

ومقارنةً بأولئك في مجموعات المراقبة دون أي عدوى، كان الأشخاص الذين أصيبوا بكوفيد 19 أكثر عرضة للإصابة باضطرابات القلق بنسبة 35٪ . وما يقرب من 40٪ أكثر عُرضة للإصابة بالاكتئاب أو الاضطرابات المرتبطة بالتوتر التي يمكنها التأثير على السلوك والعواطف وتزامن ذلك مع زيادة بنسبة 55٪ في استخدام مضادات الاكتئاب ونمو بنسبة 65٪ في استخدام البنزوديازيبينات لعلاج القلق.

هل المصابون بفيروس كورونا فقط المعرّضون للإصابة باضطرابات الصحة العقلية؟

وبالمثل، كان الأشخاص الذين تعافوا من كوفيد 19، أكثر عرضة للإصابة باضطرابات النوم بنسبة 41٪.  و80٪ أكثر عرضة للإصابة بتدهور الإدراك العصبي . وينتج عن تدهور الإدراك العصبي، النسيان والارتباك وقلة التركيز وغيرها من الإعاقات المعروفة معًا باسم ضباب الدماغ.

والأمر الأكثر إثارة للقلق، مقارنةً بالأشخاص غير المصابين بكوفيد -19، إن المصابين بالفيروس كانوا أكثر عُرضة للإصابة باضطرابات تعاطي المواد الأفيونية بنسبة 34٪ . وأكثر عُرضة بنسبة 20٪ للإصابة باضطرابات تعاطي المواد غير الأفيونية التي تتضمن الكحول أو العقاقير غير المشروعة، كما أنهم كانوا 46٪ أكثر عُرضة لتواجد أفكار انتحارية.

وقال العلي: “يحتاج الناس إلى معرفة أنهم إذا كانوا مصابين بـكوفيد 19 ويعانون عقليًا فليسوا وحدهم وعليهم طلب المساعدة فورًا وبدون خجل. من المهم إدراك ذلك الآن، ونشخصه ونتعامل معه قبل ازدياد حدة أزمة المواد الأفيونية ونبدأ في خسارة المزيد من الأشخاص بسبب الانتحار.

وأضاف: “يجب أن يكون هناك اعتراف أكبر بهذه القضايا من قبل الحكومات ومقدمي التأمين الصحي العام والخاص والأنظمة الصحية لضمان أننا نوفر للناس إمكانية الوصول العادل إلى موارد التشخيص والعلاج “.

هل مشاكل الصحة العقلية مرتبطة فقط بفيروس كورونا؟

ولفهم ما إذا كان الخطر المتزايد لاضطرابات الصحة العقلية خاصًا بسارس-كوف- 2 قارن الباحثون أيضًا مرضى كوفيد 19 بـعدد 72207 مريضًا بالإنفلونزا، بما فيهم 11.924 قد نُقلوا إلى المستشفى خلال الفترة من أكتوبر 2017 وحتى فبراير 2020. ومجددًا كان الخطر أعلى بشكل ملحوظ ( 27 ٪ و45 ٪ ) لأولئك الذين لديهم إصابات خفيفة وحادة بكوفيد 19 على التوالي.

وقال العلي: “آمل أن يبدد هذا اعتقاد أن كوفيد 19 يشبه الإنفلونزا. فالأمر أكثر خطورة بكثير”.

ونظرًا لأن الإقامة في المستشفى يمكن أن تدفع إلى القلق والاكتئاب والحالات العقلية الأخرى قارن الباحثون أشخاص نُقلوا إلى المستشفى بسبب كوفيد 19 خلال أول 30 يومًا من الإصابة، بأولئك الذين نُقلوا إلى المستشفى لأي سبب آخر وقد كانت اضطرابات الصحة العقلية أكثر احتمالاً بنسبة 86 ٪ لدى الأشخاص الذين نُقلوا إلى المستشفى بسبب كوفيد 19.

وتابع العلي قائلاً: “تشير النتائج التي توصلنا إليها إلى وجود صلة محددة بين سارس-كوف- 2 واضطرابات الصحة العقلية. لسنا متأكدين من سبب ذلك، ولكن إحدى الفرضيات الرئيسية هي أن الفيروس بإمكانه أن يدخل الدماغ ويعطل المسارات الخلوية والعصبية، مما يؤدي إلى اضطرابات الصحة العقلية.

وقال: “ما أنا متأكد منه تمامًا هو أننا بحاجة إلى اهتمام عاجل لتحديد وعلاج المتعافين من كوفيد 19 الذين يعانون من اضطرابات الصحة العقلية”.

 المصدر: https://medicalxpress.com

ترجمة: ميار متولى

مراجعة وتدقيق: فاتن ضاوي المحنّا

تويتر: @F_D_Almutiri


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!