crossorigin="anonymous">
30 مارس , 2022
تُشير دراسة جديدة إلى أن الدماغ يُفرق بين بيئتين متشابهتين للغاية – مثل متجرين من نفس سلسلة مراكز التسوق – ويرى الفروق بينهما بوضوح أكثر مما لو كانا متجرين بدون أي عوامل مشتركة.
تخيل أنك تمشي داخل متجر من سلسلة مراكز تسوق متوجهاً نحو قسم منتجات الألبان.
لابد أنك فعلت ذلك ملايين المرات، ستنعطف يمين المدخل بعيداً عن المنتجات الزراعية، وتتخطى العديد من ممرات المنتجات المعلبة والمعكرونة وغيرها من السلع الاستهلاكية، وستكون الثلاجات الصناعية، هناك، ولكنها ليست هناك.
ثم تتذكر: إنك في مركز التسوق الذي يقع في الطرف الآخر من المدينة، وليس المركز الذي في حيّك، حيث يبدو كل شيء متشابهاً، ولكن موقع قسم منتجات الألبان معكوس، وأنت الآن في الطرف الخاطئ من المركز،
لطالما عانى الباحثون لتعلم كيف يتذكر الدماغ البيئات المكانية، خاصةً تلك المتشابهة – مثل متجرين من نفس سلسة مراكز التسوق – وكيف يستطيع الدماغ تجنب الالتباس، أو عدمه، وتُشير دراسة جديدة بواسطة علماء النفس بجامعة أريزونا إلى أن الدماغ يتعامل مع البيئات المتشابهة على أنها مختلفة أكثر من البيئات التي لا تملك أي عوامل مشتركة، ويُعرف هذا المبدأ عند علماء الدماغ باسم “التنافر”، حيث يقول آرني إكستروم باحث الدراسة الرئيسي وأستاذ علم النفس في كلية العلوم ومدير معمل الإدراك المكاني الإنساني بجامعة أريزونا: “لم نكن نعرف كيف يتمكن الدماغ من التفريق بين هذه الأمور حتى أجريت هذه الدراسة”.
وقام لي زينغ زميل ما بعد الدكتوراه في معمل إكستروم بقيادة هذه الدراسة، وُنشرت في مجلة التواصل الطبيعي،
تُفيد نتائج الدراسة العلماء في فهم سبب تسبب السكتات الدماغية ومرض الزهايمر في أعراض مثل الضياع وضعف الذاكرة المكانية بشكل أكبر، ويضيف إكستروم: “الآثار المترتبة هنا هي أنه ربما تكون آلية التنافر العصبي هذه شيئاً يضعف مع التقدم في السن، إذا فهمتم الآلية من طريقة عمل الدماغ الصحي واليافع، فربما يمكن فهم بعض الأمور التي تسوء مع الأمراض العصبية والتقدم في السن بشكل أفضل”.
تضمنت الدراسة ٢٧ مشتركاً شاهدوا فيديو رسوم متحركة من منظور شخص يتجول في ثلاث مدن افتراضية، وتبدو المدن متطابقة تقريباً: حيث تحتوي كل مدينة على ملعب أخضر دائري ومركز تسوق واحد في المنتصف، وست مراكز أخرى متوزعة في أطراف المدينة، وكانت جميع المراكز في نفس المكان في كل مدينة، ولكن لم يكن لكل مدينة نفس المراكز، تتطابق ثلاث مراكز في كل مدينة في نفس الموقع، وتوجد ثلاث مراكز يمكن إيجادها في مدينتين فقط، بينما يوجد مركز واحد مميز لكل مدينة، وكان الفيديو يعرض جولة مشي من المركز في المنتصف إلى كل المراكز الأخرى في كل مدينة، ثم كان يُطلب من المشتركين تذكر مكان كل مركز في كل مدينة على حدة، وموقع المركز بالنسبة لغيره، والمسافة المتطلبة للمشي بين مركزين معينين، وكان مسموحاً لهم بمراجعة الفيديوهات حتى يشعروا بأنهم قد حفظوا تصاميم المدن الثلاث، ثم سُئل المشتركون أسئلة عن تصاميم المدن، مثل السؤال عن المراكز الموجودة في كل مدينة وبُعد كل مركز عن الآخر، وذكر زينغ وإكستروم مدى صعوبة هذه المهمة، باعتبار مدى تشابه تلك المدن.
طُلب من المشتركين الذين حصلوا على ٨٠٪ فما فوق في اختباراتهم مشاهدة الفيديوهات والإجابة على الأسئلة من جديد، ولكن هذه المرة باستخدام أشعة الرنين المغناطيسي في مؤسسة المعمل الحيوي (BIO5) بجامعة أريزونا، والتقطت صور لأدمغة المشتركين، مما أتاح للباحثين تتبع نشاط الدماغ أثناء هذه المهام، وكانت أنماط أنشطة الدماغ متشابهة غالباً مع بعضها حسب ما لاحظه الباحثون، بما أن المدن نفسها كانت متشابهة للغاية.
بينما كانت أنشطة الدماغ مختلفة بشكل مفاجئ عندما سُئل المشتركون عن المراكز التي ظهرت في أكثر من مدينة – مما يشير إلى أن أدمغة المشتركين تُعامل نفس المراكز المشتركة بين المدن على أنها أكثر اختلافاً من المتجرين اللذان كانا في الواقع مختلفين فعلاً، توحي نتائج زينغ وإكستروم أن هذه هي طريقة أدمغتنا في تحقيق التوازن بين تعلم معلومة جديدة مع عدم استخدام قوة محدودة للدماغ وإعادة تعلم إجراءات أو خبرات متشابهة تحدث كل يوم،
ويضرب إكستروم مثالاً على ذلك بأن يشبهه بزيارة مطعم، حيث تتشابه العديد من الجوانب في تناول الطعام في الخارج – الجلوس على طاولة وطلب الطعام وانتظار الوجبة، ولكن العشاء بوجود رفيق يتضمن اختلافات رئيسية عن العشاء مع زميل بالعمل مثلاً، فيذكر: “هذا هو التحدي الذي يواجه الدماغ: تتشابه الكثير من الأمور في حياتنا اليومية، فلا يوجد سبب لاستخدام مواردنا المحدودة على إعادة تعلم التجارب المتشابهة للغاية، ولكن في نفس الوقت، يجب أن نعامل بعض الأمور في حياتنا اليومية على أنها مختلفة من أجل أن نتمكن من تعلمها”.
تعزز نتائج الدراسة أيضاً مناصرة نظرية مكان تخزين الدماغ للمعلومات المتشابهة بين بيئتين، حيث تُظهر الدراسة أن هذه المعلومات تُخزن في قشرة الفص الجبهي – وهو قسم بقرب مقدمة الدماغ ويقوم بإدارة المهام المعقدة مثل التخطيط واتخاذ القرارات.
بينما تشير نظرية أخرى إلى أن مكان تخزين هذه المعلومات هو الحصين، وهو الجزء من الدماغ الذي يقوم بدور مهم في الذاكرة ومعرفة الاتجاهات، ويملك البشر منطقتين للحصين، ويبلغ طول كل منهما ١ سم ويقعان على جانبي الدماغ من عند الأذنين.
ويخطط زينغ وإكستروم إلى تطبيق نتائج دراستهم لحل المزيد من الأسئلة عن الأمراض العصبية، مثل السكتة الدماغية ومرض الزهايمر.
وستُخصص غرفة في معمل إكستروم لتصبح في النهاية مساحة للواقع الافتراضي، حيث يتمكن الباحثون من إنشاء مركز تسوق افتراضي لدراسة كيفية تعلم الكبار في السن أو ذوي الخطورة العالية للإصابة بالزهايمر للمساحات الجديدة ومعرفة اتجاهاتها، ولطالما استخدم الفيديو وأدوات الواقع الافتراضي في معمل إكستروم لدراسة الملاحة المكانية والذاكرة، وسيُبنى العمل على وسائل زينغ التي استخدمها في أبحاث علوم الأعصاب في الصين قبل الانضمام لمعمل إكستروم لدراسة الإدراك المكاني عام ٢٠١٩.
حيث يقول: “ركز عملي في الماضي على “ماذا”، بينما كان مجيئي هنا فرصة رائعة لدراسة “متى” و”أين”.
المصدر: https://www.sciencedaily.com
ترجمة: أمجاد الغامدي
تويتر: @Gloriees
مراجعة وتدقيق: رحاب الدوسري
تويتر: @lectoror
اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية
اترك تعليقاً